أصداء

الملالي وعسكرة الحياة السياسية في إيران

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

منذ ثلاثة عقود وسياسة النظام الإيراني قائمة على عسكرة الحياة المجتمع. وبالرغم من الإضرار الاقتصادية والثقافية والنفسية التي ألحقتها هذه السياسة بالمجتمع الإيراني إلا أن الخطاب العسكري بقي سائدا على وتيرته وغدت الحياة تجري على نغمات المارش العسكري المعزوف حسب لحن الملالي الذين اتخذوا من العدو الوهمي وسيلة لقمع أي تحرك سياسي أو ثقافي أو اجتماعي معارضا لهم.


لقد ركز النظام الإيراني بقوة على نظرية المؤامرة وجند لها كل طاقات البلاد، السياسية و الإعلامية والثقافية، لتحويلها إلى عقيدة راسخة في أذهان المجتمع. وتحت غطاء هذه الخدعة ارتكبت حملات القمع الوحشية و مجازر الإعدامات الجماعية. فما من صوت معارض يعلو حتى وان كان صادرا عن عمال مصنع نسيج أو عمال بلدية بسطا إلا واعتبر مؤامرة تستهدف الثورة والنظام ويقمع هذا الصوت بمنتهى القسوة والوحشية بحجة انه نابع من عملاء ( الشيطان الأكبر) والغرب المعادي للثورة. هذه الثورة التي مضت ثلاثة عقود على انتصارها وما زالت الشعوب الإيرانية تدور في دوامتها دون أن تعلم متى تخلص من هذه الدوامة لتنتقل إلى مرحلة العيش في ظل نظام حياة مستقرة تتخلص فيه من مرحلة الثورة وإفرازاتها التي مازالت تأكل الأخضر واليابس.


لقد قضت الشعوب الإيرانية ثمانية سنوات تنزف دما في حرب الملالي مع العراق وكانت سعيدة بوقف تلك الحرب الملعونة يحدوها الأمل في أن تصبح نهايتها بداية لفتح صفحة حياة مدنية يسكت فيها صوت المارش والبيان والخطاب العسكري ويحل محلها صوت الأناشيد التي تعزف على الأنغام الهادئة الباعثة على الاستقرار والطمأنينة والأمن والرخاء السياسي والاقتصادي والوئام الاجتماعية و النماء الثقافي.


إلا أن هذا الأمل غدا حلما يراود مخيلة الشعوب الإيرانية حيث ما أن وقف هدير مدافع الملالي على جبهات الحرب ضد العراق حتى عادت أصوات بنادقهم تدوي في السجون والمعتقلات موجهة لصدورالمعتقلين من أبناء الشعوب والقوميات غير الفارسية المطالبين بحقوقهم الإنسانية والسياسة المشروعة والى صدور غيرهم من الإيرانيون المعارضون لسياسة الملالي القمعية، ولعل في حملة تبيض السجون التي امر بها الخميني عقب وقف الحرب مع العراق مباشرة و راح ضحيتها أكثر من خمس وثلاثون ألف سجين ومعتقل خلال مدة شهرين تقريبا، خير دليل على موجة القمع التي شنها الملالي على أبناء الشعوب في إيران تحت يافطة مواجهة المؤامرات التي تستهدف الثورة والنظام.


و مع قرار الملالي بإعادة العمل في بناء المفاعل النووية للحصول على سلاح ذري فقد تصاعد صوت عزف المارش العسكري من جديد وبنفس الوقت أصبحت هذه المرحلة مناسبة للإبقاء على نفس الخطاب الذي كان سائدا أيام الحرب مع العراق وعلى نفس الممارسات القمعية التي كانت قائمة آنذاك حيث لا يسمح بالحديث عن أي إصلاح أو انفتاح سياسي بحجة أن البلاد تمر في حالة حرب ولا يمكن في هذه الحال الحديث عن أيا ً من هذه المواضيع معتبرين أن التعددية السياسية وممارسة الديمقراطية الحقيقة وإعطاء الشعوب والقوميات غير الفارسية حقوقها السياسية والثقافية من شأنها أن تسهل عملية الاختراق الأجنبي للبلاد.


ولعل حكومة الرئيس الحالي السيد احمدي نجاد هي نموذجا حقيقيا للحكومة العسكرية. فهي إضافة إليه لأنه أيضا ضابطا كبيرا في الحرس الثوري، فهي تضم أكثر من خمسة عشر وزيرا من قادة الحرس الثوري. ناهيك عن العشرات من نواب الوزراء و حكام الإقليم والمدن الذين هم جميعا من صفوف الحرس الثوري.


وقد يقول قائل ما الضير في أن يكون العسكر في الحكومة أليس هم من مواطني هذا البلد ويحق لهم كما يحق لغيرهم المشاركة في السلطة ؟.


نقول نعم أن مثل هذه التبريرات الذي يستعملها نظام الملالي تصبح مقبولة فيما لو حدثت محاولة انقلابية أوي حادث آخر من شأنها أن تعريض ( وحدة ) البلاد والأمة للخطر فيكون وجود العسكر على رأس السلطة حالة استثنائية ودورهم إدارة المرحلة لا أن تكون هيمنتهم على السلطة حالة مستمرة وسياسة ثابتة ويكون الأمر حكرا على فئة الملالي وحماتهم من العسكر الذين لا يجدون سوى فن القمع والقتل و نهب ثروات البلد والتدخل في شؤون الدول الأخرى ودعم الإرهاب وتعريض امن واستقرار المنطقة إلى الخطر كما هو حاصل.


ثم علينا أن نسأل أصحاب الرأي المؤيد لنظام الملالي عن الايجابيات التي حققتها سياسة عسكرة الحياة بالنسبة للشعوب الإيرانية طوال الثلاثين عاما من الحكم. و لنبدأ بالاقتصاد أولا ونرى ما هي عليه الحالة الاقتصادية لإيران في ظل السياسة المتبعة ؟. فبحسب اعترافات حكومة احمدي نجاد الشبه عسكرية أن البلاد تشهد تضخما اقتصاديا لم يسبق له مثيل وهو ما دعا الكثير من الخبراء وأساتذة الاقتصاد الإيرانيون إلى توجيه إنذار لاحمدي نجاد حذروه من خطر نشوب اضطرابات أمنية وسياسية جراء استمرار الوضع الاقتصادي المتدهور.


وقد أكد الدكتور " فرشاد مؤمني " المتحدث باسم مجموعة خبراء و أساتذة الاقتصاد في الجامعات الإيرانية الذين التقوا مؤخرا الرئيس الإيراني وحاوره حول سياساته الاقتصادية، أن الاقتصاد الإيراني اقتصاد مريض وان هناك عاملان يبعثان على خطر نشوب اضطرابات أمنية وسياسية في البلاد، وهما عامل التضخم الاقتصادي وعامل البطالة اللذين قد بلغا حد الأزمة وفقا للإحصائيات الموجودة.


علما أن مجلة " الاكونوميست" البريطانية المشهورة قدرت نسبة البطالة في إيران بـ 5 / 12 في المئة وذلك اعتمادا على التقارير الإيرانية الرسمية. ويأتي هذا فيما يبلغ إنتاج إيران من النفط أربعة ملايين برميل يوميا.
هذا في الجانب الاقتصادي أما في الجوانب الأخرى فيمكن ألإشارة إلى الفساد الإداري والمحسوبية التي تعم جميع المؤسسات والدوائر الحكومية حتى صارت الرشوة قانونا في اغلب الدوائر واخصها المحاكم و مراكز الشرطة.


أما المخدرات فهي تسري في المجتمع كسريان النار في الهشيم حتى أن أسعارها غدت ارخص بكثير من أسعار ابسط المواد الغذائية. هذا ناهيك عن انتشار الايدز الذي أكدت آخر الإحصائيات الرسمية أن عدد المصابين يبلغ" 17815" مصابا. 41 بالمائة منهم تتراوح أعمارهم بين سن 25-34 عاما وقد مات منهم لحد الآن 2636مصابا. كما تحتل إيران المرتبة الأولى في أعداد السجناء الذين أكد رئيس منظمة السجون الإrlm;يرانية أن عددهم يبلغ 185 ألف سجين.هذا عدى عن أولئك الغير مسجلين رسميا ويقبعون في معتقلات الحرس وأجهزة الأمن والمخابرات.


كما أن إيران تحتل المرتبة الثانية بعد الصين في عدد حالات الإعدامات التي تنفذها علانية والتي تتجاوز ألمائتي حالة سنويا وهو رقم ضخم للغاية.


أما بشأن مستوى الأمية فان التقارير منظمة محو الأمية تؤكد وجود 9 ملايين أمي في إيران.
أما موضوع منع الانفتاح والتعددية السياسية وهضم حقوق أهل السنة وقمع الشعوب والقوميات غير الفارسية، فهي حالة يطول مقام شرحها هنا.ولكنها واضحة للعيان ويكفي وجود الدستور الطائفي و وجود الحاكم بأمر الله الولي الفقيه الذي يرفض الاعتراف بوجدي أي تعددية مذهبية أو قومية أو سياسية أو ثقافية.


فهذا ما أنتجته سياسة عسكرة الدولة والحياة التي اعتمدها نظام ملالي إيران طوال أكثر من ثلاثين عاما على قيام جمهوريتهم التي أطلقوا عليها زورا لقب " الإسلامية " و الإسلام منهم براء كبراءة الذئب من دم يوسف.


صباح الموسوي
رئيس المكتب السياسي لحزب النهضة العربي الأحوازي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الديناصورات
دلشاد نجم -

يخبرنا التأريخ أن الديناصورات كانت سيدة الأرض في زمن سحيق مضى، وهناك نظريات كثيرة عن سبب إنقراضها، من أهمها عدم قدرتها على التكيف مع المحيط الجديد للأرض بعد سلسلة تغييرات دراماتيكية في قشرة الأرض... الأنظمة الشمولية كالديناصورات العتيدة، لامكان لها في دنيا اليوم، فهي لاتملك القدرة على التكيف، ولا تعرف كيف تنحني لعواصف ديناصورات أخرى عتيدة تتحكم الان برقاب العباد حتى يأتي يومها هي الأخرى كما سقطت غيرها من أمبراطوريات على إمتداد التأريخ. ديناصورات القرن الواحد والعشرين، لازالت تؤمن بالسلاح النووي وبتوازن الرعب و لم يكفيها ما حصل للعراق كمثال قريب وشاخص، ومنطق العدو الوهمي وإيجاد شيء يشغل الجماهير دون أن تعرف أن حبل الكذب قصير وأن الديناصورات لا تستطيع العيش وسط الحضارة و لا تستطيع أجهزتها البوليسية أن تعمل شيئا في عصر الإنترنت والعولمة. متى يعقل هؤلاء الناس ويجنبوا الأبرياء معاناة ليس لها أي مبرر.

احسنتم
حسان -

تحية طيبة للكاتب القدير ولموقع إيلاف المحترم ،بصفتي متابعا للشأن الإيراني اجد ان جميع الاحصائيات التي جائت في المقال قريبة جدا من الواقع المزري في ايران وربما اقل من الارقام الحقيقة وهناك الكثير من الجرائم التي تمارس ضد البشر والانسانية من قبل نظام الملالي واتمنى في الايام المقبلة يكتبها لنا كاتبنا القدير صباح الموسوي صاحب الضمير الحي والقلم الشجاع في كتابة الكلمة الصادقة وتوصيل المعلومة الصحيحة عكس اولئك الذين يكتبون وهم تحت تأثيرالانتمائات الطائفية و عدوى الموالاة لنظام الملالي المجرم وشكرا

احسنتم
حسان -

تحية طيبة للكاتب القدير ولموقع إيلاف المحترم ،بصفتي متابعا للشأن الإيراني اجد ان جميع الاحصائيات التي جائت في المقال قريبة جدا من الواقع المزري في ايران وربما اقل من الارقام الحقيقة وهناك الكثير من الجرائم التي تمارس ضد البشر والانسانية من قبل نظام الملالي واتمنى في الايام المقبلة يكتبها لنا كاتبنا القدير صباح الموسوي صاحب الضمير الحي والقلم الشجاع في كتابة الكلمة الصادقة وتوصيل المعلومة الصحيحة عكس اولئك الذين يكتبون وهم تحت تأثيرالانتمائات الطائفية و عدوى الموالاة لنظام الملالي المجرم وشكرا

الله يزولهم
عبدالله أبو هاشم -

يا أخ صباح لا تخف فالفجر قادم لا محاله و الشعب العربي الأبي في أحوازنا المحتله سوف يتحرر من الإحتلال الفارسي كما سيتحرر شعبنا العربي الأبي في فلسطين الأبيه. إن الليل الأسود الحالك الذي يخيم على الأمه اليوم سيزول مع أفول نجم دولة الفرس و اليهود أعداء الأمتين العربيه و الإسلاميه.

الله يزولهم
عبدالله أبو هاشم -

يا أخ صباح لا تخف فالفجر قادم لا محاله و الشعب العربي الأبي في أحوازنا المحتله سوف يتحرر من الإحتلال الفارسي كما سيتحرر شعبنا العربي الأبي في فلسطين الأبيه. إن الليل الأسود الحالك الذي يخيم على الأمه اليوم سيزول مع أفول نجم دولة الفرس و اليهود أعداء الأمتين العربيه و الإسلاميه.

اقرا قليلا
مجاهدون -

هل تعلم انك في الولايات المتحدة تستطيع ان تحصل على المخدرات بكل سهولة ، وهل تعلم ان معدلات الايدز في امريكا هي الاعلى ؟ هل يضر ذلك بصورة امريكا ، ام انه الحقد الذي يعمي ؟

اقرا قليلا
مجاهدون -

هل تعلم انك في الولايات المتحدة تستطيع ان تحصل على المخدرات بكل سهولة ، وهل تعلم ان معدلات الايدز في امريكا هي الاعلى ؟ هل يضر ذلك بصورة امريكا ، ام انه الحقد الذي يعمي ؟

نظام السجون
جمال الكعبى -

لايوجد مواطن فى ايران من دكتور او معلم او مهندس او مواطن عادى الا و زار السجون الايرانية على مدى حياتة لمرة او مرتين وان كان اصلح الصالحين فانتهاك حرمة المواطن فى ايران رخيصه جدا وازلام النظام يتسلوا فى اذية الاخرين من ابناء جلدتهم وهذا واقع نظام ايران ونشكر الكاتب على بيان واقع ايران ونظام الا اسلامى

نظام السجون
جمال الكعبى -

لايوجد مواطن فى ايران من دكتور او معلم او مهندس او مواطن عادى الا و زار السجون الايرانية على مدى حياتة لمرة او مرتين وان كان اصلح الصالحين فانتهاك حرمة المواطن فى ايران رخيصه جدا وازلام النظام يتسلوا فى اذية الاخرين من ابناء جلدتهم وهذا واقع نظام ايران ونشكر الكاتب على بيان واقع ايران ونظام الا اسلامى

على خطى صدام
نوزاد عارف -

ايران على خطى صدام حسين او في افضل الاحوال على خطى الاتحاد السوفياتي السابق ؟؟ والنتيجة معروفة والخاسر هو الشعب الايراني وشعوب المنطقة وخصوصا الشعب العراقي المنكوب بجيرانه ؟

على خطى صدام
نوزاد عارف -

ايران على خطى صدام حسين او في افضل الاحوال على خطى الاتحاد السوفياتي السابق ؟؟ والنتيجة معروفة والخاسر هو الشعب الايراني وشعوب المنطقة وخصوصا الشعب العراقي المنكوب بجيرانه ؟