انضمام الهاشمي للمطالبين بتنظيف البيئة العراقية.. صحوة ضمير متأخرة.. أم دعاية إنتخابية؟!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
إنضم السيد طارق الهاشمي- نائب رئيس الجمهورية العراقية- الى أصوات البيئيين وغيرهم من العراقيين المخلصين،الذين يهمهم حاضر ومستقبل شعبهم، ويطمحون ان يعيش في بيئة نظيفة، خالية من الملوثات والسموم الخطرة، وأولها التلوث الإشعاعي،وتعم ربوع العراق رايات السلام والأمان والأستقرار، وينعم جميع أهله برفاهية وإزدهار. وبذلك يستعيدون حقوقهم المشروعة هذه، التي إفتقدوها طيلة أربعة عقود، ويحافظ عليها كل واحد منهم أكثر من محافظته على حدقتي عينيه!
فقد جاء في بيان صدر عن رئاسة الجمهورية العراقية، يوم الجمعة المصادف 17/7/2008، ان السيد نائب رئيس الجمهورية شدد على ضرورة الاهتمام بالنشاط البيئي لارتباطه المباشر بحياة المواطن.وأضاف، خلال إستقباله للسيدة نرمين عثمان- وزيرة البيئة: لابد ان ياخذ العمل المهني مداه في الفحص والتقييس واصدار الموافقات وفق المعايير الدولية،مضيفاً، بأنه يتطلع لعراق نظيف من الاشعاعات والتلوث.واقترح بعد حوار مستفيض مع الوزيرة إصدار( كتاب ابيض) يسلط الضوء على أبعاد الواقع البيئي الاستثنائي في البلاد، والخطط اللازمة، والفترة الزمنية المتوقعة والمطلوبة لتحسين الواقع البيئي.
من جهتها،قدمت الوزيرة عثمان، خلال اللقاء، شرحا عن الواقع البيئي، والمشاكل والمعوقات التي تعترض سبل الارتقاء به إلى مستوى أفضل. كما أطلعت الوزيرة نائب رئيس الجمهورية على الجهود التي تبذلها الوزارة في مجال مكافحة الألغام ومخلفات الحروب.وأبدى الهاشمي استعداده لتقديم الدعم الكامل لضحايا مخلفات الحروب، رعاية وتأهيلا- وفقاً لبيان رئاسة الجمهورية.
ويذكر أن هذه هي المرة الأولى، منذ سقوط النظام السابق وقيام العهد الجديد في العراق، أن يُعلن مسؤول رفيع المستوى- طبعاً عدا الوزيرة المحترمة، علانية وبصراحة، إهتمامه بالبيئة العراقية ومشكلاتها، متطلعاً الى عراق نظيف من الإشعاعات والملوثات البيئية الأخرى.ليس هذا فحسب، بل ومطالباً بإصدار كتاب أبيض يسلط الضوء على ابعاد الواقع البيئي الإستثنائي في البلاد،والخطط والإجراءات المطلوبة لتحسينه.
ويأتي هذا الموقف الجديد والجريء من نائب رئيس الجمهورية- في وقت تم فيه إهمال المشكلات البيئية تماماً،وتجاهلها ضمن أولويات الحكومة، مقروناً بمواصلة التعتيم الرسمي حتى على المشكلات البيئية الساخنة والخطيرة، وفي مقدمتها التلوث الإشعاعي، الناجم عن إستخدام أسلحة اليورانيوم المصنعة من النفايات النووية المشعة في الأراضي العراقية خلال حربين طاحنتين ومدمرتين متتاليتين، خاضتهما الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها ضد العراق. وقد أثبتت العديد من الدراسات العلمية، الأجنبية والعراقية،إنتشار التلوث الإشعاعي في أرجاء العراق. ولعل أبرزها وأوسعها المسح الإشعاعي الذي قام به خبراء المركز الطبي لأبحاث اليورانيوم UMRC وهو مركز بحثي دولي مستقل،وبضمنهم عالم عراقي مرموق، وشمل كافة مناطق وسط وجنوب العراق- من بغداد وضواحيها الى أبي الخصيب جنوباً، ووجد العلماء التلوث الإشعاعي في كل مكان، وقد فاقت معدلاته، في العديد من المناطق العراقية، 10- 30 ألف مرة الحد المسموح به..
وعدا التعتيم المقصود، تجري في وزارة البيئة نفسها، من قبل موظفين ومسؤولين كبار فيها،في مركز الوقاية من الإشعاع وفي مركز الأعلام والتوعية البيئية، التابعين للوزارة، محاولات محمومة غرضها إفشال المساعي النبيلة للوزيرة السيدة نرمين عثمان، والتوجهات المهنية الساعية لإيجاد حلول ومعالجات اَنية للمشكلات البيئية القائمة، وفي مقدمتها التلوث الإشعاعي، والتخفيف من تداعيات التلوث البيئي، خصوصاً بعد تصريحات الوزيرة العلنية والجريئة المتكررة في المحافل الدولية وفي وسائل الأعلام، المؤكدة لأنتشار التلوث بإشعاعات اليورانيوم المنضب في العراق، ولصلتها بإنتشار أمراض السرطان، والتشوهات الولادية، وغيرها..
من وسائلهم الخبيئة: كانت السيدة الوزيرة قد أرسلت كتاب شكر وتقدير لباحثين عراقيين، إمتناناً لجهودهم الطيبة ولإسهاماتهم الجادة والمخلصة في رفد الثقافة البيئية بالمواضيع والمقالات التي من شأنها توسيع دائرة الثقافة والوعي البيئي، وتشجيعاً لهم على المواصلة.. رداً على ذلك قام المسؤولون المذكورين بنشر " تقرير بيئي" يصفون فيه الحرص على أبناء وبنات شعبنا،عبر تنبيههم لمخاطر نفايات اليورانيوم، بـ " دق طبول" و " تضليل للناس" و" تخويف المواطنين" !!
أما مجلس الوزراء الحالي ورئيسه المالكي،الذي باشر مهامه منذ نحو عامين ونصف العام، فهو كمن سبقه، لم يبد أي إهتمام بالمشكلات البيئية،وظل يتفرج ولا يحرك ساكناً، وحتى الوزارتين المعنيتين بقضايا البيئة،أكثر من غيرهما- البيئة والعلوم والتكنولوجيا- ومشاريعمها المخصصة للبيئة، لم تحضيا بالدعم المطلوب، لا مادياً ولا معنوياً، الأمر الذي إضطرهما إستجداء،نعم إستجداء،المساعدة من الدول الأخرى، والوكالات الدولية المعنية، مثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة والوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الصحة العالمية، بينما لا يحتاجا سوى لملايين قليلة لتمشية أمورهما، كان يمكن تسديدها بكل سهولة لو جرى إيقاف أحدى مافيات السلب والسرقة وإهدار المال العام، المعشعشة في أجهزة السلطة ومؤسساتها، عند حدها ولو لبضعة أيام..
ونفس موقف الحكومة وقفه، وما يزال، مجلس النواب العراقي، الذي لليوم، ورغم مرور أكثر من عامين ونصف العام على إنتخابه، لم يناقش، ولم يقر، أو يصدر،أي تشريع يتعلق بالمشكلات البيئية الساخنة،بما في ذلك القانون البيئي. وحتى " لجنة الصحة والبيئة" فيه أثبتت أنها " لا تحل ولا تربط "، ولذا، لم تقدم سوى الوعود المعسولة..
بعد هذا، هل تستغربوا إن علمتم بأن مسؤولي الدولة الجديدة في العراق، الذين لا يغادرون مقراتهم في "المنطقة الخضراء "، ويعيشون في واد وملايين العراقيين في واد اَخر، يعتبرون من يطالبهم بالأهتمام بقضايا البيئة.. " بطران" !!..لكنهم سيبدأون الحملة الإنتخابية القادمة، وستكثر وعودهم، وقسمهم بشرفهم، بأنهم سينفذون، هذه المرة، وعودهم للشعب،وطبعاً سيفبركون، ويكذبون، مستعينين بفتاوى ومرجعيات جديدة، وكل ما يقدروا عليه للبقاء في مناصبهم وللمحافظة على إمتيازاتهم..
ونعود الى تصريحات السيد نائب رئيس الجمهورية ونقول: كم نأمل ان لا تكون تصريحاتكم من ضمن الحملة الإنتخابية القادمة.وإعذرنا يا سيادة النائب فقد فقدنا الثقة بكافة السياسيين المتنفذين، ومن حقنا أن نشكك بتصريحات ووعود كل المسؤولين العراقيين، فقد شبعنا منها حد التخمة..
ومع ذلك ياسيادة نائب رئيس الجمهورية، وكي لا نغبن رأيك، ونسيء الظن بك، فقد تكون نواياك طيبة، والله أعلم.. نود ان نقول، وقد تركون جيداً ما سنقوله: ان التطلع لعراق نظيف من الإشعاعات والتلوث،مهمة ليست سهلة أبداً- كما يؤكد العلماء والخبراء المختصين بهذه الأمور- ولا تتحقق بالتطلعات والتمنيات،مهما كانت صادقة ومخلصة، وإنما.. بالعمل، والعمل الجاد، المثابر والدؤوب.ومثل هذه المهمة تستلزم ليس فقط خطة علمية مدروسة ومتكاملة،بل ومشاركة جماعية واسعة وفاعلة،إذا أردنا حقاً وفعلاً بلوغ الهدف.وأول المشاركين فيها هي وزارات: البيئة، العلوم والتكنولوجيا، الصحة، الصناعة، الزراعة،الدفاع،التعليم العالي والبحث العلمي، الى جانب حكومات المحافظات، وبمساعدة منظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، والجوامع والحسينيات والكنائس،وغيرها.ولن تتحقق المهمة بنجاح،ضمن أمكانات العراق الحالية، من دون مساعدة ودعم الوكالات الدولية المتخصصة، وفي مقدمتها: برنامج الأمم المتحدة للبيئة، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنظمة الصحة العالمية، وغيرها. وبعد هذا، فان تنفيذ المهمة يحتاج، طبعاً، الى أموال تقدر بمئات ملايين الدولارات، والى معدات، وكوادر علمية وفنية، وما الى ذلك..
فهل الحكومة، والمقصود هنا رئاسة الجمهورية ومجلس رئاسة الو زراء ومجلس النواب، أي السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية،راغبة، وعازمة حقاً، ولديها الإستعداد لتنفيذ مثل هذه المهمة الوطنية النبيلة، وصولاً لعراق نظيف خال من الإشعاعات والملوثات وسمومها ؟
يا ريت أن نسمع رأي الجميع بعيداً عن الحملة الإنتخابية القادمة !
-----
د. كاظم المقدادي
* باحث بيئي عراقي مقيم في السويد
التعليقات
أي بيئة؟
سالم حسون -الحفاظ على البيئة احدأنبل القيم الإنسانية والحضارية فاين منه سياسو العراق الحاليين المشغولين أكثر بالشفط واللفط واللطم وبناء الحسينيات ؟
السيد كاظم
mhommed ali -كم كنت اتمنى ان يكون صاحب المقال ان يكتب مقاله الجميل وهو يعيش في بغداد لكان تاثير المقال اقوى
الكلمة الطيبة
د. حامد نعيم -الاستاذ كاظماذا كان الهاشمي قد التفت الى الجانب البيئي في العراق فهو مشكور على ذلك لا مذموم!! كما لا نستطيع ان نفترض سوء النية لدى كل مسؤول لسبب بسيط ان ذلك لن يحل المشكلة بل يعقدها!!!مشاكل البيئة من المشاكل التي تتطلب وقتا لحلهافمن السهل جدا ان تلوث البيئة و لكن تنظيفها و الحافظ يتطلب حهدا ووقتا فضلا عن تقنيات و كفاءات و اعتقد انه بالكلمة الطيبة يمكن ان نساعد كثيرا بدلا من الشك او التشكيك بكل كلمة و كل مبادرة!!! و ختاما لا اعتقد ان من واجبات المالكي الاهتمام بالبيئة صحيح انه رئيس الوزراء و لكن هناك وزارة تعنى بهذا الامر فالمالكي رجل واحد فرد هل سيهتم بالبيئة و المواصلات و النقل و الاسكان و التجارة والجيش و الامن ....الخ بل توجد وزارة لكل شأن و يجري اطلاع رئيس الوزراء على مجريات الامور فيها و طلب تدخله في الشؤون الاستراتيجة لكل وزارة
ما اجملها من دعاية!!
سامي الطيار -ترى هل يكفي الاهتمام بالبيئة كدعاية انتخابية؟؟ موضوع البيئة جديد على الشارع العراقي و المواطن العراقي البسيط!!! فكم من الاصوات سيحصد الهاشمي بناء على تصريح واحد!!! كما ان المثقف العراقي و رجل الشارع البسيط يفضلان الحديث عن السياسية والامن وفرص العمل و الخدمات الكهرباء بالدرجة الاولى و الماء الصالح للشرب - اختصاص امانة بغداد و وزارة البلديات و الاشغال... فلماذا اختار الهاشمي موضوعا بعيد عن اهتمام المواطن العادي؟؟!! وعلى العموم ياريت كل مرشح سياسي يظهر اهتمام بالبيئة او الصحة او التعليم و يجعلها شعار انتخابيا له- كما في الدول الغربية و منها السويد- فحتى لو لم يقم بشيئ لاحقا على الاقل اثار الموضوع و تحدث عنه بدلا من ان تكون الدعاية الانتخابية منصبة على الماضي بكل ما فيه من الم و حسرة!!! لننظر الى الامام و لو بكلمة او بتصريح لتكون الدعاية الانتخابية مركزة على البيئة و الصحة والتعليم فما اجملها من دعاية!!!
سؤال ملح
رعد الحافظ -اسف لسؤالي لكنه ضروري..هل د.كاظم المقدادي كاتب هذه المقالة هو نفسه الذي نشاهده على بعض القنوات خصوصا الحرة والعربية ؟؟ام ان هناك شخصين يهذا الاسم الكريم؟؟لاني اسمع عن د.كاظم منذ اكثر من 30 عام عندما كان يكتب في مجلة الف باء والان هو اكاديمي في العراق..فمعنى ذلك ان الباحث البيئي هو شخص اخر بنفس الاسم ويسكن السويد؟؟ام ماذا؟؟ارجو الايضاح ان امكن !!
إيضاح وتوضيح
د.كاظم المقدادي -للسيد رعد، ولكل من لا يعرفني،أوضح من جديد بأنني لست كاظم المقدادي- بوق النظام البعثي الفاشي،الذي كان يكتب في "الجمهورية" و "الف باء" و " الزوراء" وكان يتطاول ويشتم فيها كل من عارض النظام الدكتاوري المتسلط وناضل صده،في حين سرعان ما غير جله في يوم وضحاه،في ظل الأوضاع الإسثنائية التي يمر بها العراق الجديد، وأصبح " منظراً ديمقراطياً" ، وتحول من إعلامي الى "أستاذ" العلاقات الدولية في جامعة بغداد، ويظهر وجهه القبيح يومياً تقريباً على القنوات الفضائية كمفتي ومنظر ومحلل سياسي!!أما كاتب السطور هذه فهو أكاديمي وباحث بيئي متخصص بالإشعاع، وخاصة اليورانيوم المنضب، وأضراره على العراقيين صغاراً وكباراً ورئيس قسم إدارة البيئة بالأكاديمية العربية في الدنمارك، مقيم منذ 12 سنة في السويد،بعد ان لف الدنيا متغرباً، وقد غادر العراق مضطراً منذ عام 1979 هرباً من بطش أسياد إلموما إليه رافضاً المشاركة في جرائمهم والسكوت على موبقاتهمد.كاظم المقدادي- السويد