أصداء

وظيفة بمرتبة "مَحرم"!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

للمرة الألف يمكن القول أن كلّ مجتمع له "خصوصيته" التي تنبع من معالمه وتقاليده، وعاداته وطرُق تفكيره، وأنماط تدبيره..

والارتهان للمفهوم "النرجسي" للخصوصية بوصفه علامة فارقة، يحمل في طياته وبين جنباته الكثير من التعالي على الواقع، كما أن الاتكاء على "الخصوصية" بوصفها علامة تميّز وجودة وتكبّر، وأن صاحبها أفضل من غيره، فيه شيء من السّفه والحُمق وصغر العقل، والأنيميا الفكرية!

وقضية المَحرم -أي اشتراط وجود رجل من محارم المرأة معها أثناء السفر والابتعاد- قضية قديمة قدم الفقه، وأصيلة في حكمها أصالة الجمل في الصحراء!

ولكن هذه القضية أفرزت نتائجها، وأنتجت معالمها وخواصّها ومعطياتها، لذلك دخلت حتى في وسائل الحياة الحديثة، حيث أصدر شيخان من "صغار العلماء" يدعيان عثمان الخميس وسعد الغامدي فتوى (تحرّم دخول الإنترنت على المرأة إلا بحضور مَحرم مدرك لعهر المرأة ومكرها، بسبب خبث طوية الإنترنت)! صحيفة القبس الكويتية 12/11/2004م.

وفي عالم الجوازات والسفر، طوّرت المديرية العامة للجوازات في المملكة وثيقة إلكترونية تتيح للمحرم أو لولي أمر المرأة تقديم موافقته إلكترونياً على سفرها دون الحاجة إلى حضوره إلى مكان المغادرة!

وأتذكر أن إحدى السيدات المصريات "الغلبانات" لحقت بي قبل سنوات أثناء إحدى زياراتي لمصر -بعدما قرأت في ملامحي ما يؤكد أنني سعودي "نمرة واستمارة"- راجية أن أشرح لها ما التبس عليها من مفهوم "المَحرم"، حيث تقول بأنها فوجئت بشرط إحضار "محرم" -بكسر الميم الأولى حسب لكنتها المتضعضعة- حين تقدمت بطلب الحصول على تأشيرة للحج من سفارتنا هناك، وهو ما جعل هذه "المسكينة" تعتقد أنه يتوجّب عليها إحضار أي رجل يرتدي زي "الإحرام" والسلام! وما كاد الأمر ينجلي لهذه السيدة حتى صُدمت مرة أخرى حين أدركت أن مهمّة المَحرم أصبحت وظيفة بدوام كامل، وتحولت إلى تجارة رائجة لا تعرف الكساد!

ولكن أغرب الحالات في "عالم المَحرم"، ما ورد في خبر نقلته بعض وسائل الإعلام يقول: (ألزم رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مقهى شهير في كورنيش الدمام بعدم تقديم الشيشة والمعسّل لزبائنه، وبالذات النساء القادمات من دون مَحرم)!

من هنا يبدو أن المَحرم لا بد من حضوره طوال الوقت الذي يبدأ من تصفّح المرأة للإنترنت وينتهي بتناول المعسّل، لذا فلا عجب أن نجد محرماً يسوّغ للمرأة تعاطي هذا المشروب "القبيح"، ومن يدري، فقد نرى في قادم الأيام من يشترط وجود مَحرم للمرأة إذا أرادت "دخول المدرسة"؟!


أحمد عبد الرحمن العرفج

Arfaj555@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مسيرتنا إلى الوراء
فاطمة الحجار -

كيف تريدون بعد كل هذا أن نقبل ونصنف بين الشعوب المتحضرة.. أو على الأقـل سوف تصل إلى أبواب الحضارة والفهم بعد عشرة أو عشرين قرنا من الزمن؟؟؟ العالم كله يسير إلى الأمام والنور والمساواة الكاملة بين المرأة والرجل. ونحن نسير بخطى ثابتة باتجاه العودة للعصور الحجرية...نـهائـيـا !!!