أصداء

ثالوث التجديد الإسلامي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

يشكّل الإسلام مكونا ثقافيا أساساً في تركيبة الهيئة الثقافية الجمعية للمجتمعات العربية، بخاصة، والمسلمة، بوجه العموم. لكن أين يقع الإسلام اليوم من هيكلية الدولة بمؤسساتها ومرجعياتها وبيئتها السياسية؟ وما هي أسباب تحول مجتمعات الشرق الأوسط من الازدهار والانفتاح والتعددية، في عصرها النهضوي الذهبي، إلى ما آل إليه حالها اليوم من تكتلات دينية وعصبية، معزولة وناشزة؟ وما هو الدور الذي يفترض أن يلعبه الإسلام في مسيرة المجتمعات المعاصرة، وهل يستعدي هذا الدور حراكا فاعلا وواعيا في التجديد والإصلاح لـ "المفهوم" الديني، في تجاوز حازم لـ "الوثنيّ" من هذا المفهوم؟ وما هي درجة قابلية الخطاب الإسلام للتجديد في ظل المقولات المتشدّدة التي يعتقد أصحابها أن الإسلام، بنيويا، دين لا يميّز بين ما هو زمني دنيوي وروحي عقائدي، وبالتالي هو غير قابل للتجديد؟ وإذا ما كان هناك بوادر للتجديد الديني الإسلامي فهل سيكون على طريقة مارتن لوثر في إصلاحه للكنيسة الكاثوليكية في القرن الخامس عشر، ليقوم على أيدي رجال وعلماء دينيين، أم أن للدولة، والمجتمع، والمثقفين موقعا في هذا التجديد؟

من البديهي القول إن الجدل الراهن القائم بين أطراف ثالوث (الإسلام ـ الدولة ـ المجتمع)، والذي تحول سريعا إلى مواجهات فكرية وسياسية ـ وأحيانا عنفية ـ تجلت في ممارسات الجماعات الدينية المتطرفة، إنما ينطوي على رهانات واستحقاقات لا بد من الاعتراف بها ومعالجتها من أصولها، استحقاقات تتمحور حول رؤيتنا للإسلام، وقراءتنا لنصوصه، في ظل المتغيرات والتحولات الكونية.

لا تكمن المعضلة هنا في النص الديني الإسلامي، فهو نص ثابت لم يتغير منذ تدوينه، بل هي تقبع في الصلب من المجتمعات الإسلامية بوصفها امتداداً تاريخياً وثقافياً وجغرافياً للإسلام، مجتمعات نأت بنفسها عن قراءة الحالة المدنية في شريعة الإسلام، ودرجت على استحضارها كمفهوم عقائدي سياسي جامد غير قابل للعصرنة والتحديث.

إن غياب "حاسة النقد" للخطاب الديني وتراجع "الفعل الاجتهادي" في النص، هما ـ مجتمعان ـ ما أجج الصدام، المتواصل أصلا، بين الجماعات الإسلامية من جهة، والتيارات العلمانية، من أخرى، الأمر الذي أودى إلى تعاظم الاحتقان الاجتماعي في ظل غياب أرضية مشتركة للحوارعلى المستوى "الرؤيوي" بدايةً، ومفاعيله على مستوى التطبيق السياسي، نتيجةً، أرضية تجمع فئات المجتمع كافة بجماعاته وتياراته وتنظيماته، المدنية منها والدينية، من أجل صياغة عقد اجتماعي جديد لا يبتعد عن الدين "جوهرا" ولا يتماهى فيه "فعلا سياسيا"، بل يقف على مسافة واحدة من الأديان والمذاهب والأطياف السياسية كافة، في ظل تمكين مفاهيم الدولة المعاصرة التي أسّها ومرجعيتها "المواطنة" لا "الدين"؛ الدولة المعاصرة التي تقوم على فصل السلطات، وإطلاق الحريات العامة، وإقرار التعددية السياسية، ومداولة السلطة، وتمكين المرأة، وإحقاق التكافؤ في الفرص، ودفع عجلة العدالة الاجتماعية. وفي ظل هكذا تحوّل "دراماتيكيّ" في علاقة الإسلام بالشأن السياسي، يغدو دور الجماعات الإسلامية ـ حصرا ـ دوراً "دعوياً" يتداول القيم الإسلامية، التي هي أصلا قيم إنسانية وأخلاقية وضميرية، ما يمهد الطريق واسعاً للاجتهاد وتجديد الخطاب الإسلامي، ونقده، لتخليصه من الشوائب والتراكمات الزمنية، والتمكّن، تاليا، من أدوات تفعيل حركة التنوير النهضوي المرتجاة بعيدا عن التجاذبات السياسية المعطِّلة.

وعليه، فإن تجديد الخطاب الإسلامي يرتبط عضويا بعملية "دولنة الإسلام"، أي "تداول" الإسلام ضمن فضائه الحيوي، الذي مساحته ضمير الفرد الشخصيّ والإدراك الجمعيّ الوجدانيّ، وذلك إثر تفكيك المفهوم الإسلامي إلى جوهره الاعتقادي الروحي الأول كونه علاقة منفردة ومتفرّدة بين الفرد والله، لا ثالث لها، ولاوسيط منهاا، هذا يترافق مع مواجهات نقدية ملزِمة لسياسات "أسلمة الدولة" وما تفرزه من غيبيات وإفتاءات جماعية قسرية، في ظل من الاحتقان السياسي والاصطفاف المذهبي والانقسامات العقائدية السياسية التي تضع منطقة الشرق الأوسط برمتها على حافات الهاوية!

في العام 1992 قامت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بالتأسيس لـ "حزب العمل الأردني" كرديف سياسي للحركة، ما ساعد ـ بصورة تدريجية ـ على تحول الجماعة إلى جهة دعوية ومرجعية روحية لهذا الحزب، وتحوّل الحزب بدوره إلى مؤسسة مدنية وليس دينية، وتحددت مهامه في العمل على بناء المجتمع المدني وإرساء قواعد الدولة المدنية، وفي دفع التحوّل المنهجي للجماعة نحو الاعتدال والانسجام مع المعطيات السياسية على أرض الواقع والمُعاش ـ خروجاً من دهاليز المغالاة والاقتباسات المتشدّدة والفتاوى "الفضائية" القاصرة!


وفي الحديث عن الإصلاح في أروقة الدولة الإسلامية تحضرنا تجربة الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة؛ فرؤية بورقيبة الخاصّة للخطاب الديني الإسلامي التي تؤسس لإعادة تفعيل الاجتهاد، وكذا توجهاته العلمانية التي تجلّت في الإصلاحات المؤسسية التي نفّذها في السنوات الأولى للاستقلال، وفي مظاهر العلمنة والتحديث الثقافي التي تضمنها خطابه السياسي، جعلت ـ مجتمعةً ـ اسمه يقترن باسم الزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك في تناوله لقضية الإصلاح الديني في الدول الإسلاميّة. إن علاقة بورقيبة الجدلية بالدين والقضايا الإسلامية التي عالجها منذ نصف قرن، لا تزال في موقع الأخذ والرد في معظم الدول الإسلامية، وأضحت إثرأحداث الحادي عشر من سبتمبر محور تداول عالمي. وجاء اليوم قرار المحكمة الدستورية التركية بعدم حظر حزب العدالة والتنمية الحاكم، الحزب الإسلامي المعتدل في دولة تركيا العلمانية، الحزب المنتخب ديموقراطيا من قبل الشعب، انتصارا لما أسّس له السياسيان الرائدان.


أستعير في هذا المقام قول المفكّرالتنويري محمد عابد الجابري:"إن مستقبل التقدم الحضاري العربي والنهضة العربية، لن يتما إلا على أساس نقدي عقلي. وأن هذا الأساس لا يتناقض مع العاطفة القومية، ولا مع الحلم الأيديولوجي. بل على العكس، فمراجعة مفاهيمنا، ونقدها نقداً عقلانياً مستنداً إلى الواقع كما هو مُعطى، هو السبيل الوحيد الذي سيقودنا إلى تشييد حلم أيديولوجي مطابق، وإلى العمل الجدّي المتواصل من أجل تحقيقه".

مفصل القول، إنه أضحى من الحتميّ في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ "المسألة الدينية"، وتداعياتها الاجتماعية والسياسية، أن نطرح المعضلة على طاولة الحوار، ونعمل على قراءة حيثياتها وأبعادها قراءة نقدية متأنية ومعمَّقة بعيدا عن الأفكار الجاهزة، وعن العصبية ـ دينية كانت أم سياسية ـ، وكذا عن النظر الضيق والمفصّل على مقاس الحدث العابر لا على امتداد سيالة التاريخ الموصول، ونسعى ـ نتيجةًـ إلى الخروج بموقف موحّد وموضوعي ومنسجم مع الذات، ما يمكّن من توحيد الإمكانات، والوصول إلى إجماع شعبي عريض لمنهجية توافقية تستوعب مخاطر هذا المنعطف التاريخي وتستجيب لتسارع المتغيّرات الدولية في السياسة والثقافة والاقتصاد، منهجية هي أقرب إلى "ثالوث" يتشكّل من "حراك" الحداثوي العالمي، و"مذاهنة" الثقافي العربي، و" استلهام" الديني الإسلامي.

*مرح البقاعي

أستاذة الإسلام المعاصر في قسم الدراسات المستمرّة بجامعة جورج تاون في العاصمة واشنطن
marahbukai@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
النموذج السيء
سهى -

نحن نرفض كل التوجهات المتطرفة ولكن في نفس الوقت لا نعتبر تصرفات اتاترك وبوقية هما النموذج المطلوب بل هما نموذج سيء لانهما عالج الخطأ بخطأ اكبر منه ان العلمانية ليس دواء بل هي داء وان الذي يدافع عن العلمانية ويتخلى عن الاسلام دلالة عدم وضوح الصورة الواقعية للاسلام بل يأخذ النموذج السيء وهو النموذج المتطرف ويعتبره هو الاسلام

ثالوث التجديد
البصري -

افكار رائعة في محتوى المقال، لكن مشكلة المسلمين بمن يقودهم من الجهلة والمنتفعين

مابين الليبرالي والع
محمد عارف -

مرح البقاعي تفرّق جيدا بين الليبرالية والعلمانية. وهي تعتبر الليبرالية، درجة أعلى من العلمانية، لأن الليبرالية تستوعب وتقبل الجميع بما فيهم العلمانيين، ونقيضهم. على الأقل هذا ما نسمعها تردده وما نقرأه كتابة لها.

اخوان الاردن
احمد الجعافره -

لقد ورد في حديث الاستاذه مرح البقاعي عن الاردن التالي (في العام 1992 قامت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بالتأسيس لـ "حزب العمل الأردني" كرديف سياسي للحركة، ما ساعد ـ بصورة تدريجية ـ على تحول الجماعة إلى جهة دعوية ومرجعية روحية لهذا الحزب، وتحوّل الحزب بدوره إلى مؤسسة مدنية وليس دينية، )اولا اسم الحزب هو ( حزب جبهة العمل الاسلامي)وليس كما ورد في المقال من تسميته بحزب العمل الاردنيوسبب هذه التسميه باختصار لان الاخوان المسلمين في الاردن يعتبرون انفسهم اكبر من الدوله الاردنيه وبالتالي سيحددون في المستقبل التسميه المكانيه للحزب ولذالك رفضوا ربط اسم الحزب بالاردن الذي هو بنظرهم جزء من الضفه الغربيه (فلسطين) ومن هنا ندخل الى الملاحظه الثانيه والتي وردة في مقال الاستاذه وهي ان حزب جبهة العمل الاسلامي هو(رديف) لجماعة الاخوان المسلمين في الاردن وهذاغير صحيح فالحزب ليس رديف للجماعه بل هو تابع للجماعه وكل محاولات رئيس الحزب للخروج من تحت هيمنة الاخوان بائت بالفشل ولا ادل على ذالك من المطالبه اليوميه من قبل مكتب اخوان الاردن بمحاسبة رئيس الحزب -بن ارشيد- على مواقف وبيانات لم يكن الاخوان على دراية بها

ثالوث التجديد
نادين - السعودية -

ولكن ألا ترين نعي بأنه الإصلاح الديني لن ينجح لاسيما في الوقت الراهن؟ربما يلعب الإعلام دوراً فالإعلام لايشجع على ذلك، ولكن إذا أردت ان أتحدث عن نفسي فأنا لاأرى جدوى في الإصلاح الديني لأنه وكما يقال الإناء بما فيه ينضح وهذا ينطبق على جميع الديانات فأنا مثلاً كنت مسلمة ثم تحولت إلى المسيحية ثم أصبحت الأن ملحدة، وأرى كلها نفس الأفكار لاتختلف إلا في الطقوس ولكن هي ليس كما يتم تصويرها أنها (أي الديانات) تشجع على العلم والإكتشافات، والحقيقة أن هناك نصوص لايمكن لإنسان يفكر بعقلانية أن يصدقها خصوصاً ونحن في القرن الواحد والعشرين، فعلى سبيل المثال حكاية خلق المرأة من ضلع الرجل (ضلع أعوج) وكما تعرفين يادكتورة مرح هذه الخرافه موجودة في جميع الديانات، ولكن أنا معكي بأن نقد الأفكار هو مدخل مهم نحو تغيير مجتمعاتنا، أما بخصوص أوربا فربما يقول البعض بأن الدين المسيحي لم يمنع أوربا من التطور والرد على مثل ذلك الكلام هو أنه الدين في أوربا ليس شيء رئيسي والدول الأوربية ليست دول قائمة على الدين وهذا لايتفق مع الدين المسيحي الذي هو في الحقيقة لايفصل الدين عن الحياة العامة كما يدعون فهناك آيات في الإنجيل تدعو للعبودية وأن العبد يجب أن يطيع سيده، ولكن كما تعرفين ان القساوسة لايدرسون هذه التعليم وربما يحاولون إخفائها، فهل سيحاول من يريدون إصلاح الدين الإسلامي أن يخفوا الآيات التي تدعوا للجهاد أو تعطيلها كما فعل القساوسة؟ ولكن ألا ترين معي بأن ذلك يتناقض مع مقولة أن الدين صالح لكل الأزمنة والتي أيضاً يؤمن بها رجال الدين من جميع الديانات؟ وآسفة على الإطالة.

مقاربة عقلانية
الشامي -

مع اعتراضي على كلمة"ثالوث"التي تحمل بعداً مناقضاً للعقلانيةوالتجديد,أرىأن المقال فيه تأشير صحيح لوضع المسلمين ويضع مساراًإن لم يكن الوحيد فهو الأنجع لتطوير الفهم للاسلام وهو البوابة الرئيسة لخروج العرب والمسلمين من تخلفهم وولوج العصر بهوية واضحة المعالم ,المشكلة التي طرحتها منهجية مفصلية بمايتعلق من هوالمؤهل حالياً للقيام بهذا الدور؟ المؤسسة الدينية بوضعها الحالي التي لالتحسد عليه! أم النخبة التنويريةالفكرية والسياسيةالمتجذرة في الواقع العربي ولم تعش حالة التناقض بينها وبين العصر ,بين واقعها المتردي والتقدم الكبير! أعتقد أن الكاتبة وضعت السؤال الواضح والسؤال الجيد هو نصف الإجابة...كلا الطرفين معنيين بالحوار العقلي النقدي الجدلي للقيام بعملية سحب العرب والمسلمين إلى الحداثةوالكتلة الاجتماعية التي ستكون الحامل الأساسي هي المسلمين إذ من الصعب أن يسحب "حمار" قطار واللفظ هنا له بعد واحد هو القوة وليس في خلفيتة أي دلالة أخرىشكري للكاتبة ولموقع إيلاف

أتفق مع الأخت نادين
كركوك أوغلوا -

وخاصة في ما جاء عن الجهاد !!..فاو تم التشكيك في عدد الحوريات لتوقف الأنتحاري من تفجير نفسه ؟؟!!..لأنه أصلا يملك الحق في أربعة حوريات أرضية ,ولذا أذا كان العدد أربعة فيحجم عن قتل نفسه للمجهول ؟؟!!..

فشل التجربتين
عبد اللطيف المنيّر -

التجربة التونسية البورقيبية، والتجربة التركية الأتاتوركية، كلاهما اقل مما تستحق الذكر، ولن يُتخذا مثلا، لأنهما يمثلان النظام الديكتاتوري الذي حكم بيد من حديد، أما أن يكونا رائدان فهذه من وجهة نظر كاتبة المقال فقط، وليست محل جدل كما ذكرت، بل أنها محسومة بأن كلا التجربتين مرفوضه، من مبدأ أن الأول لكي يبقى بالحكم مدى الحياة، وكلاهما للتقرب من أوربا, والتي مازالت تركيا محرومة من دخول الإتحاد الأوربي، لأسباب كثيرة، وكلاهما رسخا لمبدأ لا يمكن زرعه في المنطقة الإسلامية، ولن تنجح تجربتهما إلا أذا اتبعنا مبدأ الإبادة الجماعية وحرق التراث ، ورزع الأفكار العلمانية الغربية.وإذا كنا معنيين بالدول الإسلامية، لماذا لا نستشهد بالتجربة الماليزية مثلا، أو الإندونسية، هما دولتان المسلمتان بكل معنى الكلمة، والتي تتوافق سياستهما مع تطلعات الشعب المقيم على أرضهما، وهذه النبتة اتت أكلها، بكافة المجالات المواطنة والإقتصاد والسياسة، محليا وعالميا.وإذا كانت المهمة والغاية هي الإصلاح أولا، فيجب احترام الآخر وتقدير اعتقاداته مهما كانت إن كانت دينية أو عقائدية، ونؤسس لمفهوم حواري كيف نستطيع أن نتعايش دون رفض الآخر! وهل هو الخطاب الديني هو المشكلة، أم الخطاب القومي أفضل، أم الأحزاب العقائدية واليسارية أم العلمانية؟، أين نقف ومع من يجب أن نكون؟ وما هو المطلوب؟، إن النظرة الشاملة للموقف بشكل عام هي تلك اللحظة المفقودة من أمل شعوبنا كافة.

اشكالية الطرح
جيهان منصور -

اشكالية الطرح السياسي للاسلام:اثناء الحرب العالمية الاولي والثانية، انحرفت الحضارة الغربية عن مبادئها فأعاد لها الفلاسفة توازنها، ولكن الحقيقة التاريخية تقول إن الإمام أبوحامد الغزالي اشرف شخصيا علي حرق كتب ابن سينا بتهمة التعاطي مع الفلسفة !!! و في الاندلس حرقت كتب الفلسفة لعلمائنا كإبن رشد، فيما تلقف و نهل كتبهم الغرب . بداية التجديد سيدة مرح، تكمن في قبول النقد العلمي للتراث،واعادة قراءة النصوص لانقاذها من الموت حضاريا، نتصالح مع الماضي قبل الحاضر. ان التغيير لا يحدث بفرمان اميري او جمهوري، او ركوع للقوى العظمي، وانما بتغيير ثقافة الناس ، تغيير عقلية رجل الدين في قراءته للحياة ، بالخروج من الشرنقة الفكرية خوفا من العولمة والتغيير والاصلاح واعتماد منهج عقلاني فلسفي نقدي. وفي رأيي أن نقطة البداية في الصراع بين الحركات الاسلامية والحركات العلمانية والليبرالية، هي ان الاخيرة استطاعت ان تنهض بمشروع ثقافي نهضوي كبير لتثبيت مرتكزاتها الفكرية والاعلامية، فالتجديد يجب ان يعتمد على الواقع المطلوب تغييره وليس على قضايا مطلقة ونظريات جامدة، ان العمل السياسي عمل مركب وليس فتوى، لابد من التأكيد على حضارية العمل السياسي بمعنى انه يستهدف مشروع النهضة، فما الفائدة من دعوة ما يسمى بشمولية الاسلام التي تتجلى في أسلمة الفنون والاقتصاد والادب والاعلام وحتى السياحة والرياضة! هذا يجعل العالم الاسلامي منغلق على نفسه لا يتماشى مع روح العصر ولا يساهم في بلورة مستقبل مشرق لاجيالنا، ونحن لا ننكر ان التجربتين الماليزية والاندونيسية تجارب" شبه ناجحة"، ولكن اسميها "شبه ديمقراطية" قياسا على الرسم البياني الشعبي ، فلقد تجاوز اسلمة المجتمع الماليزي الحدود بحيث تحول المواطنون غير المسلمين الى مواطنين من الدرجة الثانية، كذلك حقوق المرأة عليها اكثر من علامة استفهام، وليس أدل على ذلك من أصدار ولاية كيلانتان شمال شرق ماليزيا قرارا بمنع استخدام أحمر الشفاه والكعوب العالية على المرأة العاملة ! والتجربة الماليزية برمتها مازالت قيد التجربة ولا تحظى باجماع شعبي، فبعد انشقاق حزب "باس" عن حزب"اومنو الاسلامي" في ماليزيا في خمسينيات القرن الماضي، جادل "حزب باس" على ان تكون ماليزيا "دولة اسلامية" لتسبب ذلك في تآكل التقاليد التي كانت يوما ليبرالية ، و

أحمر الشفاة
عبد اللطيف المنيّر -

يجب علينا أن نبحث عن مشكلة أحمر الشفاة، والكعب العالي، لآنه حلت جميع مشاكلنا وبقيت هاتين المشكلتين وكما ذكرت الإعلامية حيهان منصور في تعليقها هنا!، ولربما كانت مشكلة الكعب العالي لسلامة النساء أثناء العمل، أما نترك كل نجاح التجربة في ماليزيا واندوسيا بسبب الكعب العالي، فستكون نظرتنا للتغير متواضعة جدا، كما احب أن اضيف للسيدة منصور أن في اندونيسيا أكبر معبد لبوذا، فيكف درجة ثانية لكل من لا يعتقد الإسلام دينا عناك ؟، جرى التنوية,

االتطور المستحيل
عبد الجبار اليائــس -

لا يمكن على الإطلاق لأية دولة عربية أو إسلامية أن تواكب مسيرة أية حضارة عالمية حديثة, بشكل جدي, والوصول بشعوبها إلى مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية الحقيقية الكاملة, ما لم تفصل الــديــن عن الــدولــة. وفي وضعنا وعقليتنا الجامدة الحالية, هذا الأمر مستحيل قطعا.

جهان منصور أحسنت لكن
كركوك أوغلوا -

الحديث لاينطبق على (ذكور النحل لا تنتج عسلا) , لأن النحل ذكور وأناث !!.., والمؤمن هو ذكر لذا فهو لاينتج عسلا أينما حل ؟؟!!..

متى ؟
يوسف -

اختي العزيزة عندما نعرف الفرق بين الصلاة على محمد وال محمد والصلاة على محمد وسلم او اله وصحبه ممكن ان نتوصل الى معرفة القيادة في القران ودور اولي الامر الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا و نقرأ التاريخ من ضرب الزهراء والمؤامرة التي حدثت والى رفع راس الامام الحسين هناك وبعد ذلك المشوار الطويل نسأل الله ان يهدينا واياكم الى الصراط المستقيم

رأي خاص جـدا
أحــمــد بــســمــار -

عندما أقرأ التعليقات على هذا المقال الجيد, يحزنني أن كثيرا من القراء, وخاصة من يهتمون بالتعليق في كل مناسبة, وخاصة إن كان الموضوع يتعلق بالإسلام والسياسة, ألاحظ تمسك هؤلاء بالعودة إلى قوانين وعادات ومناهج حياتية تعود على الأقل خمسة عشر قرنا إلى الوراء, ناسين كليا أن العالم يتطور بسرعة رهيبة إلى الأمام, دوما إلى الأمام. وخاصة إلى تطور رفاهية الإنسان وحاجاته الطبيعية وحرياته العامة كمخلوق عاقل يحق له تقرير مصيره بنفسه, دون ممنوعات متعسفة, دون أية تفرقة بحقوق المرأة والرجل, دون أي تعصب أو تمييز بين شعب وآخر. في كل أقوالنا وتحركاتنا السياسية, نضع الدين كرأس خربة في وجه الآخر, مذكرين إياه أنه لا شيء.. وإننا أفضل أمة في الأرض... مع تحياتي الصادقة للسيدة مـرح الـبـقـاعـي وللمعلق عبد الجبار اليائس على صحة تعليقه...أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الله الواسعة

تعليقي مجرد شـكـر
ولــيــد الأســمــر -

قبل كل شيء مزيد شكري وتهنئتي للسيدة الرائعة مرح البقاعي على مقالها التحليلي الناجح, بالإضافة إلى شكر خاص صادر من القلب إلى كل من المعلقين أحمد بسمار وعبد الجبار اليائس على تعليقيهم الصائبين اللذين يصيبان جوهر الحقيقة النادرة رغم ضيق المجال وحساسية الموضوع.

Acceptance of Others
Mohammed Aljbaili -

Hope these article that Marah Bukai wrote would ignite a healthy discussion among readers and intellectuals in order to reach some kind of consensuses in how we all can work together for spreading the concept of accepting the others, and respecting their points of views.

تعليقي مجرد شـكـر
ولــيــد الأســمــر -

قبل كل شيء مزيد شكري وتهنئتي للسيدة الرائعة مرح البقاعي على مقالها التحليلي الناجح, بالإضافة إلى شكر خاص صادر من القلب إلى كل من المعلقين أحمد بسمار وعبد الجبار اليائس على تعليقيهم الصائبين اللذين يصيبان جوهر الحقيقة النادرة رغم ضيق المجال وحساسية الموضوع.

النقد الذاتي!
Tarek Heggy -

العرب والمسلمون المعاصرون (جلهم لا كلهم) خارج مسيرة التمدن والتقدم الإنسانية . وما لم يحدث للمسلمين ما ذكرته الكاتبة البارعة مرح البقاعي مرة على لسان المفكر الكبير محمد عابد الجابري ومرة بصياغتها هي العبقرية فى آخر فقرات مقالها ؛ فسيكون العرب والمسلمون هم خصم وعدو العالم المتقدم فى حرب عالمية ستدمر فيها المجتمعات العربية والإسلامية تماما ؛ إذ أن العلم كله فى يد العالم غير المسلم ؛ أما المسلمون فإنهم لا ينتجون إلا المواد الخام. الإنقاذ الوحيد للعرب وللمسلمين أن ينخرطوا فى ممارسة عملية نقد ذاتي عارمة (كما قال الجابري العظيم) وأن يؤمنوا بفحوي الفقرة الأخيرة من مقال السيدة مرح البقاعي إيمانا بالغ العمق وأن تسيطر عليهم فكرة أنه بدون الفكرة المحورية التى صاغتها الأديبة البارعة السيدة البقاعي فى تلك الفقرة الخاتمة الجامعة المانعة فإنهم سيكونون على درب الفناء والتلاشي والمحو من التاريخ والذى سبقهم - فى السير عليه - الهنود الحمر . إن الإسلام (كما هو مفهوم اليوم) هو منتج لذهنية هى من أسوأ الذهنيات على وجه البسيطة ؛ ذهنية من المحال أن تكون مخطئة فى كل المجالات إلا َ مجال الدين (!!!). إن مقال السيدة البقاعي مقال رائع فى مبناه (أي لغته الأدبية بالغة الكثافة والثراء والشعرية) وبذات الدرجة فى معناه (أي أفكاره ورؤاه) . وحتى يؤمن العرب والمسلمون بأن فكرة هذا المقال هى وحدها القمينة بتنجيتهم من هلاك أصبح يلوح فى الأفق بقوة ؛ فلا شك عندي أنهم سائرون بخطي حثيثة لمصير يماثل مصير أدولف هتلر الذى لاقاه تحت أنقاض برلين فى يوم من أيام مايو (آيار) سنة 1945 .... طارق حجي - مؤلف 21 كتاب بالإنجليزية والعربية عن سياسات الشرق الأوسط والإسلام السياسي

النقد الذاتي!
Tarek Heggy -

العرب والمسلمون المعاصرون (جلهم لا كلهم) خارج مسيرة التمدن والتقدم الإنسانية . وما لم يحدث للمسلمين ما ذكرته الكاتبة البارعة مرح البقاعي مرة على لسان المفكر الكبير محمد عابد الجابري ومرة بصياغتها هي العبقرية فى آخر فقرات مقالها ؛ فسيكون العرب والمسلمون هم خصم وعدو العالم المتقدم فى حرب عالمية ستدمر فيها المجتمعات العربية والإسلامية تماما ؛ إذ أن العلم كله فى يد العالم غير المسلم ؛ أما المسلمون فإنهم لا ينتجون إلا المواد الخام. الإنقاذ الوحيد للعرب وللمسلمين أن ينخرطوا فى ممارسة عملية نقد ذاتي عارمة (كما قال الجابري العظيم) وأن يؤمنوا بفحوي الفقرة الأخيرة من مقال السيدة مرح البقاعي إيمانا بالغ العمق وأن تسيطر عليهم فكرة أنه بدون الفكرة المحورية التى صاغتها الأديبة البارعة السيدة البقاعي فى تلك الفقرة الخاتمة الجامعة المانعة فإنهم سيكونون على درب الفناء والتلاشي والمحو من التاريخ والذى سبقهم - فى السير عليه - الهنود الحمر . إن الإسلام (كما هو مفهوم اليوم) هو منتج لذهنية هى من أسوأ الذهنيات على وجه البسيطة ؛ ذهنية من المحال أن تكون مخطئة فى كل المجالات إلا َ مجال الدين (!!!). إن مقال السيدة البقاعي مقال رائع فى مبناه (أي لغته الأدبية بالغة الكثافة والثراء والشعرية) وبذات الدرجة فى معناه (أي أفكاره ورؤاه) . وحتى يؤمن العرب والمسلمون بأن فكرة هذا المقال هى وحدها القمينة بتنجيتهم من هلاك أصبح يلوح فى الأفق بقوة ؛ فلا شك عندي أنهم سائرون بخطي حثيثة لمصير يماثل مصير أدولف هتلر الذى لاقاه تحت أنقاض برلين فى يوم من أيام مايو (آيار) سنة 1945 .... طارق حجي - مؤلف 21 كتاب بالإنجليزية والعربية عن سياسات الشرق الأوسط والإسلام السياسي