أصداء

إسرائيل ملجأ المضطهدين الفلسطينيين!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تستحق مشاهد الأحداث المتتالية الأخيرة على الساحة الغزاوية الوقوف أمامها طويلاً. ففي مشهد حزين يبادر فلسطينيون بقتل أخوتهم في الوطن والنضال والمصير. وفي مشهد أخر كئيب تشتعل الحرب الأهلية بين فلسطينيين فتحاويين وفلسطينيين حمساويين، وفي مشهد ثالث محير يقوم فلسطينيون فتحاويون بالهروب من جحيم إخوتهم الفلسطينيين الحمساويين واللجوء إلى نعيم جيرانهم الإسرائيليين. وفي مشهد رابع مثير يفتح الإسرائيليون أبوابهم بالترحاب أمام الفلسطينيين الفتحاويين المضطهدين في وطنهم. وفي مشهد خامس مؤثر يقوم الإسرائيلييون بتضميد جراح الفسطينيين الفتحاويين التي أصيبوا بها خلال صداماتهم المسلحة مع أشقائهم الفلسطينيين الحمساويين. لم يكن حدوث هذه المشاهد الاخيرة على أرض الواقع أمراً ليخطر على بال عاقل، إذ أن إسرائيل التي لجأ إليها الفلسطينيون الفتحاويون للحصول على الحماية اللازمة كانت حتى أيام قليلة خلت الشيطان الأكبر التي ما كان الفلسطينيون ليلجأوا إليها طلباً للمساعدة حتى ولو في أسوأ الظروف وأحلكها.

ولكن العقلية السياسية غير الناضجة التي يمتلكها عدد من القادة الفلسطينيين قادت إلى اندلاع حرب أهلية بين الفصيلين الرئيسيين على الساحة الغزاوية بعدما سعى كل فصيل لإحكام سلطته على زمام الأمور في الأراضي الفلسطينية بعد انسحاب إسرائيل منها. وقد جاء تجدد المعارك بين مقاتلي حركة حماس ومؤيدي حركة فتح يوم السبت الماضي في حي الشجاعية بقطاع غزة ليسفر عن مقتل وإصابة العشرات من الجانبين وليعود بالأوضاع في قطاع غزة إلى الوراء خطوات كثيرة. وكانت معارك السبت المرحلة الأكثر خطورة في سلسلة من المواجهات التي شهدها قطاع غزة الأسبوع الماضي، وهي المواجهات التي اتهمت حركة حماس أفراداً من عائلة حلس الغزاوية المؤيدة لحركة فتح بالتحريض عليها. وقد قادت الأحداث والمواجهات الدامية نحو 180 شخصاً من عائلة حلس التي تدين بالولاء لحركة فتح إلى اللجوء إلى إسرائيل للهروب من سطوة سلطة حركة حماس.

ولقد كان التدهور الخطير في الأوضاع في غزة بمثابة إنتكاسة خطيرة للجهود الحثيثة التي تبذلها جهات عدة بغرض إعادة المياة إلى مجاريها بين حماس وفتح والتي كانت قد صدرت بشأنها إشارات مشجعة من الجانبين. فعلى الرغم من التصريحات شبه التسامحية التي خرجت عن مسئولين من الحركتين، إلا أنه من المؤكد أن كل الجهود سيكون الفشل من نصيبها لأن حركتي فتح أو حماس لا تبدوان مستعدتان للحوار والتفاهم وإغلاق صفحة الماضي المؤلم في علاقاتهما بعضهما البعض. ولقد أثبتت المعارك الأخيرة استحالة التوصل إلى حلول عملية وسلمية للخلافات بين الفتحاويين والحمساويين في ظل القيادات الحالية التي تسيطر على الحركتين وبخاصة حركة حماس التي تحكمها توجهات دكتاتورية متشددة ترفض الأخر وتجرده من حقوقه. ويجدر بالذكر هنا أن اللاجئين الفتحاويين إلى إسرائيل اتهموا حركة حماس بارتكاب أعمال إبادة ضد الموالين لحركة فتح في قطاع غزة.

تثير الأحداث الأخيرة على الساحة الغزاوية عدداً كبيراً من التساؤلات المهمة حول الأوضاع الراهنة في قطاع غزة بعد الانقلاب الحمساوي على السلطة الفلسطينية الذي حدث قبل نحو عام. كما تثير قضية لجوء عدد من الفتحاويين عدداً أخراً من التساؤلات التي تتعلق بمغزى هروب مجموعة من الفتحاويين من قطاع غزة الذي يحكمه الحمساويون إلى إسرائيل، وعن السبب في لجوء فتحاويين إلى إسرائيل على وجه الخصوص وليس مصر التي لم يكن لجوئهم إليها ليثير ضجة كالتي أثيرت نتيجة هروبهم إلى إسرائيل ، وإذا ما كان الفتحاويون يعتقدون بأن إسرائيل أصبحت الطرف المنقذ الذي يمكنهم اللجوء إليه للهروب من قبضة الحمساويين، وإذا ما كان الغرض من لجوء فتحاويين إلى إسرائيل هو تحقيق مكاسب سياسية لحركتهم، عن سبب قبول إسرائيل للاجئين الفتحاويين، وعن رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبول اللاجئين في الضفة الغربية، وعن سبب إعادة إسرائيل اللاجئين إلى غزة.

لا شك في أن هروب مجموعة من مؤيدي حركة فتح من غزة ولجوئهم إلى إسرائيل يعد سابقة في تاريخ العلاقة بين حماس وفتح، وسابقة في تاريخ العلاقة بين الفلسطينيين وإسرائيل. هناك رأي يقول بأنه ربما لم يكن الهاربون اللاجئون الفتحاويون ليطرقوا أبواب إسرائيل "العدو اللدود السابق" لو لم تكن كل أبواب النجاة قد أغلقت أمامهم في قطاع غزة الذي يحكمه الحمساويون "العدو اللدود الحالي" لحركة فتح. ولكن رأي أخر يقول بأن الهاربين اللاجئين ذهبوا إلى إسرائيل لإحداث ضجة مدوية يتردد صداها في أركان الكرة الأرضية الأربعة لجذب أنظار العالم إلى الأوضاع المأساوية التي يعيشها القطاع تحت حكم حركة حماس. ولعل عدم قبول الرئيس الفلسطيني للهاربين اللاجئين كان خطوة ذكية تعكس دهاء الرجل الذي أراد بطلبه إلى إسرائيل إرجاع اللاجئين إلى غزة أن يضع الحمساويين على المحك. فعباس يدرك أن انتقام الحمساويين من الهاربين سيضعف بشدة موقفهم وسيدعم بقوة موقفه على مختلف الساحات المحلية والعربية والدولية.

المثير أن إسرائيل أحسنت كعادتها جني ثمار الأوضاع المتخلفة على الجانب الفلسطيني لمصلحتها. ففي الوقت الذي كان فيه الفلسطينيون يتبادلون إطلاق النار على بعضهم البعض ويتبادلون الاتهامات بارتكاب جرائم إبادة بحق بعضهم البعض كانت إسرائيل تظهر أمام العالم بمظهر الدولة الإنسانية التي تفتح أبوابها أمام المضطهدين من "الأعداء الفلسطينيين" بغرض حمايتهم وتقديم العلاج اللازم لهم. ولا شك في أن مثل هذا العمل الإنساني ستنال عنه إسرائيل من دون شك عنه ثناء العالم المتحضر برمته. وقد كانت الدعوى التي رفعها الاتحاد الإسرائيلي من أجل الحقوق المدنية أمام محكمة العدل العليا الإسرائيليلة لوقف ترحيل اللاجئين الفتحاويين إلى غزة، بحجة تعرض خياتهم للخطر في حال عودتهم، مثالاً أخراً على براعة إسرائيل في توعية العالم بمدى احترامها لحقوق الإنسان حتى ولو كان هذا الإنسان فلسطينياً. وربما كانت مسألة احترام حقوق الإنسان من أهم المسائل التي تستخدمها إسرائيل في إقناع العالم بموقفها من صراع الشرق الأوسط، وبمدى تحضرها وتقدمها، وبمدى معاناتها كدولة ذات مباديء وسط دول عربية غير مستقرة تنتهك حقوق الإنسان وتقاتل وتطارد وتضطهد حتى رجالها.

جوزيف بشارة
josephhbishara@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لا تتصهينوا
الايلافي -

و لا تبيضوا وجهة الاحتلال الصهيوني لاشيء مجاني اللجوء والطبابة والعمل ومجرد العبور معاناة ومقابل معلومات ثمينه عن المجاهدين

مالفرق بين حلس ولحد
جاسم بدوي -

كون هذه الفئه العميلة فضلت الهرؤب للعدو فهذا بحد ذاته ادانه لهم كونهم كشفوا عن عمالتهم بالفرار لعند الصهاينة ... مالفرق بين هؤلاء المجرمين وقوات لحد بجنوب لبنان سابقا...هذه نهاية كل عميل

صحيح
اردني -

نحن في الاردن لا نستغرب ما يجري حاليا من اقتتال بين الفلسطينيين لان هذا ما حصل دائما بينهم عندما كانوا في الاردن فقد كانت هناك دائما خلافات واشتباكات داخل المدن وفي الشوارع حتى تدخل الجيش الاردني عام 70 ونظف المدن منهم وطردهم ليواصلوا مشاكلهم بعيدا في لبنان والان في الضفة والقطاع