أصداء

معسكر الحياة ومعسكر الموت

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

1-
تتجدد يوماً بعد يوم مظاهر "صناعة التخلف، عبر مختلف صيغ البرمجة والتلقين، والدعوة والتعليم والإرشاد في كل بقعة من العالم الإسلمي والعربي، ولا يسأل عن مساحات هذا الانهيار سوى نخبة مسحوقة ومهددة دائماً في حياتها، وفي مصادر عيشها، يقوم على هذا التهديد حفنة من السفهاء والسذج الذين ابتعلوا بضعة أفكارٍ صغيرة صغر رؤوسهم المحشوّة بالدمار والتدمير، والمملوءة بالعقم والإرهاب، ولكن هذه الحفنة الفاسدة والمنتنة التي تحتاج إلى صدمات عالية الصعق من أجل القضاء عليها كما يقضى على الحشرات، الطائرة والزاحفة، تحتاج إلى برامج تحاول هزيمة إرادة صناعة التخلف، من الذين يقضون أوقاتهم في التفاهات والحماقات، بين نشرات سياسية مضللة ومكبسلة، وبين مناشط دينية أو ثقافية أو علمية مغلوطة تؤسس لرؤى سطحية عن الحياة والآخر، والكون، والعالم، وتلك الكائنات التي تنمو كالفطر المسموم لا تظن أنها تمارس السيئات، رغم ازداوجية حادة تجتاح قلوبهم الضعيفة الخائفة المرتجفة، وأفهامهم الخربة، ومحتويات ذممهم الناقصة المحروسة بألقاب ومناصب دينية، إمعاناً في التلبيس والتزييف.

2-
الآن تتورم الحركات الإسلامية في كل مكانٍ من العالم، بعض "طقاقات" الثقافة والتدين والعروبيات والقوميات يرى أن مجرد انتشار هذه الحركات يعني أنها تجمّعات مشروعة، كما هو التطبيل الأخرق للنموذج الإسلامي التركي من دون إدراك أبعاد تلك الأسلمة التي لم تحضر-حتى- في خطاب الرئيس، بينما حضرت العلمنة بوصفها من الثوابت داخل المخاطبة السياسية الأولى له، لكن البعض لديه الشغف الشديد من أجل إبعاد أوهامه صوب قوالب اليقين، فيذهب يبرر كل أحلامه الغريبة عبر ضرب الأمثلة الهابطة، إنني أشاهد هذا التمدد في كافة أنحاء العالم الإسلامي، وأراه عياناً وهو يجعلنا ندخل في حالةٍ من "الشفقة" على مجتمعات لا زالت تتحاور منذ 1400 سنة على خلافات دينية معجونة بالسياسة والمصالح الشخصية، إن نماذج مثل تنظيم القاعدة، أو حماس، أو الإخوان المسلمين، أو السرورية في السعودية، أو حزب الله في الشام تؤكد أن التغلغل الإرهابي قد أخذ فعْله في جسد أمة يعنّ لها الركون للأوهام الضالة، واختيار مستقبل معتم ورفض الحياة لصالح الموت، والابتعاد عن الآفاق لصالح الأنفاق.!

3-
ليست المسألة أن تتفاءل أو تتشاءم، المسألة أن تذهب صوب "إرادة الفهم"، بعيداً عن التنظير الفلسفي الذي طالما أغرقت مقالاتي به، أسهّل الأمر، في العالم العربي هناك -ببساطة- معسكر يريد "الحياة" وآخر يروج "للموت"، الحياة عبر إحياء الحياة، إحياء نوازع البشر نحو الحياة، عبر الحرب على الطغيان، وفطريات الأفكار السامة، وعبر خلْق قوانين للعيش، وعبر نشر ثقافة أخرى، تحبب الناس بعضهم ببعض، وتحثهم على غذّ السير نحو الحب والسلام والوئام، ثقافة تصنع للحياة أطيافها الزاهية، وهي مهمة لا تصنعها الرموز المتحاسدة، ولا تضطلع بها بقايا كتابات تشبه "خربشات الصبيان" وإنما نحتاج إلى برامج تمتدّ من أجل إنضاجها إلى قرونٍ طويلة، أوربا احتاجت إلى ستة قرون من المخاض لتخرج من سباتها، المعسكر الآخر هو معسكر "الموت" معسكر بقر البطون والأمعاء معسكر الاغتيالات المتنوعة والمتوزعة، معسكر البطش والنيل من المخالف والحقد عليه، بين هذا وذاك العربي في حيرةٍ من أمره، يحار بين رمزٍ يرتدي "الكرافات" ورمز يرتدي "البشت بغترة لا يمسّها درن العقال" ورمز أزهري يرتدي "قبعته" ورمز شيعي يرتدي "عمامته"..الخ، ولم يستخدم بعد عقله، تلك هي المسألة ببساطة، هل تنتصر إرادة الحياة أم تتفوق إرادة الموت، المشهد الآن يبرهن كل يوم أن الناس تزحف بسرعة شديدة نحو الموت، بدليل الجوع والمرض والبطالة والفقر والجريمة وتهاوي الأخلاق وانتشار الانحراف والشذوذ والسلوكيات الخاطئة، والغرق في الجهل المطبق والظلام الدامس، والدفاع المستميت من قبل هؤلاء-أشباه الأحياء- عن كل مسببات ومنشطات التمهيد لمستقبل عجن بـ"الموت".

فهد الشقيران
كاتب سعودي.
shoqiran@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اخاف عليك الاكتئاب
سعود -

طرح فكري متطرف ينعي التطرف لكنه وقع في نفس المطب ليست الامور هكذا ان تيار التطرف ضئيل جدا وسط محيط من الاعتدال خلط الكاتب بين الخوارج وبين المقاومين خلطا عجيبا يا ان شقيران كن جميلا ترى الكون جميلا ادمان الكراهية يؤدي الى الاكتئاب

انتبه
حسام القطبي -

عزيزي انتبه الى صحتك نعم ادمان الكراهية يؤدي الى الاكتئاب !!!

يا أخ سعود
مصرى -

ولكن يا سيد سعود ماهو التطرف اتحداك لو وجدت تعريفا موضوعيا للتطرففالتطرف فى مصر يختلف عن التطرف فى لبنان أو السعوديه.أعتقد أن معيار الحكم على التطرف من عدمه ناشئ من الخلفيه الدينيه لكل واحد منا

التطرف العلماني
سعود -

يخطيء من يظن ان التطرف ديني فقط فالكاتب على مايبدو ليبرالي او علماني ومع ذلك يصف خصومه بالحشرات ويدعو الى ابادتهم بنفس الطريقة التي تباد بها الحشرات الضارة ؟!!

حياك الله
عراقية و بس -

حياك الله اخي الكاتب كم نتمنى ان تنتهي هذه الزوبعة من الافكار الرجعية و نتنقل الى مسار جديد ملئ بالحياة و التطور-لقد سئمناهم و سئمنا افكارهم المتخلفة -صرنا نكره مشاهدة التلفاز بسببهم و بسبب افكارهم النتنة-كلهم ككره كلهم اين هم من الاسلام الحقيقي-لقد حرفوا كلام الله ليخدم مصالحهم و اتخذوا من اسمى علاقة تربط الانسان بخالقه و زيفوها و حطموها باسم الدين-املنا فيكم ايها الكتاب الاجلاء لتنبهوا الناس الى مايسوقوهم هؤلاء من ياس و موت