أصداء

عن الأزهر ووزارة الثقافة المصرية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

طه حسين، عميد الأدب العربي، مفند الشعر الجاهلي وناقده، كان أزهريا ً، لكنه ترك العمامة لأصحابها متأففا ً وغادر الجامع. قال بسبب التخلف والجمود في المناهج وفي التدريس. الآن، وبعد ثمانين عاما، ما الذي حلّ بالأزهر؟
أزهري اليوم حاكم مستبّد، عاجز عن التمييز بين ديوان شعر، ورواية!


هذا ماحدث مع كاتب مرموق أنتج قصصا متفوقة في لوعتها ، وفي خيبة أشخاصها، وهي تكشف حالات من القلق الوجودي لأنسان مهزوم. أما أسلوبه، ولغة وخيال التأليف، فعي تأخذ جانباً فرديا ً، جانبا يحفر في عمق خيبة المثقف من عالمه. ذاك ليس سوداويا ً بالمعنى العام، إنما هو طراز من المفارقة : رجل يريد التخلص من حياته بمحاولة العودة إلى بطن أمه! من قصة "المفقود" في مجموعته المتألقة " جغرافية الروح". وإذ يقترب من حيوات أشخاصه، وهم غالباً استعارات منه، وفيهم الشيئ الكثير من سيرته، مزاجه، واستلطافاته، يأخذنا إلى تواريخ من التعاسة، ومسافات بعيدة عن الأماني والرغبات، حيث يظهر الصراع بين الفرد وعالمه بلا معنى، أي بلا أمل"خطوط التماس".


فيما يكتبه يختصر محمود البياتي إحباط جيل من المثقفين العراقيين الذين طشرتهم عواصف السياسة والأحزاب والتخلف الإجتماعي والعسف. كل ذاك ليس سوداويا ً باللغة العامة، إنما بإضاءات للمحتوى الإنساني لنصوصه.
منذ بداياته حين حاز جائزة القصة عن مجلة "المسيرة" التي رأس تحريرها الناقد إبراهيم العريس، ما زال يتمتع بتلك الذائقة الحرة وباللعب بين المسرح والشعر في نص قصصي "الطيور مثلاً " أو اللاتيرنا ماجيكا التي تمزج فنون التمثيل والسينما والغناء على المسرح.


أعود الى الأزهر الذي بقراره منع رواية "رقص على الماء- أحلام وعرة"، قوّمها كديوان شعر! لأنهم وجدوا فيها مقاطع من قصائد غونار إيكيلوف ورشدي العامل والجواهري وسعدي يوسف وعمر بن أبي ربيعة! التخلف يضرب اطنابه.
قبل البياتي منع الأزهر ديوان الشاعر المصري الصديق حلمي سالم "شرفة ليلى مراد"
أين نحن إذا ً من محاكم التفتيش؟


بداوة باسم الدين، جاهلية باسم الله، وتفويض يقرّعون به الناس. أما تابوات الجنس-الدين-السيلسة، فهي التهديد الأكثر فظاظة وعلنية لحرية الكاتب، بل للحرية بالمطلق. إنها ثقافة اليقين الذهني والحسم الفكري بتعبير نصر حامد أبو زيد.
لكن تاريخ الآداب والفنون يظل في تصادم حيوي مع كل تلك اليقينيات، بما يحمله من تساؤلات وتفكير بالمعنى.
ان الرقابة والمنع ظاهرة تتكرر بأبعاد واساليب أكثر شمولية مثل التأليب والتسقيط والتهديد واسقاط الجنسية ثم السجون فالموت، وصورة العراق النموذج.


ذاك عن قرار الأزهر.
فإن لم يكن ذاك غريبا ً على سلطة العمائم، فالغرابة أن يصدر قرار من وزارة الثقافة المصرية بمنع أربعة دواوين شعر:
عبده وازن -حياة معطلة
فاروق يوسف -هواء الوشاية
غسان جواد - ضوء بين حياتين
وزينب عساف - بواب الذاكرة الفظ
تصوروا!
وزارة ثقافة اكبر دولة عربية وأكثرها انتاجا ًللآداب والفنون، ووزير الثقافة فنان!
تصوروا.

جليل حيدر

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف