الشاعر ينسحب في نجمة!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لم أشأ أن أكتبَ رحيل درويش إلاّ إثر لفّته أرضٌ ـ في رحمها المتنازعِ على لحمه منذ شُقّ البحر وارتفعت النبوءة. أرضٌ أجاز مستوطنوها "الجدد" الدم المسفوح من الجليل إلى المبكى، وقايض "قدامهم" المسيحَ بحفنة من ذهب.
حين عبر جسده الشاسع الأجواء الأميركية باتجاه الميعاد الأخير عبقت في رأسي غيمة، واشتدّ عليّ المطر. هو شجر الكلام ينسحب مسجّى في صندوق، يقطع فواصل الجغرافيا باتجاه "عيون ريتا" حيث يرتاح! وهل كان لشاعر أن يستقرّ إلا في رماد الحكاية الأولى وحَبَق المَسرّات؟
قريبا من الأرض، وعاليا في الشعر عاش، وها هو اليوم يقطع المسافة من خيط الحزن الرفيع إلى إسمنت الحائط المرفوع بين الفلسطيني وظلّه، ويسجّل في "مديحه العالي" أن الأسطورة هي أصدق خواتيم الراوي والرواية.
إلى انسحاب درويش المدويّ من موتنا البطيء العاثر قصيدةً قد تليق بذهاب الشعراء:
لا تمطرِ الآنَ أيها السَفَرُ المضرّج بالكآبة
سقطَ منكباكَ في انكسارِ المرايا، ولم تهادِنِ الروحُ العريضة
راحلٌ أنتَ في اندلاعِ الهجيرة.. قاتمٌ أنتَ في انحناءِ البلادْ
البلادُ.. البلادُ.. البلادْ
لا أرصفةُ المدينةِ تمشطُ ضفتَكَ العالية
ولا واجهاتُ التجارة تستقبلُ جرحَكَ العاري
رحلَ المضيءُ في تواترِ المسافة
وانكمشَ الطريقُ من انقلابِ المواسمْ
عراةٌ نحنُ من رشرشاتِ الطفولة
شائعونَ نحن في موتنا اليوميّ
هكذا نشبُّ على الحريقِ الجائحِ حتى النسغْ،
نرمَدُ على شفير السفرْ،
ينهشنا ضبابُ المدنِ الناتئة من جبهتِنا العريضة
البلادُ.. البلادُ.. البلادْ
لم نغادرْكِ سكارى
لكنَّها الريحُ راودتِ الخامدَ منَّا فأربكتْ سريرَ أمِّنا اليابسْ!
لم نُروِّك أيتها الأمُّ من الأخضرِ العابثْ
فحلمُنا تقهقرْ، الشرفةُ زاغتْ، ووترُ القلبِ انقطعْ
لم نختزلْكِ من احتمالِ الموجِ
فنحنُ غرقى.. ولا قشة
لم نرفعْكِ إلى نعشكِ العالي
لأنَ الغائمَ فينا عاقرٌ.. عاقرٌ.. عاقرْ
البلادُ.. البلادْ
يا حجمَ الحقيبةِ من قلبي الأرملْ
يا رجفة الأصابعِ على زناد الطلقة الأخيرة
البلادُ.. البلادْ
يا سِفْراً لن ترتلْهُ حنجرتي الجاحدة
يا قبراً لن يرثَهُ رفاتيَ العاشقْ
مرح البقاعي
التعليقات
لاأحب أن أبكي
عربي -قريباً من الأرض وعالياً في االشعر عاش ويعيش في وجدان أمةكما تقول المبدعة البقاعي, بهذه الرمزية الحيةترى رحيل درويش من واقع عربي مهين عندما يدعو بعض &;الشعراء&; إلى البكاء!,لا ياسادة درويش هو من سلالة الحياة ورحيله ليس كربلائياً بقدر ماهو كرنفلانياً لشعوب يطبق عليها الموت والبكاء,حري بالشاعر الذي يتحسس وجدان شعبه أن يغذي الحزن بالفرح واليأس بالأمل ...أحيي الشاعرة البقاعي على ابداعاتها التي تحرك السكون وتفرك الوجدان وتبث فيهما ترياق الحياة من جديد...رحل درويش فيزيائياً لكنه في عمق الوجدان العربي والإنساني باق قصيدة حياة وأنشودة حب ومحبة...لاأحب أن أبكي ولا أحب كل كلمات النحيب ومدمنيها...درويش سفراً ورواية حب وعشق وإنساناً ووطنا...أحيي الكاتبة التي تبث بحروفها وكلماتهاروح الحياة في أمةتدفع من بعض أمواتهاإلى البكاء واللطم...تحية كبيرة للشاعرة التي تمثل رمزاً للحياة وشمعة مضيئة في ظلامنا الحاضر...وشكراً لموقع إيلاف الذي عودنا على إسهامات المبدعين
جدارية اللوز
جيهان منصور -كم هو عميق الأثر أن ترثي شاعرة رقيقة كمرح البقاعي: عملاق الشعراء ونبي الكلمات محمود درويش، ترثيه بأعز وأغلى ما ملك: بالشعر لغة وفنا ، بالكلمة رمزا ولحنا، سيدتي الدافئة المعاني والرائعة الإحساس : لا مكان للحزن في دنيا الكلمات، فلقد ترك العملاق ورائه اهرامات، حفر في القلوب الاف العبرات وأثر الفراشات! وسافر كما وصفت الى احدى النجمات، هناك حيث القمر في السماء بلا قيود بلا حراس بلا نقاط تفتيش ولا جدران عازلة! هناك هنا وهنا انا وانا هنا وانا انا سيظل وطن درويش ليس حقيبة وحقيبته ليست وطن! يحن وقتما يشاء الى احمد العربي احمد الزعتر وريتا وخبز امه وقهوة امه، فيسجل عروبته وهويته ولن يعتذر عما فعل ابدا فبلاده ستبقى رغم تغيير الملامح و الشوارع اسمها فلسطين، شعبها يستحق الحياة، وسيبقى درويش في نجمته عاليا كزهر اللوز او ابعد عاشق من فلسطين، أوربما كما لخص في "جدارية": أنا وحيد في البياض أنا وحيد/ لا شيء يوجعني على باب القيامة/ لا الزمان ولا العواطف/ لا أحس بخفة الاشياء أو ثقل الهواجس/ لم أجد أحدا لاسأل.. أين "أيني" الان../ أين مدينة الموتى وأين أنا../ فلا عدم هنا في اللا هنا ! تحياتي وتقديري للمبدعة مرح البقاعي.
عاد للأرض القصيد
جهاد صالح -نعم رحل في نجمة يا مرح، ما بينكما منفى ووطن متألم وحلم لا يعرف الجغرافيا، هي الحرية البيضاء كما قلوبكم. محمود كان شاعر لجميع الشعوب والاوطان، كان فلسطينيا وكورديا وامازيغيا وعربيا وانسانا قبل كل شيء.كما جاء للحياة يوما وخرج منفيا عبر الارض ، عاد في قصيدة اسمها الموت الازلي ولكنه بقي خالدا في شعره وفكره الحمائمي.انه كالشمس يغمر عيوننا بضيائه ويطرق قلوبنا ببسمته الشعرية.لنسكن معه الريح كالهة من حروف النار.مرح شعراء وشاعرات الحياة شكرا لانكم اصدقاء لدرويش الذي اوصى ان تستكملوا ونستكمل من بعده سيناريو الشعر ولعبة النرد ببرائة الاطفال ووجع فلسطين والقدس ودمشق وبيروت وكردستان....
محمد عارف
ما أدراك من الراوي! -الشاعرة مرح البقاعي لا تنعي اليوم الشاعر محمود درويش وحسب، بل تنعي شعبا بأكمله في مشهد رسمت، بنكهة مزاجية عالية، مستوحى من قصيدة درويش & ; مديح الظل العالي& ;، ولتسقطه على انقسام الإخوةفيما بينهم، والاحتراب الفلسطيني الدموي حين تقول& ;وها هو اليوم يقطع المسافة من خيط الحزن الرفيع إلى إسمنت الحائط المرفوع بين الفلسطيني وظلّه، ويسجّل في & ;مديحه العالي& ; أن الأسطورة هي أصدق خواتيم الراوي والرواية& ;. إنها تنعي أمة شطبت تاريخها & ;أساطيرُ الراوي& ;.. وما أدراك من الراوي!
ما أدراك من الراوي!
محمد عارف -الشاعرة مرح البقاعي لا تنعي اليوم الشاعر محمود درويش وحسب، بل تنعي شعبا بأكمله في مشهد رسمته، بنكهة مجازية عالية، مستوحى من قصيدة درويش ( مديح الظل العالي)، ولتسقطه على انقسام الإخوة فيما بينهم، والاحتراب الفلسطيني الدموي حين تقول: وها هو اليوم يقطع المسافة من خيط الحزن الرفيع إلى إسمنت الحائط المرفوع بين الفلسطيني وظلّه، ويسجّل في مديحه العالي أن الأسطورة هي أصدق خواتيم الراوي والرواية). إنها تنعي أمة شطبت تاريخهاأساطيرُ الراوي.. وما أدراك من الراوي!
الشاعر لم يمت
عبد الرحيم الوالي -لم أعد أذكر الآن، على وجه التحديد، هل كان ذلك ديوانا من دواوين الشاعر المغربي الكبير محمد الطبال، أم كتابا عن محمد الطبال، أم غير ذلك. كل ما أذكره أنه كتاب قرأته ضمن سلسلة مغربية عنوانه: ;الشاعر لم يمت ;.هذه الجملة كانت أول ما خطر ببالي بعد أن داهمني موت شاعر العرب الأكبر، الراحل محمود درويش.درويش بالنسبة لنا كجيل مغربي عاش معنا و نحن تلاميذ وطلبة في فصول الدراسة. ثم عاش معنا و نحن نتلمس أول خيوط الفعل الثقافي و السياسي في بداية شبابنا، و كانت قصائد درويش تحضر دائما معنا سواء بصوت الشاعر على الأشرطة أو بصوت الفنان العالمي مارسيل خليفة. و في تلك الفترة كان تداول هكذا قصائد و أغاني يعتبر من المحرمات في المغرب و كنا نستمع إليه خلسة و نحتاط من إظهار أشرطة مارسيل خليفة و الشيخ إمام و غيرهما. و رغم كل هذه الظروف جاء محمود درويش إلى المغرب و أحيى أمسية رائعة بقاعة الأفراح بالدار البيضاء في ذلك الوقت. ثم حدث الانفتاح التدريجي في البلاد و ظل درويش مواظبا على حضور معظم المهرجانات و الملتقيات الفنية و الثقافية بالمغرب.اليوم انتقل درويش إلى دار البقاء و لكن ;الشاعر لم يمت ;. و عندما تكتب شاعرة عن موت شاعر، و تختار عمدا أن تؤبنه بقصيدة كتبت بفترة طويلة قبل موته، فتلك إشارة إلى بقاء الشعر وحده مستعصياً على الموت ودعوة إلى النظر إلى ما ترك درويش من تراث شعري و نثري كبير سيجعله حيا دائما.أذكر أن درويش، عندما كان يتبادل رسائله عبر مجلة ;اليوم السابع ، مع الشاعر الكبير سميح القاسم، كتب ذات يوم أن ;الكتابة حرون ; و تسرب خطأ مطبعي إلى الكلمة فتحولت الجملة إلى ;الكتابة حروف ;. وهو ما شكل موضوعا لرسالة أخرى جميلة من سميح القاسم. ورحل عنا درويش، و لكن تظل الكتابة دائما تلك الحرون التي لا يذللها إلا أولو العزم من الكتاب و الشعراء. الكتابة ليست تجميعا للحروف و الجمل كما يتوهم بعض المندسين خلسة في عالم الكتابة. الكتابة، شعرا و نثرا، معناها أن تمارس كينونتك بصيغة أخرى مختلفة تماما عن كينونة الذين يأكلون و يشربون و تتراكم الشحوم حقيقة ومجازاً في أجسادهم من فرط الكسل الفكري و البلادة. هذا الصنف من الناس وحده يموت مع آخر نفس يلفظه. أما الشاعر فهو لم يمت و لن يموت.
تعزية/تحية
موسى اللافي -الأستاذة الشاعرة مرحأتابع دفقك الوجداني الشعري والفكري وأخصص له وقتاً من البحث في الشبكة.أغبطك على النشاط . حين نام عبدالوهاب يوماً وحين علمت بأن درويش نام ، (فأنا أؤمن بأن الأنبياء والموسيقيين والشعراء والأطفال والنساء والأشجار وأنا ينامون ولا يموتون) بكيت بكاء الرحى والرياح والشبابيك. حزنت حزن القصيدة والرسوب والصيام بعيداً عن البيت .عندنا حين يعزي الصاحب صاحبه يقول له(في العزاء واحد).العمر الطويل والقصيد العميق لك ِ. وشعر درويش وصوته وأداؤه الخاص الذي كأنك سمعته وعرفته في حياة سابقة باق ٍ.