أصداء

الموسيقي أحمد الطيب: أوتار عود تحكي حكاية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في إطار الأيام الثقافية الفلسطينية، أحيا كل من الفنان أحمد الخطيب عازف العود، والفنان ناصر سلامة عازف الإيقاع، أمسية موسيقية في المركز الثقافي العربي في مخيم اليرموك.


وقدم خلالها الفنان أحمد الخطيب ضمن برنامج أسماه صدى: مقطوعة حملت عنوان غربة، وأخرى حلت اسم "سفر الخروج"، وثالثة حملت اسم:"صدى"، أما المقطوعة الأخيرة فحملت اسم:"فراتين" " من القدس إلى بغداد".


لقد كتب أحمد الخطيب عبر أوتار عوده، حكاية غريب، تأكله المنافي، وهو ما فتىء يبحث عن سنبلة سلبوها منه، كان يمكن للسنبلة، أن تتناسل على شكل حكايات عاشقة، لكن منجل الحقد، اقتطعها من ساقها، ونثرها للريح، فراحت الريح تحمل صدى الحكاية، يتناثر الصدى من القدس على طبريا ويافا فدمشق، يتفتت الصدى في المنافي، يلملمه عود أحمد الخطيب، ويطلقه لحناً يكتب سفر الخروج.


مع أوتاره نسمع خطى عجوز أعياه المسير، ومع إيقاع ناصر، تتمايل زيتونة عطشى ليد فلاح تحنو عليها، رويداً يتحول الإيقاع إلى زوبعة، بل إلى عاصفة، العاصفة تجرف السهول والبيارات، والعود ينثر رماد السجن على أرواحنا الحبيسة، جرس يرن، فيحملنا الإيقاع إلى سهول لم نعرفها إلا من حكايا الجدات، عود يئن، فنسمع نواح طفلة هناك في غزة تصرخ ملء روحها:" يابا.


ربما نسي الكثيرون اسم الطفلة، فنحن قد دجننا الموت، لكثرة الجنائز، في فلسطين، في العراق، لكني سأذكركم باسمها: هي هدى غالي، استحضرتها مع أنين العود، وضربات المزهر، التي تحاول أن تقول لنا: أفيقوا، فالموت سيل، قادم كالطوفان، ونحن شعب يريد أن يحيا.


في مقطوعته من القدس إلى بغداد، امتدت أمامنا فيافي، كانت فرس جامحة تقطعها، وعلى ظهرها فارس، لا يحتاج إلى إذن عبور، لا يحتاج فيزا، بل تصهل الفرس في القدس، فيرد الصدى صوت صهيلها في بغداد، إلا أن عود أحمد الخطيب لا يتركنا نسرح في التأمل كثيراً، بل يعلن صرخة، يطلق استغاثة، ربما قال العود وا معتصماه، وربما جدل قبة الصخرة بعتبة الحسين، ربما سن سيف علي رضي الله عنه، وربما ترك المدى يلف البراق، ربما وربما، لكن من ذا الذي سوف يوقف الموت العبثي، من ذا الذي سيترك للأهوار وبيارات الزيتون فسحة لتزهر بورد لا يحمل لون الدم.


تباركت أحمد، تباركت ناصر، سامحكما الله، فالجرح ما عاد يحتمل أن ينكأ ثانية، لكنكم بقدر ما تركتم موسيقاكم تنثر الفرح، بقدر ما نزفت جراحنا وهي تسلسل الذاكرة التي لا تتناسل إلى على شكل مسيرة من جنائز.


إذاً هي حكاية فلسطين، حكاية بغداد، حكاية كل عربي، يرويها أحمد بأوتاره، ويجبل اللحن ببعض تمر وزيتون.

نعمة خالد

karmel@scs-net.org

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف