أصداء

إذن أنت حيٌ.. يا كامل

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

قابلته مرتين، الأولى في صنعاء عام 2004، والثانية في أبوظبي عام 2006، وهاتفته في بغداد قبل يومين من استشهاده فقال لي: إن بغداد آمنة بما لا يقاس بالسنوات الماضية، وإن الوضع يمضي إلى الأحسن، وأنا أحد الذين يرون أن الوضع في العراق يسير إلى الأحسن، مهما كان ما يحدث حالياً، وأن التفاؤل قيمة إنسانية لابد من التمسك بها حتى في قلب الجحيم.


كامل شياع عراقي مهاجر، لم يمنعه الاحتلال الأمريكي ولا السيارات المفخخة، ولا الوضع الأمني المتردي في بلده من العودة إلى هذا البلد، لكي يساهم قدر طاقته ومن موقعه الوظيفي في وزارة الثقافة العراقية، في بناء ما يمكن بناءه في العراق المعذب، ليس بالاحتلال فقط ولا بإرهابيي القاعدة والتنظيمات المسلحة على اختلافها، وإنما بأبناءه أيضاً، ومنهم من يعيش في المنافي منتظراً أن ينسحب الأمريكان ويصبح البلد جنة الله في الأرض حتى يعود إليه.


كامل لم ينتظر بل عاد، وهو يعلم يقيناً أنه معرض مثل أي مواطن عراقي آخر للموت غيلة أو غدراً أو اغتيالاً، وللأسف الشديد، فإن الكثير من العراقيين وخاصة من المثقفين والسياسين والمتاجرين بآلام الشعب العراقي، يتجاهلون أن الحل الوحيد هو أن يضع كل عراقي حزنه خلف ظهره، وأن يذهب الجميع لبناء العراق حتى ولو كان ذلك تحت حراب الاحتلال الذي مهما طال الزمن أم قصر فإنه سيرحل ويبقى العراقيون في مواجهة مستقبلهم وأرضهم وبلدهم.


كامل شياع كان يؤمن بالكثير من وجهة النظر هذه، وكان بإمكانه أن يظل في مهجره في بلجيكا، وينظِّر من هناك مع أو ضد الوضع الراهن في العراق، كما يفعل مثقفون وشعراء بعض أسمائهم لامعة إلى درجة الكفر بهم وبأي قيمة وكلام وشعر وتنظير ينطلق من أفواههم، فما من قيمة أرفع من الحفاظ على حياة الإنسان وبث الأمل والتفاؤل في روحه وما من قيمة أرفع من تجاوز الماضي إلى الحاضر وتجاوز الحاضر إلى المستقبل.


قاتلوه أطلقوا عليه الرصاص من مسدس كاتم للصوت، ربما ثأراً أو انتقاماً أو رفضاً للرؤى التي يجسدها كامل شياع والذي قال عنه خبر مصرعه إنه "علماني" وكأن العلمانية سبة أو جريمة أو صفة تتطلب من حاملها أن يخجل منها.


لقد تحاورت مع كامل شياع بما يكفي لكي أصفه بصفة واحدة جامعة مانعة، إنه "عراقي" وليت كل عراقي كان في بصر وبصيرة هذا الرجل الشجاع الذي عاد ليبني في بلده فاغتاله مجهولون لينضم إلى عراقيين آخرين ذهبوا ضحية إصرارهم على المستقبل في بلدهم.
يا كامل، لا تحزن صديقي، لأنك حي في صورة هذا المستقبل الذي لا أشك كما كنت لا تشك أنت أنه آتٍ ليجرف كل هذا السواد الذي يخيم على العراق، وليجرف في طريقه كل عراقي وعربي أيضاً، لم يجد في وضع العراق الراهن ومنذ الاحتلال الأمريكي، إلا فرصة للنواح والصراخ والمقولات الكبيرة التي لا تبني بيتاً ولا تطعم خبزاً ولا تحرر أرضاً.


أتأمل صورتك الآن مبتسماً وأقول لك إذن أنت صورة المستقبل العراقي.. إذن أنت حيٌ.. يا كامل.

إبراهيم المصري

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
صديقي کاکه‌ کامل
آمانج شاکلي -

قرات نباء أستشهاد صديقي ألعزيز کاکه‌ کامل کما کنت أسميها. لقد کان أنسانا صادقا و شجاعا. تعرفت عليه قبل 19 عاما عندما وصلت ألی بلجيکا کلاجیء. رأيته قبل شهرين تقريبا في صباح باکر حين کنت ذاهبا ألی عملي سلمت عليه و قال بانه‌ ذاهب ألی طبيب. کان ذالک آخر مرة ألتقي بصديقي کاکه‌ کامل، ذالک ألانسان ألمتفائل دوما. رحمک ألله يا کاکه‌ کامل

شهيد العراق
ابو احمد -

كل كلمات الفجيعة والألم لاتكفي لرثاء هذا الرجل النبيل والمثقف الرصين ، من اين تصفه ؟ من تواضعه وادبه الجم ام من وطنيته وحبه للعراق ام من تفانيه وسهره ليل نهار من اجل النهوض بوزارة الثقافة ؟ كل من عرفه صدمه خبر اغتياله بعدما كان عائدا من طقسه المحبب :اقتناء الكتب من شارع المتنبي الشهير وسط بغداد غير آبه بالمخاطر متفائلا بالغد ..هو وسائقه فقط بلا حمايات ولا حراس ولو اراد ذلك لكان تحت يده طابور من الحرس وسيارات التمويه لكنه بقي متواضعا مترفعا طيبا ..رحم الله كامل ..وسيبقى حيا في ذاكرة العراقيين جميعا وكل اصدقائه ومحبيه في كل مكان ..اعزيك اخي ابراهيم المصري بفقد كامل ونعزي انفسنا ونحتسب الى الله فيمن اقترف الجريمة .

جنة الله
رعد الحافظ -

رحم الله كامل شياع وكل الذين سقطوا غدرا..وتعازينا الحارة لذويه واصدقاءه ومحبيه..كل محب لبلده يريد العودة يوما خصوصا مع شعورنا بتقدم العمر وقرب المنية..نريد ان نقدم شيء تعلمناه في المهجر لبلدنا او لاهلنا واصدقائنا..الله كريمفقط اشير الى جملة واحدة في مقالة الاخ ابراهيم البصري بعد تقديم التعازي الحارة..وهي.. منتظراً أن ينسحب الأمريكان ويصبح البلد جنة الله في الأرض حتى يعود إليه.فهل انت مؤمن حقا بهذه العبارة يا كاتبنا العزيز ؟؟؟

إلى الأخ رعد الحافظ
إبراهيم المصري -

نعم سيدي مؤمن بهذه العبارة، وإن كنت قد قلتها على سبيل استنكار موقف عراقيين في الخارج ينتظرون إنسحاب قوات الاحتلال حتى يعودوا إلى بلدهم، وعلى أي حال لا أشك لحظة واحدة أن العراق سوف ينجو وأن الاحتلال إلى زوال وأن العراق سيكون بلداً لأبنائه من هم في الداخل أو من هم في الخارج، سينجو العراق ويصبح جنة الله في الأرض.وإن تفضلت راسلني على هذا الإيميل، أريد أن أرسل لك رسالة خاصة.ibrahimaaziz@hotmail.com

رحيل امريكا
نـــ النهري ــزار -

يتصور بعض الحزبيين ان البعثيين سوف يعودون للحكم بمجرد خروج الامريكان من العراق وهذا كما يقول المثل المصري عشم ابليس بالجنة زمن الانقلابات ولى من زمان فالعراق لم يعد كموريتانيا العراق يبنى الان على اسس قوية وديمقراطية حقيقية ستؤتي ثمارها بعد حين