شيوعيو الأطراف ليسوا ماركسيين وليسوا شيوعيين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
نشرت قبل أيام مقالة بعنوان " العدالة الاجتماعية والمساواة ليستا من مفردات الشيوعية " وكان هدفي من الموضوع هو نزع الغطاء عن زيف دعاوى المساواة والعدالة الإجتماعية وقد حلتا محل الإشتراكية في خطاب الشيوعيين المنكفئين من أنصاف الماركسيين. وقد شرحت في المقالة كيف ستنقل الشيوعية الإنسانية جمعاء إلى فجر جديد لعالم جديد لا تعود فيه أية حاجة للحرية وللعدالة وللمساواة وذلك بسبب انعدام نقائضها، انعدام القهر والظلم والتمييز. وهذا من البديهيات في علوم الماركسية.
لشد ما هالني أن يقابل عامة الشيوعيين العرب مثل هذه الأفكار الأولية للماركسية، التي كان يجب أن تكون موضع فخارهم، أن يقابلوها بكل هذا الصخب والاستنكار الشديدين حتى أن أحدهم أرسل إلي رسالة تقول.. " كراهيتك للشيوعية دليل عل أنك صاحب قلم مأجور.. وحاقد بسبب طردك من الحزب الشيوعي ". هؤلاء الشيوعيون إسماً يقبلون بالشيوعية دون دولة ودون نقود لكنهم لا يقبلون بها دون حرية ودون عدالة اجتماعية أو مساواة! لكن لماذا كل هذه الغربة، غربة الشيوعيين عن الفكر الشيوعي، الفكر الماركسي؟ مثل هذا السؤال الكبير هو أهم سؤال تواجهه الحركة الشيوعية اليوم ؛ ومن شأن الإجابة عليه أن تكشف فضيحة مجلجلة في العمل الشيوعي كما تكشف أسباب انهيار المشروع اللينيني.
في ذات المقال كنت أشرت إلى أن الأممية الثالثة، أممية لينين ومشروعه الإشتراكي، كانت، وبحكم ظروف قيامها، قد قسّمت العمل الشيوعي بين الأحزاب الشيوعية في البلدان الصناعية المتقدمة حيث تتوجه نضالاتها إلى تسعير الصراع الطبقي حتى الثورة والاستيلاء على السلطة، واِلأحزاب الشيوعية في البلدان المستعمرة والتابعة حيث تنحصر نضالاتها في التحرر من ربقة الاستعمار وفك الروابط مع سوق الإمبريالية الدولية. الفرق بين عمل الشيوعيين في البلدان الصناعية المتقدمة والشيوعيين في البلدان المتخلفة فرق نوعي كبير يتجلّى في عدد من الحقائق منها..
1. نسيج الحزب الشيوعي في البلدان المتقدمة هو من النسيج البروليتاري، بينما في البلدان المتخلفة هو من نسيج البورجوازية الوضيعة، والبورجوازية الوضيعة تختزن أكبر المثالب بين الطبقات الإجتماعية المعروفة.
2. نضال الشيوعيين في البلدان المتقدمة ينصرف إلى تسعير الصراع الطبقي وما يقتضيه من تزويد البروليتاريا بأدوات الصراع اللازمة. أما شيوعيو البلدان المتخلفة فنضالهم يعتمد على التآخي الطبقي كيما تقبل بهم البورجوازية الوطنية كفصيل من قواها الإحتياطية.
3. هدف الشيوعيين المباشر في البلدان المتقدمة هو الانتقال إلى عبور برزخ الإشتراكية بدءاً بالثورة الإشتراكية، أما في البلدان المتخلفة فالمحطة التالية في طريقهم بعد الاستقلال هي بناء الإقتصاد الوطني وفقاً لشروط البورجوازية التي قادت حركة التحرر الوطني.
4. شيوعيو البلدان المتقدمة هم الذين يقودون العمل الثوري وقد تتواجد خلفهم أطياف من البورجوازية الوضيعة، بينما يتِأخر شيوعيو البلدان المتخلفة إلى الصفوف الخلفية لقلة حيلتهم في التوازي مع البورجوازية الوطنية المسلحة بأدوات للصراع لا يمتلكها الشيوعيون بالطبع.
5. شيوعيو البلدان المتقدمة ينصهرون في بوتقة الصراع الطبقي ليتحول معدنهم بعدئذٍ إلى مناضلين من طراز جديد وقادة أكفاء للبروليتاريا، أما شيوعيو البلدان المتخلفة فسياستهم العامة في التآخي الطبقي مع البورجوازية الوطنية ومع الفلاحين من شأنها أن تعزلهم إلى مؤخرة المعركة الوطنية وتترك الكتب الماركسية على الرفوف.
6. الأحزاب الشيوعية في البلدان الصناعية لها شرعيتها الذاتية الوطنية، الشرعية التي تفتقدها الأحزاب الشيوعية في البلدان المتخلفة والتي تعتمد في مشروعيتها على مشروعية المشروع اللينيني فقط.
الأدب الماركسي هو أدب الصراع الطبقي وإدارة الصراع بنجاح، بينما التآخي الطبقي يزدهر بعيداً عن الفكر الماركسي ولا ينتهي في طريقه إلى العمل الشيوعي. لذلك، وبالنظر إلى الحقائق الستة المشار إليها، يمكن القول أن الشيوعيين في البلدان المتخلفة الأطراف، بلدان محيط الإمبريالية، لم يمارسوا العمل الشيوعي على الإطلاق. بدءوا وطنيين وانتهوا وطنيين بذات الطراز الذي بدءوا به في منتصف القرن العشرين غير أن السياسة الوطنية في منتصف القرن العشرين قد غدت سياسة لاوطنية في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، بل ويمكن وصفها في حالات كثيرة بالخيانة الوطنية.
ليس من شك في أن المشروع اللينيني في انتصار الثورة الاشتراكية العالمية احتاج إلى العمل على تفكيك النظام الرأسمالي ليس في المراكز فقط بل وفي الأطراف أيضاً. لكن العمل في الأطراف لم يتعامل مع النظام الرأسمالي كما هو في البناء الأصيل الذي انتقده ماركس، البناء الذي تخلّقت في غرفه ودهاليزه كل النظرية العلمية الماركسية حتى الجانب الفلسفي منها. ولذا يمكن القول من الناحية العلمية الخالصة أن الأدب السياسي الذي تأدبت به الجماعات " الشيوعية " في بلدان محيط الرأسمالية لا علاقة له بالعلوم الماركسية. قوة الجاذبية التي عرفت للماركسية والتي كانت كافية لتجتذب إلى تيارها جماعات مختلفة من البورجوازية وعلماء كبار لا ينتمون إلى البروليتاريا من مثل انشتاين واوبنهايمر، الملقب بأبي القنبلة الذرية، وزوجته والزوجين جوليوس واثيل روزنبرغ في الولايات المتحدة وفردريك جوليو كوري وروجيه غارودي في فرنسا، قوة الجاذبية المدهشة تلك افتقدها الأدب " الشيوعي " في البلدان المحيطية. قوة الجاذبية التي استخدمتها الأحزاب الشيوعية في البلدان المحيطية إنما هي قوة مستعارة وليست ذاتية أو وطنية. كان ما يجتذب عناصر البورجوازية الوضيعة إلى الأحزاب الشيوعية في البلدان المحيطية هو النجاحات الهائلة التي حققها الحزب الشيوعي السوفياتي وخاصة انتصاره في الحرب العالمية الثانية وتخليص العالم من الوحش النازي ـ وفي هذا المقام يستحق المثل الشعبي القائل.. قرعاء وتتباهي بجدايل بنت خالتها. الأحزاب الشيوعية المحيطية لم تحقق سوى الأفشال كما في إيران وفي أندونيسيا وفي العراق، والانكماش حتى التلاشي بعد انهيار مشروع لينين. أما شيوعيو البلدان الصناعية فكان لهم انتصاراتهم الملموسة في الصراع الطبقي.
كان انضمام جماعات من أطياف البورجوازية الوضيعة للأحزاب الشيوعية في البلدان النامية من أجل تحقيق الهدف الرئيسي وهو الاستقلال وبناء اقتصاد وطني لا يرتبط بمراكز الرأسمالية ؛ ويؤكد اليوم هؤلاء أنهم ما كانوا لينضووا تحت راية الشيوعية لولا أشواقهم للمساواة والعدالة الإجتماعية!! التحليل النهائي والعلمي الدقيق لجملة هذه الأهداف لا يجد الماركسي الحصيف أي هدف منها يتحقق في حالة شيوعية، بل إن الحالة الشيوعية تتناقض تماماً مع هذه الأهداف التي لا يمكن تحقيقها في أي حالة من الحالات حتى بافتراض المجتمع في حالة " الديموقراطية الإشتراكية " المؤسسة على " المساواة والعدالة الإجتماعية " كما يتخيلها مثاليو البورجوازية الوضيعة.
عندما اجتازت البشرية عتبة النظام الرأسمالي وتعرّفت على نمط الإنتاج فيه وأدواته كليّة القدرة، تيقنت أن اقتصاد أي دولة مهما كانت مساحتها وعدد سكانها لا يمكن أن يقوم ويستمر معزولا عن العالم وكيما يكون قابلاً للحياة لا بد أن يرتبط بروابط متعددة مع اقتصادات العالم والسوق الدولية. وتأكد ذلك في البنية الحيوية الخلوية اللازمة للوحدة الرأسمالية، بنية النواة والمحيط، المركز والأطراف ؛ وكذلك في الحروب الدورية اللازمة لإعادة إقتسام المستعمرات. في العام 1916 وجد لينين (الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية) أن ثمانية مراكز رأسمالية إمبريالية تقتسم المعمورة بأكملها كأسواق ومناطق نفوذ لها. كان يستحيل على أي شعب من الشعوب أن يحقق استقلاله في وسط غابة تسيطر عليها هذه الذئاب الإمبريالية الجائعة. لذلك أشار لينين في خطابه لزعماء الشرق المجتمعين في باكو - أذربيجان (1921) إلى أنهم لن يستطيعوا أن يحققوا أياً من طموحات شعوبهم في جميع الأحوال إلا بالاعتماد على الإتحاد السوفياتي ـ وكان العرب قد اختبروا هذه الحقيقة بفشل مشروع البورجوازية الشامية بقيادة الشريف حسين بالتحرر والاستقلال وقيام المملكة المتحدة وانتهائه باتفاقية سان ريمو (1920) التي قسّمت المشرق العربي إلى مناطق نفوذ بين بريطانيا وفرنسا ؛ بل تعذّر تحقيق أي استقلال قبل خروج الإتحاد السوفياتي من الحرب العالمية الثانية كأقوى قوة في الأرض عام 1945. لذلك كانت فترة 1946 - 1972 هي فترة التحرر الوطني الفعلي بفضل وجود الإتحاد السوفياتي القوي كحارس قوي لحركات التحرر.
أهم الدروس التي طرحتها فترة التحرر الوطني هو استحالة الحياد بين المعسكرين. لقد ساهمت قوى التحرر الوطني مساهمة كبرى في تفكيك النظام الرأسمالي الإمبريالي العالمي وهو الهدف النهائي لمشروع لينين الإشتراكي. عبثاً حاول الكثيرون من زعماء قوى التحرر الوطني التعاون الديموقراطي والمخلص مع قوى الغرب الرأسمالي دون أن ينجح أي منهم، وخير مثال على ذلك الزعيم المصري جمال عبد الناصر الذي عزم بتصميم تجاوز كل الحدود، خلال النصف الأول من عمر ثورته 1952 - 1961، إلى التعاون المخلص والأمين مع الغرب الرأسمالي وخاصة الولايات المتحدة بالرغم من العدوان الثلاثي والضغوطات المالية والتجارية التي مارستها الولايات المتحدة ووزير خارجيتها المغرق في السياسات الإمبريالية جون فوستر دالاس. كيف لعاقل أن يفترض أن الغرب الإمبريالي كان سيقابل عبد الناصر بالود والترحاب وهو يفك روابط مصر والبلدان العربية بأسرها مع النظام الرأسمالي الامبريالي العالمي؟! لقد قابل الغرب عبد الناصر بالعدوان الثلاثي عام 1956 وبحرب حزيران بمشاركة فعلية هذه المرة من الولايات المتحدة عام 1967.
خيار الاستقلال التام والتنمية المستقلة لم يكن خياراً حقيقياً ميسوراً أمام زعماء ثورة التحرر الوطني في العالم على الإطلاق. التنمية المتاحة كانت فقط من خلال التعاون مع المعسكر الإشتراكي الذي بحكم طبيعة اقتصاده لا يساعد على التنمية الرأسمالية مثلما كانت تخطط البورجوازية الوطنية. الخيار الآخر لم يكن خياراً على الإطلاق وهو البقاء في ربقة الاستعمار ودون مشروع وطني وانكفاء البورجوازية الوطنية انكفاءً نهائياً والتخلي عن دورها التاريخي في التنمية الوطنية.
ما نود الخلوص إليه مما تقدم هو أن الأسباب الأولية لانضواء أطياف من البورجوازية الوضيعة تحت راية الشيوعية هي أسباب غير واقعية ولا تتحقق وفق ما تفصح عنه، أي الاستقلال التام والاقتصاد المستقل. واليوم وقد أصبح الاستقلال أثراً بعد عين، والاقتصاد المستقل أضغاث أحلام، اليوم فقط، وبعد انهيار المشروع اللينيني حتى الأساس، يعود شيوعيو الأطراف ليتذكروا أنهم ما استجابوا لنداء الأممية الثالثة ومشروعها اللينيني وانضووا تحت راية الشيوعية إلا لأشواقهم الحرّى للمساواة وللعدالة الإجتماعية!! ليس لدينا أي شك في صدق أشواق هؤلاء الشيوعيين الطرفيين والحجة في ذلك هي أن هؤلاء " الشيوعيين " لم يكونوا ولن يكونوا يوماً شيوعيين. فالشيوعية تتحقق فقط بعد عبور الثورة الإشتراكية التي تقوم بها البروليتاريا تحديداً. البروليتاريا لا تثور من أجل المساواة والعدالة الإجتماعية بل الأحرى أنها تثور ضد المساواة وضد العدالة الإجتماعية. تثور البروليتاريا لتحطم سائر الطبقات الأخرى من خلال تحطيم وسائل إنتاجها وليس لتتساوى مع الطبقات الأخرى. الطبقة الرأسمالية كانت قد سبقت طبقة البروليتاريا في تحطيم الطبقات الأخرى مثل طبقة البورجوازية الوضيعة الممثلة بصناعات المانيفاكتورة وطبقة الفلاحين. البروليتاريا لن تتعامل بوحشية مع الطبقات الأخرى كما تعاملت الطبقة الرأسمالية حيث ستتكفل بأسباب الحياة لكل أفراد المجتمع. في الحياة الشيوعية تنمو فقط وسيلة واحدة للإنتاج هي الإنتاج من خلال التعاون الطوعي الجماعي، أو ما يعبّر عنه ب (الإنتاج المجتمعي - Associated Production). في العبور الإشتراكي إلى الشيوعية تلغي دولة دكتاتورية البروليتاريا كل الطبقات بما في ذلك طبقتها هي نفسها.
عندما دفعت أفكار العدالة الإجتماعية والمساواة أعداداً من البورجوازية الوضيعة إلى الإنضواء تحت راية الشيوعية لم يرد في تفكير هؤلاء أن البروليتاريا ستشكل دولتها الدكتاتورية حال قيام الثورة من أجل تطهير المجتمع من نجاسات المجتمعات الطبقية (muck) وأول تلك النجاسات وسائل الإنتاج البورجوازية والتي تعتمدها البورجوازية الوضيعة. ولم يرد في تفكيرهم أيضاً أن تلك الدولة الدكتاتورية ستنحل وتتلاشى بعد الإنتهاء من عبور برزخ الإشتراكية الفاصل بين عالم الرأسمالية وعالم الشيوعية. لم يرد في تفكيرهم كل هذا وذلك لأنهم ليسوا ماركسيين بداية وليسوا شيوعيين، ومن هنا تراهم اليوم يتنكرون لدكتاتورية البروليتاريا التي اعتبرها كارل ماركس الأداة الوحيدة للثورة الإشتراكية مؤكداً في نقده لبرنامج غوتا أن لا ثورة اشتراكية بدون دولة دكتاتورية البروليتاريا.
من السخافة بمكان أن يفترض شيوعيو البورجوازية الوضيعة في الأطراف قيام العدل والمساواة في المجتمع الشيوعي. فلكي يقوم العدل والمساواة في المجتمع لا بد من أن يتواجد هناك معايير ثابتة لهاتين الحالتين، كما لا بد من أن تتواجد القوانين المتعلقة بحدودهما المرعيّة وأن تكون هناك دولة ذات سلطة قادرة على تنفيذ القوانين. في الشيوعية ليس هناك من معايير للعدالة أو للمساواة وليس هناك من قوانين تحددهما وليس هناك من دولة أو سلطة مكلفة بتنفيذ القوانين. لا شيء من كل هذا فكيف سيؤتى بالعدالة والمساواة لهؤلاء القوم من البورجوازية الوضيعة غير الشيوعية؟
في الشيوعية يتساوى الأفراد ويتعادلون اجتماعياً عند درجة الصفر فقط. فالفرد الذي يستهلك مثلاً خمسة قمصان سنوياً يتساوى ويتعادل مع الآخر الذي يستهلك ثلاثة فقط. حيث يغيب قانون القيمة الرأسمالية غياباً تاماً في الحياة الشيوعية وبذلك تتساوى القمصان الخمسة مع الثلاثة لأن كل طرف من الطرفين يساوي صفراً. أولئك الذين استولت على عقولهم مصفوفات القيم والحقوق البورجوازية لن يصدقوا أبداً أن مختلف الحاجيات في الحياة الشيوعية ستغدو بلا قيمة رأسمالية على الإطلاق، لكنهم سيغيرون قناعاتهم بعد أن يتأكدوا من أن كافة أفراد المجتمع الشيوعي القادرين على العمل سيبكّرون كل صباح إلى أعمالهم طوعاً ودون أية أجور ؛ فالعمل هو وحده ما يحقق الذات الإنسانية، الذات التي امتهانها بتحويلها إلى نقود، أو مقارنتها بالذوات الأخرى، يعتبر جريمة بحق الإنسانية.
ما أبعد شيوعيي الأطراف عن الشيوعية وعن الماركسية!!
فـؤاد النمري
www.geocities.com/fuadnimri01
التعليقات
بين الأطراف والمركز
عبد الباسط البيك -يزيد الرفيق النمري قناعتنا و إيماننا في كل مقال جديد له ينشر على إيلاف بأن الله كان لطيفا بالعالم حينما إنهار النظام الشيوعي في الهاوية متفككا من الداخل و الخارج و الأمام و الخلف يسحق من حاول الخروج عن المنطق و العقل , و أشرك الأوهام بمصير حاضره و مستقبله , فصار الى ما صار إليه . الرفيق النمري إستعار إصطلاح المركز و الأطراف من رفيقه السابق بالماركسية اللينينية الدكتور سمير أمين الإقتصادي المعروف الذي إرتد الى الواقع بعدما عرف الحقائق و خرج من الطوباية التي إتخذها فكرا و عقيدة في مرحلة سابقة من أيام شبابه .. من أهم الإشكاليات التنظيرية عند الرفيق النمري الإعتقاد بأن ما يصلح و يصح بموسكو هو بالضرورة و الإلتزام يصح في كل مكان و زمان , و عدم الإعتقاد بغير ذلك يكون هرطقة و إنحرافا ممن يؤمن بذلك . الرفيق النمري وجه كل عواطفه و جوارحه بإتجاه قبلة إيمان و تعبد واحدة لا يجوز أن يتم إنتقادها أو مخالفتها لأنها هي الأصلح و الأدق و الأفضل للبشرية . إن دليلنا على ما نقول هو سرده لما يسميه بالحقائق الستة التي يقارن فيها وضع الشيوعيين في بلدان المركز مع رفاقهم المناضلين الشيوعيين في بلدان الأطراف . لن ندخل في جدال , و لكننا نقول للناسك الماركسي النمري بأن السياسي مهما كانت عقيدته و أفكاره لا بد له أن ينطلق بفكره و سلوكه من الأسس التي بني عليها مجتمعه , و لا يستطيع أن يخرج عن ذلك الإطار , لأن عمله سيكون بلا جدوى مع أشخاص لا يماثلونه في الفكر و المنطلق . و هنا يكمن مقتل الفكرة الشيوعية في كل مجتمع . ما يراه المناضل الشيوعي لا يحقق و لا يتناسب مع ما تريده الأمة , فهو يسعى الى تحقيق ما يتناسب مع ما تريده موسكو و ترغب بتحقيقه . من ..... المثير أن يقول الرفيق النمري أن حركة التحرير بدأت بعد ظهور الإتحاد السوفياتي , و بذلك يتجاهل نضال الشعوب ضد الإستعمار و الأحتلال الغربي لعدد من الأمم . لقد عرفنا كيف تم بناء المنظومة الأشتراكية في عهد القائد الرحيم ستالين بعد الحرب العالمية الثانية , و مرحى للجيش الأحمر السوفياتي الذي كان هو المحرك للبروليتاريا في تلك الدول لتزور إرادة أمم و شعوب غصبا و عنوة . و لو إكتفى الرفيق النمري عند هذا الحد لهان الأمر و لكنه يقذف معظم حركات التحرر في آسيا و أفريقيا حتى تلك التي كانت تنتمي الى اليسار الشيوعي بتهمة شيوعيي الأطراف , و معظم تل
أصول النقد
سعد -الشرط الأولي للنقد أن يخلو من مشاعر الكراهية وبغير ذلك يكون لتّاً
ليه كده يا سعد ؟؟؟
عبد البا سط البيك -ما هكذا تورد الإبل يا سعد ..و أعلم بأن قبل اللت حصل خلط و عجن ..فلذلك أنت ترى الثاني و تهمل الأول و كأنك من أنصاره .. هذا إذا كنت تقصد ردودي على الرفيق النمري ...لا حقد بل هو ما نراه ماثل أمامنا من حقائق ...سقط الحقد و الغل من قلوب المنتصرين و إنمسحت آثار الآلام التي تركتها الشيوعية في نفوسنا بعد أن ذقنا من مراراتها الكثير . باتت مهمتنا مقصورة على منع تكرار تلك الأيام العصيبة التي كانت هماو غما على قلوب شعوب و أمم . و قد أثخنتم أجسامنا جراحا و صبرنا على البلاء الى أن أتى الله بالشفاء و عجل بالفرج , و سقطت راية الظلم و البطش و إنهارت مؤسساته سلميا دون حرب بعد أن ذابت مؤسسات الإرهاب كما يذوب الملح بالماء ..و الرجاء أن لا تتحدثوا عن النقد البناء و النقد الهدام , فقد عرفناكم لما كنتم و سلطة الامر و النهي بأيديكم ...و شاهدنا أريحيتكم و سعة صدركم أمام خصومكم , و الأرشيفات الكثيرة في أركان عديدة من بقاع العالم تشهد عليكم .إخلعوا أسمال الحملان التي تختفون بها من على أجسادكم لنرى تحتها هيئة الذئاب المتعطشة لشرب الدماء بدون إحترام للنفس البشرية و لأرواح الأبرياء الذين أزهقتم أرواحهم أثناء مرحلة جنون بناء دكتاتورية البروليتارية .
مقال رائع!!
مغترب -أشكر الرفيق فؤاد على هذه المقالة التي شرحت لي الكثير من الامور الغير مفهومة و خاصة لماذا تتحالف الاحزاب الشيوعية العربية مع قوى اخرى هي بالغالب برجوازية صغيرة (وضيعة). و اتمنى ان يكثر في وصف ماهية الحياة في المجتمع الشيوعي كون العديد من الناس لا يملكون ادنى فكرة عن الحياة اليومية في ظل ذلك المجتمع.و للأسف البعض هنا يقرأ دون أن يقرأ فعليا او يفهم ما كتب و هذه مشكلة العرب.اما بالنسبة للبطش و العنف, اعتقد ان الاميركان هم من يبطش بالاخرين و ليس الاتحاد السوفييتي الذي كان يساعد الشعوب الفقيرة طوال الوقت.و بالنسبة لي, انا اعيش علاقات الانتاج الرأسمالية (او ما بعد الرأسمالية) و اعرف من تجربتي انه لن اعرف الحرية الا ضمن مجتمع شيوعي.و دمتم.
تأمل جيدا يا مغترب
عبد البا سط البيك -أنصح كاتب التعليق رقم 4 أن يقرأ كيف تحالفت الأحزاب الشيوعية في كل دول أوربه الشرقية بعد الحرب العالمية الثانية , العهد الذهبي للرفيق القائد ستالين مع أحزاب بورجوازية و ملاكي الأراضي و فئات أخرى تمهيدا للقفز على سدة الحكم بشكل تدريجي و منهجي تم تطبيقه في هنغاريا و رومانيا و بلغاريا و بولندا و تشيكوسلوفاكيا. و كانت الأوامر حول هذا التكتيك تصل من موسكو لزعماء الأحزاب الشيوعية , و جميعها كان يستأثر بوزارتي العدل و الداخلية في التحالفات الوزارية , و لم يكن يسألون عن وزارة الدفاع لأن الجيش الأحمر السوفياتي يقف الى جانبهم و يمدهم بالدعم و التأييد . إذن لماذا لا يذكر لنا الرفيق النمري شئيا عن تلك التحالفات التي يرى فيها إنحرافا و زيغا عن أبسط المفاهيم الماركسية ..؟ هل وصلت تلك الأحزاب نتيجة الصراع الطبقي الذي يطبل و يزمر له الرفيق النمري ...؟؟ نحن قادرون على تفنيد ما يقوله الماركسيون نقطة بنقطة و حرفا بحرف لأننا نستند إلى وقائع محسوسة و ملموسة و ليست أسطرا في كتب بالية لا تساوي قيمة الحبر الذي طبعت به . عش أين ما شئت يا مغترب و إحلم كيفما رغبت , لكن تذكر الأحداث كما هي و تأملها جيدا كي تصل الى ما تصبو إليه نفسك و و عساك تعرف الراحة في دنياك , و العاقبة للمتقين .
مثالية
رعد الحافظ -من اجل هذا كنا دائما نقول ان النظرية الماركسية التي تدعو في نهاية الامر الى الشيوعية ..لا يمكن تطبيقها عمليا فهي ستبقى ضمن الافكار المثالية والنتيجة ما نراه اليوم..اي تركها وعدم تطبيقها على الارض ..لان ما فهمته من كلامك ان اي تطبيق للنظرية سيؤدي الى خلق ووجود نظام البروليتاريا الدكتاتوري الذي من المفروض ان يكون مرحلة نحو الشيوعية..طيب كيف ومن سيرضى بذلك ؟؟
إلى سعد
شكري -ليت سائر المثقفين يتعظون بحكمتك ! جميعهم يمتلكون خناجر تحت أرديتهم الخادعة وفي أي فرصة سانحة يغتال المثقف أخاه المثقف ـ هل قال ماركس بصراع المثقفين؟
الى رعد الحافظ
مغترب -لا يوجد شيء اسمه نظام البروليتاريا الدكتاتوريذ بل ديكتاتورية البروليتاريا, يعني بالعربي قيام الطبقة العاملة بالسيطرة على مقاليد الحكم و انهاء استغلال الانسان للانسان. هذا أولا و ثانيا عدم نطبيق النظرية على الارض كان نتيجة انقلاب البرجوازية الوضيعة و الطفيلية على الحزب الشيوعي السوفييتي مما ادى تدريجيا الى ابتعاد المجتمع عن النهج الاشتراكي و كان سقوط المنظومة الاشتراكية تحصيل حاصل كون الصراع الطبقي لم ينته.
الى عبد الباسط
مغترب -انا لم افهم ما المشكلة؟ ان الاحزاب الشيوعية في البلدان الاوروبية كانت تمهد للسيطرة على الحكم؟؟هذه وظيفتها من الاساس: بعد احتدام الصراع الطبقي بين الطبقة العاملة (او افضل تسميتهم بالعبيد الجدد) و بين مصاصي الدماء يتوجب على الحزب الشيوعي قيادة الجموع الفقيرة و الاستيلاء على السلطة اما بثورة شعبية و اما بانقلاب و اقامة دكتاتورية البروليتاريا و انهاء تقسيم المجتمع الى طبقات فقيرة و غنية و من ثم الانتقال رويدا الى المجتمع الشيوعي. هذه هي الوظيفة الاساسية للاحزاب الشيوعية في البلدان المتطورة. و بالنسبة للتحالفات, الحرب العالمية الثانية اجبرت ستالين على اتخاذ العديد من القرارت الاضطرارية لحماية ملايين الارواح التي دمرتها وحوش الراسمالية. و لست بحاجة لدكتوراة لكي افهم ان العولمة هي محاولة يائسة من الرأسمالية العالمية لتصدير الازمات و تأجيل الانهيار. و لست بحاجة الى الكثير من الذكاء لافهم ان الحرب الاميركية على العراق كانت لتحريك المجمع العسكري الصناعي في اميركا و لوضع اليد على النفط العراقي و هي كلها امور شرحها العبقري كارل ماركس اثناء وصفه لتحركات و سلوك رأس المال, الحمدلله كتبه لا تسوى الحبر على الورق لكي استطيع شرائها انا و غيري ممن يريدون الفهم. بالمناسبة, انا يكفيني ان المجتمع الشيوعي سيؤمن لي و لاولادي طبابة مجانية, تعليم مجاني, حق العمل متى شئت, عدم استغلالي من الصباح و حتى المساء.
ديموقراطيه الشعب
التقدمى -لقد انهار التحلف القومى الليبرالى بسبب قفز البرجوازيه المقنعه المتمثله بطبقه ضباط الجيش ابناء عائلات تمتلك مساحات صغيره من الارض فى محاوله منهم للأستيلاء على مساحات شاسعه لتعويض عقده النقض التى عانوا منها زمن الاقطاع. هذه الفئه سخرت قوى الشعب العامل لأهدافها الخبيثه وسيطرت على مقدلرات الوطن تحت حلم التقدم لفئات الشعب المطحونه. كان من الاكلرم ترك الدوله لعائلات الاقطاع لأنها كانت قادره على بناء اقتصاد قوى يدعم مطالب الشعب. ان اجهض الحلم الاشتراكى تم على ايد نفس الطبقه التى شعرت بأنها كانت خادمه للقطاع وحاولت سرقتهم وما التوريث الا امتداد لهذا المسلسل. عائلات متواضعه عانت من عقده النقص تسرق الوطن.
إلى البيك
سعد -يقول البيك أنه ذاق من مرارة الشيوعية الكثير !! عجبي !! أنا أعلم علم اليقين أن الإتحاد السوفياتي كان سيدخل في حرب نووية عالمية دفاعاً عن سوريا حال انهيار الجبهة السورية أما إسرائيل في حرب أكتوبر المجيدة . البيك عربي سوري أم إسرائيلي ذاق مرارة التهديد الشيوعي ؟!!
هات الدليل يا رفيق
عبد البا سط البيك -أوهام الشيوعيين لا حد لها يا سعد ...من أين أتيت بكذبة إستعداد الإتحاد السوفياتي بالدخول بحرب نووية في حرب العاشر من رمضان المجيدة إذا إنهارت الجبهة السورية ..؟ أما زلتم تحاولون الضحك على عقول الجماهير يا رفيق سعد ..؟ هات دليلا واحدا حقيقيا و موثقا و ليس مثل أدلة الرفيق النمري المأخوذة من أسطر كتب لأفكار وهمية خيالية حتى نشكر الرفاق السوفيات على أن موسكو كانت ستضحي من أجل سورية و تدخل بحرب نووية دفاعا عنها ..يا رفاق كفوا عن أكل و شرب الأوهام و الكذب و الدجل , و أصحوا من مخدرات أفيون الدراويش و المساكين التي لا تساوي الا قيمة الدعاية الشيوعية الرخيصة في سوق النخاسة الفكرية عند بقايا شلة الماركسيين ...نعم لقد ذقنا مرارة الشيوعية و ليست هذه المرارة تخص بلدا معينا و لكنها كانت مرارة و ظلما و عسفا و إرهابا شمل الإنسانية بأكملها يا رفيق .
الى البيك
مغترب -الدليل هو تهديد رئيس الوزراء السوفييتي بضرب تل ابيب و احتلال اسرائيل اذا اسرائيل لم توقف تقدمها على الجبهة السورية و كانت سفن الاسطول السوفييتي قد بدأت الدخول الى البحر المتوسط (اقرا الجرائد). عفوا يعني بس الظاهر انو حضرتك ترفض السماع و المناقشة و عندك فقط فكرة واحدة عن الظلم و القمع الخياليين تقوم بترديدها باستمرار. انت غير مستعد لتقبل اي دليل و هنا المشكلة في عقم النقاش. انا الشيوعيون لم يقمعوني ولا بأي شكل على عكس الانظمة الرأسمالية و توابعها.
أعتذر إذا ...
عبد البا سط البيك -إلى المغترب ثانية ...فأعود الى الأرشيق الدولي لحرب العاشر من رمضان المجيدة رغم أن ذاكرتي ممتازة و لله الحمد .و إذا وجدت ما تقوله في أي صحيفة محترمة بأن الإتحاد السوفياتي هدد بالتدخل حسب السيناريو الذي ستقوله فإنني سأعترف لك بخطئي عن طيب خاطر ..المناقشة معي ليست عقيمة على الإطلاق و حججي كلها موثقة و مؤكدة حياديا و ليست من تراث الحرب الباردة كما تدعي أنت و بعض الرفاق و أنا أتحداكم أن تثبتوا للعالم بأن الشيوعية نظرية ممكنةالتطبيق. نحن لا نتغاضى عن الجريمة بغض النظر عمن إرتكبها و لو كان منا ,و الرأسمالية لها عيوبها و سلبياتها و لكنها الأكثر تكيفا مع الواقع , و تسعى لإصلاح النتائج و المؤثرات السلبية بآلية ديناميكية تعجز عن مجاراتها الديماغوجية الشيوعية حبيسة القوالب الجاهزة
خطاب الرئيس الأسد
عبد البا سط البيك -يا سيد مغترب الذي يزعم بأن الإتحاد السوفياتي هدد بالتدخل بضرب إسرائيل إذا لم تتوقف عن تقدمها على الجبهة السورية في حرب رمضان المجيدة ...أرجو منك الإطلاع على خطاب الرئيس حافظ الأسد بتاريخ24/10/1973 الذي يوضح موقف موسكو بشكل صريح لا لبث فيه . لا أريد أن أعلق على خطاب رئيس الدولة التي يهمها جدا مزاعمك و أوهامك التي لا مكان لها الا في أبواق بقايا الدعاية الشيوعية التي تفرك مواقف و قصص خرافية . عموما هات لي أي مرجع محترم يؤيد قولك الوهمي و أنا جاهز لفحصه و تمحيصه ..و هناك كلام أكثر من ذلك سوف أوفره لإستخدامه في ردودي ضد بقايا الشيوعية من مثقفينا العرب .