أصداء

صبرا وشاتيلا الذاكرة التي تطاردك

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

فألقينا بباب الصبر آلافا من القتلى،
وآلافا من الجرحى،
وآلافا من الأسرى،
وهدّ الحمل رحم الصبر حتى لم يطق صبرا،
فأنجب صبرنا صبرا (احمد مطر)!


صبرا وشاتيلا، أثقل على البصر رؤيتها، كونها جريمة، أثقل من الجريمة نفسها. فهي المجزرة التي حدثت وصورت وقائعها في 16/9/1982، لكنها "حدثت فعلياً" في عام 1948 حين قضى العالم الجديد، عالم حقوق الإنسان والتحرر، شطب شعبٍ من الوجود يُتهم بالإرهاب لأنه صرخ دامعاً: هذا بيتي آوي إليه ليلا، وهذه خبزتي تسد رمق جوعي!


عُدّوا "إرهابيين" تنبذهم المدن والعواصم، يقيمون بالمخيات/المقابر، في شريط محاذي لفلسطين أمست "أندلس"اً أخرى، ترك أهلها آخر دموعهم على أعتاب دويلات جديدة، لملوك الطوائف الجدد.
أصبحوا لاجئين ثقيلي الظل، تعاني منهم الكآبة والضجر والموت، حملاً ثقيلا!


في لبنان قارعوا الموت، وضارعوا أنفاق الضياع، مصارعين مع كلّ يوم حتى ينقضي، فيبدأ النزال الجديد مع الزمن البطئ، مع بزوغ أشعة شمس أرهبُ من حبال الإعدام النازلة!
هكذا تشتت الفلسطينييون، متمسكين بأرداء الفوت وهم ينزفون!


لم يعد بصر العالم يطيقهم، وهم بعد على أطلال وطنهم المسلوب، ينشدون الحزن ويذرفون الدموع، خائضين صراعاً يردهم سلفاً ويخذلهم كلفا، لنقصٍ في إستيفاء الشروط. فلا وزنهم وزن اليهود، ولا دعمهم دعم اليهود، ولا سلاحهم سلاح اليهود وكذا الشرط في الأعقاب.
وهكذا أمسى الفلسطيني اللاعب الخاسر الذي يكرهه الجمهور، ومن دون شفقة!

صبرا وشاتيلا، هي تلك البقعة التي شاهدتها كثيراً في لبنان، بعد ثلاثة عشر عاماً من حدوث الجريمة، وهي بعد تحتفظ بملامح المذبحة، وأحزانها الخالدة!


هناك حيث كان الفلسطينييون، أندلسيون، أكراداً جدداً في هذا الشرق التعيس، أبى الزمن العضوض إلا أن يذبحهم من جديد، فكان ما لا يمكن حدوثه عقلاً وضميراً ووجداناً، فحدث المستحيل! ولكن أين هو ضمير ووجدان هذا العالم الخاوي؟!
جريمة السادس عشر من سبتمبر (لم تُعرف بجريمة سبتمبر في التقويم العالمي!) أعدم فيها حوالي ثلاثة آلاف إنسان (أطفال، نساء منهن الحوامل، شيوخ وشباب) على طريقة إعدام جماعي في يوم مشهود!


في ذلك اليوم قُتل الأطفال في أحضان أمهاتهم وهم يبكون. أفراد أسَرٍ تطايرت بالرصاص أمخاخهم وهم يفطرون.
أصْطُفّتْ مذبحة صبرا وشاتيلا كرقم جديد، للمذابح التي أرتكبت ضد الشعوب المسلمة في التأريخ: مذابح أندلس، مذابح الجزائر، مذابح شمال وشرق كُردستان، مذبحة دير ياسين ولاحقاً مذابح البوسنة والهرسك والشيشان وكشمير، وحلبجة والأنفال في جنوب كُردستان.


وهكذا وبعد شروع القرن العشرين، بدأت المآسي تتوالى على شعوبنا. كيانات مزيفة جديدة، وبرؤوس مزورة مستعارة، فتكت بالشعوب والأبرياء!


الأكراد والفلسطينييون، ذاقوا أمرّ المرارات في التقسيمات الجديدة، في خلال الحربين العالميتين. فالأكراد قسّمت بلادهم، وشُطبت هويتهم، وعوقبوا على التمسك بها في دولٍ عاملتهم بالحديد والنار والموت. والفلسطينييون شُطب وطنهم، وأصبحوا لاجئين أو شعب إحتياط في الوجود العالمي!


وفي الزمن الجديد، أصبح نصيب هاذين الشعبين، حصد المذابح والدموع والأحزان.
الفلسطينييون حصدوا مذابح رهيبة في دير ياسين، قنطورة، الجليل، صبرا وشاتيلا ومذابح أخرى.
والأكراد حصدوا مذابح جماعية رهيبة على يد أنظمة الدول الأربعة في تركيا، إيران، العراق وسوريا.
ومن أشهر هذه المذابح كانت مذابح آمد، وان، شنو، مهاباد، سنه، عامودا. لكن جريمة الأنفال وجريمة حلبجة أصبحتا عنواناً ورمزاً لمظلومية الإنسان الكُردي.

وفي العلن تحديّاً، وفي السرّ ما أمكن، تحالفت هذه الدول والأنظمة في ما بينها عسكرياً وسياسياً لكبت وضرب كلّ حركة تقاوم هذا الظلم. إسرائيل تحالفت مع تركيا وقبلها عبر أميركا مع إيران الشاه. أما الدول الأربعة المذكورة، فتحالفت إلّا مع الله!!

الشيخ سعيد بيران علّق على المشانق عام 1926 في آمد، وكذلك القاضي محمد عام 1946 في مهاباد، والشيخ أحمد ياسين (المقعد الذي بالكاد كان يقدر على لفظ الصوت) عام 2004 في قطاع غزة.


ومنذ بداية القرن العشرين وحتى نهايته، وإلى اليوم إستمرت سلسلة المذابح والإعدامات، والفتك بالشعبين بلا هواده.
والأكبر من هذه الكوارث والمآسي، هو تلك القيادات السيئة التي أهدرت ثمار نضال الشعبين، وأصابت سمعتهما عبر سلطة منقسمة على نفسها، فاسدة شريرة: في كُردستان الإتحاد الوطني والحزب الديموقراطي (الكُردستانيين)، وفي فلسطين حركة فتح وحركة حماس (الفلسطينيتين)!


وفي الفضاء العام أمسى المثقفون في عالمنا المنكوب، تتزين تواشيحهم بمذابح غيرهم. فـ "عزة!" نفوسهم وتكبرهم على قومهم أنسياهم مذابح شرقهم، فتسابقت دموعهم دموع السيد الكبير، ولاءً له أكثر مما يوالي هو نفسه، ودموعاً على ضحاياه أكثر ما يذرف هو عليهن!


فصبرا وشاتيلا التي وقعت في شهر سبتمبر، لم تذكر إلا بخجل! وجريمة حلبجة أمست كما أنها لم تكن!
والسبتمبر الأميركي أصبح مهيمناً، كأنها هي الجريمة، التي لم تأت قبلها وبعدها أي جريمة على الإطلاق!
إن الحادي عشر، من دون شك، جريمة بشعة لا إنسانية ومتوحشة، أرتكبت ضد بني الإنسان. لكن ماذا عن صبرا وشاتيلا التي أرتكبت في شهر سبتمبر أيضاً؟! لماذا لا تتحول إلى رمز عالمي؟!


لماذا لا يذكر الناس إيّاها مع جريمة البرج العالمي للتجارة؟! على الأقل حتي يعرف الناس أننا نحن المسلمون، نحن الشرقييون، ضحايا الإرهاب قبل غيرنا!


لماذا يمر شهر آذار كل عام، والعالم الإنساني لا يذكر جريمة حلبجة؟! حتى إذا تجولنا في عواصم العالم بملامحنا الشرقية، أن "لا" يبكونا، ولكن أن لا يحدقوا فينا وكأننا وحوش ذو أنياب!


إنهما جريمتان أرتكبتا ضد شعبين مسكينين في (العالم الثالث: لاحظ التصنيف!)
وكذلك فإن الجريمة الأولى أرتكبت تحت إشراف (رمز) "ديموقراطي وتحرري" (آرييل شارون)!
والثانية أرتكبت بأسلحة غربية (أوروبية ـ أميركية وروسية)، أثناء الوئام مع نظام دكتاتوري أفل!
وليس من مصلحة العالم المعاصر تشويه صورته، باستقدام أفعال الشناعة، التي ارتكبها ضد شعوب مغلوبة!
وإذا كانت النغمة هكذا، فأجمل لحن للكتابة والخطابة هو اللحن السائد، شرط عالميته!
ولتذهب صبرا وشاتيلا وحلبجة و المذابح الآخرى (إلى الجحيم)!

علي سيريني

alisirini1@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
عنوانان لعملة واحدة!
ريبوار مصطفى -

تحياتي لإيلاف الغراء.. حلبجة وصبرا، عنوانان غريبان لعملة رخيصة مريبة من بين العملات العالمية المتداولة في الايدي المتجرة! وهما اكبر سلع لتنشيط عجلة الأجياب!! واستثمار حركة البطون!! تلك إذاً هي كرّة خاسرة ودوّامة حاسرة وتجارة لن تبور!! وستستمر هذه العجلة العاجلة والبهلوانيات التي تقوم بها ابطال الصداقة العالمية على المسرح الإنكلوميركي أو بالأحرى (بيروشن) في أرض الميتة الإحساس المهجورة الإفلاس تقام مهرجانتها السّنوية النِسْوية النرجسية! على رأسٍ كلّ قِممٍ بل قُمَمٍ مملوء بالحِمم! ومخدوع بالنعم بل النِقم!! تُسقى المهرجانات بماء صديد مهين في تينك الأرضيْن المهدورتين المغدورتين المقهورتين!!! عاش يراع الحق....

اليهود
resha koye -

اليهود خرجوا من مأساة فرضوا احترامهم على العالم بعلمهم لا بإرهابهم، بعملهم لا بزعيقهم البشرية مدينة بمعظم اكتشافات وعلوم القرن التاسع عشر والقرن العشرين لعلماء اليهود.

تـسـاؤلات بـريـئـة
أحـمـد بـسـمـار -

أنا لا أفهم حتى اليوم لماذا إذا قتل أي عبري في العالم, ولو بحادث سيارة, يصرخ إعلام العالم كله يا لهول الجريمة الإرهابية, وعندما تفجر القنابل الإسرائيلية آلاف الأطفال الفلسطينيين, يعتبر خطأ عابرا, يمحى باعتذار عابر, دون أية إدانة ولو عابرة في ندوة الأمم المتحضرة, أتساءل لماذا؟ وألف مرة لماذا؟ يا ترى هل لأننا نذبح ونقتل ونسحل من بعضنا البعض عشرات المرات كل يوم أكثر ما يقتل منا محترفو جيوش العم ســام أو قتلة الموساد والشين بيت؟ أو لأننا من ستين سنة حتى اليوم لم تقنع قصائدنا وأغانينا وتهديداتنا وتصريحاتنا بأننا أفضل أمة عند الله وإننا بسيفه سوف نستعيد فلسطين والأندلس ونستعيد انطاكية والإسكندرون ونفتح بمجاهدينا ومفجرينا أوروبا ونؤسلمها من جديد عن طريق بواتييه (POITIER)أتساءل وأتساءل لماذا كلما خسرنا معركة أمام التاريخ, نقتتل ونمزق بعضنا البعض, أكثر مما قتل منا العدو. ومن ثم نعطيه هدية مع ضحايانا وقبول تشريدنا ملايين وملايين براميل البترول, مقبلين يديه لأنه يقبل بترولنا, ونرجوه أن ينسى صبرا وشاتيلا وغيرها ومناظر جثث أطفالنا الذين ماتوا وهم يلعبون برشق الحجارة.باسم أمواتنا ومشردينا أتساءل اليوم, لماذا لم نتطور حتى هذه الساعة و بعد هذه السنين الطويلة من تجاربنا المريرة؟ لماذا نبقى غارقين في عتمات الجهل والغيبيات وانتظار الحلول لمآسينا من السماء... لماذا نكتفي بالنق والبكاء والندب على أمواتنا وخلود ماضينا, بدلا من الانتفاضة, كما انتفضت بقية الشعوب بعد انكسارات فادحة كألمانيا واليابان بعد حرب 1939 ــ 1945 وعادت إلى قمة الأمم حضارة وصناعة وعلما بعد سنوات قليلة؟ أو أن جيناتناتحمل ميزات الخذل والنق والجمود والانكسار؟؟؟ّ!!!أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الله الواسعة

brothers!
qami$lol -

اتذكر انه كان معلقاً على احد الجدران في بيتنا صورة تعرب عن صبرة و شاتيلا و لكن التطرف في تعامل العربان مع الكرد ادى الى اذالتها من بيتنا و بلتأكيد من الكثير من البيوت.

Nice atricle
Kurdistani -

Even if 99% of Arabs hated Kurds still i will respect the 1% who defended kurds and because of them will forgive the 99%.

to.nr.5
welat -

How can you forgive who occupie your country and use Genocide against your people. I think this is the mistake of our kurdish nation,because they forgive the others soon wihtout any questions. The blood of our victims is not cheap to forget everything. No.mr.kurdistani: The others should pay for their crimes against our people and we have the right to live free like any other nation. I respect who defend our rights and we will defend them too if they need our help but we will never forgive the criminals and those who stand against our freedom. God born us free and why should we give away this right for others sick.

يدعو لأندلس ...
mohd amin -

صاحبنا ريشا كويresha koye ( الرد رقم2) ينطبق عليه قول الشاعر محمود درويش يدعو لأندلس إن حوصرت حلب...يا أستاذ الحديث عن مجازر هي الابشع في العصر الحديث وانت تتحدث لنا عن انجازات اسرائيل .هل الانجازات الاميركية الكبرى في كل المجالات تبرر لها ضرب اليابان بالقنبلة النووية ؟ وهل التقدم التكنولوجي لألمانيا مبرر لقتل ملايين اليهود في الهولوكوست, وهل غطرسة القوة والدعاوي العروبية لصدام مبرر لجرائمه ضد الاكراد والكويتيين ؟؟ مبروك عليك وعلى كل العرب وغير العرب من المتصهينين ,اعجابكم بالدولة الصهيونية ولكن لكل مقال مقام يا سيد koye ?

أين مضالم الكرد
ابو سمير -

مرى أخرى مرحبأ وأشكركم أخي كنت أتمنا أن آرى مرتأ واحده أن يتحدث بعض المعلقين عن مضالم الكرد بشيئ من الموضوعية تراهم على الأغلب ينحازون إلى جانب الأنضمة التي تقمع الكرد

just drop
Rizgar Khoshnaw -

Sabra Shatila just a drop in ocean if you compare what arabs have done to Kurdistan

فلسطين وكوردستان
كوردستانى -

صبرا وشاتيلاالعربية , قامشلو وحلبجةالكردية,رموزجرائم بحق الشعوب المضطهدةرد فعل المحتل للمقاومة ,اما الصهيونية والعروبيةرموز للاحتلال والاضطهادوالهدف مشترك هو مسح الفلسطينين والاكرادوسرقة كل شىء .