أصداء

متى و كيف يكون النقد بناءً

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

اقرأ بين الحين والأخر مقالات متنوعة لكتاب عراقيين فمنهم من يحتل الصدارة من بين حملة الشهادات العليا ومن مختلف الاختصاصات ومنهم المخضرم والذي عمل في مجال الاعلام لفترة طويلة ومنهم سياسيون وحزبيون وغير ذلك من المهن حيث يمثلون شريحة النخب المثقفة ويعتبرون اعلاميين حين تذيل مقالاتهم باسماءهم الصريحة، وانا كواحد من هؤلاء لا استثني نفسي من كل ما يحدث لأني مشترك معهم في عمل واحد الا وهو الكتابة وابداء الرأي، ولأني كذلك فساستخدم حقي في نقد بعض من {سياسات القادة} والذين يتصدرون واجهة العمل القومي سواء ممن هم اعضاء في الحكومة المركزية او حكومة اقليم كردستان، كما ساستخدم حقي ايضا للدفاع عن البعض من الكتاب الأكاديميين والإعلاميين وغيرهم حيث اعتبرهم الشموع التي تنير دربهم، وان ما يهمني ليس اولئك الذين يتبادلون النقد ووجهات النظر فيما بينهم حول أمر ما، انما ما يهمني ما يوجه ضد القادة شخصيا، فالأنترنت مساحة مجانية ومن الممكن لأي منا ان ينشر ما يشاء وضد من يشاء، واذا استثنينا من يراقب كتاباتنا فان الضمير سيكون هو المراقب الأفضل، ان الخروج عن اداب النقد وطرقه واسلوب طرحه لا يأتي اعتباطا انما وحسب رأي فانه يعتمد على مستوى خلفيات المنتقدين والمستهدفين الثقافية والاجتماعية وعلى السواء، وايضا فانه يتحدد وفق اهمية الشخصية او الموضوع الذي يتمحور حوله النقد، وفي كل الأحوال يجب ان يكون النقد بناءًا لا هداماً، ان مستوى الكتابة والدقة في اختيار الكلمة التي توصل الفكرة الى المقابل عملية ليست بالسهلة حيث تعتمد على عوامل كثيرة من اهمها الوعي الثقافي والتحلي بالصبر والتواضع والديمقراطية، ومهما يكن فان النقد يجب ان يتصف بواقع الحال الآني وليس نبش الماضي بكل سلبياته كما يحلو للبعض طرقه، لأن الذي يبغي تحقيق البناء عليه بالحاضر وبالمستقبل وهما المهمين، ان الذي يهمني ويقلقني هو الغلو والتوسع في انتقاد الأخر وخاصة الذي يحتل مكانا حزبيا او روحيا متميزا في المجتمع والصاق التهم به وكيفما اتفق، مثل هكذا نقد قد يثير المستهدفين مما قد يجبرهم للرد باكثر عنفا وشدة وعند ذاك تحث الفوضى فتؤدي الى التصادم، ولا يفوتني هنا ان اشير بان الأخوة الذين ينشرون انتقاداتهم لا يستطيعون نشرها في مواقع المستهدفين ليطلع الجميع على فحواها لأن لكل حزب او تجمع او توجه معين خطوط حمراء تحيط بموقعه لا تسمح بنشر كل ما يرد اليه، {حتى مقالتي البسيطة هذه قد لا تنشر في بعض المواقع المعينة لا سامح الله }، ولذلك فاني ارى بان بعضنا ما زال بعيدا كل الابعد عن الديمقراطية وحرية الرأي، كما ان الذين يوجهون النقد الشخصي او الجزئي اذكرهم باهمية الإبتعاد عن الأفق الضيق لأن قضية { المجتمع العام هي المهم والأهم }، والعراق اليوم بحاجة ماسة الى توجيه اقلامنا الى نقد الحكومة وكل مؤسساتها التي تفشى في اروقتها الفساد ناهيك عما مورس في عهدها من اقتتال طائفي وتهجير قسري طال شعبنا وما يزال، اوليس الأجدر بنا التحاور الهادئ مع من هم في موقع المسؤولية من ابناء شعبنا للبحث عن اسباب تدهورنا وهجرتنا، اننا قوم مرشح للإنقراض حيث اراه يتناقص طرديا مع انتشار الكراهية بسبب الإنتقادات الشخصية او الفئوية، اننا بحاجة الى خطاب يحمي المتبقي من شعبنا على ارضنا التأريخية العراق لأننا اقلية بين الحيتان.

في الفترة الأخيرة تعرض الكثير من الكتاب بين مؤيد وعارض لبعض من تصريحات ولي امرنا كما يقولون وسوف اختار بعض القادة ممن يحتلون مواقع مسؤولة من ابناء شعبنا من الذين شملتهم بعض هذه الكتابات، ولا ابغي من ذلك التمييز او التفريق او الميل لجهة عن الأخرى حيث اني ارى ان العراق ارضا وشعبا هو المستهدف الأول وهو الذي يستحق ان نقف معه في محنته، ولذلك اتمنى التوجه نحو كشف الذين يريدون سوءا بعراقنا لأن نجاح العراق وسلامته هي نجاح شعبنا وسلامته، وانطلاقا من مبدء حرية التعبير وابداء الرأي ومن الشعور بالمسؤولية اتجاه القارئين من ابناء شعبنا والذين وجب علينا حماية افكارهم والحرص على ايصال ما هو صادق وحقيقي الى مسامعهم، حيث ان غالبية الكتاب وابرز القادة المستهدفين بالنسبة لنا اخوة وتربطنا بهم رابطة الدم والدين والتأريخ والوطن بل واكثر ولا يمكن ان نفرط بواحد منهم لأنهم مخلصون وان غالبيتهم حريصون على مصالح شعبنا ولذلك فاني من دعاة الحوار والنقد الايجابي البناء، وان التجريح او التشهير او الصاق التهم جزافا دون الاستناد على وثائق رسمية وحقيقية وقانونية وغير مزورة، فانه اسلوب مصلحي غير لائق.


بعض من الكتاب وصف بعضاً من سياسيينا ضمنيا بالعمالة والخيانة والضحالة السياسية، وان اردت ان اكون حقيقيا ومحايدا فساخاطب هذا الكاتب او ذاك عن من خوله لكي يجري فحص الدم لأبناء شعبنا الأبي ليلصق تهمة العميل على هذا ويتهم ذاك على انه خائن او مأجور، اليس الحاضر والمستقبل الزاهر تصنعه الشعوب، ام اننا سلمنا امرنا للقدر الذي فُرض علينا من ظالم غريب.

ان كلمة عميل كما توصف هو كلّ شخص يُنفّذ ما يقوله له أعداء وطنه او شعبه، وهذا وصف بسيط لمعنى العميل من الناحية السياسية، وهناك اكثر من معنى فخائن الشعب ايضا يوصف بالعميل، وإذا توسّعنا قليلاً في فهم هذا الوصف سنصل الى أنّ وصف العميل يعني..كل شخص يفشي أسرار مجموعة يعمل فيها، إلى مجموعة مناوئة لها حيث تستخدمه لقاء بدل مادي أو معنوي، والعميل ايضا هو كل شخص ينقل معلومات زوّدته بها المجموعة التي تستخدمه لنشرها ضمن المجموعة التي ينتمي إليها، من أجل تضليلها أو توريطها أو ترهيبها أو إرباكها.. وكما اعتقد بان الذين يوصفون بعض من قادتنا بالعملاء فهم غير دقيقون، فلا يوجد عميل بين قادتنا ولكن هناك مصالح شخصية وعندما تفضل المصلحة الشخصية على المصلحة العامة عندها يعتقد بعضنا انها العمالة!


وهنا اقول اليس الابتعاد عنها هو الأسلم، ان الكشف عن عميل او خائن ليس بالسهولة التي يتصورها بعض من كتابنا، ان ساحتنا السياسية بعد الحرب الغير شرعية على العراق اظهرت لنا العشرات بل المئات من الأحزاب ومن رجال السياسة ومن مختلف { الأديان والقوميات } ولا اغالي ان قلت ان غالبيتهم ليسوا كفوئين ولا جديرون بقيادة شعب العراق، وابسط مثال هو الحكومات التي وافقت عليها اميركا لحكم العراق وهم ينفذون اجندتها دون النظر الى مصلحة المجتمع العراق ومصالحه!، حتى ان البعض من سياسيينا وقادتنا هم ليسوا بمستوى قضيتنا التي ناضل من اجلها الأقدمون امثال المالك خوشابا او المار شمعون وآخرين، فهل يوصف الحاليون القائمون على ادارة شؤون العراق بالعملاء.

فلو اخذنا الأستاذ يوناذم كنة كمثال، فبالرغم من اني لست من مؤديه في الحالة العراقية وغير راض عن صورته وهو يشارك في حكومة ميليشياتها طائفية تعيثوا في الأرض فسادا وجريمة، وبالرغم من اني اطلعت على بعض من ماض الحركة الديمقراطية الأشورية التي يترأسها، وقرأت ايضا الكثير عما حدث في داخل تنظيماتها من سلبيات واستقالات قام بها بعض من اعضاءها رفضا لسياسة الحركة، وبالرغم من كل ما اشيع ويشاع عنها من السلبيات وآخرها ما كتبه الأستاذ جميل روفائيل، فاننا يجب ان نقف عند ماضي هذا الشاب الأشوري منذ بداية العمل النضالي حيث وقف ضد الدكتاتورية وضد العنصرية من اجل حقوق شعبه، وان غالبية ابناء شعبنا على دراية بما عاناه من ملاحقة واستفزاز، حتى ان بعض من كتابات رفاقه الذين غادروا الحركة فيما بعد شهدوا بقوة عزيمته وتضحياته، ولا اخفي سرا بانه قد يكون هناك اخفاق او تلكأ ما في ظرف معين فالعمل السياسي النضالي محكوم بالظروف المحيطة بالمناضل وبالقضية، ولا يمكن اعتبار اي تباطئ او تأخر في العمل التنظيمي على انه خيانة او عمالة، فالعمل شاق وخطير خاصة في الظروف الحالية، ولذلك فاني اعتقد ان النقد الشخصي قد لا يؤدي الى نتيجة مرجوة لخدمة الأمة ككل، انما يجب ان نصب جل اهتمامنا بنقد المواقف او التحركات او التآلفات لهذا القائد او ذلك ولهذا الحزب او ذاك، وكمثال على ذلك...فاني لم اقرأ لأي كاتب يوجه نقدا ليوناذم كنة وهو ممثل المسيحيين في مجلس النواب عندما احرقت كنائسنا السبعة في الدورة وعندما قتل العشرات من ابناء شعبنا وخاصة رموزنا الدينية كالمطران رحو والأب رغيد في الموصل وغيرهم وعندما قامت بعض الميليشيات باستهداف مساكن شعبنا وارغامهم على اعتناق الاسلام او دفع الجزية او مغادرة الدار!، الم يكن الأجدر بكتابنا الأفاضل انتقاد الأستاذ يوناذم كنة ومن يعمل معه لعدم قيامهم بالرد السريع على تلك الافعال وتقديم استقالتهم فورا من مجلس النواب احتجاجا على تلك المجازر، لقد ضربت لكم هذا المثل لأثبت لكم بان الذي ينتقد يوناذم اليوم كان يجب عليه ان ينتقده منذ ان احرقت كنائسنا، وقد يكون لذلك النقد تنبيها له لتنفيذ مطالب شعبه، هكذا يأخذ النقد مداه البناء وهكذا تتحقق شرعيته الأخلاقية، اما اللجوء الى النقد الشخصي لبعض التصريحات فقد تخرج عن هدفها وهي في غالبيتها لا تمثل رأيا شعبياً.

اما فيما يخص الأستاذ سركيس آغاجان فان لدي بعض الملاحظات البسيطة والتي لا مجال حاليا لذكرها حيث كم كنت اتمنى لو كان قد اقدم على تأسيس حزبا او تجمعا شعبيا قوميا يضم كل اطياف شعبنا من الأساتذة والعلماء ومن مختلف الشرائح، فلو كان قد تحقق ذلك لكان المشهد غير الذي نراه اليوم، كما ان في اعتقاد الكثيرين من مثقفي شعبنا يعتقدون بانه يعمل وفق اجندة الغير، وهذا قد يفقده شيئا من شعبيته على المدى الطويل، لكني ومن باب الوفاء والمصداقية فاني لم ارى قائدا يقف هذه الوقفة مع ابناء ملته خاصة في هذه المحنة التي ألمّت بشعبه بعد الحرب التي دمرت العراق ومزقت نسيج شعبه ومن ضمنه الشعب المسيحي، ان الرعاية التي يحظى بها ابناء شعبنا الهاربين من الموت واللاجئين الى الأماكن التي يسودها الأمان وتحت حماية الحكومة الكردية ومن خلال رعاية الأستاذ سركيس آغاجان حيث وقف هذا الرجل وما زال معهم يقدم كل ما يحتاجونه من مأكل وملبس وسكن، وانه يسعى الى تحقيق حقوق ابناء شعبه من خلال مطالبته بالحكم الذاتي الذي ما زال الجدل قائما حول الجهة المانحة وشرعيتها الدستورية او التأريخية، اما بخصوص الأعمال والإعمار التي يقوم بها فانها رائعة وتساهم في خدمة ابناء شعبنا من المعوزين والمهجرين، وما يشاع ضده من شكوك حول تحالفاته فاني اعتقد بانها لا تخدم مستقبل شعبنا في العراق وخاصة في مناطق تواجده، ثم اريد ان اقول..مالعيب اذا ما علمنا بان الأستاذ سركيس آغاجان هو صديق لعائلة الأستاذ مسعود البرزاني الم يكن من اهلنا الكثيرين ممن عملوا مع القيادات العربية والكردية، وما هي الغرابة من ان يكون الأستاذ سركيس عضوا في الحزب الديمقراطي الكردستاني اين الخطأ الم يعمل العديد من ابناء شعبنا بل ومن قادتنا ايضا مع حزب البعث والحزب الشيوعي وغيرهم بل وحتى مع الاحزاب الكردية في ازمنة مختلفة، انا لا اعتقد ان ذلك فرصة يستغلها البعض لاعتبار ذلك عمالة او خيانة، ولذلك ان كنا صادقين ومخلصين لقضية شعبنا فعلينا انتقاد سياسته ومواقفه التي يعتقد بانها تسير في الإتجاه الخطأ فقد يكون ذلك مدخلا لإنضاج ما يصبو اليه الأستاذ سركيس، ولا اعتقد بان قائدا محنكا وديمقراطيا مثل يوناذم او سركيس او سركون او نمرود او افرام او غيرهم لا يقبل النقد خاصة فيما يتعلق بمواقفه او تحركاته السياسية، وكما قلت باني كنت اتمنى ان ارى الأستاذ سركيس آجان وقد استقل بتأسيس حزب او تجمع جديد يجمع كل اطياف شعبنا ذو التوجهات الدينية والقومية، ولا اعتقد بان ذلك من الممنوعات التي لا يرغب بها القادة الكرد. ان هذا النوع من النقد هو المطلوب وليس الاستهداف الشخصي الذي ينعكس على مستقبل ثقافة الأجيال.

اما بخصوص الدكتور سركون داديشو هذا الأشوري العنيد والحريص على حقوق شعبه والذي سخر كل امكانياته في خدمة الأمة الأشورية، ترى من منا لا يذكر الفضائية الأشورية بخير، من منا لا يقف معها ولا يدعمها، انها منبر لن ينساها التأريخ، ترى هل يحق لأحد ان يوصف الدكتور سركون بالمصلحي وبالمتاجر بالقضية الأشورية، انا لا اعتقد ان ذلك واقع حال ونقدا شفافا، كما ان طبائع واخلاق شعبنا لا تسمح بمثل هكذا تآويل، انه يقدم لشعبنا اروع ما موجود على هذه الأرض الا وهو الحفاظ على ديننا ولغتنا وتأريخنا وحظارتنا، ان الدكتور سركون مثالا للأشوري المضحي الذي يجب على الجميع احترام ما يؤديه، انه الرمز الذي يمثل قوة شعبنا في التصدي للظلم والدكتاتورية، انه يدعم قضايا شعبنا ويدافع عن وجودنا وتاريخنا في المحافل الدولية، لكن المأخذ الوحيد الذي سجلته ضده هو عدم توسيع دائرة الفضائية الأشورية لتشمل بقية اطياف شعبنا، كنت اتمنى ان يستضيف بقية الأطياف كالكلدان او السريان لتشارك هي الأخرى باداء رأيها خاصة فيما يتعلق بالتسمية او بالقضايا الروحية، وهذا نقد امارسه من خلال ما اتيح لي من مساحة شرعية للنقد البناء.

اتمنى ان اكون قد وفقت في نقل الحقيقة واثارة روح المحبة والتسامح وفسح المجال امام الأقلام النزيهة للتعبير عن خواطرها وهواجسها، كما اني وعندما امتدح الجميع لأني على ثقة بان اخلاق وطبائع شعبنا لا تسمح بغير عناوين الألفة والتعاون، ان الخلافات الحزبية فيما بين القادة الذين ذكرتهم في اعلاه او اخرين غيرهم، لا نريدها ان تنتقل الى الوسط النظيف لأبناء شعبنا وعلى اختلاف انتماءاتهم الدينية والقومية، ان الاخلاص والوفاء والنزاهة والأمانة والصدق وحب الوطن العراق صفات يتميز بها شعبنا عن بقية الشعوب في المنطقة، ان الحوار الهادئ والشفافية وقبول كل الآراء والتواضع والاعتذار عندما يكون ذلك ضروريا هو الطريق الصحيح لترسيخ مفهوم الديمقراطية في حياتنا العملية..والله من وراء القصد... وعاش العراق.

ادورد ميرزا
استاذ جامعي مستقل

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
Great Article
Iraqi/Kurdi -

..مالعيب اذا ما علمنا بان الأستاذ سركيس آغاجان هو صديق لعائلة الأستاذ مسعود البرزاني الم يكن من اهلنا الكثيرين ممن عملوا مع القيادات العربية والكردية، وما هي الغرابة من ان يكون الأستاذ سركيس عضوا في الحزب الديمقراطي الكردستاني اين الخطأ الم يعمل العديد من ابناء شعبنا بل ومن قادتنا ايضا مع حزب البعث والحزب الشيوعي وغيرهم