أصداء

المصالحة أمر حياتي، أما الانتخابات فشأن آخر

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

"ليكن معلوماً أن المصالحة ليست مرتبطة بالتحالفات الانتخابية، فيمكن أن نتصالح مع بعض الأفرقاء، ولكن لا نكون حلفاء معهم في الانتخابات. وحتي لو كانت المصالحة قبل الانتخابات،لا يربطن أحداً بين الأمرين،المصالحة تستهدف المسار السياسي العام والانتخابات لها شكلها. نحن لنا تحالفاتنا والآخرون لهم تحالفاتهم، وبالتالي هذه التحالفات مبنية على أسس متينة لا على مصالحة لم يمض عليها أشهر قبل الانتخابات".


كلام عالي النبرة، جاء على لسان نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، قابله كلام توضيحي من قبل رئيس تيار المستقبل الشيخ سعد الحريري إذ قال ولكن بلهجة ألطف وأهدأ:" بأننا نجري المصالحات في البلد لأن فيها مصلحة وطنية لتجنب الاحداث والتقاتل والفوضى والفلتان الأمني" وأضاف "إن الحوار والمصالحات لن تغير من ثوابتنا الأساسية التي بدأناها منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري وسنكملها بإذن الله مع أكثرية اللبنانيين." كلام واضح وصريح ومفهوم أيضاً. وحتى لا يخلطن أحداً بين المصالحات والانتخابات المزمع قيامها بعد ستة أشهر، كان لا بد من التوضيحات التي جاءت على لسان الفريقين. لذا اقتضي التوضيح والتصويب.

وإذا كان من الضروري أن تحصل اللقاءات، ومبادرات التقارب، لا بد وأن تحصل أيضاً على هذا الاساس، أي على قاعدة الوضوح في الموقف والرؤيا من قبل فريقي 8 و14 أذآر، حتى لا يقوم الحوار على مواقف ضبابية تؤدي مستقبلاً إلى مغالطات وخلافات واحتكاكات جديدة، وحتى لا تكثر الاقاويل وتتعدد التأويلات التي غالباً ما تؤدي إلى أماكن ليست واردة أصلا في ذهن ونوايا المتحاورين.


وعندما يقول الشيخ نعيم قاسم بأن المصالحة هي أمر والانتخابات هي أمر مختلف وأنه لا مجال للخلط بينهما، لا بد من التسليم بأنه أمر طبيعي أن لا يتم المزج بين المفهومين، كون الديمقراطية تقضي بعدم الالتقاء على تزكية لوائح ائتلافية موحدة للفريقين المتنافسين على الساحة السياسية. وبديهي أن تكون الانتخابات أمراً مختلفاً عن مبادرات المصالحة بين الزعماء والمسؤولين، كون الانتخابات هي عمليمة ديمقراطية، من المفترض أن لا تعني المسؤول أو الزعيم بقدر ما تعني المواطن. وقد يكون من باب التعدي على حقوق هذا المواطن أو من باب الالتفاف على هذه الحقوق، اعتماد لوائح إئتلافية في الانتخابات، تزيد من عيوب وشواءب القانون الانتخابي الحالي، من ناحية تأكيدها على المحادل والبوسطات والتي يشرعها قانون الستين، والتي تغيب حق المواطن في حرية الاختيار بين لوائح متعددة ومتكافئة، وتوجهه حكماً باتجاه لائحة جاهزة ومعلبة. إن الانتخابات هي حق مكتسب للمواطنين ويجب المحافظة عليه من قبل المسؤولين بشكل يؤمن القدر الاكبر من الاستقلالية وعدم تحوير أو الضعط على رأي المواطن بأي شكل من الاشكال.


أما المصالحات فهي تهدف أولاً وآخراً لوأد الفتنة، التي ليست لمصلحة أيا من الفرقاء. فلا حزب الله يربح منها لأن قيامها يعمل على تأكيد الاتهامات لسلاحه بأنه موجه للداخل، ولا تيار المستقبل ينوي زج البلد ولا محازبيه في آتون تقاتل عبثي لا طائلة منه ولا فائدة. وإذا كانت الايادي الخارجية تسعى دائما لشق الصفوف، ولزرع التقاتل بين الاخوة في الطائفة الواحدة، وفي الوطن الواحد، لحسابات إقليمية لا تعني اللبنانيين عموماً، لا بد من التلاقي والتحاور لايجاد أفضل السبل لتطويق هذه التدخلات، ولقطع دابرها، ووأدها في المهد.


إن نجاح المساعي الوفاقية الخيرة في منطقة طرابلس، وفي المناطق البقاعية حيث بؤر التوتر، هي خير دليل على النوايا المتلاقية عند اللبنانيين عموماً، وخير مؤشر لامكانية نجاحها في بيروت. لذا قد يكون من المتوقع أن يتوج لقاء الشيخ سعد الحريري وأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، بمصالحة على مستوى الشارع البيروتي حيث جروح أحداث 7/8 أيار الماضي ما زالت ماثلة ومؤلمة، وبحاجة لدملها نهائياً من قبل المسؤولين المباشرين عن هذا الشارع. أن من حقوق المواطن الاساسية حق العيش بأمان، وحقه على دولته بتأمين الأمن له قبل أي شأن آخر. لذا لا يجب التخوف من المصالحات وعدم اعتبارها تراجع أو انكفاء أو استسلام من فريق أمام فريق آخر، فالكل يبقى على ثوابته وتحالفاته ومواقفه السياسية، ونظرته الذاتية لمستقبل البلاد، ولتكن الانتخابات الحد الفاصل والمرجح لاحدى النظرتين للبنان الغد، والمفصل الاساسي الذي يعزز الممارسة الديمقراطية الصحيحة، ويحقق طموحات المواطنين الفعلية، وينتج الاكثرية القادرة على الذهاب بالوطن إلى بر الأمان. هذا في حال تمت ضمن أجواء سلمية وهادئة، وبعيداً عن اجواء الترهيب والترغيب، وبغياب تدخل السلاح، أو مجرد التهويل به عن طريق التلميح باستعماله في حال جاءت النتائج لغير مصلحة أحد الفرقاء.


كلام قد يكون طوباوياً إلى حد ما في ظل تواجد السلاح في أيدي فريق دون الآخر من اللبنانيين، وفي ظل بقاء هذا السلاح إلى حين الانتخابات. ولكن لا بد من التوصل إلى اتفاق حول هذا الموضوع، والحوارات المنتظرة بين الشيخ سعد الحريري وأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، لا بد وأن ينتج عنها مواقف وفاقية، تؤمن عدم تدخل سلاح حزب الله على الساحة الداخلية، حتى تتم الانتخابات بأجواء الارتياح والطمأنينة. فالعنف ليس لمصلحة أي من الفريقين، أما وقد ُجربت الوسائل العنفية بهدف لي الاذرع والهيمنة ولم تفلح، ولم ينتج عنها سوى المزيد من الضحايا البريئة من الطرفين.

مهى عون
كاتبة لبنانية
e.mail:mahaleb@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف