أصداء

تكميم أفواه العلـماء!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

يقول أحدهم: "العلم بحر فلماذا لا ينشغل علمائنا بما هو أهم بدلاً من مواضيع ميكي ماوس!".. ويقول الأخر: "لماذا يهتم العلماء بالجزئيات وينشغلوا عن الكليات!".. وهذان القولان وغيرهما تتردد على ألسنة كثير من الناس حتى إذا سمع أحدهم أو سمعت إحداهن عالماً يطرق باباً من الأبواب أو يتكلم في حاجات الناس ألجموه بهذه العبارات وقصفوه بها وكأن لسان أحوالهم يقول للعلماء: "هذه مناطق نفوذكم ومجال تحركاتكم فلا تقربوا ما ليس لكم!!".. وينسى هؤلاء أنّ العلماء مؤتمنون على طرق أحوال الناس والإجابة على تساؤلاتهم وشرح مسائلهم صغيرة كانت أم كبيرة، إذ لا مجال لتصريف المسائل الصغيرة والتركيز فقط على تلك المسائل الكبيرة التي يقصدها أولئك القوم!!.

وجدلاً، لو افترضنا صحة الأقوال التي تُحرّم على العلماء طرق المسائل الصغرى والتركيز على المسائل الكبرى والأهم!!، فما هو الضابط لهذه المسألة؟.. بمعنى ماهي حدود المسائل الصغرى وتلك المسائل الكبرى؟.. وما هي ضوابط هذا التصنيف وأسسه حتى يفهمها العلماء ويلتزموا بها، وحتى نفهمها نحن عامة الناس فلا نُشغل أوقات العلماء بطرقها أو بذكرها احتراماً لمشاعر تلك النخبة من المعترضين والمُتحفظين؟.. وهل يمكن تصنيف نجاسة الفأرة على أنها من المسائل الصغرى والصلاة على أنها من المسائل الكبرى؟.. نظرياً وعملياً نعم فلا مجال للمقارنة بين المسألتين، فالصلاة عماد الدين ومن دونها لا تقبل بقية الأعمال.. ولكن مهلاً.. ومن يفي بحاجات الناس حين يسألون عن نجاسة الفأر؟.. وما هي الجمعية أو الجمعيات - المحلية أو الأممية - التي يمكن توجيه الناس لها للتعامل مع المسائل الصغرى؟.. إننا حينما نلتزم هذا المنهج فكأننا نُخاطب أيضاً الأطباء ونقول لهم لا تهتموا بتلك الأمراض الصغيرة والتافهة فأوقاتكم أثمن منها، وعليكم بأمراض القلب والسرطان والكلى وغيرها والتي تأتي في مرتبة أعلى وأجلّ!!.


لا مجال للتهميش في المسائل الشرعية - كما هي المسائل الطبية - وحين نسأل عالماً من العلماء عن مسألة شرعية صغيرة كانت أم كبيرة فلا مجال لهذا العالم إلاّ التعامل معها والإجابة عليها لأنها تتناسب وأخلاقيات العالم الذي يملك العلم الشرعي ويوضحه للناس للتسهيل عليهم في أمور دينهم ودنياهم.. وحينما يرفض عالم من التعامل مع هذه النوعية من المسائل التي نحسبها صغيرة أو تافهة فإنه في منزلة الطبيب الذي يرفض التعامل مع الأنفلونزا أو الكحة أو غيرهما من الأمراض البسيطة!!..

يجب أن نُدرك أنّ الناس يتفاوتون في حاجاتهم وفي همومهم وأمزجتهم.. فهناك من يسأل عن أحكام الصلاة وشروطها، وهناك من يهتم بالكسب الحلال ومجالاته، وهناك من يسأل عن نجاسة الكلب والخنزير، ورابع يستفسر عن شروط المسح على الخفين.. وهكذا هي الفتاوى.. إنها تُلامس حاجات الناس اليومية وتتلمس مشاكلهم وتتعامل معها بغض النظر عن تصنيفاتها أو درجات استيعابها من عامة الناس ومثقفيهم.. ولا يليق أبداً أن نحجر على العلماء ونُلزمهم بطرق مجالات معينة بدعوى أهميتها وتنجب مجالات أخرى أقل!!.

نعم يمكن توعية الناس على ضرورة تجنب طرح المسائل الافتراضية التي من الصعب أن تحدث في واقع الحياة، وهي مسائل شبيهة بسيناريوهات بعض المسلسلات العربية التي من أن يبدأ المسلسل وحتى ينتهي والفكرة من وراءه لم تصل!!، أو أن يكون في تفاصيل هذا المسلسل أحداث خيالية نادرة الوقوع!.. وأعجبتني قصة سمعتها عن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله - أو غيره لا أذكر - حينما كان يجلس للإفتاء في الحرم في شهر رمضان، وكان الناس يتدافعون للسؤال.. فكان رحمه الله حين يسأله سائل في مجلسه مسألة فقهية فيها تعقيدات أو تشعبات قد تستهلك وقتاً البعض أحوج إليه، كان يسال هذا السائل هل وقعت لك هذه المسألة أو أنك تعانيها؟.. وحين يكون الجواب بالنفي، يطلب منه الشيخ الانصراف فإذا وقعت تلك المسالة الافتراضية فيمكنه وقتها سؤال الشيخ أو غيره عنها.. وهذا من حكمة العالم وتقديره لظروف الناس من حوله ومراعاة حاجاتهم وأوقاتهم.

أختم مقالي بضرورة احترام العلماء وتقديرهم واحترام تخصصاتهم كما نحترم غيرهم من شخصيات المجتمع ومثقفيه كالأطباء والأدباء والمهندسين والوزراء ونحترم تخصصاتهم.. فهم يحملون رسالة وأمانة.. ولا يجوز التعدي على أقوالهم أو اختصارها أو استقطاعها للنيل منهم وتجريمهم.. فالعلم الشرعي تخصص كغيره من التخصصات له مكانته وله علومه التي تحتاج إلى دراسة ودراية وفهم.. وأعجب من البعض حين لا يملكون الجرأة لتجاوز أقوال الأطباء، والوقوف عندها احتراماً لها وتقديساً لأصحابها، ولكنهم يتجرءون على العلم الشرعي ويقفزون أسواره ويتجهمون أسراره دون فهم أو وعي أو احترام لما قال الله أو قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تقبل الله صيامنا وصيامكم.. وكل عام وأنتم بخير

الدكتور خليل اليحيا

المشرف العام على الملتقى السعودي في أمريكا
khaleel@saudiforum.us

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
علماء بأي مجال
مروان -

يا أخي علماء بشو بالضبط هدون ؟ الدين الاسلامي لا يحتاج لعلماء لينقبوا فيه فالقران واضح وهو منزل على كل الناس و ليس للبعض منهم او لفئة مختارة منهم و المسلم الذي يريد الاستزادة هناك الحديث الشريف و كتب السلف الصالح و التفاسير المتاحة للجميع. يمكن تسمية هؤلاء الناس برجال الدين او الائمة اما "علماء" فهي تسمية غير مناسبة اطلاقا و يجب حصر هذا الاسم بمن يستطيع ان يكتشف او يخترع شيئا يغير في حياة الناس و يجعلها افضل و احسن مثل لويس باستور او اينشتاين او بيل غيتس و قائمة طويلة لا تضم ايا من المسلمين مع الاسف. فاذا كان اللحيدان و المنجد القرضاوي علماء فماذا يمكن ان نسمي باستور او اينشتاين او غيتس

يجب القطع
احمد -

طبعا لايجب تكميم افواه العلماءولكن من الضروري قطع السنة الجهلاء منهم اصحاب الفتوى السخيفة زذلك رأفة بالاسلام والمسلمين

يجب القطع
احمد -

طبعا لايجب تكميم افواه العلماءولكن من الضروري قطع السنة الجهلاء منهم اصحاب الفتوى السخيفة زذلك رأفة بالاسلام والمسلمين

هل تعرف ماذا
resha koye -

هل تعرف ماذا سيحدث لو أخذ البعض النصوص الدينية على محمل الجد وحاول تخليصها من مطاطيتها وتناقضاتها ؟ إنه سيختزلها لبرنامج سياسى يصلح فقط لحفنة صغيرة للبشر ، وأبشع مثال تلك التيارات الجهادية فى الإسلام التى ترى الإسلام الكامل فى عقيدة الشهور الأخيرة لرسوله تلغى كل ما قبله وما بعده ، وتحيلها برنامجا للغزو والتقتيل وسلب الأرض والمال والنساء من كل بقية شعوب البشرية .

طاعون
مدمن ايلاف -

رحم الله امرؤ جب الغيبة عن نفسه..ان من تصفهم بالعلماء لم نرى منهم منذ ان بداوا بالظهور على الفضائيات والقنوات الاعلامية سوى فتاوي تقتيل وتكفير وبث الكراهية والفتنة بين المسلمين ولم ينج منهم حتى ميكي ماوس .فأي علماء تتحدث عنهم؟ والاجدى ان تصفهم بالجهلاء الذين يجب ان يتم عزلهم عن المجتمعات الانسانية كونهم وباء اكثر خطرا من الطاعون

The problem
Hassan Jamali -

The problem is that many muslims think that Islam should give answers to all questions

طاعون
مدمن ايلاف -

رحم الله امرؤ جب الغيبة عن نفسه..ان من تصفهم بالعلماء لم نرى منهم منذ ان بداوا بالظهور على الفضائيات والقنوات الاعلامية سوى فتاوي تقتيل وتكفير وبث الكراهية والفتنة بين المسلمين ولم ينج منهم حتى ميكي ماوس .فأي علماء تتحدث عنهم؟ والاجدى ان تصفهم بالجهلاء الذين يجب ان يتم عزلهم عن المجتمعات الانسانية كونهم وباء اكثر خطرا من الطاعون

تعليق
عصام -

وما دخل ميكي ماوس الكرتوني الخيالي بالفأر العادي ومن لا يعرف ان الفأر من القوارض المؤذيه بدون الحاجه لعالم في الدين ليفتي بذلك

تعليق
عصام -

وما دخل ميكي ماوس الكرتوني الخيالي بالفأر العادي ومن لا يعرف ان الفأر من القوارض المؤذيه بدون الحاجه لعالم في الدين ليفتي بذلك

بارك الله فيك
أبو عبدالله اليماني -

كلامك يا أستاذ عين العقل والحكمة ولكن من يفقه ما تقول ، كثير من الناس عندما تطرح لهم أمرا ما عن الهندسة يقولون لا علم لنا وكذا عن الطبخ والكيمياء لكن عندما نقول لهم دعوا العلماء في تخصصاتهم ولا تدسوا أنوفكم فيما يقولنه ...... فيدعون العلم وينتقدون العلماء ويقللون من قدرهم وعلمهم ..وكما تفضلت أتحدى أي واحدٍ منهم أن يضع حداً للمسائل الصغيرة التي لا يجوز للعلماء الفتوى حولها وما ضابط ذلك ؟ يعني لو جاء شخص وأل عن حكم العنب المخمر يقول له العالم اذهب اسأل الخضار مثلاً ! وإذا سأل رجل أحد العلماء عن حكم إسبال الثوب يقول له اذهب إلى الخياط وأسأله فنحن مشغولون بالفتوى حول الذرة وأعماق البحار !! شكرا لك على موضوعك الباهر .

معاناة الطلاب
طلال بن خالد -

عزيزي استاذ خليل .. مارأيك بتصريح الموسى عن عدم رفع المكافآت .. ياليتك تفرد موضوع خاص عنه .. بحكم انك قريب لمعاناة الطلاب السعوديين في اميركا