أصداء

شعب العراق فى دوامة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

العراق: بلد الحروب والنزاعات

قد تكون أرض العراق قد شهدت من الحروب الدامية والنزاعات أكثر من أي بقعة على هذا الكوكب، ولا يكاد شعبه يخرجون من حرب حتى يدخل أخرى. دخل الغزاة العراق على شكل موجات متتابعة، من الشرق فى طريقها الى أرض الشام ومصر، من الشمال فى طريقها الى اليمن، ومن الغرب فى طريقها الى فارس. ثم جاءت الموجة العربية من الجنوب ودخلت الجيوش الاسلامية العراق واتخذت منه قاعدة لضرب الحضارتين الفارسية والرومانية. ثم بنيت بغداد فى عهد المنصور وأصبحت مركز الحكم العباسي.

حكم العراق 37 خليفة عباسي أولهم أبو العباس (السفاح) وآخرهم المستعصم بالله، 22 منهم ماتوا ميتة طبيعية و12 قتلوا، و2 سملت عيونهم، و واحد خلع من الخلافة. ومن الخلفاء من قتل (بفتح القاف) ابنه أو أخيه، ومنهم من قتل على أيدى أقرب الناس اليه. واحتل العراق اثناء الحكم العباسي من قبل الأجانب مرتين : البويهيين الفرس، والسلاجقة الأتراك. ثم جاءت موجة المغول الراعبة، وخربت ما كان فى العراق من حضارة وعمران، ودام حكمهم 250 عاما. ثم جاء الحكم الفارسي ودام حوالي 25 عاما، الى أن احتل السلطان سليمان القانوني بغداد عام 1534 م.

وقامت فيما بعد حروب طويلة بين الأتراك والفرس فى عهد الدولة العثمانية، وكان العراق مسرحا لمعاركهم ونزاعاتهم المستمرة الطويلة. وبدلا من أن يتحد العراقيون لصد الأعداء فقد انقسموا الى شطرين : سني وشيعي يعادى أحدهما الآخر. كانت الجيوش التركية تدخل من الشمال، فيسارع أهل السنة لنصرتها نكاية بالشيعة، وتدخل الجيوش الفارسية من الشرق فيسارع الشيعة لنصرتها نكاية بالسنة. وبدأت نفوس العراق فى تناقص مستمر نتيجة لتلك الحروب وما تبعها من أمراض فتاكة ومجاعات وفتن. وكأن ذلك لم يكن كافيا، فقد أخذت فيضانات دجلة والفرات تتكرر فى كل عام تقريبا فتهلك الحرث والنسل وتخرب المدن والقرى. ولم يحل القرن العشرين الا وكان عدد سكان البلاد قد تناقص الى أقل من مليونين، وقيل أنه كان قد وصل الى أكثر من عشرين مليونا فى بعض مراحل الحكم العباسي.

الحضارة الغربية ومقاومة رجال الدين لها

كانت البلدان العربية كلها تقريبا تئن تحت نير الحكم العثماني، حيث كانت خيراتها تنقل من قبل الولاة الأتراك الى الاستانة (اسطنبول)، بينما أهلها يعانون من شظف العيش والجوع والجهل والمرض. بدأت الأمور تتحسن فى مصر بعد دخول نابليون اليها فى سنة 1798 ورافق حملته عدد كبير من العلماء والأطباء والمهندسون والفنيون، ومع أن الحملة استمرت ثلاث سنوات الا أنها أثرت كثيرا على المصريين الذين اكتشفوا الحضارة الغربية. ولكن البعض من رجال الدين والجواسيس البريطانيين أخذوا يشيعون بأن الفرنسيين سيقضون على الدين الاسلامي، ونادوا بمحاربة الكفار. وبالرغم من ذلك فقد تركت تلك الحملة بصماتها فى مصر فى كل المجالات وما تزال ظاهرة للعيان حتى اليوم.

وفى أثناء الحرب العالمية الاولى دخلت الجيوش البريطانية الى العراق وطاردت فلول الجيش العثماني وتحرر العراق من حكم بغيض دام زهاء أربعة قرون. وبدأ البريطانيون بادخال الحضارة الأوروبية بمحاسنها وسيئاتها الى العراق، وكما حصل فى مصر فقد قام بعض رجال الدين باثارة الناس عليهم، وأعلنت المرجعية الشيعية الجهاد ضدهم، وتبع ذلك قيام ثورة العشرين، ونال العراق استقلاله (الصوري فى الأقل)، وتشكلت حكومة (وطنية!!) برئاسة عبد الرحمن النقيب الكيلاني بتأريخ فى 25 تشرين الأول/اكتوبر 1920.

الملكية فى العراق

واختلف العراقيون اختلافا شديدا حول من يكون ملكا على العراق، ورأى البريطانيون أنه لا يمكن للعراقيين الأتفاق على اختيار ملك من بينهم، فاختاروا لهم الملك فيصل الأول بن الحسين شريف مكة الذى كان قد فقد عرشه على سورية، خاصة وان نسبه ينتهى الى الامام علي بن أبى طالب (ع)، فوافق السنة والشيعة على هذا الاختيار. وخصص له راتب مقداره عشرون ألف ينار سنويا، وخصص راتب لكل وزير من الوزراء مقداره مائة وخمسون دينارا شهريا!!!.

ويختلف المؤرخون حول الملك فيصل الأول، فمنهم من يعتبره مخلصا أمينا للعراق ومنهم من يقول عنه أنه كان عميلا للبريطانيين، ولكن الواضح أنه كان يتوق الى أن يصبح ملكا ولو على جزر الواق واق. وكان جل اعتماده على شيوخ العشائر والاقطاعيين. وقيل انه قد سمم عندما كان يعالج فى سويسرا. وفى خلال فترة علاجه تمرد الآثوريون الذين جلبهم الانكليز من أواسط آسيا، فهاجمهم الجيش العراقي بقيادة الفريق بكر صدقي وقضى على التمرد. وتكررعصيان الأكراد المطالبين بالانفصال، كما تعددت ثورات العشائر مما كبد العراق الكثير من الخسائر فى الأرواح والأموال. ان الظروف الفظيعة التى حكم فيها فيصل الأول العراق لا يمكن تصورها ولا يمكن مقارنتها الا بالأوضاع التى حلت بالعراق بعد سقوط البعثيين وفرار قائدهم.
وخلف فيصل الأول على العرش ابنه الملك غازي الذى كان يعارض تدخل البريطانيين فى الشئون العراقية، ولا يخفى ميله الى ألمانيا النازية وهتلر. وعندما وافاه القدر المحتوم بكاه أكثر العراقيين.

انقلابات متوالية

دام حكم الملك غازي ست سنوات، فى اثنائها قام الفريق بكر صدقى بانقلاب عسكري راح ضحيته وزير الدفاع جعفر العسكري، وبعد تسعة أشهر قتل بكر صدقى. وقتل الملك غازي يوم 14 نيسان/ابريل 1939 بحادث سيارة (أو اغتيل نتيجة مؤامرة حاكها عبد الاله ونورى السعيد وبتخطيط بريطاني) وكان ابنه فيصل الثاني ما يزال صبيا، فقررت العائلة المالكة تنصيب خاله عبد الاله وصيا عليه لحين بلوغه سن الرشد.

لكن سرعان ما تمكن أربعة قادة عسكريين موالين للحكم النازي فى ألمانيا، وهم قادة الفرق الأربع العقداء صلاح الدين الصباغ ومحمود سلمان وفهمي سعيد وكامل شبيب من السيطرة على الحكم عام 1941 ففر عبد الإله متخفيا من قصره ولجأ إلى السفارة الأميركية ثم إلى الأردن. واستطاع عبد الإله وبدعم من الأردن وبريطانيا أن يسقط الحكومة الانقلابية التي كانت برئاسة رشيد عالي الكيلاني، وعاد عبد الإله ونوري السعيد إلى بغداد وأعدم قادة الانقلاب.

أخذ الضباط يعملون في الخفاء حتى تمكنوا بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم من الإطاحة بالنظام الملكي في ثورة 14 يوليو/تموز 1958. وقتل الملك فيصل الثاني والعديد من أفراد العائلة المالكة. وبعد يوم واحد قتل نوري السعيد على أيدي جنود عراقيين في ساحة النصر ببغداد بعد أن تعرف البعض عليه بالرغم من لبسه عباءة نسائية. وهكذا اسدل الستار على الحكم الملكي الذى استمر ما يقرب من أربعين عاما شهدت انجازات عظيمة كما شهدت حكما يمكن أن يسمى (بوليسيا). ومهما تكن الخلافات حول نورى السعيد فان الشيء الواضح والذى لا يمكن نكرانه هوأن سياسته الممالئة لبريطانيا قد حمت العراق من الجيران المتربصين به. وأتذكر جيدا ما قاله فى آخر خطاب له بعد عقد (حلف بغداد) الذى اشتمل على كل من العراق وايران وتركيا وباكستان وبريطانيا ثم الولايات المتحدة : (دار السيد مأمونة).

يتبع

عاطف العزي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
رجال الدين
نوخذ -

كان على العراق ان يتعلم من الانكليز كما فعلت سنغافورة وهونك كونغ ولكن رجال الدين استغلوا جهل الشعب العراقي فاعلنوها تمردا على الانكليز وكبدوا البلد خسائر وضيعوا على العراق فرصة في التقدم ونفس الشى عمله رجال الدين بعد سقوط صدام فحولوها الى حرب طائفية اكلت الاخضر واليابس ورفض رجال الدين ان يكتب الامريكان دستورا كما فعلوا في المانيا واليابان تلك الدساتير التى يعزى لها تقدمها بينما دستورنا الذي كتبه العراقيون كما طالب رجال الدين جاء مليئا بالمتناقضات ولا احد يعرف ساسه من راسه .لم تكن مايسمى بثورة عشرين الانقطة سوداء في تاريخ العراق فالانكليز ادخلوا التعليم وللعلم ففى سنة عشرين لم تكن هناك مراحيض فقام شيرازي هذا باعلان الثورة واستغل الشيرزاي رغبة العشائر ؟ على العراقيين اعادة قراءة تاريخهم الذي كتب بايدي ناس غير مخلصين وغير راغبين في الوصول الى الحقيقة بل انهم كانو يسعون لاخفائها .الجهل في العراق هو افة الافات .

Iraq
Ashouri -

وفى خلال فترة علاجه تمرد الآثوريون الذين جلبهم الانكليز من أواسط آسيا، فهاجمهم الجيش العراقي بقيادة الفريق بكر صدقي وقضى على التمرد.Dear Author, just to correct your information. I am sure that you are a Shia muslim who may not like or consider that the Assyrians are the indigenous people of Iraq and Mesopotamia. I am also sure that by what you said, it shows me that your attitude is ridiculed by your shovinistic radical ideology which denies the others to exist. You have stated that the Assyrians (ashouriyeen) were brought from central Asia by the British mandate, Sir, that is totaly false and you lack knowledge in history and politics. The Assyrians are the indigenous people of Mesopotamia , from Euphrates river to the eastern Mediterranean sea and your Arab/Persian/Kurdish/Turkish people are none but occupiers. Ever since Nineveh have fallen, all none Assyrian who have ruled Iraq , have seen nothing but a bath of blood, because your ideology is based on killing eachothers (muslims)

شعب عريق
عدنان يوسف رجيب -

السيد عاطف العزي، لماذا شعب العراق في دوامة؟!! أنت لم تضع تحليلا واضحا لإستنتاجك هذا، ثم إنك فيما كتبت فقط إستعرضت تأريخ العراق الحديث، فهل تسمي هذه مقالة؟!! بالإضافة الى مافي إستعراضك التأريخي من نواقص. حتى لو سميت الإستعراض التاريخي مقالة، فكان الأجدر بك كذلك أن تفي التأريخ حقه لتثبت حضارة شعب العراق العريق، شعب الرافدين، شعب البابليين والسومريين والكلدانيين والآشوريين. هل هذا الشعب الحضاري في دوامة؟!! أبدا، ونحن العراقيين نعرف انفسنا أكثر من الآحرين. ومعذرة، أقول لك ربما أنت في دوامة حيث كتبت تقريرا تأريخيا إنتقائيا لفترة جدا قصيرة من عمر هذا الشعب الحضاري. الحروب التي مرت على الشعب العراقي كانت أساسا بسبب خيراته، فلم يقم هو بها. ثم إنه بعد كل مأساة يقوم هذا الشعب قويا للبناء. أرجو أن تفي الشعب العراقي حقه.

الى المعلقين 2 و 3
عاطف العزي -

أشكر السيد عدنان يوسف رجيب على تعليقه ، وألفت نظره الى كلمة (يتبع) فى آخر المقالة . المقالة من أربع حلقات ، ولا أدرى لماذا حذفت ايلاف ما ذكرته فى العنوان (1-4). لم يكن اسم العراق (عراق) فى عصر الحضارات التى ذكرتها ، وانما كان يطلق عليه (ايراه)، ثم عرب الى (عراق) من قبل العرب . ومما جاء فى المادة الثانية من قانون شعار الجمهورية العراقية المرقم (57) لسنة 1959.المنشور فى عدد الوقائع العراقية المرقم (151) بتأريخ 4/5/1959 أن تسمية العراق بمعناه القديم (آراكي) أي بلاد الشمس . ان مقالى عن العراق بعد أن سمي (عراق) فقط وليس قبل ذلك . وأقول للسيد (آشوري) الذى كتب بالانكليزية ، أن الآشوريين هم من الأقوام الساميين الذين كانوا فى جزيرة العرب ثم طلعوا فى حدود الألف الثالث قبل الميلاد الى هذه البلاد التى نسبت اليهم قديما ، وهناك من يقول أنهم ليسو من الساميين . المهم فى الأمر ان الآثوريين الذين ذكرتهم هم غير الآشوريين ، وجاءت هذه التسمية حينما أطلقها عليهم خطأ الانكليز الذين جلبوهم من أواسط آسيا . ويتفق مع هذا الرأي الكثير من الآثوريين كتابا ومؤرخينا.ولا أجد عيبا فى ذلك فاننا جميعا نتيجة اختلاط أجناس عديدة من البشر ونعيش فى العراق كعراقيين فوق وقبل كل شيء ، وقد لا تتفق معى على ذلك ،لأنك تعتبر كل من هو غير آثوري هو محتل للعراق !!!