أصداء

إنسانية غزة المهدورة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

ركزت بعض وسائل الإعلام العربية أثناء لقاءاتها الميدانية مع سكان غزة على شخوص شرًعت صدورها أمام الهجوم الإسرائيلي،كان المتحدثين يهزؤون بفكرة الموت ويصفون أنفسهم بالمرابطين الذين ينتظرون الشهادة ومرافقة الأنبياء،فهل بات الموت هو الخيار الوحيد الذي يواجهه سكان قطاع غزة!!


اختطفت وسائل الإعلام إنسانية الشعب الغزاوي،وسمحت لنفسها بالتدخل في خيارات الشخوص وكأننا في مسرح دراماتيكي يوحي للمشاهد بعبثية الحياة وعدميتها،يتساءل الفرد عن نوع هذا التعاطي الفج مع المشهد الغزاوي،هل فعلا لا يكترث أهالي غزة بضربات الجيش الإسرائيلي هل فعلا كما يقول من تم انتقاءهم بعناية أن الخوف لا يجد طريقه إليهم وأنهم مرابطون ينتظرون الشهادة؟
لم لا نرى مثل هذا المشهد خلال نزاعات مسلحة أخرى في بقاع مختلفة،هل تم حشو العقل الفلسطيني بمثل هذه الخيارات (مرابط،موت،شهادة)،أم أن اللجوء إلى المزايدات البطولية تستمر حتى في أحلك المواقف إنسانية،في ظل حصار ممتد لما يقرب العام فقد الإنسان الغزاوي كل معنى للحياة وبات مرابطا ينتظر شهادته.


كعادة وسائل الإعلام العربية التي تبحث عن ما يزيد العقل العربي الجمعي انهيارا وشللا متلاعبة بعصب العواطف والعروبة والشهادة،لتزيد المشهد المأساوي قبحا،لا يهمني حقيقة كيف ينعكس ذلك على رؤية المثقف الغربي للمقهور العربي حيث أنه يعلم أكثر من غيره ما تعرض له الإنسان العربي من قمع وهدر معنوي ومادي أدى به إلى تنفيذ حكم إعدامه بيديه فالحياة باتت عنده مثيلة للموت الذي يبدو الخيار الأكثر راحة له من عذاباته المتواصلة.


تنقلت الكاميرا العربية بين أهالي غزة الذين ينتظرون الشهادة وبين جحافل المتظاهرين في العالم العربي الذين لم يكتفوا بالتنديد بآلة القتل الإسرائيلية بل توعدوها بالانتقام والتنكيل،هكذا بكل بساطة يتحول التعاطف الوجداني إلى ساحة للمزايدات والعنتريات الخيالية.
المزعج في ذلك المشهد هو التواطؤ الفاضح بين وسائل الإعلام المرئية العربية على نزع إنسانية المواطن المحاصر بكافة أنوع الانتهاكات في غزة،والمزايدة على قضيته الأولى وهي المعاناة الإنسانية واستبدالها بقضايا بطولية مزيفة وحسابات سياسية معقدة حافلة بالتصفيات الأيدلوجية،كما عمدت إلى تصعيد التوترات السياسية كما حدث مع الموقف المصري السياسي بغض النظر عما يحدث على حدوده مع قطاع غزة عبر معبرها رفح الأكثر إثارة للجدل،وبدلا من التركيز على ما يحدث أثناء العبور وهل أتمت شرط العبور الآمن والإنساني مع الهاربين من جحيم النار أم مارست أصنافا من الإهانات لكرامة المواطن الغزاوي كعادة المعابر الحدودية في الدول العربية أثناء السلم فما بالكم أثناء حرب شديدة الهمجية يمارس خلالها تجويع وقتل واستبداد لا مثيل له من كلا الطرفين المتحاربين.


بدا الإعلام العربي هشا وتافها بشكل منقطع النظير ومثيرا للريبة والتقزز من جهة أخرى،كما فشل في معركته الأيدلوجية ضد الطرف المضاد مراهنا على ديماغوجية من يقودون الشارع العربي نحو الحضيض تحت شعارات المقاومة والأخوة الدينية والدم العربي.
كان من الممكن أيضا أن يتم نقل تعنت وبراغماتية العسكري الإسرائيلي دون الحاجة للصراخ البدائي من قبل المذيعات والمذيعين العرب مع من يتم استضافته من الجانب الإسرائيلي خلال النشرات الإخبارية أو البرامج الحوارية،بدا المشهد المتنقل بين القنوات الإخبارية كساحة صراع على من يرفع صوته أكثر على الضيف الإسرائيلي ليكسب تعاطف الشارع العربي،ويحظى بعبارات الإطراء على موقفه البطولي على الهواء مباشرة !


وتتكرر المهازل الإعلامية والتسابق اللامعقول في رسم مسحات الحزن على قسمات مذيعيها وتكفينهم باللون الأسود طيلة هذه الأزمة للتأكيد على مدى التصاقها بالشارع العربي في أحزانه ونكباته،في حين أن قنوات غربية يتم اتهامها بالتعصب الشديد والانحياز إلى الطرف الإسرائيلي أدت الدور الإعلامي بشكل جيد دون حاجتها لوضع مساحيق مزيفة ترثي بها الضحايا الإسرائيليون في المستوطنات التي دأبت صواريخ كتائب القسام على قض مضاجعهم بها.


لا يوجد علاج ناجع يتم وصفه لصقل المهنية الناقصة لدى الإعلام العربي، إذ أن هذا التواطؤ السلبي يتشارك مهامه الصحفية - مع المتلقي - في صناعة الخبر وصياغته وتحديد مساراته في خطاب شديد السريالية والخيبة.


إيمان القحطاني

صحفية سعودية
iman@alarabiya.net

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
عين الحقيقة
amedi -

مقالة جريئة وواقعية تكشف زيف الاعلام الغوغائي المتنكر بشعار (الرأي والرأي الاخر!) وهي التي لا مجال فيها لاي رأي غير رأي القيمين عليها .

مقالة رصينة
شاهر -

من المقالات الرصينة التي قراتها عن مصيبة غزة..الاعلام العربي اعلام فاشل مية بالمية ويساهم في تعقيد المصايب على فلسطين والعراق ودول المنطقة خيبة فعلا كما تفضلت

احتفال
زينة -

معك حق يجب على المذيعات في ظل هذه الظروف ان يحافظن على نضارتهم وجمالهن ويظهرن بكامل زينتهم ابتهاجا بالاحداث وبرؤية اشلاء الاطفال والدماء وجثث النساء يجب ان تتبلد مشاعرهن ويرسمن الابتسامات عند نقل اخبار الموت والدمار عن غزة وغيرها يا سيدتي اضعف الايمان عند موت شخص هو ملامح الحزن ولو بالمجاملة مراعاة لمشاعر الثكلى والمحزونون اذا كانت لديك اقل القليل من المشاعر ...ارجو النشر

أهل غزة
Rona -

في غزة الإختيار محدود إما الصمود والشهادة أو الذل من أجل الخبز والماء, ولقد اختار الغزاويين الصمود والشهادة لأنهم أبطال, أما وسائل الإعلام العربية فهذا تعاطف طبيعي من أي مذيع عربي مع أخوانه, في وسائل الإعلام الأمريكية يقطعون الكلام على أي ضيف عربي أو مسلم يتكلم عن حق فلسطين أو يحمل اسرائيل أي مسؤلية والمعاملة بالمثل

أبواق ونعيق
عابر سبيل -

الأعلام العربي يعيش على إرتفاع أعداد الموتى والشهداء، ولسبب بسيط فإن اللعبة بكاملها سوف تعود للمفاوضات ، يعني لم يخسر في هذه الحرب سوى الشعب الفلسطيني، والمعرف أن الإعلام العربي هو إعلام منفعل وعروبي متحيز لمكونات التنظيم - السلطة ، وهو تابع للنظم العربية وقوانينها وأهدافها.الزيف .. هو الزيف ولا يترك سوى الزيف، فسوف تعود أطراف الصراع إلى المفاضات، هذا يعني : تيتي تيتي مثل مارحتي جيتي أيتها الحرب.كل ما كتب بصدد إيقاف المحجزرة من قبل الكتاب هو صحيح، والدليل أن الجميع الآن يستجدون المفاوضات ، وما ضاعت إلا على الناس الفقراء، ضحايا البطولات الفارغة،والهجوم الإسرائيلي الوحشي.

أخبار
متعبد أبو عبد الله -

شكراً للكاتبة مقالة مرتبة ، وصورة الكاتبة بشالها الأسود ، وهي تضفي مسحة ظاهرية: فمن لبس السواد، في أيام السواد سبى العباد.

ضياع غزه
مواطن من غزه -

اولا لك ايتها الكاتبه كل التحيه وسوف اتحدث عن الاعلام فى غزه ببساطه غزه منذان سيطرت حماس عليها لايوجدفيها قلم حر بل ولايسمح ان يكون فيها قلم حر الاعلامى الذى يريد ان يعمل فى غزه عليه ان ينفذ تعليمات حماس والا وسوف اذكر حادثتين وكيف تصرفت معهما حماس الاولى عندما سال صحفى الزهار انتم تتحدثون عن الرئاسه والكراسى ماذا قدمتم لاهل غزه فما كان من الزهار الا ان تشنج وعربد وقال للصحفى انا لااسمح لك ان تسالنى هذا السؤال وانحنى تجاه فوزى برهوم الذى كان يجلس بجانبه وساله ما اسم هذا الصحفى ومن وين فهمس له برهوم انه من القناه التركيه الموقف الثانى عندما نقل مراسل اذاعة القدس وهى حليفه لحماس من المعبر الحدودى فى رفح عن مطاردة قوات حماس للحجاج ومنعهم من السفر ضربوه وعندما قال لهم اننى صائم والمسكين يفكرهم مسلمين قاموا وملؤافمه بالتراب حاليا حماس تصادر الجوالات حتى لااحديعرف حقيقة مايجرى فى غزه نحن فى غزه لسنا ابطال ولاملائكه نحن بشر اذا تكلمت الرصاص موجود وبكثره اذاماهو الحل الحل موجود وهو دعاء الحجاج الذين حرموامن اداء الفريضه ودعاء الشباب الذين بترت سيقانهم ودعاء الامهات اللواتى قتلوا ابنائهم امام اعينهم لقد نسيت حماس قول المولى عزوجل وماربك بغافل عما يفعل الظالمون صدق الله العظيم وكذب اعلام حماس المضلل ومعه كل الاعلام الماجور والمزاود

جهل أم تجاهل
محمد الفلسطيني -

المشاهد والمؤكد أن الشعب الفلسطيني لم يشك همه لأحد فهو يعتمد على نفسه. وما في غزة وفي فلسطين عموماً ليس نزاعاً مسلحاً كما تخبرنا السيدة إيمان القحطاني وكأنها آتية من قارة أخرى ولا تعرف تاريخ هذه القضية منذ المؤتمر الصهيوني الأول في نهاية القرن التاسع عشر مروراً بوعد بلفور1917 واقتلاع الشعب الفلسطيني من وطنه عام 1948 ثم احتلال ما تبقى من فلسطين عام 1967 ومصادرة القدس ونصف الضفة بالمستوطنات والجدار. ليس ما ها هنا نزاع مسلح بين عشيرتين أو حتى دولتين بل هي قضية شعب اغتصبت أرضه وشرد في المنافي وتريد الصهيونية الآن تشريد ما تبقى منه.

سلطان الموتى
طزلان بن عربان -

الحقيقة ياشباب حماس تنظيم لا يعي ما يمارسه على ارض الواقع. فالمئات من الشهداء راحوا ضحية عنجهيات مشعل وهنيئا.

حماس شرف الامة؟؟؟؟؟؟
يحي اليحي---السعودية -

بسم الله الرحمن الرحيم :الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الكريم محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين ،،،، وبعد : فقد قال الله تعالى ( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ) المائدة 83 . وقال عز من قائل ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم ، إن الله لا يهدي القوم الظالمين ، فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة ، فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما اسروا في أنفسهم نادمين ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون " أن الشدة مهما طالت لا بد من أن يعقبها فرج .. وأن العسر مهما طوق صاحبه لا بد أن يليه يسر وسعة .. وأن الظلمة لا بد أن يتبعها نور وفجر صادق .. وأن العسر ـ مهما اشتدت عزائمه ـ لا يمكن أن يغلب يسرين ! لا شيء يعجل الفرج كالصبر والاحتساب .. ولا شيء يؤخر الفرج كالسخط وشكوى الخالق للمخلوق .....! وإن للنصر والعزة والإباء أبطال وقادة ورواد فأنتم آيه المجاهدون في جبهات المعركة آيه الأبطال الشرف في غزة يأمن دافعتم عن شرف الآمة ..تحية إجلال لكم ولصمودكم أمام اعتي قوة في الشرق الأوسط ..........وبعد إلى من شكك في نصرة هذى الدين أقول لكم .... إن المعركة بين الكفر والإيمان معركة قديمة بدأت منذ أن خلق الله عز وجل آدم عليه السلام وأمر الملائكة أن يسجدوا له فسجدوا طائعين لخالقهم متعبدين بفعلهم إلا إبليس أبي واستكبر أن يسجد لبشرٍ خُلق من طين. فكفر بفعله هذا. أن هذه الفئات المجاهدة الصابرة قد انتهجت طريق الحق ، وكلما تمسكت بهذا الحق وصبرت عليه، كلما كان ذلك مدعاة للآخرين للانضمام إلى صفوفها وتوسيع دائرتها ،