أصداء

تعقيب على مقالة العقيد معمر القذافي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
نعترف، وبكل احترام، بأنها لمن المرات القليلة، والنادرة، أن نرى اسماً لزعيم عربي في ساحة فكر وثقافة، أو يذيل مقالاً ما، وهو ما حصل في عدد يوم الإثنين في جريدة الشرق الأوسط اللندنية، بعنوان إسراطين.. حل الدولة الواحدة، وهي لعمري بادرة تستحق الثناء والشكر والتمعن والتأمل الطويل، بقدر ما تستحق من التقدير والتشجيع، علـّها تطوى دهور الفراق بين الشعب والزعيم. وفي الحقيقة لقد عوّدنا سيادة الرئيس العقيد، دائماً، على تلك الخبطات المدوية، واختراقاته المتكررة للمحرمات الكلاسيكية والبروتوكولاتت السياسية والدبلوماسية العربية، وأراه اليوم يقتحم ميداناً جديداً في واحدة من تلك التحولات الكبيرة التي بتنا نعايشها في عالم اليوم، وعلى غير صعيد. وهي، بالمرة، فرصة نقتنصها لكي "نتزامل"، ولو لمرة واحدة، مع زعمائنا العرب على صفحات الفكر، بعد انزوائهم ورفضهم التاريخي لأي نوع من المشاركة والتزامل معهم في ميادين السياسة التي بقيت حكراً على "الزعيم الأوحد"، والذي كثيراً ما أطاح بعضهم بالآباء والأبناء والأخوة والورثة والأحفاد ورفاق الدرب والسلاح كرمى لعيني قدس الأقداس العرش والكرسي المفدى. وأنه لمن دواعي الفخر والثقة، ومدعاة للشكر في ذات الوقت، أن نرى زعماءنا العرب يدلون بآرائهم على صفحات الجرائد والمواقع والمنتديات، ويتنازلوا من "عليائهم التاريخي"، وبروجهم العاجية، إلى مواقع، كمواقعنا المتواضعة، التي كانت حكراً حتى وقت قريب على المشاغبين والمعارضين والمشاكسين. وبهذه الروح الرياضية "التزاملية" الصادقة والمستجدة، سنتوجه في مداخلتنا، وتعقيبنا، وليس ردنا، والتي لن تكون، بالمطلق أكثر من ذلك، إلى "الزميل الكاتب" العزيز معمر القذافي، وبعيداً عن اعتبارات السياسة ومقامات الكياسة، على أمل أن نرى "زملاء" زعماء عرب آخرين في ميادين الثقافة، وساحات النزال الفكرية، في العاجل القريب.

وقد نشارك، وقد لا نشارك، سيادة العقيد بعضاً مما جاء في حلـّه، ورؤيته التي نحترم، حتى وإن كانت تقع في باب الحلم والمستحيل أن تتعايش الأساطير، فهذا الصراع هو صراع الأساطير، وحروب التاريخ الكبرى كانت بدوافع محض أسطورية. ونظراً لذاك البعد الأسطوري الفاقع الكبير والقدسي الذي ينطوي عليه مجل الصراع في منطقة الشرق الأوسط. فالصراع ليس حول حيفا، ويافا، أو مساحات خالية من الأراضي هنا وهناك، وليست بتلك السهولة والتبسيط، والمنظور الإجرائي والسياسي المطروح، بقدر ما هو صراع حول الرموز الميثيولوجية والماورائيات المعقدة والمتناحرة التي تحرك وحدها عجلات التاريخ، كما عجلات الدبابات، وكما حركت ذات وقت سنابك الخيل، في هذه المنطقة، من العالم، الموبوءة بالأساطير، واختصت لوحدها بإنتاج الأنبياء، والقديسين، وأولياء الله الصالحين. وما لم تفكك كل تلك الأساطير، وترد إلى أصولها وجذورها البيئية الخاصة، وتدرس ظروف نشأتها الوجدانية، وينظر إليها في سياقها التطوري الفلسفي والتاريخي ومن رؤية واقعية وعلمية، فلن تعرف هذه البقعة التي تغلي على مراجل الأساطير أي نوع من السلام والعيش الرغد الهني. وما قد يستلزمه ذلك من إعادة تأهيل لأجيال بأكملها، لنزع فيروسات التطرف والتعصب الأعمى والرؤية الدينية من الشيفرات الجينية التي تتوارثها جيلاً بعد جيل. أي أن لا جيلنا ولا أجيال قادمة بعدنا، وعذراً شديداً من سيادة العقيد، قد تشهد تبلور ذاك الحلم والرؤية التي طرحها تحت عنوان إسراطين. فإذا كانت شعوب المنطقة نفسها لا تتعايش بفعل نفس تلك الرؤى الأسطورية الواحدة وتفسيراتها الإشكالية المختلفة، فكيف لها أن تتعايش من نمط "فظ" وغريب ومبغوض، نصياً، من الأساطير. والأهم من هذا وذاك هو فك الارتباط التاريخي بين الكهنوت الديني المتسلط، ومافياته المستبدة، وبين أنظمة الحكم القروسطية الأبوية الشرق أوسطية التي تعمل في مختلف سياساتها السلطوية، وبشكل ممنهج، على تكريس وتنمية وتضخيم ذاك البعد الأسطوري وترسيخ الخلاص الماورائي الغيبي. فالقضية ليست قضية أرض متنازع عليها على الإطلاق، وإنما هي ببعدها الآخر والأهم، قضية تعايش وتفاهم مطلوب، بين المفاهيم الغيبية، وأساطير التاريخ. فالقتل العشوائي والمنظم وبتلك السادية المفرطة التي تابعناها جميعاً، مؤخراً، لا يمكن أن يقف خلفه، ويحلله، ويجعله شرعياً سوى بعد أسطوري انتقامي وثأري يجعل من ممارسته تقرباً من ماورائيات وتبركاً وتجسيداً لأضغاث أحلام الملاحم والتاريخ، حاملاً معه في ذات الآن اعتقادات راسخة عن انتفاء أية مساءلة قانونية وجنائية جرمية عن مرتكبيه، لا بل يضفي على الفعل بحد ذاته شيئاً من البعد القدسي والعمل البطولي يقدم صاحبه بصورة البطل الخرافي. ألا نفرح جميعاً حين تروى علينا سيرة الانتصار المجلجل الرمزي والمقدس على الكفار والمشركين، رغم أن بعضهم كان من قريش، ومن بني عمومة لنبي المسلمين، ورغم ما في ذلك من زهق لأرواح، وهدر لدماء بشر آدميين؟ وهذا الأمر لا يتوقف علينا، أو عند جنرالات وعسكر بني إسرائيل الذين تعشش في أعماقهم وتحركهم قصص ومشاهد مضمرة في باطن اللاوعي الجمعي التوراتي عن قصص مثل إذلال اليهود والسبي البابلي، بل ينسحب على ساسة وزعماء في عمق الحصن الديمقراطي الغربي مازالت تتلبسهم العقيدة الصهيونية الإنجيلية التوراتية ببعدها الرمزي الأسطوري رغم حالة القطع "الرسمي" المعلنة مع الكنيسة، لتنهار معها في قلب الغرب التنويري، منظومة متكاملة وأدبيات تاريخية عن حقوق الإنسان التي يقوم عليها البنيان السياسي الغربي برمته. وليس من المستغرب، أو من قبيل المصادفة، أبداً، أن اختفى أول ما اختفى من المتحف العراقي هو لوحة السبي البابلي ذاتها، التي يساجل بعض الخبراء والاستراتيجيين بأنها كانت الوقود الروحي التي حركت الجيوش وحاملات الطائرات والأساطيل نحو "بابل القديمة"، وليس العراق، والتي كانت تذكر، بقد ما تقرع، بني صهيون، ومن ورائهم من أتباع الكهنوت التوراتي، بذلهم التاريخي ومأزقهم الأسطوري. نثمن عالياً تلك الرؤية الإنسانية التي قدمها سيادة الأخ العقيد، وأتت في صلب رؤيته، وقد تكون ناجحة وناجعة إذا ما أخذت ببعدها السياسي الإجرائي الروتيتي المجرد وكقياس على حالات وكونفيدراليات أخرى في غير مكان، غير أنها ستصبح حتماً، عبثية ومحاولة عصية ومستحيلة، وبدون أي قيمة وفاعلية تذكر، إذا ما أغفل بعدها العقائدي والإيديولوجي، وإذا ما نزع عنها غطاؤها الرمزي والإسطوري. وسيبقى الصراع قائماً، إلى ما شاء الله، ما بقيت، وما لم تتصالح مع بعضها الأساطير. وتقبلوا منا فائق الاحترام والتقدير سيادة الأخ العقيد sami3x2000@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اخاف
نبهان بن جهلان -

اخاف ان تتحول اسراطين الى سرطان عافانا و عافاكم الله

فكر القذافي
سمير احمد -

لا شك ان القذافي صاحب فكر نظري وله فلسفته الخاصة به ،ويحاول ان يعيش عصر له وحده ينسج في خياله عالما طوباويا . فمن خلال بعض قصصه ومن خلال الكتاب الاخضر نلاحظ هذا العالم المثالي ولكن المصيبة ان المنظرين الذين يغردون بالنظرية وشروحاتها وقد جندوا الاف الكتاب والمفكرين لنشرها وترجمتها وعقد الاف المحاضرات والندوات ويصورون للقذافي ان فكره ونظريتة قد وصلت آفاق العالم مع العلم ان النظرية حبرا على ورق حتى داخل حدود الجماهيرية والمصيبة الكبرى ان هناك احزاب تتبنى فكر القذافي واخص بالذكر حزب الحركة القومية للديمقراطية المباشرة في الاردن وبكل موضوعية عدد احرف اسم الحزب اكثر من عدد اعضائه الحقيقيينالمؤمنين بالنظرية إن المنفعة المادية هي اكبر حافز للإنضمام للحزب هذا الحزب المليء بالمؤامرات والمصالح الشخصية قد عمل على ابعاد واقصاء كل عضو مخلص للنظرية ومقتنع بها واعتقد جازما ان بعض اعضاء مكتب الاخوة الليبي متأمرين على النظرية وفكرها إلا بالقدر الذي يحقق مصالحهم ، اخيرا على القذافي عمل مراجعة جادة لمعرفة الحقائق على ارض الواقع وان لا يصدق المزمرين والمطبلين للنظرية

اساطير
عثمان -

مقالة ثمينة.ستكون نهاية الشرق الاوسط على ايدي اصحاب الاساطير.

القذافى له نظرية؟
مصرى وبس -

الأخ العقيد له أفكار وإقتراحات فعلا رهيبة احيانا, ممكن فى أحيان كثيرة تكون غاية فى العبقرية كمثل فكرته فى تسليم محاولته النووية وهجر الإرهاب ومساعداته المادية التى لم توفر حتى الجيش الإيرلندى... أعترف أن له أحيانا هذه الأفكار العبقرية.

الجيران المؤذيين
سحر بساطة -

الاستاذ نضال ليس جاري و لامن طائفتي او مدينتي ، إلا انه استرعى انتباهي انه ما ان يسطر خطا إلا و تهاجمه اقلام بعينها لا تتغير و مهما كتب و في اي موضوع يجب ان يشتموه بطائفته او يعيروه برئيسنا و نظامنا ، و يكونون اول المعلقين، الآن انا سافعل مثل سيدنا محمد ، حينما سأل عن جيرانه اليهود الذين كانوا يؤذونه كل يوم ، عندما غابوا ايام انشغل باله و سأل عنهم ليطمئن عليهم ؟؟؟ ما بالكم في هذه المقالة لا تعلقون ؟؟؟ إذا خطر له الاستاذ نضال أن يتكلم عن كيفية عمل صحن السلطة ، ستتلاعبون بالالفاظ و تبدؤوا الذم في السلطة السورية بضم السين و تسكين اللام . أما بالنسبة لعقيد العرب فيكفينا من العقداء ما كتب ؟؟؟!!!! و وقاك الله يا استاذ نضال من جيرانك المؤذيين و دع قلمك يسطر صوابا دائما

امكانية في الحسبان
mohamed -

على ما اذكر من خلال سنين ماضية اقترح الرئيس التونسي ابورقيبة اعتراف العرب بشبر كان يحتضنه اليهود في سفوح تل ابيب وضواحيها - عندها قانمت القائمة ضده - الان اصبحت دولة العدو الصهيوني بكل صراحة تمتلك العالم العربي باكمله من العراق الى المغرب تحت سيطرته وبمسميات الدول العربية التى نعيشها الان وبمسمياتها - ماذا لو اعترف العرب بتلك الشبر من التلال ؟

ابتكارات بربرية
سامر -

الآن عرفت لماذا سموا اهل شمال افريقيا البربر بسبب مثل هذه الافكار البرببرية

العقيد و نعيسة
عبد البا سط البيك -

على كل من يريد أن يتصدى لحل مشكل ما أن يكون ملما إلماما واسعا بمكونات و تركيبتة . القضية الفلسطينية و الصراع مع العدو الإسرائيلي لها خواص شديدة الحساسية و لا يمكن علاجها بنظريات فلسفية وهمية بعيدة عن واقع و جوهر المشكل . الأخ العقيد في طرحه لفكرة إسراطين التي يبدو في ظاهرها عقلانية مبسطة تتشابه كثيرا مع التعامل بحل مشكاكل الصبية الصغار التي تحول الصراع المرير الى خلاف بسيط يتمثل بأن يستفيد الجميع بقدر متساو من قطعة الحلوى أو اللعبة المختلف على ملكيتها . الأخ القائد معمر ألغى كل القيم الوطنية و شطب على القيم الأخلاقية و الدينية التي يعتقد بها كلا الطرفين المتصارعين التي يدافع كل منهما عنها بشراسة . يا سيد نضال الفكر السياسي عند الأخ القائد بسيط جدا في منطقه و أدوات تحليله و في إبتكار الحلول الملائمة . القائد معمر رجل بسيط في كل شيئ الا بمكره و تقلباته التي لا تعرف حدودا و لا سقفا , لذلك لا يمكن لنا أن نعتقد بصدق و جدية ما يقوله . من السهل على أي شخص أن يجلس أمام الكاميرات بطريقة إستفزازية تنم عن الكثير من تكبر الجاهل المخادع و أن يقدم حلولا فطرية مثيرة لمشكل عويص فشل الكثيرون في إيجاد حل يرضي كل الأطراف . ثمة فارق كبير في فلسفة حل المشكل , العرب يرون أن العدل اساس الحل , و الصهاينة يرون أن القوة هي الأساس . أود أن أسأل الأخ العقيد عن إمكانية عودة الشعب الفلسطيني المشرد الى دولة إسراطين , و هل يقبل بذلك الطرف اليهودي ..؟ أؤكد للسادة القراء أن مشاريع الأخ القذافي إبتداء من كتابه الأخضر الى مشاريع الوحدة التي سعى لها و اللجان الشعبية تدخل جميعها في إطار العبث الفكري و إشغال الناس بما لا يفيد , و ما هي الا محاولات قام بها الأخ العقيد ليبرز على الواجهات الإعلامية . كل ما يمكن أن نقوله عن الأخ القائد معمر أنه بمثابة ممثل كمبارس يعشق التمثيل سعى لأن يكون له دور البطل في رواية طويلة بعنوان حكم الشعوب .فشلت الأقلام التي يدخل بها الأخ القائد في المهرجانات و و لم ينل حتى جائزة أحسن كومبارس في أي منها.و نقول لصاحبة التعليق رقم 5 أن الإنتقادات التي يتلقاها كاتب المقال السيد نعيسة لم تغيره عن السير في طريقه كتابته . و نحن نعارضه كثيرا في مواقفه , ليس لأنه ينتمي الى طائفة أو حزب أو عشيرة , بدليل أن الكثير من المعلقين المعارضين لرأي السيد نعيسة يقفون نفس الموقف ممن يت

بعض افكارة نيرة
على حسين عبد السلام -

انا اوافق على كثير من افكار الزعيم القذافى وياريت اغلب الزعماء العرب وخاصة من الانظمة الجمهورية ان تراعى البعد الاجتماعى لدى شعوبهم من توزيع جزء من العائد القومى عليهم 0 فكثير من الشعوب فى حاجة للرعاية الصحية وحل الازمات من طوابير العيش والبوتاجاز والدروس الخصوصية ياريت الرؤساء العرب ان يحذو حذو الزعيم القذافى تجاة شعبة وربنا معاه 0

مثقف السلطة
ابن رشد الليبي -

استغرب وبشدة من كاتب ليبرالي تنويري مثقف ثقافة الحر أن يطري ويتودد إلى مهندس الاستبداد و مؤسسين عصر الدكتاتورية والتخلف في هذا الوطن ، وكنت اعتقد أن مهمة أمثالك هي مهاجمة كل ما هو ظلامي ريديكالى استبدادي و متخلف، شريحة من المثقفين لا تزال تجتر الخطأ ذاته الذي ارتكبته اثناء حقبة صدام السوداء. شكرا.