أصداء

حين يكون الجلاد مثقفا

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

المعرفة تصب في الهدف الذي كرسه المرء لها، و اذا ما كان إنسان ما شريرا فإن أي معرفة اضافية ستجعل منه اكثر شرا و اكثر قدرة على ايذاء الناس. لم يغفل الادب هذه الحقيقة فقد كان هناك مقابل كل شخصية معادية للشر و معادية للجريمة، لامعة و ذكية، شخصية اخرى لامعة و ذكية و لكنها تكرس ذكاءها لايذاء الناس كما في شرلوك هولمز و خصمه برفيسور مورياتي.
اذا ثقفت الجلاد العامل في مديرية الامن العامة جعلت منه اكثر مهارة في انتزاع الاعترافات من الناس الذين تعرّف على ثقافتهم، فإذا ما كانت الثقافة التي حاول الجلاد أن يتعرف عليها ماركسية جعلته يحصل على مكافآت من مرؤوسيه في محاربته للماركسية و الماركسيين على وجه التحديد.
لا شك ان رفاقنا وأصدقاءنا من الذين خاضوا النضال السري ضد النظام الديكتاتوري من الذين تعرفنا عليهم في اوائل السبعينات حين كنا مطاردين و بعد ذلك في الحملة الثانية على الحزب في نهاية السبعينات يعرفون هذه الحقيقة. فالكثير من رفاقنا يعرفون أن شبابا نحيلي الجسم معدمي الصحة يعانون ربما من العديد من الامراض قد صمدوا و قارعوا الجلادين ببسالة وبعضهم رحل عنا الى عالم الشهداء (الضحايا)، و في نفس الوقت انهار و وشى برفاقه احيانا رجال غلاظ ثخان مفتولي العضلات اشعلوا الشوارع بالهتافات و الصدامات.
و يعرف ابناء قريتي في بهرز القصص عن صمود (خ. م) الشاب الذي اكتشفنا باندهاش فيما بعد انه كان مسؤول كامل التنظيم في السنوات التي سبقت انقلاب عام 63، هذا الشاب الخجول الذي كان وزنه لا يزيد ربما بالكاد عن خمسين كيلوغراما.
الصمود بوجه الجلادين هو صمود فكري قبل كل شيء، فلا احد يضحي في سبيل شيء لا يؤمن به أو يشك في امكانية انتصاره.
لذلك فإن المهمة الاولى للجلاد هو تحطيم ايمان الضحية بالقضية، و لكي يفعل ذلك على احسن ما يرام يجب أن يكون عارفا ما هي المرتكزات الفكرية الأساسية للقضية، و هذا بديهي لان الذي لا يعرف النظرية و الفكر لا يستطيع تفنيده.
غالبا ما تلجأ الدول المتنافسة في مجال التسليح الى سرقة نماذج من سلاح الخصم من اجل صناعة سلاح مضاد كما كان يحصل في زمن الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي السابق و امريكا، فالطائرات التي هرب بها طيارون الى بلد حليف لهذا الطرف أو ذاك كانت موضع دراسة الخصم لصناعة سلاح مضاد، بدون معرفة السلاح لا يمكن صناعة سلاح مضاد، الأمر نفسه ينطبق على الفكر : لكي تحارب فكرا عليك أولا أن تتعرف عليه.
لكن الذي يحاول أن يجد تبريرا يقول أن الحزب لم يكن عند ذاك قد تعرض لضربه و أن منظمات الحزب كان سليمة (حتى الآن !!) يغفل حقائق كثيرة بديهية تثير التساؤل فعلا.
هل ان الموقف من نظام ما يُبنى على أساس موقفه من الحزب أم موقفه من الشعب وعموم القوى السياسية، موقفه من الديمقراطية و حقوق و كرامة الانسان... الخ !! أليس هذا مثيرا للعجب ؟
هذا ما فعله النظام السابق لقد سلح نفسه و سلح جلاديه بالنظرية لكي يتوصل إلى طرق تسفيهها و تحطيمها انتظارا للحظة المناسبة ثم قام اولا بتحييد الحزب و جعله متفرجا على تصفية القوى الاخرى بل جعله متفرجا على تصفية المستقلين ايضا و حين آن الاوان تم توجيه الضربة الى الحزب الذي بات مكشوفا تماما على عكس الضربات التي وجهت الى الحزب في العام 1963 و الضربات التي قبلها و التي فشلت في اخراج الحزب من العمل في الداخل و فشلت في تحقيق انتصار عليه.
الحزب مطالب بالدفاع عن الناس و ليس عن اعضائه ومطالب بالدفاع عن القوى الأخرى حتى لو اختلفت معه فكريا، حقها في العمل السياسي، على الحزب ان يستنكر اعتقال اعضاء من احزاب قد لا تتفق معه في نهجه الفكري، كما أن عليه ان يدافع عن حق الشخص المستقل في عدم الانتماء و يرفض اكراهه على الانتماء و بهذه الطريقة يسيج الحزب نفسه ويقلل من ضرر القمع ويحشد الناس حوله.
تثقيف الجلاد لن يحوله الى ثوري انما يحوله الى جلاد ماهر و ناجح.
ونجاح الجلاد في عمله أمر معروف العواقب بالنسبة للذين بقوا في الداخل وعانوا الامرين على ايدي جلادين مثقفين يعرفون أن يضربون : فكريا وجسديا.
وكان معروفا لدى الشهداء ـ الضحايا الذين هزمت أجسادهم ولكن ارواحهم لم تهزم رغم ثقافة الجلاد.
Munir_alubaidi@web.de

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الازدواجية
احمد حسن -

لم اقرا على ايلاف عذابات العراقيين منذ 2003 حيث قتل مليون شخص وهجر اربعة ملايين عراقي اي ما يقارب قتل 10 ملايين امريكي وتهجير 40 مليون امريكي - اذا ما حسبنا نسبة عدد سكان الولايات المتحدة الى سكان العراق - ولكن ايلاف تتحفنا يوميا بغذابات العراقيين قبل 50 سنة والعذاب الذي لاقاه العراقيين على يد الاجئين الفلسطينيين وغير ذلك من الاكاذيب التي تنشر على النشرات الالكترونية ونحن لا نعرف على من يتحدث الكاتب هل هو يتحدث على حزب الدعوة الايراني ام على الحزب الشيوعي العراقي الذي دخل الى العراق مع الامريكان واتمنى لو مرة واحدة تنشر ايلاف عن عذابات العراقيين منذ 2003 لحد الان

The sheep mentality
Talal Alrubaie -

Your excellent article reminds us of an article by Dr Kathum Habib a few days ago in which he boasts of giving lectures to the Security apparatus of the Iraqi Bath’s regime in the seventies, which was a time when other communists and democrats were being brutally tortured and even assassinated. To give lectures to the misfits of the Bath’s regime and their security forces then was not only sick, but it was indicative of an immeasurable political nativity that has been characterizing the old and current communist leadership. But it is even sicker when we know that Dr Kathum Habib had asked for a consent, as he states, those in charge of him like the former secretary of the Iraqi Commuist party who in his turn told Dr Habib ‘there is no problem’ with him giving lectures at the Security College. Unfortunately and sadly, it seems that Dr Habib does not see anything wrong with his sick actions.

الى احمد حسن
عراقي و مو بشكلك -

لا اعرف من اين انت و لكن يا حبذا لو حاولت ان تقراً عن الموضوع قبل ان تعلق الكاتب يتحدث عن الحزب الشيوعي العراقي الذي كان في العراق قبل ان تجئ انت لهذه الدنيا، تأسس منذ العام 1934 و كان رافضاً للاحتلال لو تعرف، و ناضل هذا الحزب بأكثر مما ناضل صدامكم في حفرته و ان كنت يا فلسطيني لا تعرفه فالعراقيون يعرفونه و في هذا الكفاية مع التنويه بأن حزب الدعوة ليس ايراني رغم ان شرف الانتماء لايران احسن من الانتماء لعروبتكم

بصراحة
جمال النعيمي -

لا اعرف ما يدور بخلد محرري إيلاف والتي على الرغم من طلب اكثر من معلق بعدم نشر تعليقات هذا المسيء المدعو احمد حسن ولكن هنالك إصرار عجيب على نشر تعليقاته المليئة بالارهاب والطائفية والتطرف والتي تتطابق مع جدول اعمال مجرمي الارهاب والبعث الجبان. ونساله ان يقرا قبل ان يكتب هلوساته غير المفهومة, ما عانى منه الشعب العراقي منذ العام 1963 وحتى 2003 لا يمكن قياسه ولا يمكن وصفه, واكاذيبك معروفة للعالم اجمع وحدثنا عن مقتل مليون عراقي في قادسية بطل الحفر وماذا كانت النتائج؟ وحدثنا عن مغامرة ام المعارك وكيف ادت الى تدمير العراق؟ ثم حدثنا عن القرار الاهوج عام 2003 حينما فتح ابواب العراق امام الغزاة؟ حدثنا عن كوبونات النفط ومستلميها؟ حدثنا عن المقابر الجماعية واحواض الحامض والرضوانية ومعتقل الكاظمية؟ واتمنى من إيلاف ان تعيد النظر في نشر تعليقات هذا الذي يسيء وبشكل دائم الى كل العراقيين والعرب.

الشيوعيين العراقيين
احمد حسن -

ان رقم 1 ورقم 2 الذين يدافعون عن الحزب الشيوعي العراقي العريق الذي ظلم نفسه قبل ان يظلم الاخريين فالشيوعيين العراقيين الذين كانوا يقتلون الناس ويسحلونهم في الشوارع اذا ما عبروا عن ارائهم برفض الماركيسية والاممية وبرولياريا الطبقة العاملة واحداث 1959 هي شاهد على ما اقول - والحبال التي كانوا يهددون الناس بها وكانوا يشنقون بها اي معارض لهم وكذلك ضحاياهم المعلقيق على اعواد المشانق في الساحات العامة في كركوك والموصل هي مسجلة في صور وثائقية اما عندما سقطت الشيوعية سقوطها المدوي في الاتحاد السوفييتي واوربا الشرقية تحول الحزب الشيوعي العراقي الى امريكا عدوته بالامس وعاد الى العراق مع القوات الامريكية في 2003 واجاز بريمر للشيوعيين بان يكون امينهم العام احد اعضاء مجلس الحكم العراقي الذي قسم العراق عرقيا وطائفيا والان بعد ان اعربت امريكا انها تريد الخروج من العراق عاد الحزب الشيوعي الى شعاراته المعادية للامبريالية والرجعية فهو حزب لا مبادئ له سوى رغبته بالاستحواذ على السلطة

احمد حسن والتخبط
نعيم شبر -

احمد المفلس, التعليق رقم 1 لك فلا تعرف هلوستك ف يتعليقك رقم 5!!!!, ثم لو كان عبد الكريم قاسم ليس بذلك التسامح وإستخطى بطلك الكارتوني حين اطلق مقولة (عفا الله عن ما سلف), بعد حادثة شارع الرشيد لكان العراق اقوى دول المنطقة, ولكن غلطة الشاطر بالف حيث تم سحله وإعدامه من قبل شقاوات نفس الفئة التي عفا عن فتوتها بطل الحفر قبل سنوات قليلة, وهنا جاء دور الجلاوزة في جلد الشعب العراقي والتنكيل بابنائه لمختلف الاسباب غير المقنعة , فهل نسيت المشانق وفرق الاعدام؟ وهل نسيت منظمة حنين؟ وهل نسيت جهاز المخابرات والامن الخاص والامن العامة واهل الزيتوني والاستخبارات والحرس الخاص والجيش الشعبي وفدائيي حرامي العوجة وما فعلوه بابناء العراق من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه لمجرد الشك بانهم لم يصفقوا للقائد الذي إختبا في حفرة و العراق يتم إحتلاله؟

الصغير او الكبير
س. خيرالله -

تماما كما يكون الارهابي او اللص متقدما تكنلوجيا فيصبح فعالا اكثر.والافضل ان يكون الجلاد غبيا فيجلد لان الجلد مهنة وهو يؤدي واجبا ووظيفة يعتاش من ورائها.مجرد عمل ممل يقوم به. اما الجلادالمثقف والعقائدي فيكون حاقدا وموتورا ويستمتع بعمله وهو يختار هذه المهنة بعكس الجلاد العادي او الغبي او الجاهل الذى تكون الصدف قد قادته الى هذه المهنة