أصداء

مغزى المناورات الأميركية – الاسرائيلية المشتركة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تشهد منطقة البحر الأبيض مناورات أميركية - اسرائيلية جوية لأختبار أنظمة الدفاع الجوي الصاروخي تم الأستعداد والتحضير لها منذ سنتين.


لاتخطئ عدسة خبراء الاستراتيجية للمنطقة هذه المرة. المناورات العسكرية هدفها تقييم أجهزة منظومة دفاعية صاروخية مُطورة وأختبار فعاليتها في أعتراض وأصابة( صواريخ أيرانية مفترضة )وألتقاطها في الجو وأسقاطها خارج نطاق أهدافها. وتشترك في المناورات التي أطلق عليها رمز Juniper Cobra 10 أكثر من 17 سفينة حربية أمريكية وقوات من الجانبين متخصصة مجهزة بأجهزة رادارية حديثة تشمل من ضمنها نظام ألكتروني حزام أكس وأستشعار ومراقبة ومتابعة صواريخ تَطلق من مئات الأميال، والتي أُدخلَتْ فعلاً في منظومة الدفاع الجوية كما صرح بذلك متحدث أسرائيلي لم يُكشف عن أسمه.


والمناورات كحقيقة لها فعلاً المغزى العسكري والأستعداد للتطورات المحتملة مع أيران ومايهمنا في هذا المقال هو المغزى السياسي العام وخطوط السياسة الأمريكية المثبته منذ السبعينات المتمثلة أولاً بسياسة الأحتواء
The policy of containment
كمبدأ تمسكت به وأتبعته كل الأدارات الأمريكية لحماية المصالح الأمريكية وحماية وجود أسرائيل منذ أن وضع الرئيس نيكسون ووزير خارجيته كسينجر اليهودي الأصل لمساته وخطوطه العريضة.
سياسة الأحتواء ( بالنسبة لجغرافية منطقة الشرق الأوسط موضوع البحث ) هي أحتواء ومراقبة وتقييد خطورة دول تمتد من سواحل البحر الأبيض المتوسط غرباً الى باكستان شرقاً وتدخل تحت مظلة متابعة عسكرية من دول حليفة للولايات المتحدة. والمغزى الاخر هو الأشارة الواضحة الدالة بأن الولايات المتحدة ستقف عسكرياً الى جانب أسرائيل والدفاع عنها بغض النظر عمن يجلس في البيت الأبيض، وعلاقة التعاون التكنولوجي العسكري هذه وأختبار نماذج جديدة من الأسلحة سيستمر مادامت أسرائيل تشعر بالتهديد من دول المنطقة. وهي الرسالة التي تريد وزارة الدفاع الأمريكية أيصالها لمن يهمه ألأمر للتفريق بين التجارب العسكرية عن المساعدات الغذائية ودعم الدول الفقيرة بعلم التربة بيديولوجياً مثلاً. أنه التعريف الذي يُدرَّس في معاهد العلوم السياسية، بأن مصالح أقتصادية وتجارية حيوية وعلاقات أستراتيجية مشتركة لها كل الأولوية عندما يتعلق الأمر بأمن أسرائيل، خاصةً مع تسرب معلومات تؤكد أن دول المنطقة العربية والأسلامية تقوم بأجراء تعديلات وتحسينات لتوسيع مدى ودقة الصواريخ أرض - أرض وأرض - بحر التي أشترتها من الصين وكوريا وروسيا.


النقطة الأخيرة التي قد يكون من المفيد ذكرها هي أن الولايات المتحدة وفق قوانين مبيعات الأسلحة للدول الأجنبية تشترط عدم أجراء تعديلات جوهرية على الصواريخ والأسلحة المباعة للدول الأجنبية. وقد تكون الأزمة الحالية مع باكستان وغضب الأدارة الأمريكية من خبراءها هو قيامهم بأبحاث لتحسين صواريخ بحرية من طراز هاربون Harpoon antiship missiles وأختبارها لطائرات أستكشاف بحرية أمريكية الصنع من طراز P-3C وتعديلها، أحدى الدلائل على فقدان السيطرة الأمريكية على تجارة الأسلحة المتطورة والخوف من أعادة بيعها بعد تطويرها أو تهريبها الى دول شرق أوسطية تدعم ألأرهاب وتهدد أسرائيل.


تنامي الخبرات التقنية والتحالفات الأستراتيجية
يكاد لايختلف المحللون في شؤون التسليح والأستراتيجية العسكرية بأن دول الشرق ألأوسط تواجه تهديداً أمنياً من الداخل والخارج ويتصاعد بأستمرار مع نمو الخبرات والتقنية العسكرية وتراكم الأزمات وكساد الحلول السياسية وفتور مفاوضات وحوار الدول بشأن : تسمية وتعريف الأرهاب، رسم حدود الدولة الفلسطينية، الوضع في جنوب لبنان، الهضبة السورية المحتلة، والتهديد الجديد لظهور الصقور الجدد في الحكومة الأسرائيلية وحكومة الجمهورية الأسلامية في أيران. وتتناول المؤسسات العسكرية ودوائر الأستخبارات المسؤولة في الدول العربية والأسلامية وأسرائيل التطورات اليومية بالحيطة والحذر، ودخول بعض دول المنطقة في تحالفات أمن دفاعية وشراءها أسلحة هجومية ودفاعية جديدة الى جانب العناية بتنمية قدرات عسكرية مشتركة ذات تأثير للردع الفعال والتجاوب مع المتطلبات التقنية الحديثة.
فالمناورات العسكرية التى تجري في أيران تكشف عن حالة الحيطة والخوف الأقليمي وغموض ميدان النزاع نتيجة التطورات المتغيرة وما يجري من تحالفات وراء حدودها تخل بموازين القوة. وتقوم أيران بنشر قواتها وأجراء التمارين العسكرية الجوية والبحرية بأستعراضات دراماتيكية غرضها أظهار تقدمها التقني وتحذير دول بأمكانية الرد والوصول الى أهداف بعيدة لم يكن بأمكانها مد ذراعها والوصول أليها لولا تطور السلاح وبحوث التكنولوجيا الحديثة. وللغرض أعلاه قامت أيران هذه السنة بعدد من الفعاليات العسكرية في الخليج قبالة مقر الأسطول الأمريكي الخامس تحت اسماء رمزية، كالنبي العظيم، واطلاق أنواع مختلفة من الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى مثل شهاب 3 الذي قد يكون بأمكانه أصابة أهداف على بعد 1400 ميل أصابة دقيقة، واختبارها لدقة أصابة صاروخ بحري فائق السرعة قادر على ضرب غواصات في الخليج كشفت ايران عنه عام 2006 وتقوم بتطويره.

المناورات تتجاوز في أهدافها مايجري على الساحة العربية الان، فرئيس الوزراء الأسرائيلي الحالي نتنياهو ووزير الدفاع أيهود باراك ومستشاريهم العسكريين يدركون أن قوة أسرائيل العسكرية وأمكانيات أسلحتها التقليدية الفائقة التطور تستطيع مواجهة أي تهديد قادم من الأراضي الفلسطينية أو الدول العربية المحيطة بها وضربه بسهولة ودون تنديد أقليمي أو دولي يُذكر.والنقاش الأسرائيلي الخفي مع أدارة الرئيس الأمريكي أوباما الذي هيأت له وسائل الأعلام الأمريكية، يدور حول الدور الأمريكي وحث أدارة البنتاغون على الدعم العسكري اللازم والمساهمة في (تقسيم فصول الخطة) ومنع أيران من الحصول على التكنولوجيا النووية وتقييد حصولها على صواريخ بعيدة المدى، وأِن أمكن، توقيت أحتمالات ضربة من الداخل بشكل يتلائم مع ردود الفعل الدولية، كأن يقوم بتنفيذ تخريب محدود، عملاء أستخبارات مدربون على أعمال تعطيل وأتلاف مفاعلات ومختبرات علمية نووية لتكون المهمة المُنجزة تأخير أيران عن برامجها أذا لم تُحرز المفاوضات أي تَقدم.
وفي هذا الصدد، تُقدِم الحكومة ألأسرائيلية الى أدارة الرئيس الأمريكي أوباما والرأي العام الأمريكي والأوربي الأرضية الأعلامية النفسية وأعادة نفس السيناريو القديم الذي قدمته عن العراق في التسعينات من القرن الماضي، بالتركيز الأعلامي عن خطورة أمتلاك طهران السلاح النووي وتهديدها الدولة اليهودية، تماماً كما قدمته الى أدارة الرئيس السابق جورج بوش بخطورة أمتلاك عراق صدام السلاح النووي وتهديده المنطقة. من قال أن التاريخ لايعيد نفسه؟



أستاذ جامعي وباحث سياسي
DhiaHakim7@cox.net

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف