مستنزف الكوادر والشخصيات صورة لها تواجد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الأسماء والشخصيات الجديدة في الساحة دائما هم المستهدفون
قيل في الموت أنه ( هادم اللذات ومفرق الجماعات) وهنالك رواية أخرى تقول أن (عزرائيل) هو هازم اللذات ومفرق الجماعات ومخرب البيوت والدور ومعمر القبور وميّتم الأطفال ومرمّل النساء ومفجع الأحباب.الـخ.. وقد ضعّف بعضهم الحديث، ومنهم من قال بأنه حديث موضوع.
فبعيدا عن ذاك الجدل الفقهي. و بعيدا أيضا من الموت وعزرائيل، لنا أن نتناول من الشخصيات العاملة في مضمار العمل العام وفي حقول العمل السياسي أو الاجتماعي من هو أقرب إلى ذاك الوصف المفجع المخيف.
ففي ظل التداعيات المتلاحقة وما هو متجدد في ساحات العمل يبرز بين الحين والأخر أفراد أو جهات تتبنى مشاريع وبرامج وأطروحات - ربما تجد بعض منها القبول والاستحسان، أوالرفض والمعارضة - وهذا أمر اعتادت عليه الجموع النوبية في معتركهم ( الداخلي والخارجي). ولكن ظاهرة تنبي المشاريع وكثرة الأطروحات والمسميات كادت أن تكون صفة ملازمة لجموع الساسة وبعض القيادات، وكأن بهم علة مستعصية، أو ممارسة لترف فكري أو ثقافي قد اعتراهم في مغتربهم البعيد عن معاناة الشعوب المطحونة والغارقة في الهموم والديون، فالساسة والطامعين والقاصدين بلوغ كراسي السلطة والسطوة والجاه وأصبحوا يتبارون فيما بينهم في خلق هيكليات وإطلاق مسميات لدرجة تبادرت فيها إلى الأذهان نضوب قواميس اللغة عن مجاراة المبدعين في إطلاق الأسماء وتشكيل اللجان وخلق الكيانات والتيارات وتبني الأطروحات المتلاحقة.
واليوم في الساحة الكثير من ما هو مطروح أو متداول وبشكل غير مألوف ومستغرب من جهات احتارت في شكلية ومضمون الأطروحات من حيث الصورة التي كانت مرسومة في أذهان المتلقين عن شخصية واتجاهات أصحاب الأطروحات. وتوجهاتهم الفكرية، وبالرغم من انه ليس في الأمر ما يدعوا للريبة والتشكك. لكن كثيرًا ما يحدث هذا اللبس والإرباك بسبب وجود اعتقاد خاطئ مرسوم في أذهان الأغلبية التي لا تضع في اعتباراتها أن هنالك ضوابط وأساليب متعارف عليها بين ممارسي اللعبة القذرة (السياسة). فبعد تجارب ونتائج تلمسناها في ارض الواقع وجدنا أن هنالك نماذج لقيادات وأفراد تستحق الإشادة والاحترام.
وفي المقابل أيضا يمكننا أن نجد من الأفراد من استطاع التخفي وسط تلك الجموع لممارسة هوايات بغيضة رغم خطورتها وتيقنهم بقذارتها لكن تحت ذريعة الضرورات تبيح المحظورات.
وهؤلاء الشخصيات لهم خطورة على مجتمعاتنا وهم من نستطيع أن نطلق عليهم لقب (مستنزفي الشخصيات ).
فمن مواصفات صاحب هذا اللقب أنه شخصية غير معروفة بذاك القدر ولكنه يحرص على التواجد في الساحة، ويستهدف دوما القادمون الجدد إلى الساحة ليشكل بهم هيكلية هلامية ويروج لها، ويدعم أركانها ببعض الكوامن التي كانت تغُض في نوم عميق، إلى جانب أفراد تبحث عن أدوار في الساحة، وغالبا ما تكون الأطروحة أو المادة الأساسية المطروحة من تلك القضايا التي لها تأثيرها المباشر على الساحة والتي تؤرق مضاجع النشطاء في العمل العام. فيبادر ذاك الذي أطلقنا عليه مجازًا لقب (مستنزف الشخصيات) بطرح الأفكار المسروقة من أرشيف الذاكرة مستعينا ببعض التجارب السابقة بعد أن يُعيد تأطيرها في قوالب جديدة وبمسميات جديدة. وغالبًا ما يتم إعداد تلك الأطر الجديدة بمشاركة أفراد أو جهات يتم مناقشتهم بعيدا عن أنظار المتابعين الحاذقين، وربما في غرف مغلقة. لتخرج إلى الساحة ا منسوبة لفئة أو جماعة جديدة قد شُكلت لجانها في تلك الغرف، أو في اجتماعات بينية وبترتيبات معينة، وبشكلية وفرضية معلنة أو غير معلنة يضمن للطامعين في بلوغ الغايات قدر معلوم.
لنا أن نحمد الله كثيرًا لان منتحلي هذه الشخصية الفرضية في مجتمعاتنا ليسو بكُثر. ولكن المؤسف حقا هو تكرار ممارستها من أفراد وشخصيات بعينها اعتادت التواجد والظهور في ساحات العمل والمشاركة فيها عنوة، ورغم تحذير بعض العارفين ببواطن الأمور من الأغراض والأهداف الفعلية من التواجد باستغلال طيبة المجتمعات وبعض العلاقات الفردية، في غياب المؤسسية والضوابط الجادة في اغلب مؤسسات مجتمعاتنا المدنية. وهذا لا يعني بالضرورة وجود خلل في تركيبة المجتمعات وفي نظمهم القائمة، بل يرجع إلى طيبة الأهالي وموروثهم الثقافي الذي يدفع بعض المتعجلين والمهرولين من بعض المنتفعين وراغبي الوصول بسوء استغلال تلك السمات الطيبة في غير موضعها. فترتبك الأمور وتتعطل المسارات وتستنزف الشخصيات. وبعد فترة زمنية ( دائما تكون قصيرة) تذوب تلك الهيكلية، وتنقض أركانها، وتضيع جهود المخلصين الذين انخدعوا بالأطروحات التي تذهب ادراج الرياح هباءا منثورا، في ظل أطروحات وبرامج غابت عنها المنهجية الفكرية، لأنها في الأصل ليست نابعة من فكر(مستنزف الشخصيات) بل هي مجرد مادة أو فكرة مسروقة أو منقولة وبتعجل وبدون دراية أو دراسة متأنية، فيكون الخاسر الأكبر في الموضوع والضحايا الحقيقيون هم..
أولئك القادمون الجدد من الصفوف الخلفية المستهدفة والتي تستنزف دوما. إلى جانب فئة من باحثي الأدوار في ركام المشاريع الوهمية.
والغريب في الأمر أن من صفات (مستنزف الشخصيات ) يكون ذو نشاط غير عادي، لا يعرف الكلل والملل، يجوب الشوارع والطرقات ويرتاد تجمعات البسطاء طارحا برنامجه البالي بصورة قد لا تختلف عن سابقتها، فكل المتغير في الطرح، وجود أسماء وشخصيات جديدة كانت غائبة أو نائمة أو جاءت مخدوعة تبحث عن زعامات وبوعود غالبا ما تكون كاذبة لم تتحقق من قبل، ولن تتحقق من بعد. وفي تاريخ الساحات والشعوب تجارب وأمثلة كثيرة، ربما لا يعلمها القادمون الجدد المستهدفون بالاستنزاف.