أصداء

كرة الغولف التي قد تقسم تركيا

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

هناك طرفة انكليزية قديمة تقول: "ضرب أحد لاعبي الغولف الكرة بقوة.اللاعب فتش كل مكان ولكنه لم يجد للكرة أثراً. بعد حوالى نصف ساعة جاء الشخص المسؤول عن الملاعب والمرافق التابعة لها الى لاعب الغولف وسأله: أليس أنت الذي اأضاع كرة الغولف؟.أجاب اللاعب بنعم.

ثم بدأ المسؤول بسرد ما حدث: ياسيدي الكرة تلك أصابت عين صاحب شاحنة وهو قريب من سكة الحديد التي تتقاطع مع الطريق. السائق فقد السيطرة على الشاحنة وإصطدم بالقطار وخرجت خمسة عربات مكتظة بالمسافرين عن السكة وتدحرجت بدورها وسقطت على مخيم للمصطافين. الحصيلة كانت موت 97شخصاً.

رد لاعب الغولف قائلاً: فهمت.....فهمت.....من الآن فصاعداً سوف أحافظ على التوازن بين إصبعي الإبهام والسبابة عند ضرب الكرة.

هذه القصة تنطبق الى حد بعيد على قرارالمحكمة الدستورية في تركيا والذي تضمن إلغاء وحظر "حزب المجتمع الديمقراطي" "DTP" الكردي، وسحب عضوية النيابة من شخصين، وكذلك منع سبعة وثلاثين من أعضاء الحزب من ممارسة السياسة لمدة خمس سنوات.

رئيس محكمة الدستورقذف الكرة.....ولا ندري فيما إذا كانت ستصيب عين السيد رجب طيب اردوغان رئيس الحكومة، أم عين الجيش التركي وقواه السرية، والتي بدأت بالتآمرللعودة الى إدارة الدولة بعد أن فقد العسكر الكثيرمن مواقعهم في السنوات السبع الأخيرة من عهد حزب العدالة والتنمية الحاكم والعودة بتركيا الى المربع الأول أي مربع "الدولة السرية" التي تتحكم بكل شارة وواردة، ولكن من خلف الكواليس.

قرار المحكمة الدستورية هو قرار سياسي وليس حقوقياً، وهذا بالذات يؤكد وقوف العسكروراءه. لن أخوض في التفاصيل ولكن ساتوقف عند ثلاث نقاط فقط، تبين أن القرار هو قرار سياسي محض ومقررسلفاً:

ــ عدد أعضاء الحزب الكردي في البرلمان كان 21 نائب{ ولولا وجود حاجز10% في قانون الأحزاب لكانت الأصوات التي حصل عليها الحزب كافياً لإدخال 90 نائباً كردياً الى البرلمان} برئاسة السيد أحمد ترك. هذا الأخير معروف وبإتفاق يكاد يكون إجماعاً من العدو والصديق بالسياسي الرزين والحكيم، وهو أقرب الى داعية سلام أكثر من كونه سياسي يقود حزباً سياسياً. المحكمة سحبت منه عضويته النيابية بالإضافة الى منعه من ممارسة السياسة لمدة خمس سنوات. ونفس القرار شمل السيدة آيسل توغلك"Aysl Tuğluk".هذان الإسمان كانا يمثلان قمة الحمائمية في الحزب الكردي.

ــ رئيس المحكمة الدستورية السيد هاشم كيليج"Haşım Kılıccedil;" أقحم نفسه في مأزق حرج وذلك عندما شبه قرار المحكمة التركية بقرار صادر في إسبانيا في قضية حزب "باتاسونا" Batasuna" في الباسك، حيث تم حظر الحزب على خلفية أنه يدعم "الإرهاب" من خلال دعمه لمنظمة "ايتا" الباسكية. والمحكمة التركية تتتهم الحزب الكردي المحظورDTP بدعمه لحزب العمال الكردستاني"PKK".

رئيس وأعضاء المحكمة التركية لا يعلمون ما تتمتع به منطقة الباسك كغيرها من الكونفدراليات الإسبانية السبعة عشر من المزايا الديمقراطية. منطقة الباسك لها برلمانها وميزانيتها وعلمها وجهاز الشرطة الخاص بها....الخ. بينما في تركيا ليس هناك حتى تاريخه للكرد وجود رسمي معترف به. وهم قد لا يعلمون أنه لا يوجد لإسبانيا نص للنشيد الوطني، بل هناك عزف موسيقي دون أي نص متفق عليه ليكون النشيد للجميع وذلك بسبب وجود عدة لغات في البلاد.

ــ الفضيحة في القرار يتعلق بالسيدة ليلى"Lyla Zana" زانا ومستخدم في البلدية كانا في عداد الذين منعوا من ممارسة السياسة لمدة خمس سنوات.

السيدة زانا كانت برلمانية سابقة في حزب كردي تم حظره أيضاً، وبعدها قضت عشر سنوات من ربيع عمرها في السجن في سبيل القضية الكردية. هذه الإنسانة ليست عضوة في الحزب موضوع البحث وذلك بسبب الحظر المفروض عليها من المحاكم، وظهر ذلك عندما إنتخبها مؤتمر حزب المجتمع الديمقراطي عضوةً في الهيئة العليا في آذار 2005. ولكن جاء الأمر من المدعي العام للجمهورية بأنها ممنوعة من العمل السياسي بسبب صدور حكم سابق بحقها. ومنذ ذلك التاريخ لم يعد لها أية علاقة بالحزب وذلك تطبيقاً لنص القانون. أي كل علاقة لها بهذا الحزب كان إسبوعاً واحداً فقط. ولكن المحكمة "الموقرة" حشرت إسم االسيدة زانا ضمن الممنوعين من ممارسة السياسة من أعضاء هذا الحزب.

السيد عبدالله إيسناج "Abdullah İsnaccedil;" هو عامل مستخدم يعمل بأجر يومي في بلدية شرناخ وعضو بسيط في الحزب. عمله الأساسي هو الإهتمام بالأبقارالشاردة في شوارع المدينة. هذا العامل المسكين سمع بإسمه من فم السيد رئيس المحكمة على شاشة التلفزيون، وهو في المقهى، ليعرف أنه من بين الممنوعين من ممارسة السياسة لمدة خمسة سنوات. من يعلم؟. ربما كان السيد إيسناج يُدرسْ اللغة الكردية لأبقار تركيا دون علم السلطات؟.

من هذه الأمثلة البسيطة يبدو واضحاً أن المحكمة كانت قد إتخذت قرارها مسبقا، وهذا يشبه الى حد كبيرما كان يحدث في القرون الوسطى: القرار بأن الأرض مسطحة أولاً ثم البحث عن البراهين لاحقاً. ولهذا كان إستهتار المحكمة في البحث عن البراهين والمستمسكات ليظهر للجميع أنها "محكمة كاريكاتورية". تاريخ الدولة الكمالية مليء بمثل هذه الفضائح.

دستور تركيا الحالي هو دستور عام 1982والذي جاء به العسكر بعد إنقلاب ايلول 1980وفيه ثغرات بحيث يتمكن العسكر من خلالها من الإستيلاء على السلطة عند اللزوم، وهذه المحكمة كادت أن تحظرالحزب الحاكم قبل عدة شهور. حسب مواد هذا الدستور تم حتى الآن حظر أكثر من عشرين حزباً كردياً وإسلامياً، ولذلك تسمى تركيا بـ "مقبرة الأحزاب".

حظر الحزب الكردي هو تآمر فاضح من العسكر للإنقضاض على السلطة وذلك بتحريض الشارع الكردي المحتقن ومن ثم تحريك عصاباتهم المدربة لإشعال حرب أهلية في المدن بطول البلاد وعرضها بين الكرد والترك وحدوث الفلتان الأمني، ليتسنى للجيش القفز على الحكم بذريعة "الحفاظ على وحدة وأمن البلاد"، نفس الذريعة التي تذرع بها في إنقلابات 1960 و1971 و1980.

التاريخ لن يغفر للسيد اردوغان وحزبه عدم تغيير دستور"الجونتا "السيء الذكر، بالرغم من وجودهم في السلطة ما يقارب السبع سنوات وبأكثرية مطلقة في البرلمان. في جميع دساتيرالأنظمة الديمقراطية تكون الغاية من وجود المحكمة الدستورية هي حماية الأحزاب لتعميق أسس الديمقراطية. بعكس تركيا التي أصبحت "مقبرة للأحزاب" ومؤسساتها الدستورية أدوات لتهيئة الظروف للإنقلابات العسكرية.

إذا أصابت" كرة "رئيس المحكمة عين السيد اردوغان، سيكون مصيره نفس مصيرالسيد عدنان مندريس رئيس الوزراء في الخمسينات والذي أعدم بعد إنقلاب 1960 أو مصير المرحوم توركوت اوزال رئيس الجمهورية الذي تم تسميمه في عقر دار رئاسة الجمهورية في عام 1993. هذه المرة سيكون الثمن هو تفتيت الدولة التركية نفسها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مقبرة الكريم
محسن -

الحقيقة أن قرار المحكمة الدستورية باغلاق حزب المجتمع الديمقراطي هو قرار سياسي وهذا شيء مؤكد أكدته بعض الاطراف التي على صلة بحزب العدالة والتنمية، كما أن تركيا هي مقبرة الحياة وليست فقط مقبرة الاحزاب، تركيا لا ترى غير التركي يستحق العيش، هم يشبهون أنفسهم باسبانيا، اذا كان تشبيههم هذا صحيحا, فلماذا لا ينضمون مثل اسبابيا الى الاتحاد الاوروبي.

لماذا كل هذا التحامق
muhammed -

لقد نصب الكاتب نفسا وصيا واصبح طرفا في الخصومة وكان حزب DTPالكردي يزرع الورود والازهار ياسيدي ان هذا لاحزب هو الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني وليس من المعقول ان ترفع السلاح بوجه الدولة وبنفس الوقت تستفيد من المزايا الديمقراطية التي يكفلها دستور الدولة التركية ,يبدو انك كردي متعصب وهذا واضح من خلال مقالك ولكن المرض الذي صعب على الاكراد تشخيصه هو اصابتهم بداء العظمة وعدم معرفة احجامهم

في مقبرة الجمهورية
ايلافي -

صورة الصراع السياسي الحالي في تركيا او في مقبرة الاحزاب الكوردية والحرية بشكل خاص ، تظهر بوضوح اكثر للعين السليمة والنظرةالمنصفة.يبدو اطراف الصراع وباختصار شديد، احد اطرافه يتمثل في الفكر الكمالي الشوفيني السائد الذي ينكر وجود الكورد وغيرهم من القوميات غير التركية على ارض جمهوريتهم الكمالية،وهو الفكر القوي المسيطر على الساحة السياسية عن طريق قوة المؤسسة العسكرية ونفوذها،وكذلك الاحزاب الكمالية التي تفكر وتعمل وترفع شعارها العنصري القائل (تركيا للاتراك) اي لا وجود ولا حقوق لاحد غيرهم في تركيا.وجاء حزب العدالة والتنمية الاسلامي الجذور واكتسح الساحة السياسية وهزم الاحزاب الموجودة بالضربة القاضية في الجولة الاولى. وخلال 7 سنوات من حكمه استطاع ان يحقق نجاحات كبيرة شملت نواحي الحياة العملية ما عجز عن تحقيقه جميع الاحزاب الاخرى التي حكمت تركيا اكثر من 70 سنة.اضافة الى ذلك اصبح هو وحده الحزب الحاكم في تاريخ تركيا الذي تجرأ واعترف بوجودالمشكلة الكوردية واعلن عزمه على حلها وبدأ بخطوات هي صغيرة واقعيا لكنها كبيرة تاريخيا لتحقيق ذلك.ولهذا السبب وضعت عراقيل كثيرة امامه من الاطراف الرافضة للحل والديمقراطية، من الكماليين ومن حزب العمال ايضا للاسف وخصوصا لم يتوقف زعيمه السيد عبدالله اوجلان المعتقل عن شن الحملات العنيفة على الحكومة وعلى محاولاتها في شأن حلحلة القضية الكوردية،مع الاستمرار في نفس الوقت في مدح الكمالية في شخص مؤسسها مصطفى كمال .ولاسباب تاريخية مستمرة معروفة لن يستطيع اي حزب تركي حاكم اليوم وفي المستقبل القريب تقديم مشروع شامل لحل القضية الكوردية حلا عادلا يحقق أماني الشعب الكوردي المشروعة ولذلك وفي هذه الظروف وهذا الواقع كانت خطوات حكومة العدالة والتنمية كبيرة جدا على ارض الجمهورية الكمالية التي تأخذ الان شكل المقبرة المظلمة.تلك الخطوات الصغيرة الكبيرة لم تؤخذ اهميتها الحقيقية وضرورة دعمها من قبل الكورد لصالح ترسيخ الاجواء الديمقراطية في البلاد،في حين ادركت المؤسسة العسكرية خطورة تلك الخطوات على مكانتها ونفوذها كذلك ارتعبت منهاالاحزاب الكمالية بكل اشكالها المهزومة وقد تحرك هؤلاء جميعا للقضاء على محاولات الحكومة التي هي بدورها كانت تخطط للسيطرة الانتخابية على مناطق الكورد اكثر من اهتمامها بحل قضيتهم،ويبدو ان القوى المعادية للديمقراطية قد نجحت في نوجيه ضربة قوي

رب ضارة نافعة ...!؟
س . السندي -

رب ظارة نافعة وهو ما يقوله المشهد التركي نفسه قبل غيره ... فعلى الاكراد شكر المحكمة ورئيسها على هذا القرار الجائر والعنصري ... أولا: لتبيان وجه تركيا الحقيقي العنصري والشوفيني القبيح والمنافق للشعب التركي والعالم وتشدقها بالديمقراطية وتغنيها برغبتها في حل القظية الكردية سلميا ... وثانيا : فعلى نفسها قد جنت براقش ففرصتها في الدخول إلى السوق الاوربية قد حكمت بالعدام عليه ... ثالثا : إن زمن التهديد والوعيد والبلطجة قد ولى والدليل رضوخهم للمطالب لمطالب الاكراد وتنازلهم لما هو حق لكل الشعوب في العيش بحرية وكرامة وليس منحة أو منة ... رابعا : إن أكراد اليوم ليسو بأكراد الامس والضروف التي خدمت الاتراك يومها قد أفل بريقها وليست اليوم في صالحهم وعلى تركيا إستيعاب الدروس قبل إشتداد الطرق على رؤوسهم بألفؤوس وعلى خرب البلاد النعيق والجلوس .....!؟

الى الرقم 2
جواد كريم -

ان استخدامك للكلمات البزئية هو انعكاس لشخصيتك وخصالك، ويقال : إذا تكلم السفيه فلا تجبه فخير من اجابته السكوت فإن كلمته فرجت عنه وخليته كمدا يموت. .

حدود غیر شرعی
ناسر تها -

الاتراك لم ولن تكون لهم القدره علی تحكم بالاحدودالجغرافیه الحالیه بالوسائل المدنیه ، النتیجه اما الحرب او الانفسال.