وقفة مع مفهوم المثقف
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
ثمة نماذج عديدة لتعريف المثقف تجعلنا نقوم بعملية النمذجة حسب المراجع الفكرية التي وقفت على سؤال المثقف و ماهية هذا الكائن و وظائفه أو دوره الإخلاقي و السياسي أو الأجتماعي و المعرفي. و في هذا الإطار يمكن أن نرجع كل نموذج للمثقف الى المفكر أو الفيلسوف الذي تناول مفهوم المثقف و شَخّصَ حقيقته على ضوء تاريخه المُعاش والمعطيات السياسية و الإجتماعية أو الأقتصادية و الثقافية السائدة في زمنه. وهنا يمكن الإشارة الى التعاريف التي نجدها لدى كل من جوليان بيندا، و جان بول سارتر، و غرامشي، و ميشل فوكو، و ادوارد سعيد.
ففي المفهوم البيندايي للمثقف نجد أن المثقفين هم عُصبة صغيرة من الملوك- الفلاسفة الذين يتحلون بالموهبة الإستثنائية و بالحس الأخلاقي الفذ و يشكلون ضمير البشرية. انهم من أمثال يسوع المسيح و سقراط و سبينوزا و فولتير و نيتشة و ارنست رينان.. يعرضون حياتهم لمخاطر الصلب و الحرق و النبذ و الملاحقة و المحاكمة. و عددهم قليل جداً و كما أن موقفهم هو موقف المحاججة و المعارضة للأوضاع السائدة، كما أنهم يدافعون عن قيم أزلية كالحق و العدل.
أما المفهوم الغرامشوي هو: أن المثقفين ينقسمون الى قسمين: المثقفين التقليديين مثل المعلمين و رجال الدين و الإداريين ممن يواصلون اداء العمل نفسه من جيل الى جيل.. و المثقفين العضويين المرتبطين مباشرة بطبقات أو بمؤسسات تستخدم المثقفين لتنظيم المصالح و اكتساب المزيد من القوة و زيادة السيطرة.
و المفهوم السارتري للمثقف هو: انه ذلك الكائن الذي يتدخل فيما لايعنيه. و ثمة نوعين من المثقف، الأول هو المثقف الحقيقي و الثاني هو المثقف المزيف، المثقف الحقيقي هو من يقول كلمة (لا) و لكن المثقف المزيف هو من يقول ( لا و لكن ) أي يبرر ما لايحتمل إلا النقد و المعارضة. المثقف الحقيقي هو من يدافع عن الحريات و يغير الواقع السائد، أنه الكائن الذي يصر على قول الحقيقة.
أما المفهوم الإدواردي للمثقف فيتمثل في أنه الشخص الذي يتحلى بقدرة خاصة في تجسيد هموم شعبه و إيصال رسالته و مواقفه و توجهاته للناس. كما أنه رمز المعارضة و الجراءة و التحدي و مواجهة الوضع القائم الذي لايتجاوب مع مباديء الحرية و العدل. المثقف هو المنفي و الهاوي و الهامشي، و الذي لايتفادى المخاطر و لايبتعد عن المباديء التي يشعربأنها صائبة و قويمة. فهو الإنسان الذي لايجامل و يراهن بشعوره النقدي على وجوده كله و لايقبل بالإملائات و الأفكار المبتذلة و الجاهزة ولا يرتبط بشريحة أو مؤسسة أو حزب أو حتى قوميته و إنما هو وعي حر في العالم و و لامنتمي.
و المفهوم الفوكوي للمثقف : هو أنه الكائن الذي يسائل و يفحص المسلمات و المصادرات و ذلك عبر التحاليل التي يجريها ضمن حقله الإختصاصي. أنه من يزعزع العادات و طرق العمل و التفكير و الأشياء المألوفة و المسّلمة بها، ولكن المثقف ليس هو من يلعب دور الوصي على الناس و يحدد لهم ماينبغي فعله، بأي حق يحق له هذا الحق؟ فالمثقف ليس هو من يكوّن الإرادة السياسية للناس. كما لا ينبغي أن يحكم و لايدعي أنه ضمير الأمة أو لسان حال الجمهور أو المعبر عن الشعور الجمعي أو ممثل شريحة إجتماعية. هذا الكائن ليس حارساً للحقيقة. و انما يختص في مجال من مجالات إنتاج المعرفة.
أما ملاحظانا نحن حول هذه النماذج من تعريف و مفهوم المثقف هي كاتالي:
1- هناك وجوه التشابه و التباين في التعريفات التي ذكرناها، لذا لايمكن أن نعتمد على مفهوم واحد عند ذكر مفهوم المثقف و هذا بحد ذاته إشكالية كبيرة تفتح المجال أمام السجال.
2-عدا تلك التعريفات هناك الكثير من التعريفات الأخرى للمثقف و هناك مؤلفات لمجموعة أخرى من الفلاسفة المعروفين على المستوى العالمي تتناول مفهوم المثقف و قضاياه: مثل ريمون ارون، جان فرانسوا لويتار،رجيس دوبريه، و في العالم العربي: علي حرب و عبدالإله بلقزيز..
3- يحتمل كل تعريف ذكرناه و لمسناه عند المفكرين و الفلاسفة المذكورين بحوث و دراسات عديدة و مختلفة لشرح و تأويل نظرياتهم و رؤاهم الفكرية و المعرفية لمسألة المثقف و ماهيته، وهذا بحد ذاته يدل على أن ثمة تراث ثقافي و علمي غزير عن المثقف يمكنه أفادتنا و إفساح المجال لنا لبحث مفهوم هذا الكائن على أكثر وجه و صعيد..
عدالت عبـدالله
التعليقات
الألم لسان حال المثق
رمضان -أن تكون مثقفا يعني أن تعرف أكثر ، أي أن تكشف المستور ، أن تسبر غور الأحداث وتتكشف أمامك الحقائق والمصائب التي تحل بالناس ولكن لاتستطيع تغيير الأوضاع لأنك وحيد ، فتقول آه ليتني لم أعلم فكم جر علمي على نفسي الألم . والألم يدفع المثقف اٍما الى الاٍنطواء والتقوقع أو الاٍنتماء والتفاعل مع الأحداث والمجتمع ، وقد يصل الى الاٍعتقال والطرد من الوظيفة والنفي من البلد ، واٍن انتمى الى العلم والحقيقة العلمية يصل الى التكفير وطلاق زوجته وربما اهدار الدم على الطريقة الأصولية . هذه هي الثقافة انها ألم وانتماء واخلاص للحقيقة والمعرفة .وأكثر الناس ضررا على الثقافة هم المثقفين الوصوليين الملتصقين بالسلطة الظالمة ، فهم أداة في يد الحكام وسوطهم ضد شعوبهم ، ويدخل تحت هذا الفهم مثقفي الميراث الديني الذين يخدمون النظم السياسية بفتاويهم المستوحاة من بطون الكتب الصفراء التي تبيض وجوه الظالمين وتخدع العامة من الناس .
الألم لسان حال المثق
رمضان -أن تكون مثقفا يعني أن تعرف أكثر ، أي أن تكشف المستور ، أن تسبر غور الأحداث وتتكشف أمامك الحقائق والمصائب التي تحل بالناس ولكن لاتستطيع تغيير الأوضاع لأنك وحيد ، فتقول آه ليتني لم أعلم فكم جر علمي على نفسي الألم . والألم يدفع المثقف اٍما الى الاٍنطواء والتقوقع أو الاٍنتماء والتفاعل مع الأحداث والمجتمع ، وقد يصل الى الاٍعتقال والطرد من الوظيفة والنفي من البلد ، واٍن انتمى الى العلم والحقيقة العلمية يصل الى التكفير وطلاق زوجته وربما اهدار الدم على الطريقة الأصولية . هذه هي الثقافة انها ألم وانتماء واخلاص للحقيقة والمعرفة .وأكثر الناس ضررا على الثقافة هم المثقفين الوصوليين الملتصقين بالسلطة الظالمة ، فهم أداة في يد الحكام وسوطهم ضد شعوبهم ، ويدخل تحت هذا الفهم مثقفي الميراث الديني الذين يخدمون النظم السياسية بفتاويهم المستوحاة من بطون الكتب الصفراء التي تبيض وجوه الظالمين وتخدع العامة من الناس .