النظم الشمولية وصناعة الآخر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في حديث مطول لرئيس ما كان يسمى بالجبهة الوطنية والتقدمية العراقية أبان السبعينات من القرن الماضي السيد نعيم حداد لقناة البغدادية التي تبث برامجها من القاهرة، وصف تلاشي الجبهة بتبخر المؤتلفين فيها خلال سنوات الحرب القاسية مع إيران حيث ابتلع حزب البعث أحزاب ما كان يسمى بالجبهة الوطنية والتقدمية التي صنعها في عقد السبعينات وغدر فيها بالديمقراطي الكوردستاني ومن ثم الشيوعي العراقي و(علس) الباقي كما تقول الدارجة العراقية وانتفت الحاجة لتلك الأحزاب الملساء التي حاول استنساخها ( بعد انسحاب الديمقراطي والشيوعي ) وبدت أكثر رخاوة وربما تبخرت تدريجيا أو اندمجت اندماجا قذافيا بعد منح أعضائها نفس درجات الرفاق في الحزب القائد، حيث برزت أمور أكثر زينة وبهرجة للمشهد السياسي والاجتماعي العراقي في دولة الانتصار الدائم على العدو الامبريالي الانفصالي الشعوبي الاستعماري الفارسي المجوسي إلى آخر قائمة التسميات التي أنتجتها دوائر إعلام وفكر النظام السابق ضد معارضيه حتى وان كانوا ملائكة أو ممن يتغدون ويتعشون مع الأنبياء والرسل، والتي ما زالت تستخدم بجدارة من تلاميذ ومريدي القائد الضرورة حتى يومنا هذا.
أن هذه الثقافة التي تنتج الآخر وتستنسخ أجيالا من الانتهازيين الضعفاء لم تسقط مع سقوط تلك التجربة المريرة في العلاقات مع معطيات الحياة في حقولها المختلفة في عراق يتدحرج إلى الأعلى تارة ويتسلق الحضيض تارة أخرى، فعادت فايروساتها تنشط من جديد منذ الأشهر الأولى لسقوط النظام وتنمو بشكل مضطرد خارج أجواء المختبرات هذه المرة لتخرج من أقبية مخابرات دول الجوار بأجمعها دونما استثناء لأحد، ولتتكون أحزاب ومنظمات مستنسخة جديدة تم تدجين أفرادها في عواصم الدق والرقص على أنغام ذبح العراقيين وسرقة خزائنهم، وامتلأت مدن العراق بمقرات أحزاب وأسماء أمناء عامين ومكاتب سياسية رنانة تم صنعها وفبركتها في ما تبقى من تنظيمات حزب الطليعة الأوحد ورجال مخابراته واستخباراته ممن انقطعت بهم السبل بين الشعارات التي كانوا يتناولونها صبح مساء وما حصل لهم ولنظامهم خلال اقل من عشرة أيام من دولة تم بناؤها في أكثر من ثلاثين عاما، إضافة إلى عشرات الآلاف من الذين أنتجهم ذلك النظام سواء ما أطلق سراحهم قبل سقوطه فيما سمي بعمليات ( تبييض السجون ) أو ما تم تربيتهم وإعدادهم من داخل العراق ومن خارجه لتحويل العراق إلى حفنة تراب كما تعهد الرئيس الضرورة في تدمير العراق أرضا وشعبا إذا ما سقط هو ونظامه.
وبعد سنوات من انهيار وسقوط ذلك النظام ما زالت تلك الثقافة تفعل فعلتها في المشهد السياسي والاجتماعي العراقي وقد أفرزت فيما أفرزته سلوكا منافقا ومزدوجا في التعاطي مع العملية السياسية فأصبحت هناك أحزابا تعمل في قاعات البرلمان بينما تنشط مؤسساتها الأخرى ليلا وحتى نهارا ( بالتلثم ) في التخريب والاختطاف والاغتصاب للمال والبشر وإشاعة الفوضى والإرهاب في أبشع عمليات القتل والتعذيب التي تجري في دهاليز مقراتها أو حتى في كثير من بيوت الله والشعب من خلال قواتها المسلحة ( الجيش الشعبي ومستنسخاته وان اختلفت التسميات ) أو من خلال بعض سفراء الحزب القائد والقاعدة في مجلس النواب العراقي؟.*
لقد أثبتت الأحداث التي وقعت وما تزال منذ سقوط النظام إنها نتاج تلك الفترة المظلمة من تاريخ هذا البلد وتربية ذلك النظام لعدة أجيال من الناس الذين ينفذون اليوم ما تعلموه خلال أكثر من 35 عاما وشاهدوه وهم أطفال وفتية وشباب، ابتدءاَ من كرنفالات الإعدام التي كان ينفذها النظام في الشوارع والساحات العامة وكيل الاتهامات الكاذبة جزافا لكل من يعارضه وانتهاء بتلك المشاهد البائسة والقاتلة من ( صور من المعركة ) التي كانت تبث يوميا وتُظهر آلاف الجثث الممزقة الأشلاء وعمليات دفنها بالبلدوزرات على أنغام الأناشيد الوطنية، الى تسطيح عقول ووعي الناس بتصنيع أحزاب وجمعيات للرقص أوقات الحاجة لها من ما كان يسميه النظام بالاتحادات والنقابات المهنية والفرق الفنية التي لا هم لها ولا غم إلا التغني بالقائد الذي لا مثيل له في الدنيا وربما لو بقوا عدة سنوات أخر لقالوا انه متعهد الآخرة أيضا.
إن تراكمات هائلة من النظم التربوية الخاطئة والتي وصلت في كثير من مفاصلها إلى الخطيئة والسلوك المنحرف في تعليم وإشاعة الكذب والخوف والتدليس والاستكانة والقسوة وتحليل وإباحة المحرمات في المال والأعراف وإرعاب الناس باعداءٍ مفترضين لا وجود لهم إلا في مخيلة ذلك النظام الذي أراد بواسطتهم إشغال الملايين عن الإبداع والإنتاج، كما ساهم النظام من خلال برامجه الإعلامية والتربوية من إلغاء وتحطيم مفهوم المواطنة العراقية وذلك من خلال إذابتها بمفاهيم شوفينية ووهمية أساسها العرق والمذهب الواحد، على حساب تهميش وإلغاء الملايين من أبناء العراق الشيعة والكورد والكلدان والتركمان وبقية الأعراق والأديان بإذابتهم في بودقة الأمة العربية والوطن العربي.
إن سقوط النظام لم يسقط ثقافته وتبعات تربيته وسلوكيات أفراده وعقود من تراكمات التلقين والتصرف الببغائي والكيل بمكاييل وليس بمكيالين، فهم أي ما أنتجه النظام مما نشاهده اليوم ذوو أوجه وألوان حرباوية وأشكال هلامية وملساء تصلح للزينة وللقبح وتمارس كل الأدوار الانتهازية والوصولية وخصوصا ما كان له علاقة بالحملة الوطنية للأيمان والذبح والتفخيخ والإبقاء على كل ما له علاقة بالنظام السابق وقراراته وقوانينه وبدائيته، من خلال إشاعة اليأس والتشكيك في قدرة العراقيين على بناء تجربتهم الديمقراطية.
كفاح محمود كريم
* أعلنت وزارة الداخلية أكثر من مرة تورط أعضاء وأحزاب وكتل في مجلس النواب بعمليات إرهابية وآخرها النائب محمد الدايني.
التعليقات
قل الحقيقة كاملة
حسان -الى كاتب المقال المحترم : طيب فهمنا وعلمنا تكرار تهجمك وسخريتك من العرب العراقيين وهو مادرجت عليه في برنامجك عبر فضائية مسعود..لكن هل من وقفة تساؤل في المقابل ولكي يتحقق الأنصاف والموضوعية عن مغزى تشكل الدكتاتورية الكردية ودفاعك ودفاع غيرك عنها ؟ هل يمكنك ان تجيبنا مامعنى هذا الحكم الشمولي العائلي للمملكة البرزانية ؟ مامعنى ان يتحكم مسعود وابناءه وابناء اخيه واقربائه ونسباءه بالمناصب والثروة ؟ ولماذا ياترى تتحاشى ان تمس هذه الظاهرة الملكية البرزانية الجديدة ولو بكلمة ؟هل ذلك يعود الى استخفافك بعرب العراق كما هي استهانة مسعود في وقت يأتي هو والنجرفان في كل عام لأستجداء الأموال الطائلة من خزينة عرب العراق وبعد ان يتسلمونها وهي ثلث ميزانية العراق وبعد ان يضعونها في حساباتهم الشخصية يبدأون بشتم عرب العراق مباشرة ..وهذا هو ديدنهم ..ناكرين للجميل ..ناكرين للنعمة ..ويطعنون من يحسن اليهم في ظهره ..مع شديد احترامي وتقديري للشعب الكردي المحترم وتضحياته وناسه الطيبين ولكن واقع المتسلطين هناك هو شيء آخر ..
كمال سيد قادر
برزنجي -ان مقالاتك تذكرني بكتابات الكاتب الكردي البارع كمال سيد قادر ..التي اتمنى ان تناقشها من اجل مصلحة القراء واما قصة حزب البعث ونعيم حداد وماالى ذلك فاعتقد انها اصبحت قديمة ومكررة الى حد الملل فالزمن يسير والحياة تتطور ..
نعم اتفق معك رقم2
سورجي -نعم اتفق مع البرزنجي رقم2 ..نتمنى ان تناقش افكار الكاتب الكوردي المتميز كمال سيد قادر ..وموضوع عرب صارت ملل ..نحنة كورد ناقش قضية كورد وابوك الله يرحمه ..
السيد الرئيس !!!!!!؟
ناجي -السيد الرئيس يبحث عن قيادة الامة الكوردية ليصبح خالدا وتنتشر صوره المباركة في كل مكان , السيد الرئيس هذا اسمه الرسمي ربما في الدستور الكوردي هناك نصوص قانونية تعاقب كل من ينادي ضخامته بدون لقب السيد الرئيس .يملك الريس امالا في السيطرة على شمال العراق بضمنها نينوى وديالى وصلاح الدين وقدس الاقداس كركوك , ليعلن الانفصال واقامة دولته الكردستانية المباركة دون الخوض بتفاصيل كردستان الجنوبية لانه لا يستطيع ان يحرك البيش مرك او انها غير قادرة على التحرش بالجيش التركي المدرب جيدا والقادر على تحقيق الانتصار السريع على اطماع او طموحات السيد الرئيس .برزاني يستطيع ان يقرر ما يشاء بشعبه الكوردي ولكنه لا يملك الخيار لاجبار العراقيين غير الكورد على الانتظار كثيرا خصوصا وهو يحتل اراضي عربية عراقية ويسيطر بالقوة على مناطق عربية من خلال اجهزته القمعية ..كما قال السيد المحامي سلام الياسري مشكورا..
الشمولية البرزانية ؟
ناجي2 -وازيدك من الشعر بيت :يقول الأخ سلام المحامي :الدستور العراقي يتحدث عن الفيدرالية ولكنها من نوع عجيب وغريب بحيث لا توجد اي مؤسسات فيدرالية تراقب ما يجري في اقليم كوردستان العراق , بل على المواطن العراقي الفيدرالي قبل الذهاب الى كردستان اذا لم يكن كورديا الحصول على فيزة من الاقليم , فيدرالية ليس لها طعم ولكن لها رائحة نتنة جعلت من العراقيين ان يخشوا النظام الفيدرالي خوفا من تقسيم العراق الى دويلات السيد الرئيس يبعث بهدايا للشيوخ العرب في الموصل بل انه اعطاهم بيوت وسيارات وحمايات في اربيل العاصمة المقبلة للدولة الكوردية البرزانية , هذه العطايا مقابل الصمت للاحتلال البرزاني واجهزته الامنية القمعية لمحافظة نينوى , ثم يبعث السيد الريس للوجهاء وشيوخ الموصل العرب برسالة تطمينة لهم في لقائه الاخير في اربيل مفادها ان لا يطمع بالاراضي العربية في شمال العراق بل انهم لايريد الانفصال عن العراق .عجيب هذا الريس وغريب في اموره , لا انفصال ولكنه منفصل عمليا عن العراق وعن المركز , لا يريد احتلال اراضي عربية ورئيس حكومته يهدد بشن حرب حول الاراضي المنتازع عليها بين الدولتيين العراقية والكوردستانية .اتنخابات تجري في عموم العراق لكن الريس له انتخابات على توقيته وعلى طريقته , رافضا لاي تدخل من المركز او من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات .فهل سمعتم او رأيتم اغرب واعجب من هذا ( الريس) في التاريخ ؟؟؟؟؟
فريق الاتهامات
د. أحمد العبيدي -عجيب امر هذا الفريق اعلاه في تناوله للمواضيع وكأنه مبرمج لكيل التهم والشتائم حتى وإن كان المقال عن جزر الواق واق. يبدو والعلم عند الله ان السادة الكرام أو السيد المنقسم الى مجموعة يعانون من مشاكل كبيرة او عقد بالغة من الاوضاع في شمال العراق، ربما بسبب نقاط السيطرة التي تمنع دخولهم او ربما انهم كانوا من الرفاق المناضلين او من مفوضي الامن والمخابرات الذين كانوا يعملون في الساحة النضالية قبل الاحتلال والغزو؟واعود للكاتب المحترم لكي اشكره اولا على سلسلته هذه حول الديمقراطية وقبول الاخر، واهمس في اذنيه لكي يهدأ الرفاق قليلا ويوقفوا سيل شتائمهم، أن يتحدث قليلا عن الاخطاء والمشاكل في تجربة شعبنا بشمال العراق ( اقليم كردستان )خصوصا وإن الكاتب يدرك تماما التناقضات والتجاوزات على الرأي وحرية التعبير هناك.لا أقول ان التجربة في الشمال فاشلة بل على العكس اثبتت نجاحها بدليل هذا التطور الاجتماعي الحضاري وحتى السياسي الذي نراه في كل مدن الاقليم، وهذا ايضا لا يعني بأن كل شيئ على ما يرام، فهناك فساد اداري ومالي كبير في المحافظات الثلاث ، كما ان كثير من الاتهامات تتجه الى نقاط قريبة جدا من مراكز القرار في اربيل والسليمانية. ولكي نكون منصفين علينا أن نرى ونراقب عن كثب ما يحدث وما يجري في هذا الاقليم منذ الاحتلال وحتى يومنا هذا، انهم مقابل كل الاخطاء التي يجب أن نشخصها يتقدمون ويعملون على بناء مدنهم وتعويض ما فاتهم من فرص التطور، والذي يرى اربيل او دهوك يدرك تماما بأنه هناك ازاء التجاوزات اناس مخلصون وعراقيون امجاد يبنون يبنون تجربتهم بكل اخلاص وتفاني.واخيرا يجب أن نعترف تماما بأن الحقبة التي عشناها قبل الاحتلال كان من أشد حقب العراق سوادا وظلما وطغيانا، وهذا ايضا لا يعني أن ما يجري بعد نيسان 2003 خالي من السواد والظلم، بل على العكس فقد أتى الاحتلال بموجات مخزية من السراق والفاسدين والطغاة، وما يحصل من قتل وتصفيات وتخريب للعراق ما هو الا امتداد لتلك الثقافة التي تحدث عنها الكاتب وازيد عليه الدور الامريكي الذي ساعد على تهديم العراق وتأخير انطلاقه وانعاش بقايا الحقبة السوداء واعادة الحياة اليها من خلال مؤسسات العراق الجديد.
شوف مين يحكي
كريم علي -حقا انها مهزلة المهازل السيد كفاح يتكلم عن الديمقراطيه ومن جمهورية مسعود الغارقه في الديموغرافيه المقيته والله شي محزن
رد : الى رقم 6
ناجي -اود ان اسألك : ومن نصب حضرتك محاميا ..؟او وصيا على القراء؟ ويجب ان تعلم ان ايلاف صحيفة ليبرالية حرة تؤمن بحرية الرأي ومن حقي ان اقول ماانا اراه صائبا ..فلو امتدحت زعامة (المملكة) العائلية البرزانية وقلت فيها نفاقا هل كانت ثائرتك ستثور هكذا وتدافع عن الواق واق ؟ ثانيا من المعيب ان تشوه الحقائق فأسايش مسعود وابنه يمنعون اي عربي عراقي من دخول كيانهم الكارتوني بدون فيزا فلا تخلط الحقائق ..اي المنع شامل للعرب العراقيين حصريا وليس ازلام النظام السابق وضباطه فهم ليسوا بحاجة للجوء الى مسعود بل امتلأت بهم منافي الدول ..واما انكم زمرة مسعود وابواقه ومرتزقته جاهزون لأتهام كل من ينتقدكم او يواجهكم بنهبكم خيرات العراق واراضيه فسرعان ماتقولون عنه صدامي ومخابرات وبعثي وشوفيني وماالى ذلك من اتهامات رخيصة ..ولكن اعلم ان العراقيين العرب لن يسكتوا على اهانات مسعود واذنابه واطماعهم التوسعية ..ومن لايعجبه العراق العربي ويعيش كأقلية فليذهب الى اصوله الجرمانية ويقيم هناك امبراطوريته العظمى فقد مللنا هذه المهاترات ..