أصداء

عن شراء ذمم أحفاد جبران خليل جبران أيضاً

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

الهبوط في المستوى بحضرة القلم مؤشِّر إلى الهبوط في مستوى العقل، وهذا هو شأن كلّ من هبط في المستوى بحضرة القلم عندما ساءه أن يُفتضح عمل الرشوة والراشين ومحاولات شراء ذمم اللبنانيين المهاجرين في أصقاع الأرض ببطاقة سفر ومصروف جيب قولوا "بقشيش" (يُقال أنّ مفردة بقشيش هي من اللغة التركيّة، والعجيب أنّ اللبنانيين نسوا إلاّ أسوأ ما خلّفه الأتراك العثمانيّون كمفردات: "باشا، بك وبقشيش.. إلخ" فهي مفردات أثيرة لأسباب لا تخفى على ذوي الألباب. ولا يهم ما هو أصل مفردة بقشيش بل ما يهم أنّها مفردة فيها الكثير من الإستهانة) وبالإضافة إلى البقشيش هناك فندق، وفقط حدّثوا المسكين بالفندق حتى يسخسخ، وهذا هو شأن كل من هبط في مستوى العقل عندما حطّ إلى مستوى الصفر، ولا حاجة للإفصاح. كلّ الحكاية هي أنّ لبنان في تاريخه، لم يصدِّر إلى من يطلق عليهم إسم المهاجرين أو المغتربين أو المنتشرين في بلاد الهجرة أو الإغتراب أو الإنتشار (رائعة هي مفردة الإنتشار، وكلّما أذكرها أبتسم، ففي الهجرة أنا مهاجر، وفي الإغتراب أنا مغترب، وفي الإنتشار أنا منتشر.

أنا منتشر. ولا أعرف لماذا أفهم من المنتشر أنّي منتشر في الأرض من أجل أن أنشر رسالة في الأبجديّة وربّما في العقيدة أو التحضير والتمدين، وأنا أتحدّث عن نفسي، أنا المنتشر في الإنتشار الأسترالي بائس حزين، فأي رسالة وأي أبجديّة وأي عقيدة وأي تحضير وتمدين؟. لبنان في تاريخه، ومنذ تأسيسه، لم يتّجه إلى هذا الإتجار الفاضح بمهاجريه وأصوات مهاجريه وضمائر مهاجريه وكرامات مهاجريه.


جبران خليل جبران هو منّا نحنُ العرب. أبحرَ إلى العالم الجديد وكان متفوِّقاً بين متفوِّقين وكان صاحب رؤيا بين أصحاب رؤيا، والتفوّق والرؤيا ليسا حكراً على أمّة أو ملّة. وأحببنا جبران خليل جبران الأديب العربي السوري اللبناني الكبير لأنّه يعزّينا بأنّنا يمكننا أن نرتفع، ولأنّه ما ذكرنا الهجرة ولو كمفردة إلاّ ذكرنا جبران خليل جبران، كأنّما هو آدم الهجرة ونحن أحفاده، وأحفاد الكبير أظنّ بهم أن يكون فيهم كبر. ولذلك يحزّ في النفس أن يكون مآل أحفاد جبران خليل جبران في المقلب الآخر أن تُشترى أصواتهم التي هي ضمائرهم، على مذبح الإنتخابات اللبنانيّة المقبلة، ببطاقة سفر سخيفة، وبقشيش أو مصروف جيب أو "برّاني" و"يومين" في فندق في ستّ العواصم بيروت. وأدنى الهبوط هو الإستنجاد بالطائفيّة من قبل "محرنين" مِنْ تعرّضي لشراء ذمم اللبنانيين في الخارج كما تُشترى ذمم لبنانيين في الداخل، ويتساوى عندي الفاسد بغضّ النظر عن دينه ومذهبه وعقيدته وسياسته ومنطقته وجهته في الوطن الأمّ لبنان، وأرجو أن يكون هذا واضحاً، لكي يكفّ من حطّ إلى النعرة المذهبيّة عن الرشق بما فيه، وهل تفيض المجاري إلاّ بما فيها؟ ولكي يكفّ من يحطّ في الكتابة إلى مستوى الإسفاف الذي لا يليق بفكر أو شعر أو أدب أو صحافة أو ثقافة أو فن عن الحطّ في الكتابة.

وهذا ليس دفاعاً عن الذات بقدر ما هو حرص على المفلس وبعضه طائفي وبعضه الآخر فقط جعدنجي (وفي جعدنجي أثر تركي) لئلاّ مبلغ الإسفاف يبلغ "القعر". إنّ الكرامة واحترام الذات أن تكون فينا كرامة واحترام للذات، بعدما عرفنا. ومن يلتفت إلى الوراء وهو يحنّ إلى البقشيش وبطاقة سفر رخيصة وإسفاف وبيع الصوت الذي هو الضمير وبكل وقاحة وجهاراً نهاراً وعلى عينك يا تاجر وفندق و"حلوة النزله على لبنان" ويا عيب الشوم سينقلب غير مأسوف عليه إلى عمود ملح.

شوقي مسلماني
Shawki1@optusnet.com.au

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف