غباء
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أشد الغباء غباء هو الغباء المتذاكي والذي يعطي نفسه طابعا بعيدا عن الغباء. ربما كذلك يظنّ صاحبه أنّه بعيد كلّ البعد عنه وأنّ شبهات الغباء لا تعرف أصابع مشيرة إليه أبدا.
من الغباء الكتابة على هذا النحو وترك كلّ الشؤون الأخرى بمواضيعها المتكومة يوما بعد يوم إن في السياسة أو في الإقتصاد أو في الثقافة والفن. لكنّ الأمر عادي إذا ما نظرنا إليه من زاوية أخرى تجد الغباء عينه في الكتابة عن مثل تلك الأمور، أو عن كمّ الغباء الهائل فيها ذاك الذي يصنع حكاما قرودا وشعوبا أغناما في السياسة، وأنظمة مصاصة دماء وشعوبا مقهورة في الإقتصاد، وشعراء وكتّابا أصناما مجترين وقراء ومتلقين فارغي الرؤوس في الثقافة، وطبالين وراقصات ونوّاحين بينهما في الفن.
هنالك دوما اعتبارات أخرى قد تحكم الحكم على الغباء والخروج منه بنتيجة ما قد تكون غبية لشخص معين وعادية لشخص آخر؛ وقد يكون المنطق نفسه سبب غبائها أو حتى التحرر منه نحو منطق أو منهج آخر. لكن من المؤكد أنّ حكم الغباء عقلي بحت لا دور للعاطفة فيه أبدا ولو أنها أحيانا تتدخل في حكم العقل عبر اللسان معظم الأحيان فينشأ الكذب على الآخر الذي يمتد أحيانا كثيرة -حين يتكرر- باتجاه الكذب على الذات.
وانطلاقا من أنّ الحكم على غباء أمر أو شيء أو شخص أو ظاهرة ما عقلي فهذا يمدنا بجملة من النقاط التي نعايشها يوميا والتي من الممكن أن تحدد لكل شخص اتجاهه بحسب ما يرى فهي ثابتة لشخص في مكان وزمن ومرحلة معينة ومتغيرة متبدلة متحركة لشخص آخر في المكان والزمن والمرحلة نفسها:
-من الغباء النظر في الكوب أو الكأس إلى أيّ من النصفين؛ الفارغ والملآن طالما هنالك كوبان آخران أحدهما ممتلئ والآخر فارغ.
-من الغباء الإستدلال بمثال أو حكمة أو فتوى طالما هنالك ما يناقضها من ذات المصدر والبيئة نفسها.
-من الغباء مهاجمة الملتزمين بدين ما طالما أنّك ملتزم كذلك بدين آخر. أعرف ما يخطر ببالك أيها الغبي حين تظن أنّ دينك وحده هو الحق وتحاول بشتى السبل أن تقنع متعصبا مثلك يعتبر دينه وحده هو الحق.
-كذلك من الغباء والرياء أيضا التهجم على الأديان إذا كنت علمانيا وتحولت علمانيتك نفسها إلى دين فيما بعد.
-من الغباء استكمال الأمور حيث توقفت في المرة الأخيرة. فهي وإن بقيت على حالها فما حولها قد يبقى وقد لا يبقى.
-من الغباء التغني ببطولات "الجيش الإسرائيلياني" فقط لأنك تحب سعيد عقل.
-من الغباء العربي التصديق بأنّ إجتماعا بين قيادات بلدين ينصبّ كل همه على بحث القضية الفلسطينية والخروج بعدها علينا ببيانات جاهزة معلبة تخدم كل الظروف. قل لي بربك ماذا بحث ملكا الأردن والمغرب حين اجتمعا منتصف الشهر الماضي وجددا دعمهما لإقامة "دولة فلسطينية موحدة"!!؟
-من الغباء الظن بأنّ حالك سيتغير حين يصل الفريق الذي تؤيده وتناصره إلى الحكم. فالذين يتغير حالهم يتم لهم ذلك قبل وصول الفريق إلى أي حكم. الأمثلة واضحة أمامك في زعماء ومسؤولي المعارضة وحاشياتهم.
-من الغباء اللبناني الخاص جدا مراهنة الجماهير على دماء "الشهداء" لاستبعاد التحالف مع قاتليهم مجددا. هيا أيها الغبي أقنع نفسك أنّ إتفاق الدوحة غسل تلك الدماء وصفّى النفوس. وتأقلم مع الوضع الجديد طالما أنّ غباءك لا يسمح لك برفضه.
-من الغباء الإنتخابي مواجهة تحالف حركة أمل وحزب الله جنوبا. لكنّ الأغبياء مصرّون.
-من الغباء التحضير للعاصفة الكبيرة القادمة بعد أسبوعين وإهمال العاصفة الصغيرة القادمة بعد يومين.
-كذلك من الغباء مواجهة العاصفة الكبيرة بالتحضيرات نفسها الخاصة بالصغيرة.
-من الغباء وضع أجهزة كمبيوتر محمول أمام وزراء الحكومة اللبنانية. هم يعلمون تماما ذلك ولطالما أخبروا بعضهم نكاتا عن الأمر.
-من الغباء الظن بأنّ الجمارك اللبنانية أقل سرقة من الجمارك السورية على المعابر المفتوحة بين البلدين وعلى أيّ معبر افتتح حديثا وسيفتتح في المستقبل.
-إذا سنحت لك الفرصة ودخلت إلى مستشفى المجانين فمن الغباء البعيد عن الجنون أن تفكر. تماشَ مع الوضع السائد ولا تتميز عن أحد كي لا يظن الآخرون بك الجنون!!
-من الغباء الرائج جدا والمتلون بحسب المواسم تنفيس الطاقات من خلال السير في تظاهرات والوقوف في اعتصامات.
-من الغباء العمل على سيارة أجرة بلوحة شرعية في لبنان. وكذلك من الغباء في حال التزمت القوانين وامتلكت لوحة شرعية أن تضعها على سيارة واحدة فقط.. فاللوحة العمومية الواحدة قدرتها تفوق الـ10 سيارات. معروفة!!
-وأخيرا من الغباء الحديث عن أي تمييز في سبيل إنكاره فمجرد الحديث عنه يثبت وجوده.
تلك مجرد نقاط قد يكون هنالك الكثير غيرها لكنّ النظر إلى بعضها فقط قد يوصل فكرة ما عن غباء ما ولو أنها شخصية. يمكن لأيّ كان البدء بلائحة خاصة به قد يكون أول نقاطها: من الغباء قراءة هذه المقالة.
عصام سحمراني
essamsahmarani@hotmail.com
http://essam.maktoobblog.com/
التعليقات
من يدق الباب يسمع ال
الحكيم البابلي . -الذي لم يعجبني في الموضوع هو إنك خاطبتَ بعض قُرائك بكلمة ( يا غبي ) ، وهذا هو الغباء بشحمه ولحمه ، البسيط منهُ والمركب . وعليه فلا تستبعد ان يتطاول عليك بعضهم ، والمرءُ حيثُ يضع نفسه ، فأن رفعها إرتفعت ، وإن ......... الخ . تحياتي .
غباء العقل العربي
ابو امجد الحجاج -اظن أن الكاتب أجل وأكرم من أن يخاطب القراء بالأغبياءلكنه يخاطب غباء العقل العربي الذي يمجد السفاحين والمجرمين والذين قادوا شعوبهم المغلوب على أمرها الى الهاويه من أمثال صدام وبن لادن والزرقاوي والبشير والقذافي ...والذين اصبحوا في غباء العقل العربي أبطال وعظماء وقديسين...اليس الغباء كان هو سيد الموقف الذي صنع هؤلاء الأبطال العظام...أليس هو الغباء الذي صنع من حذاء الزيدي معجزة العصر الحديث والذي أشتراها أحدهم ب100مليون دولار ليكتشف بها مجاهل الكون...هل حصل عالم عربي أو مفكر وهم كثر على جزء من هذا المبلغ لمجهوده العلمي أو الفكري كما حصل عليها الزيدي لمجهوده اللاأدبي المخجل...أن الأعتراف بغباء العقل العربي نوع من المنلوج الداخلي الذي يعتبر خطوه في الأتجاه الصحيح...هذا واتمنى من الأستاذ كاتب المقال أن يعلق ولو بجمله بسيطه للتوضيح كي لا يلتبس علينا الأمر ....
الى رقم (2) .
الحكيم البابلي . -السيد أبو أمجد الحجاج : أعرف بأن كاتب المقال كان يخاطب العقل العربي ، لكنه أيضاً خاطب القارئ بكلمة ( يا غبي ) وبصورة واضحة ومباشرة . إقرأ سطر 19 ( أعرف ما يخطر ببالك أيها الغبي حين تظن ....الخ ) ، كذلك يقول في سطر 33 ( هيا أيها الغبي إقنع نفسك أن إتفاق الدوحة ... الخ ) ، وهذا أخي أبو أمجد كلام واضح ومباشر ، ولا أتصور أن الأخ الكاتب كان يُخاطب عمشة الخبازة أو حسون أبو اللبن ! . أما إذا أردتَ سيدي تبديل المفاهيم ، وتفسير الواضح ، وإيجاد التبريرات ، فهذا شأنكم . وصدقني أن الموضوع ككل لم يزعجني ، بل هو حرصي على كُتابنا ، وهي محاولة تصويب ليس إلا . تحياتي .