كتَّاب إيلاف

لكي لا تتوالى المخازي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

كانت وما زالت الموصل مدينة ولا أجمل منها بين المدن لما امتازت به من تنوع في الأعراق والأجناس وتعدد في الأديان والمذاهب والمعتقدات وما حباها الله من طبيعة خلابة تجمع بين أقاليم الجبل والسهل والصحراء، وعقدة تلتقي فيها كل ممرات التجارة بين الدول والقارات، فقد كانت عبر تاريخها الغائر في أعماق الزمان عاصمة لإمبراطوريات سادت ثم بادت مخلفة على ثراها وفي نفوس من ورثها من الأشوريين والميديين ومن جاء بعدهم عادات وتقاليد لا مثيل لها فيما حواليها من مدن وحواضر على تخوم الجبال أو شواطئ البحار، لقد كانت محطة لكل الأقوام وساحة حروب بين الدول والإمبراطوريات حتى لم يعد هناك شبرا من أراضيها ما لم يضم جزء من رفات إنسان قضى هناك في واحدة من صراعات الماضي وحروبه الغابرة.


إنها الموصل؛ واحدة من درر التاج العثماني ومركز إحدى أهم ولايات الإمبراطورية التي كانت تضم اربيل ودهوك وسنجار وكركوك والسليمانية وما تبعهم من العراق العجمي حتى غدت عاصمة لكوردستان العراق وشماله اقتصاديا واجتماعيا وإداريا والتي مابرحت وريثة أملاك بني عثمان في آسيا الصغرى تركيا اليوم تطالب وما زال لعاب ( باشاواتها العسكر ) يسيل في أطراف هذه المدينة التي حسمت انتمائها جغرافيا في حدود عام 1925 م إلى مملكة الشراكة العربية الكوردية في العراق، حين استفتي السكان فيها من قبل عصبة الأمم على عائديتها بين الأستانة وبغداد العراق بعد قيل وقال ولجان وأموال وناس تذهب وتجيء في السر وفي العلن، وهنا يقول شاهد عيان كان ساعتها يشهد ذلك الحدث، إنه خيرالدين العمري الذي يقول في كتابه الموسوم بـ ( مقدمات ونتائج الجزء الثاني صفحات 257 وحتى 259 ):
كان المرحوم فيصل والانكليز والحكومة العراقية قد مهدوا طريق النجاح لحل المشكلة لصالح العراق
(( وقد سطر الصفحة الذهبية في هذا الاستفتاء أبناء الشمال الأكراد الأشاوس فقد انضم الأكراد وفاز العراق.. )).

وعن موقف بعض الأهالي في الموصل يقول العمري :

كان بعض العرب يتهربون من مواجهة لجنة الاستفتاء محافظين لخط الرجعة فيما لو عاد الأتراك إلى هذه البلاد. ويضيف العمري قائلا:
وقد تهافت بعض عرب الموصل على تقبيل أياد جواد باشا الممثل التركي، وهتف آخرون بحياة مصطفى كمال ( ولولا الشغب الذي أحدثه بعض المخلصين تخويفا للباشا الموما إليه ليمتنع عن الخروج والتجول في المدينة لتوالت المخازي )!؟

بل وتم إيقافها حينما منح الكورد الموصل عراقيتها وانتمائها بحسب ما وصفه خيري الدين العمري بالصفحة الذهبية في تاريخ هذه المدينة التي واجهت في نهاية الخمسينات ومطلع الستينات من القرن الماضي أبشع عمليات التصفية والتطهير العرقي بحق الكورد والكلدان والآشوريين والديمقراطيين التقدميين من مناضلي القوى الوطنية، حتى تسلط البعثيون الشوفينيون ثانية على الحكم بعد انقلابهم في 1968م لتبدأ واحدة من أكثر صفحات التاريخ العراقي سوادا في محافظتي الموصل وكركوك، حيث التشويهات الديموغرافية للمدن والبلدات وتمزيق خرائطها الادارية وترحيل السكان الأصليين القسري واستقدام الآلاف من الأسر العربية لإسكانها في مناطقهم وأراضيهم وإرغام من تبقى منهم على تصحيح قوميته إلى العربية ليتسنى له الحفاظ على بيته وأملاكه ومستقبل أسرته، حيث جرت هذه العمليات في مطلع الستينات من القرن الماضي على أيدي البعثيين بعد انقلابهم عام 1963م ومن ثم 1968م حيث أخذت عمليات التعريب السيئة الصيت مداها الأكبر في التطهير العرقي الذي نال الكورد والتركمان والكلدان والآشوريين بما يلغي وجودهم ويقصي دورهم في العملية السياسية أو الإدارية أو الاجتماعية طيلة أكثر من ثلاثين عاما تم إبعادهم عن الحياة السياسية، لا بل منعوهم حتى من امتلاك الدور أو الأراضي السكنية أو الزراعية واستخدام الأسماء غير العربية أو حتى تسجيل ملكيات المركبات بأسمائهم.


واليوم وبعد أكثر من ثمانين عاما من تأسيس العراق وأكثر من ست سنوات من سقوط ذلك النموذج العنصري الحاكم تغرق الموصل في طوفان أجندات دولية من الجوار وما بعد الجوار، فبعد أن كانت تركيا لوحدها صاحبة الشأن قبل عقود ثمانية ونيف، أصبحت القائمة اليوم أكثر عددا لتتوالى سلسلة المخازي التي خشي منها العمري قبل ثلاثة وثمانون عاما، بل إن الذين منحوا الموصل هويتها العراقية مطلع القرن الماضي يتم تصفيتهم وتهجيرهم منها تسهيلا لمنحها هوية أخرى على أنقاض مدينة يتم مسخها بإقصاء الآخرين واستخدام ذات الأسلوب الذي استخدمه البعثيون والعنصريون والذي أوصل العراق إلى ما هو عليه الآن؟

كفاح محمود كريم

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مقال جيد
reber -

مقالاتك جيدة يا استاذ كفاح ولكن اتمنى ان لا تظهر في التلفزيون اطلاقا. لان لاشكلك يناسب ولا طريقتك في المحاورة وخاصة ابتسامتك المصطنعة مع الطرف الاخر توحي بايحاءات غير طيبة مع الشكر

هذه هي المخازي
حازم -

بالطبع ليس مستغربا على الكاتب ان ينكل بكل ماهو عربي سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة في مقالاته وهو حقد عنصري مزمن لاشفاء منه .. وهاهو اليوم يطلع علينا بقصة خرافية جديدة ان جماعته الأكراد هم من حفظ للموصل ارتباطها بالعراق ..ههه والله اضحكتني من هذه المعلومة الخطيرة ..وتتعامل دوما مع قرائك وكأنهم جهلة بالتاريخ والجغرافيا وتتناسى ان الأكراد اقلية عرقية صغيرة تعيش في اعالي الجبال ولا قبل لها في حياة مدنية عصرية في الموصل ..قبل الأتراك وقبل سايكس بيكو اذهب الى التاريخ والى قصة حصار الموصل على سبيل المثال ودور عشائر الموصل العربية ولاذكر لشيء اسمه كردي اذهب الى تاريخ الدولة العباسية وحتى عهد هولاكو ..اما المخازي التي تتحدث عنها فهي التي يرتكبها ازلام المملكة البرزانية في ضم الأراضي العربية بالقوة للأقليم الكارتوني واغراء العوام بالمال او ترهيبهم واطماعكم لاتحدها حدود وهي الخزي بعينه عندما تتحدثون عن مايسمى (اراضي متنازع عليها ) فأذا كنتم تنتمون للعراق حقا وهو ماتعلنونه عندما تقبضون المليارات من ميزانية العراق العربي فقط ..ثم تعودون لشتم العرب العراقيين وحكوماتهم مهما كانت ماداموا يرفضون ان يكونون عبيدا صاغرين ينفذون تلك المآرب التوسعية الخطيرة التي تريد تدمير العراق وهو اهم اهدافكم ..فلا توجد ملة في الكون تنتمي لوطن في يد وفي اليد الأخرى تنعق بالأراضي المتنازع عليها ..تناقضات ومخازي ليس اخزى منها الا افعال الأسايش وبيش مرك الأجرامية .

اللوم علينا
احمد موكرياني -

اخي كفاح الكل يعلم بأن محافظة موصل لم تكن عربية وانما سكنوا العرب في مركز مدينة موصل بعد الفتح الإسلامي فتاريخيا مدينة آشورية متداخلة مع كوردستان ومعظم السكان خارج اسوار مدينة موصل هم شعوب كوردستانية غير عربية وان العروبيون المتطرفون (تجار القومية) يحاولون تعريب كل شئ حتى القائد الكوردي صلاح الدين الأيوبي. ولكن لا يجب ان نلوم العروبيون وانما يقع اللوم علينا فستضيع كركوك كما ضاعت الموصل. ان فرصة نجاح الشعوب الكوردستانية امام الغزو العروبي بدأ في التضاؤل بسبب لهو القوم بالمغانم والغنائم فركزوا على احقية ملكية الثروات الطبيعية الكوردستانية والاستعجال في تطويرها لمغانم قلة قليلة من القوم بدل وضع دراسات واستراتيجيات سياسية للتعامل مع كركوك والموصل, اننا نكن كل حب واحترام لأخوة العرب فبالرغم من حرب الإبادة والتهجير والتعريب التي شنها صدام وحزب البعث ضد كوردستان فأن العرب اقرب الناس ألينا فقد مجدنا زعيم القومية العربية جمال عبد الناصر بنفس القوة في تمجيدنا للبرزاني لأنهما مثلا نفس المعاني التحررية للقومية العربية والكوردية وندافع عن فلسطين لأننا نشترك مع الفلسطيني في الدفاع عن ارض آباءنا وأجدادنا ولكنهم سبقونا بمراحل فلهم هوية وجواز وموقع على الخريطة السياسية بينما ما زالنا نراوح مكاننا وان كنا قد حصلنا على بعض الحقوق في العراق ولكني أراها مؤقتة الى ان يشتد عضد المتطرفين الاستعلائيين ليشنوا حرب أخرى وخيرة القوم لاهون في توزيع الغنائم والمغانم.ان الحصول على الحقوق واحترام ودعم الآخرين لقضيتنا لا تتم من خلال تصريحات عنترية والمواجهة الغير المتكافئة وانما بتبني سياسة حكيمة أولها ان يسود القانون فوق الجميع والحفاظ على الثروات الطبيعية في باطن الأرض بدل العجلة في استخراجها بشروط لا نستطيع ان نغيرها في المستقبل لأن الاعتراضات على استغلال الثروات الوطنية الإستراتيجية ليست نابعة من الحكومة المركزية فقط بل من دول الجوار التي لا تسمح في الوقت الحالي ان يكون لكوردستان مقومات دولة فمهما تشاطر اشتي هورامي فأن القوى المضادة اكبر من قوة وحجج حكومة الإقليم كما يقول المثل رحم الله امرئ عرف قدر نفسه لست انهزاميا بل اعتبر نفسي من اكثر الناس تفاؤلا وجرئ برأي الى حد المعاناة من تبعاتها وخسرت الكثير والكثير بسبب آرائي ولكني ارى نفسي واقف فوق جبل قنديل وارى الأطفال يلهون بما كسبوا ويمرحون

الشكر
A.M.R -

شكرا على توضيحك البسيط لتاريخ تلك المدينة الجميلة واحب اقول لك لا بد ان تصحح التاريخ في تلك المدينة وان تعيد الحق لاصحابها لان الحق ستعاد الى اصحابها مادام ورائها مطالب ومن يعيق ويقف في وجهها وسيكون مصيرهم نفس مصير اسيادهم هي الحفرة والقبض والاعدام سيرو والله معكم شكرا لايلاف الحبيبة

موكرياني وربعو
اكرم -

نصائح للموكرياني وكفاح ورقم 4 اقول : روحو لمسعود والنجرفان قولو له ان الموصل كردية وبغداد كردية والمريخ كردي وجزيرة واق واق متنازع عليها .. ..واقول لكم انكم بسلوككم هذا لن تتركوا لكم صديقا واحدا ..انتم بهذه التصرفات والتصريحات ستعيشون في غيتو مظلم ولن ينفكم مسعود ولامسرور ولا اسايش ولامعتقل قلعة جولان ..اعقلوا واتركو العنجهية والغرور ..وارضو بالنعمة قبل ان تنقلب على الرؤس.

اكرم
جبل قنديل -

الباكون على عطش الحسين يمنعون الماء عن السكان الأصليين

احسنت ولكن؟
د. أحمد العبيدي -

ما يجري اليوم من تهميش لمكونات الموصل يظهر عقلية شوفينية ودكتاتورية ما تزال تمثل ثقافة النظام البعثي السابق، ولكن لو يتسع صدر كاتبنا واستاذنا القدير كفاح كريم لنهمس في اذنيه ان ما حصل بعد احتلال العراق وسقوط النظام في الموصل تحديدا من اخطاء شنيعة من قبل الادارة وعناصر محسوبة على الاكراد وعلى الاحزاب الكردية هي الاخرى تسببت في ما يحصل اليوم وكأنه رد فعل لتلك الافعال الشائنة.ودعني اخي الكريم كفاح وانت الكاتب والاعلامي الذي أكن له احترام كبير لما تتصف به من خلق رفيع واسلوب رائع في الكتابة وكونكم من اهالي الموصل وتعرفون بواطن الامور، اتمنى على الادارة الجديدة أن تقرأ الماضي جيدا وتنتبه الى النتائج التي وصلها العراق بسبب الشمولية والانفراد والاقصاء.

سياستنا الفاشلة
delbrin-spain -

مقال ممتاز سيدي الكاتب,ولكن يجب على الاكراد الكف عن التباكي والاستفادة من دروس الماضي,والتحرك بدلا من الانتضار,اعني ان لا نتظر من الاخرين تحقيق اهدافنا المشروعة.بل ان نسعى نحن بانفسنا لتحقيقها,اعلامنا ضعيف جدا ومتاخر داءما في الرد على تصريحات الاخرين الهادفة للنيل من الاكراد وحكومة الاقليم.والرد يكون ضعيفا وبلغة عربية ركيكة جدا ,مما يزيد الطين بلة ويجعلنا اضكوكة للاخرين,مدينة الموصل سقطت الان في ايدي البعثيين السابقين,وبمباركة حزب الدعوة الحاكم وقد حدثت هذه الكارثة لعدم امكانية اكراد الموصل الذين هربوا منها بسبب بطش ارهابيي القاعدة والمرتزقة البعثيين المتعاطفين مع المحافظ الجديد البعثي السابق اثيل النجيفي ,لعدم امكانيتهم من التصويت في الانتخابات المحلية في الموصل ,لذلك ما كان على القيادة الكردستانية الموافقة على اجراء الانتخابات المحلية في المدينة حتى اعادة اخر عاءلة كردية مهجرة حديثا من الموصل بسبب وقوفهم ضد ارهاب القاعدة والفصاءل الاخرى الارهابية.ولكن للاسف كان موقف القيادة الكردية ضعيفا ولينا بخصوص تلك الانتخابات المحلية,وهذا ما حدا بالبعثيين السابقين الاستيلاء على مجلس محافظة الموصل.وهذا دليل واضح على فشل قيادتنا الكردية في حماية مواطنيها الساكنين خارج سلطة الاقليم.شكرا لايلاف الموقرة.

الجنسية العربية
حامي الحريات -

يظهر جلياان بعضا من العرب لايرغبون في التعايش مع غير العرب وافضل حل لهؤلاء القوم بناء جدار الفصل العنصري وعزل الغير العرب من العرب ليعيش العرب بامان واستقرار كما يفعله اليهود في القدس والضفة الغربية وغزة.اليس هذا مطلب العنصريين اينما وجدوا!؟.شكرا للايلاف على نشر التعليق.