الخبز للعراقيين لا دخان التنور!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عقد في لندن قبل أيام مؤتمر من أجل الاستثمار، وأعمار العراق، حضره رئيس الوزراء نوري الملكي مع وفد كبير من المسؤولين والمستشارين!
يمكن القول إن مؤتمراً كهذا ينبغي أن يكون هو المنعطف النوعي والأساسي في العمل في العهد الجديد، وإن كل ما جرى من ترتيب واصطفاف سياسي أو أمني ولسنوات طويلة هو من أجله،فهو ليس مناورات ومباريات كلامية أتعبت آذان الناس وأصابتهم بالقرف والإحباط،بل هو خطة عمل مادية كبيرة صلبة تجعل العراق يترك ماضيه المثقل بالعوز والتخلف والشقاء والشعارات الخلابة ويدخل مستقبله الزاخر بنعم الحضارة والخير والازدهار!
لكن لا يسع المراقب إلا أن يقلق ويخشى أن يكون هذا المؤتمر كسابقاته من المؤتمرات المماثلة التي عقدت في الأردن وغيرها والتي اتخذت فيها قرارات وتوصيات وتعهدات مالية ومعنوية سخية ومثيرة للآمال ثم كان مآلها بعد أسابيع، وحتى أيام النسيان والتجاهل والصمت فكانت قبض ريح!
نتمنى أن يكون هذا المؤتمر شيئاً آخر، أو في الأقل يستفيد من العبر والدروس التي تستخلص من فشل أو طي أوراق المؤتمرات السابقة في الأدراج! بل ما الذي يمنع من فتح الأدراج القديمة جداً ودراسة تجارب مجلس اعمار العراق الذي كان في العهد الملكي مؤتمناً على النسبة الأعظم من موارد النفط فبنى بها معظم الهياكل التحتية الذي يقوم عليه الاقتصاد العراقي وحياة المجتمع العراقي بينما بعد إنهائه مع العهد الملكي تبدد معظم ما تحقق من موارد النفط على الحروب وأجهزة القمع والفساد وفوضى التخطيط وأمزجة الحاكمين وأتباعهم الفاسقين!
هنالك اليوم هيئة عليا للاستثمار يعمل فيها مختصون وخبراء عراقيون كبار،وقد مرت كما قيل بفترة مخاض صعبة حتى تم تشكيلها ومنحها فرصة الاستقرار والعمل، ومن السابق لأوانه الحكم على أدائها ومنجزها، ومن الأفضل الثقة بها ومنحها فرصة للعمل الكبير والجذري والأمل في أن تكون أهلاً لتطلع الشعب العراقي إليها إذ ستكون هي من يمنحه رغيف الخبز لا دخان التنور ولهبه وحسب!
قالوا أن ثمة غرفة عمليات في هيئة الاستثمار الوطنية قد فتحت وستبقى خافرة ساهرة على تنفيذ مقررات هذا المؤتمر وتطويرها وترسيخ منجزها وستكون مسؤولة عن تجسيدها على أرض العراق لا على الورق وشاشات الحاسوب فقط!
ولكن على هذه الهيئة مهام جسيمة: فهي لوحدها لا تستطيع تحقيق المرتجى والمنتظر منها! لا بد أن تكون معها الدولة كاملة بكافة أجهزتها وكوادرها والمجتمع بكافة قواه وتشكيلاته المدنية!
ماذا يجدي أن يقنع مستثمر إنجليزي أو فرنسي أو روسي أو صيني أو إماراتي وحتى عراقي غني مغترب بأن يأتي إلى العراق ويصطدم بجهاز الدولة البيروقراطي، أو تسفيه فئات من المجتمع وشكهم وريبتهم به أو حتى عدم منحه الأمان والطمأنينة الكافية؟
من هنا ينبغي إدراك أن الاستثمار والإعمار والبناء العام ليس قراراً يأتي من فوق، بل هو إرادة وطنية تنهض من أعماق المجتمع، وتقتضي مجهوداً فكرياً وأخلاقياً وروحياً كافياً!
ما يزال العراقيون يتصارعون في ميدان السياسة الهوجاء مبددين دماءهم وثرواتهم في مسارب العنف والفساد والفوضى واللامبالاة ممتثلين لإرادة هي غير إرادتهم،وقد آن لهم أن يتصارعوا بروح راقية في مضمار البناء المادي ويتنافسوا حول أحسن أداء في الصناعة و الزراعة والتجارة ممتثلين لإرادتهم ومسؤوليتهم نحو أنفسهم والأجيال القادمة!
من هنا يقتضي الاستثمار المادي استثمارً في الوعي والعقل العراقي!
أن يتغير الخطاب السياسي العراقي ليقف بالدرجة الأولى على مشروعه الاقتصادي والاجتماعي لا على مشروعه الديني والطائفي والغيبي والثرثرة الكلامية!
وأن يتغير الخطاب الديني نفسه ليقف عند حدوده الصحيحة والسليمة كعلاقة بين الإنسان وربه لا كعلاقة متعسفة مفروضة بين الدين والدولة والسياسة والاقتصاد تؤدي إلى خرابه وخراب الدولة والسياسة والاقتصاد،فنرى رجل الدين يتدخل بما لا يعنيه ولا يفقه به شيئاً حيث نسمع في خطب الجمعة من يحذر من استثمار الأجانب الكفار في بلادنا،وادعاء إفسادهم للدين والناس ولا يستبعد إصدار فتاوى تحرم بضاعتهم أو التعامل معهم أو تدعوا لقتلهم!
وأن يتغير الخطاب القانوني والدستوري فتتحرك فلسفة وجوهر الملكية وطرائق تداولها لتكون بوضع ينسجم ومتطلبات الاستثمار والتطور لا في البقاء متحجرة عند مفاهيم تقليدية بالية!
وأن يتغير خطاب وفلسفة الدولة نفسها. فرغم مرور سنوات على سقوط صدام ما يزال الخطاب الشمولي يهيمن على عقل الدولة بل ما يزال من يدافع عما سمي بالاشتراكية البعثية الرشيدة، وهؤلاء لا يدافعون عن القطاع العام من أجل الفقراء والمعوزين بل لأن القطاع العام يعني لهم ( الشيء الثمين الذي لا مالك محدد له ) وبالتالي فهو يمكن سرقته دون رقيب أو مالك يطالب به!
لذا لا بد من تأكيد قوانين الاقتصاد الحر مع نظام ضرائبي تصاعدي مرن بإعفاءات مشجعة ومعقولة يضمن حقوق الشعب لكنه يشجع قدوم الرساميل وتشغيلها خاصة في مضمار الصناعة والزراعة وليس الخدمات الاستهلاكية السريعة!
لذا من الضروري عقد مؤتمر آخر في بغداد يمكن أن يسمى مؤتمر الظل لمؤتمر لندن يشارك فيه مختصون وخبراء عراقيون من مختلف القطاعات والاختصاصات،من رجال الأمن الجيش وفقهاء القانون ليرسموا السبل والطرق التفصيلية لوضع مقررات هذا المؤتمر وغيرها من المؤتمرات السابقة أو اللاحقة موضع التطبيق وان لا يلقى كل العبء على كاهل هيئة الاستثمار العليا،بل ترك الجوانب الاستراتيجية لها وإبقاءها النواة المركزية للعملية كلها!
بهذا يمكن القول أن العراق بدأ يحتضن الاستثمار ويسير على طريق الإعمار والازدهار!
إبراهيم احمد
التعليقات
صدق أو لا تصدق
سالم حسون -الأخ إبراهيم .. لا أريد أن أعلمك ، بل أذكر ان أية عملية تنموية تحتاج الى مقومات بسيطة للبنية التحتية .فكيف يستطيع المالكي وأثخن وزير في الحكومة العراثية أن يقنع الأوربيين أو غيرهم بالإستثمار في بلد لا يوجد فيه كهرباء ؟ ولا يوجد فيه نظام مالي ومصرفي معروف ، ولا يوجد فيه أمن بالقدر الكافي ، والدليل عل ذلك كمية السيطرات المقامة على الطرق الخارجية ، هل سافرت بنفسك من الجنوب الى بغداد وحسبت كم نقطة سيطرة وتفتيش أكثرها شكلي يتذمر منها العراقيون أنفسهم ، فكيف بالأوربي ؟ أما حمايات المسؤولين ومواكبهم الطنانة فحدث ولا حرج . كيف يتشجع الأروربي للذهاب الى العراق وصورة العراق في الإعلام العالمي هي بلد الموت ؟ ولسوء الحظ فإن أكثر الشركات الأوربية التي تجازف وتعمل في العمل هي الشركات الأمنية التي تعمل لصالح المسؤولين لقاء مبلغ يسيل له اللعاب 60 ألف دولار للفرد بالشهر الواحد . كيف تريد لأوربي أن يستثمر ، حتى لو توفرت الكهرباء والماء ، أن يعمل في ظروف بلد عدد العطل الرسمية والشعبية والدينية تزيد عن ثلاثة أشهر في السنة ؟ وكما تعرف فأن الرأسمال جبان فلا كلمات المالكي المعسولة عن الأمان والإستقرار تستطيع أن تطمأنه ..
اطمئن لن ترى شيئا
متابع -سيدي الكاتب معظم الذي طرحته بخصوص الاستثمار واصوله صحيح في مقالك ولكني اعتقد ان استثمارا حقيقيا لن يحدث في العراق في الافق المنظور من قادم الزمان وذلك للاسباب التاليه:1- لا توجد بيئة حاضنه للاستثمار فالاستثمار والفساد نقيضان تماما وانت تعرف كما العالم بان العراق مصنف بمرتبة متقدمة جدا بين الدول الفاسده عالميا.2- لا توجد قوانين واضحه تشجع على الاستثمار مثل قوانين الاقامه والضرائب والاستثمار نفسه وقانون النفط والغاز وغيرها.3- لاتوجد حدود واضحه بالصلاحيات بين الاقاليم او المحافظات وحكومة المركز واي مستثمر يرى كثرة المتحدثين للصحافة من كل حدب وصوب يشعر بالخوف والريبه بانه ممكن ان يذهب هو وماله بين ارجل سياسي العهد الجديد الذين لا يجيدون سوى الكيد لبعضهم البعض ويتصرفون وكأنهم مافيات اوزعماء فصائل حرب.4- لا توجد بنية تحيه تشجع على الاستثمار فلا كهرباء ولا اتصالات ولا مطارات ولا موانيء ولا شبكة صرف صحي ولا مياه شرب ولا طرق حديثة ولا جسور تحل الاختناقات المروريه وغيرها من البنى التحتيه التي يمكن الاعتماد عليها.5- عدم وجود المصارف والبنوك التي تستطيع التدوال بمئات الملايين او مليارات الدولارات دون فساد فالبنوك الموجدوه في العراق لم يربطها نظام الكتروني لحد الان وليست مربوطه عالميا فهي اشيه بمحافظ مال محليه...6- لا توجد ثقافة استثمار لدى كل الكادر العامل حاليا في الدوله لان خيرة مهندسي العراق جرى تشريدهم وهم النخبة التي يعول عليها في تنظيم العقود والمقاولات وتنفيذها وضمان حسن سيرها ومطابقتها للمواصفات العالميه...7- تولي ادارة الهيئة من قبل السيد سامي الاعرجي الذي كان مدير عام في هيئة التصنيع العسكري وجرى استثنائة من اجراءات اجتثاث البعث لغاية في نفس يعقوب ونفس السيد احمد الجلبي لا يعلمها الا الله.. والا كيف يتولى هذا الشخص منصبا كهذا ان كانت الاجراءات تطبق على الجميع في حين هناك الالاف ممن حرموا من تبوء اي منصب قيادي لنفس السبب وهذا يثير الشكوك حول نزاهة ومدى نظافة المجموعة كلها...8- مشاكل التداخل في تخصيص الاراضي بين وزارات الحكومه وحكومات المحافظات وبالتالي ضياع الوقت لان هذا الموضوع يجب ان يدار مركزيا دليل على كثرة التخبط الموجود حاليا ما رايناه قبل يومين من جلب مستثمر فرنسي ليدرس امكانية انشاء مطار في كربلاء لا ببعد عن مطار النجف سوى عشرات الكيلومترات وكأننا بتنا في تسا
نحتاج ثورة تنظيف
-نحية للكاتب الكبير , نعم سيدي الاعمار مهمة وطنية ينهض بها المجتمع أولا وحالة يؤمن بها ويسعى إليها ويضحي من أجلها , وهنا يأتي تأثير التراث والعادات والتقاليد وخصوصا السلبي منها وثانيا ..إنتشار الفساد بهذه الصورة الفظيعة في العراق اليوم وسكوت المجتمع عنها يجعلها ظاهرة عراقية بأمتياز ولا يبقى إلا تقنينها أو تدريس طرقها في المدارس..صحيح إننا سمعنا نوري المالكي يدينها أخيرا , لكن ذلك لا يكفي والشعب كله مطالب بالخضوع لعملية غسل دماغ للتخلص منها , ففي الجلسات الخاصة تسمع حتى المثقف يتباهى بكونه خدع الاخرين أو إحتال على القانون ليكسب السحت ..البارحة بالصدفة زارني صديق تعرفت عليه حديثا , أخبرني بأنه ضابط في الجيش العراقي القديم الجديد ,ترك رتبته(رائد)وجاء الى السويد قبل أكثر من سنة , من ضمن الغرائب التي حكاها لي هي إستمرار صرف راتبه وهو بحدود (800 دولار شهريا ) لواحد من القادة ...., أي ليس لأهل الشخص المعني , وعندما سألته ..بماذا ستستفيد أنت ؟فقط خزينة الدولة ستدفع لذلك اللص , أجابني قائلا ..أولا أنا أضمن عودتي للخدمة في حال فشل مسعاي هنا للحصول على الاقامة وثانيا , الشخص الفاسد لا يأخذ راتبي فقط فهناك عشرات من حالي ,فقلت له وهل حال الجيش مازال مثل أيامنا في عهد صدام عندما كان الجندي يتنازل عن راتبه البسيط للعريف أو ما شابه ويذهب لحال سبيلة لاعالة عائلته , أجابني بل الحال ألعن والجنود اليوم رواتبهم لاتقل عن 500 دولار شهريا وتحدث عن أرقام خرافية لا أريد تصديقها , كي لا أفقد الامل الضعيف في نهضة البلد .ولو سئلت , عن العصا السحرية التي تنفع في علاج حالنا نحن العراقيين لأجبت : القوانين والتشريعات والعقوبات الصارمة للفاسدين , وهي دعوة ضد المنطق والعقل لان العنف يولد العنف , أعرف ..لكن لكل قاعدة شواذ ..والعراقيين يخشون القانون الصارم وحالنا يحتاج الى ثورة تنظيف العقول والسلوك وهذا لن يأتي بطريقة الديمقراطية الغربية التي تقول للقاتل أو السارق إذهب الى بيتك لكن لا تغادره ونحن سنتصل بك قبل موعد المحاكمة .شكرا لك سيدي !
اي تنمية واستثمار
أحمد -الى الاستاذ ابراهيم انا اتابع مقالتك دائما واعتقد انك اذكى من ذلك بكثير و تتابع اخبار العراق عن اي تنمية او استثمار نتحدث مثلا حاول ان تشتري الان بيت في بغداد واحسب كم شهر تحتاج لتنهي معاملة شراءه هذا عدا الرشاوي التي تعطيها واجور المعقبين وغير ذلك والكلام عن هذا الموضوع مجرد دعاية انتخابية لااكثر اي راسمال يدخل الى بلد الفساد وصل فيه مستوى غير معقول الا يحتاج المستثمر الى بنوك وشركات تامين وخدمات وامن واستقرار كل هذه غير متوفرة عن اي استثمار نتكلم ومعظم الوزراء واعضاء الحكومة والنواب وهلم جرا فاسدين ومرتشين بحيث اوصلونا الى نتيجة ان انه لايوجد نزيه ومخلص في هذا البلد يااستاذي نحن ينطبق علينا المثل اليدري يدري والمايدري يكول حفنة عدس وانت اعرف بذلك مع تحياتي
كلام حلو
الياحي -اخي ..كلامك حلو وعلمي ومنطقي ويتمناه كل عراقي شريف ..احنا مانريد عنب ..هسة نريد سلتنا ..شنو فائدة المؤتمرات والاجتماعات ووفود رايحة ووفود جاية .والعراق تحكمه المحاصصة والطائفية والعنصرية؟؟ الرشوة والفساد من ابسط فراش بالباب وكاتب العرايض وحتى الوزير ..وانت تريد اعمار ..هل شاهدت استجواب وزير التجارة في مجلس النواب ؟؟