تجارب دنماركية 25: تقدر أن تسرق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الأمان، هذه الكلمة يعرف دلالة معناها بشكل دقيق مَنْ افتقدها.
ليس عن الشذوذ هو الحديث، بل عن القاعدة في المجتمع..!!
صورة أولى:
سيدة دنماركية في زيارة إلى أمريكا تدخل إلى إحدى المقاهي، تختار طاولة بجانب الشباك،كي يسهل عليها ملاحظة صغيرها فيما لو استيقظ من نومه في عربته خارج المقهى، تطلب قهوتها وهي تراقب دهشة الأميركيين التي لاتفهمها،وفضولهم بوجود طفل نائم في عربته.!!
- إن كان صغيرك حقا، فأنت أم غير مؤهلة لرعايته..وإلا كيف تتركينه في الشارع،سنأخذه إلى مركز رعاية الأطفال،وبإمكانك أن تعترضي قانونيا من خلال المحكمة.
- محكمة..؟ أي محكمة..ولماذا...انه ليس في الشارع انه قبالة الشباك وأنا أراقبه...تنخرط المسكينة في البكاء بعد أن ترى إصرار الشرطيين على سلبها صغيرها: أنا دنماركية...أنا دنماركية..!
- هل لنا أن نرى جواز سفرك؟
تخرج لهم جواز سفرها،ولكن رغم ذلك يصران على أخذ الطفل لاعتقادهما،إن من تترك رضيعها في عربته،خارج الشباك، لابد من أن تكون معتوهة،تصر على مرافقتهم إلى مركز الشرطة،وأثناء التحقيق معها، تخبرهم،إن هذا الأمر عادي جدا في كل بلدان اسكندنافيا،وكذالك في الدنمارك،يترك الصغار نائمين " بأمان " في عرباتهم خارج المقاهي،كي يستنشقوا هواءً نقيا،ولكي يعتادوا على برودة الجو منذ الصغر..!
يجيب المحقق بسخرية غير مصدق ماتقوله عن الأمان في اسكندنافيا: نعم ينامون بأمان..!
- حسنا اتصلوا بأي جهة من أي بلد من البلدان الاسكندينافية، واسألوا لتتأكدوا من صدق مااقول..!
بعد الاتصال والتأكد من صحة ماقالته،يعيدان الصغير لها،مع توصية حازمة، بان لاتعيدها مرة ثانية،وتخرج عن " المألوف "..!
تخرج المسكينة فرحة باستعادتها لصغيرها، وهي تفكر بآخر كلمة قالها المحقق " المألوف "..!
ماهو المألوف؟هل من المألوف أن لايشعر الإنسان بالأمان.!!
صورة ثانية:
الكثير من الدنماركيين ممن يمتلكون حديقة أو مساحة للزراعة محدودة،يزرعون فيها منتصف الربيع بعض الخضروات ( بطاطا،
يقوم احد أفراد العائلة بوضع الفائض من الخضروات أو الفواكه بعد أن يضعه بأكياس،على طاولة صغيرة خارج البيت بموازاة الشارع،يكتب على ورقة سميكة السعر الذي يرغبه،مع علبة للنقود،يضع بها بعض العملات النقدية للمتبقي من المبلغ.
يتوقف الراغبون مشاة، راكبي سيارات، أو دراجات يشترون مايرغبونه،يضعون النقود في علبة النقود، ويمضون، بطريقهم، ليس هنالك من يبيعهم أو يستلم النقود منهم من أفراد العائلة،هذه العوائل تثق بالآخرين،ليس في حسابها،سوء الظن من أن يسرق احدهم البضاعة أو النقود أو كلتيهما معا..!
أنها الثقة بالسلوك الجمعي، وبالنفس معا.
هل تتولد ثقة بالنفس من دون ثقة بالمجتمع؟!
تتولد الثقة بالمجتمع، حين يوفر هذا الأخير الشعور بالأمان لأفراده،والأمان هنا لاينفصل مطلقا عن داعمين مستقرين له، هما " الاقتصادي، والسياسي "!
السياسي من خلال نظام ديمقراطي شفاف على الأقل بأدنى حالات الفساد،والاقتصادي من خلال نموه الذي يخدم جميع الأفراد بغض النظر عن " انتماءهم الطبقي "،هذه الخدمة شرعها " السياسي " بقوانين دستورية ملزمة تحفظ كرامة الأفراد في كل الحالات بمافيها حالات عوزهم المادي لأي سبب كان بلا أدنى تمييز، بغض النظر عن العمر أو الجنس أو الماهية الشخصية.
قوانين النظام الاجتماعي العريقة والمنظمة في الدنمارك،أفرزت مايقارب خمسة أجيال،تشعر بالأمان من الغد،في حالة المرض،الوفاة، العوق،فقدان العمل،مختصرة بجملة بسيطة أيا كانت الظروف ( حفظ كرامة الإنسان بحق الحصول على سكن وغذاء ودواء).
ضياء حميو
dia1h@hotmail.com
التعليقات
كم سنة
Ana -برأيك كم سنة تحتاج البلدان العربية ولأسلامية لكي تصل الى هذه المرحلة الرائعة ؟،شكرا للكاتب الرائع ايظا
To Ana
Sarah -even me millions of years will never turn Arab like those, simply because Arab are useless.
مقارنات .
الحكيم البابلي -تذهلني المقارنة بين الشرق والغرب ، وتحزنني بنفس الوقت ، ما الذي يجعل هذا الغرب أحسن منا ، وبعشرات المرات ، وبكل شيئ ؟!. ولطالما فكرت بهذا الموضوع ، ولألاف المرات ، وفي كل مرة أخرج بنفس الأسباب ونفس النتيجة . السبب هو لكوننا نتمسك بالماضي من تأريخنا ، ونبكي على أطلاله ، ونفاخر بأمجاد قديمة ، ونعيش بأفكار وطريقة السلف ، ونحاول أن نحارب خصمنا الحضاري بسيف عنترة إبن شداد العبسي . وكلما حاول المثقف الذي بيننا أن يدلنا على الطريق الصحيح ، كلما زدنا عناداً وإصراراً على إمتطاء بغلتنا العرجاء . وبما أننا نتكل على الله في كل مآزقنا ، وبما أن الله لا يغير ما بقومٍ ، إن لم يغيروا ما بأنفسهم ، كما تؤمن أغلبيتنا ، فسنبقى نمتطي بغلتنا العرجاء ، آملين أن يركن الأرنب للنوم كي تسبقه السلحفاة الحالمة الى خط النهاية ، كما يحدث في قصص الأطفال التي علمتنا أن الفوز إنما يأتي بقدرة قادر ، وبتدبير مدبر . تحياتي . الحكيم البابلي .
عنا
جساس -لو في الدول العربية كان سرقوا الخضروات والنقود والطاولة