أصداء

من المذنب ومن الضحية؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

قبل ثلاثة أسابيع وفي الأول من أيار، عيد العمال العالمي، توجهتٌ الى مركز مدينة فستروس، وهي مدبنة متوسطة الحجم تقع الى الغرب من العاصمة إستوكهولم بحوالى 100 كم التي أقيم فيها. الغاية كانت مشاهدة الإحتفالات التي تجري كل عام بهذه المناسبة. المحتفلمون كالعادة الحزب اليساري[سابقاً الشيوعي] والحزب الإشتراكي وهو أكبر أحزاب السويد.


صادفتٌ أولاً إحتفال الحزب اليساري.عدد المجتمعين لم يكن يتعدى العشرين شخصاً، وعدد الذين هم دون سن الستين أقل من أصابع اليد الواحدة. بالتزامن مع لحظة وصولي أخذ الجميع وضعية الإستعداد وذلك عندما بدأ العزف على النشيد الأممي المشهور. إتخذت نفس "وضعية الإحترام" لأول مرة في حياتي بمناسبة عزف النشيد.


بعدها شاهدتٌ إحتفال الإشتراكيين وكان عددهم حوالى 700 شخص حسب ما ذكرته الصحافة في اليوم التالي، وهذا رقم جيد حسب المواصفات السويدية لمدينة يبلغ سكانها 140 ألف نسمة.


عادت بي الذكرى الى أيام الشباب عندما كنتٌ من أشد المناوئين للإتحاد السوفييتي السابق ومنظومته التي سٌميت ظلماً بالإشتراكية. تلك النظم جميعها كانت شمولية إستخباراتية تتحرك تحت يافطة كاذبة سموها الإشتراكية، جثمت على صدر شعوبها قاطعة عليها الأنفاس. لقد قضى كل هؤلاء الطغاة من ستالين و بريجينيف وهونيكر و شاوشيسكو الخ...لكن آثارهم لا زالت باقية حتى الآن.
بالإضافة الى جرائم هؤلاء في حق شعوبهم والإنسانية جمعاء إلا أن الجريمة الكبرى هي أنهم تسببوا في ضياع تلك المبادئ الإنسانية السامية التي كانت تنادي بها أدبياتهم واعلامهم بعكس أعمالهم.


إذما إستثنينا الطغاة وبطاناتهم فإن شعوب تلك البلدان كانت لديها قيم عالية مثل المساواة وحب السلام ونبذ العنصرية والحياة البسيطة وجماليات إنسانية عديدة. للأسف ضاع كل ذلك عندما إنهارت تلك الأنظمة.


على الرغم من مناوئة الكثيرين ــ وكنت واحداً منهم ــ للشيوعية حينها وكان بالأصل موجهاً ضد الإستبداد وخانقي الحرية، أي الأنظمة وطغاتها، إلا أنني الآن أشعر بالأسى والألم لخسارتنا الفادحة لكل تلك المبادئ الإنسانية السامية، خاصة عندما نرى الآن وقد طغت على الانسان روح الأنانية وعبادة الذات والإنغماس في الملذات والشراهة على كسب المال حتى لو كانت على حساب دم الآخرين، حيث يتحول الانسان شيئاً فشيئاً الى حيوان مفترس في هذه الغابة المسماة بالأرض التي نعيش فيها جميعاً. هذه الروحية التي تسود البشرية في هذا العصر الجديد تنهش في بنية الكون وروح الانسان.


المبادئ التي تنادي بحقوق الانسان ونبذ العنف والإهتمام بالبيئة قد تعزي النفس الى حد ما، ولكن هيهات أن تحل مكان تلك المبادئ السامية التي كانت تسكن النفس البشرية والتي ذهبت ضحية للطغاة.
في الحقيقة، الانسانية هي الآن بأمس الحاجة الى إحياء تلك المثل النبيلة المذكورة أعلاه.
الكثيرون مثلي أتهموا زوراً بأنهم كانوا أعداء للإشتراكية والمساواة ولكن في الواقع كنا ضد الإستبداد، ولم نتخلى في يوم من الأيام عن تلك المثل والسجايا الانسانية السامية وحتى الآن.


سئل آخر رئيس للحزب الشيوعي التركي عن السبب في إنهيار المنظومة الإشتراكية، فكان رده مفعماً بالمعنى الكبير إذ قال: إننا لم نكن نعلم أن الماركسية هي فلسفة، والخطأ القاتل هو عندما حولناها الى ايديولوجية.

من المذنب؟.... كل هؤلاء الذين صفقوا وهللّوا للأكاذيب في كل أنحاء الدنيا حينها.
من الضحية؟.الانسانية جمعاء.......وها نحن ندفع الثمن..

بنكي حاجو
طبيب كردي ــ السويد
Bengi
hajo@comhem.se

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اليسار الاوروبي
م.ت -

صدقت توقّعات وترجيحات المراقبين والإعلاميّين، ودخل «حزب اليسار الألماني» للمرّة الأولى برلمان ولاية هامبورغ ليوسّع رقعة نموه السياسي، بعد النجاح النسبي الذي حققه في الانتخابات الأخيرة في ولايتي هيسن وسكسونيا.وبات واضحاً تصدّع جبهة التحالف الحاكم وعجز الحزبين الرئيسيين، «الاشتراكي» و«المسيحي الديموقراطي»، عن الاستمرار في حكم «ألمانيا الموحّدة» التي دخلت «سنّ الرشد» السياسي والاجتماعي، في عامها الثامن عشر.الا يدل هذا على ان اليسار الاوربي يتقوى في الوقت الحاضر؟