أصداء

شرودر وميركل والتجدد عبر النسيان

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أنساك ده كلام...أنساك يا سلام...ده مستحيل، قلبي يميل، ويحب يوم غيرك، أهو ده الي مش ممكن أبدا، ولا أفكر فيه...الخ الأغنية الرائعة التي شدت بها كوكب الشرق "ام كلثوم".

نسيان الأحباب والود والذكريات الجميلة أمر صعب إلا عند من لا يعرف قلبه الحب بمختلف أنواعه، لكن الله العادل في خلقه وقدره، جعل للإنسان لب وروح تجعله يستثمر عواطفه وانفعالاته في مكانها الصحيح، فإذا كان نسيان المحبب صعب ومستحيل كما يقول الأحباب بلسان حال أغنية "أنساك"، فان النسيان أمر لابد منه لاستمرار التجدد في حياتنا، فالحياة ليست محطات ثابتة يتوقف الجميع عندها، والسعداء هم من يتفهمون سنة الحياة ويتمسكون بالأشياء الجميلة ويتوقون إلى الأجمل، ويتأقلمون بجدية وحب مع الجديد، فلا يتركون للخوف والقلق مجالا ليكون حاجزا بينهم وبين الاستمتاع بلذة التجربة والتأمل في المستقبل، والاستعداد للاستمرارية والبقاء.

بعد يومين من مغادرته لمكتب المستشارية الألمانية أفادت دار نشر (رينجير) السويسرية إن المستشار الالماني السابق جيرهارد شرودر قد تولى منصب مستشار الشؤون السياسية الدولية في الدار، يومها صرح مايكل رينجير صاحب دار النشر، قائلا: {سيكون شرودر مستشار خاص لي ولموظفين آخرين، وسيكون لشرودر الذي يتولى المنصب في يناير المقبل مكتب في مقر المجموعة بزيورخ في منطقة تطل على البحيرة. كما سيعود الى ممارسة عمله كمحام في برلين وسيؤلف كتابا عن حياته}.

هكذا وبكل بساطة وواقعية عاد الرجل الذي حكم دولة بحجم وقوة المانيا الموحدة، الى ممارسة حياته الطبيعية والاستمتاع بها، ليطوي صفحات القلق، وينسى معها أشياء، ويستعد ليملئ ذاكرته بأشياء جديدة.

في نفس الوقت وتحديدا بعد يومين من توليها منصب المستشارة الألمانية كانت السيدة انجيلا ميركل في زيارتها الخارجية الأولى بعد تولي المنصب، للعاصمة الفرنسية باريس، وعندما أرادت الاتصال بمكتبها في العاصمة برلين، واجهتها مشكلة أنها نسيت رقم هاتف مكتبها، فما كان منها إلا ان اتصلت بالاستعلامات او السنترال المركزي لتطلب منهم تزويدها برقم هاتف مكتبها، وتم الاتصال الذي طلبته.

النسيان والاستعداد لتقبل النسيان يعني التجدد، فرجل بحجم شرودر في اليوم الثاني لتركه الرئاسة ينسى كل شئ ويبدأ حياة جديدة، لا شك انه كان يستعد لها وإلا لما بدأها بهذه السرعة، وامرأة بحجم ميركل تنسى في اليوم الثاني لتوليها الرئاسة هاتف مكتبها، وما كانت لتنساه لو أنها أتت إلى السلطة من داخل السلطة، لكنها اتت من الخارج... او بمعنى أدق أتت من الجديد الذي يحافظ ويضمن دائما التجدد والحيوية لكل القادمين والمغادرين، عبر مختلف محطات حياتهم.

هيثم الزامكي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مسألة مبدأ
نهلة -

والشيء بالشيء يذكر، كلينتون الرئيس الأسبق لأقوى دولة في العالم أفسح المجال لزوجته وانكب على تأليف كتاب للطبخ .. انها مسألة مبدأ تحيا عليها هذه الشعوب فالمواقع ثابتة والإنسان متغير، أظهر جدارتك أيتما حللت .. وهنا يكمن الفرق ..

مسألة مبدأ
نهلة -

والشيء بالشيء يذكر، كلينتون الرئيس الأسبق لأقوى دولة في العالم أفسح المجال لزوجته وانكب على تأليف كتاب للطبخ .. انها مسألة مبدأ تحيا عليها هذه الشعوب فالمواقع ثابتة والإنسان متغير، أظهر جدارتك أيتما حللت .. وهنا يكمن الفرق ..