أدونيس إيحاءات لثقافة منقرضة-تعقيب متأخر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
كبير ولا يعني أنه ليس خطّاء، وينسى أنه يكتب ما يقوله في جريدة عربية، كي نحدد ماذا يعني هذا بالنسبة لأية ثقافة؟
سؤال يتفرع من طية لا نريد رؤيتها" هل الثقافة اليابانية ثقافة حية؟
أدونيس وكثير من العرب الكبار يتحدثون عن التجربة اليابانية، دون أن يتحدثوا عن" أن وراءها إرادة أمبراطورية من عائلة إمبراطورية، ساوت بين ملكيتها للعرش وبين حداثة وطنها.
لن يغيب عن بال أدونيس" أن الراهن يكتب بالسياسة وليس بالثقافة، وإلا لأصبح أدونيس زعيما عربيا.
ومع ذلك يتجنب أدونيس السياسة معرفيا، وإرادات، وموازين قوى.
أدونيس قراءة ككل القراءات، حنفي وتيزيني والجابري وطرابيشي والقائمة تطول، وكل واحد منهم أو كل قراءة، لاتهيمن لأن السياسي لدينا نابذ للقراءة أصلا.
السياسي لدينا هو السلطة مرفوعة وفق خصوصياتها لتحتل موقع التمفصل مع الحداثة، والحداثة هي ثقافة عالمية، ولهذا الثقافة اليابانية هي جزء من الثقافة العالمية هذه. واللغات لم تعد خصوصية مقدسة.
أي حديث عن ثقافة لها هوية اللغة منزوعة عن السياسي، هو كلام يؤبد التخلف السياسي نفسه، سواء قلت الثقافة العربية ناجحة أو ميتة، لا فرق.
السياسي هو من يخلق اللغة الآن.
لهذا تجد القائد الضرورة، والقائد المفدى، وقائد الأمة، وملهم الثقافة، معزوفات عربية على وتر تأبيد السلطة. لم يعد يوجد في اللغة الألمانية ولا الإنكليزية ولا الفرنسية ولا اليابانية، تعظيم للفرد السياسي، ورفعه إلى مرتبة المقدس. يوجد لغة عالمية واحدة" مرشح حزب وبرنامج، عضو برلمان وزير..الخ يأتي رئيسا ويذهب إلى بيته مواطنا عاديا بلا ألقاب كالمفدى والقائد والمنقذ..الخ المعزوفة العربية، وينساه حتى من انتخبه.
الثقافة العالمية، رموز" السياسة تمنعها عن أطفالنا. هذا ما يجب التفكير فيه.
ميزة الثقافة العالمية هذه والتي ولدت للمرة الأولى في تاريخ البشرية أنها تستوعب كل اللغات، كما تستطيع كل اللغات استيعابها لو امتلكت الإرادة السياسية، وبالنسبة للتخلف، سواء كانت هذه اللغة هي العربية أو الكردية أو لغة قبيلة منسية في أفريقيا.
السياسي ليس ابتذالا، والفكر الذي يبتعد عنه، إنما يبتعد من باب الترفع الزائف أو الخوف المترف.
ماذا نقول" إن أشرنا أن مثقفينا الكبار مفتوحة لهم كل البلدان العربية! ألا تعني هذه شيئا لأدونيس. بينما مثقف سوري كأكرم البني في السجن، أو مثقف سياسي كوردي سوري كنذير مصطفى ينام في سجن سوري آخر.
يميل أدونيس إلى تقليد الثقافة العالمية بجزءها البريقي، لهذا تأتي تصريحاته كجملة إعلانية أكثر مما هي معنية بإنتاج معنى جديد. تماما كسلعة جديدة على تلفاز، يريد الربح. وهذا لايلغي أنه كبير ومنه نتعلم.
من لا يقرب السياسي هو متواطأ مع الثقافي المنقرض.
من قال أن النهضة في بلداننا تحتاج إلى ثقافة عربية أو كردية؟
النهضة تحتاج إلى ثقافة عالمية في المعنى والمبنى. والثقافة العالمية ميزتها أنها تحترم الخصوصيات وتشظيها لتعيد إنتاجها كنسقا داخل أنساقها المعرفية والثقافية، ولتتحول إلى أيقونة إن كانت منقرضة كدب الباندا.
من لايقرب السياسي" يراكم ثقافة متخلفة".
في سورية تسمح بمؤلفات كل الكبار بما فيهم أدونيس، وتمنع مقالة لغسان المفلح، ويعتقل ميشيل كيلو لأجل مقالة، أو إعلان دمشق- بيروت.
ليشر لنا أدونيس عن دولة عربية واحدة الآن ممنوعة فيها كتبه.
لو بقي أدونيس على تصريحه الإعلاني أثناء وجوده في كوردستان العراق، لكنا تفهمنا الأمر، أما أن يعقبه بشرح له في مقال مستقل، في جريدة الحياة بعنوان الزيارة، فهذا ماوجدناه، لعبة غير بريئة. والذين ردوا على أدونيس ردوا من نفس فكرته، ومن رد هو عليهم في مقالته" هو منهم رفيق درب لموت ثقافة لم تعد تعني للمواطن العربي شيئا.
نزعم أنه علينا القيام بجردة حساب ماذا فعل الكبار بالبحث في تفعيل ثقافتهم وهو محاولة لتفعيل ما لايفعل، لأن الزمن لا يقف عند التوابيت، وأدونيس أحد هؤلاء الكبار.
ومع ذلك نعتبر زيارته لكوردستان العراق ذات مدلول سياسي نحترمه، ونسعى لأن يطال كل المثقفين العرب.
وأعتقد ان المقارنة بين الثقافة العربية والكردية التي قام بها أدونيس ليست سوى تفريع صغير" عن تصريحات رمزية لثقافة منقرضة"
لأن الكرد يحتاجون إلى مزيد من الثقافة العالمية كما يحتاجها العرب، وربما أكثر.
العالم الرأسمالي مع كل تحفظاتنا عليه" يوحدنا وعلينا أن نكون جزء منه.
هنا المقاربة الفعلية لإعادة إنتاج معنى جديد لمفهوم الثقافة.
و طرح الأسئلة أهم من تقرير وقائع ليست سوى كيانات ذهنية مرهفة الإحساس! لا تنبت في الإرض مطلقا.
الحرية والإنسان معادلة العصر الثقافية.
غسان المفلح
التعليقات
المفلح و أدونيس
صابر -حبذا لو تعمق غسان أكثر في قراءة التاريخ. لا يختلف اثنان أن ارسطو هو الأب الروحي للاسكندر وهيدغر هو الوحي الخفي لهتلر وماركس الفيلسوف الاعظم للينين و خليفته ستالين . والكل يعلم أن هذه الشخصيات أجبرت شعوبها على تقديسا بل وعبادتها. أن نعتبر هذه الظاهرة عربية بحتة فهذا إما جهل بطبيعة الانسان أو خدعة لتبرير تغيير الوجوه بأخرى. المثقف قلما يمسك دفة الحكم وخصوصآ في الأنظمة الديمقراطية المثقف يتابع عمله التنويري من زاويته وكلماازداد عدد المثقفين اتسعت ساحة الانارة وكثير من أخطاء الحكام تأتي من قصر البصيرة. أن يتهجم أحدهم على رأي مثقف فهو قصر نظر ، وأما أن ينتحل أحدهم شخصية المثقف كما يفعل النعيسة ليتهجم على مثقفين مثل ميشيل كيلو(ذنبه أنه ينبه الناس إلى خطر التساهل مع ظاهرة عصابات الاقلية التي ستنقلب عل أصحابها إذا اتبعت الاغلبية نفس المنهج). أما أن ينتحل هؤلاء صفة المثقف فهي وصمة عار في جبين كل من يناقشهم كما لو كانوا فعلا شرفاء أو أصحاب رأي والأفضل توجيه الرد إلى آمرهم المباشر سواء كان رئيس مخفر أم رئيس فرع أو حتى مدير عام لجهاز القمع.أدونيس لاشك أنه مثقف وصاحب فكر ولكل كبير زلة وما يؤخذ عليه أنه كان شاعر الجميع ولكن يبدو أنه فقد اتزانه. تبقى أعماله تحف نفتخر بها وهو معذور فكلنا من تراب وآدم من تراب.