أصداء

المرأة العمانيّة والكويتيّة.. في ميزَان الشّعب

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

قبلَ أعوَام حينَ كنتُ لا أزالُ طالبة ً في المدرسَة طرحتْ وزارة التربيَة والتعليم مسابقَة أفضَل لقاء موثّق بالفيديُو، قررتُ أن أشاركَ بلقاءٍ اخترتُ أن يكونَ ضيفي فيه عضوَ مجلس الشُورى الذي كانَ يمثّل ولايَة نزوى آنذاك.. الحقيقَة أنني قبلَ أن ألتقيهِ كنتُ أتطيّر من أنّ اللقاء سيكُون رسمياً ورتيباً كأيّ لقاءٍ معتادٍ مع شخصيّة حكوميّة بارزَة تحاذرُ من أيّ كلمَة تخرجُ منها، إلا أنني بعدَ نهايَة اللقاءِ كنتُ قد كوّنت فكرةً مغايرةً تماماً..

ورداً على سؤالٍ وجّهتهُ لهُ حولَ رأيهِ في الإنجَاز الكبير الذي حقّقته المرأة في السّلطنة بدخولها مجلسَ الشّورى.. جاءتْ إجابتهُ صادمة ً جداً ومغايرة ً حينَ أجابني: أيّ إنجاز كبير تتحدّثين عنهُ؟ لدينَا قرابَة الثمانين عضواً للشورى ولا توجَد سوَى امرأتين لا تشكّلان أكثر من 2% من مجمُوع الأعضاء؟ هل برأيكِ هذا إنجازٌ كبيرٌ لشعبٍ أولت حكُومتهُ المرأة مناصبَ حسّاسَة وثقَة كبيرَة لم يعكسِ الشعب صداها في مجلسِ الشورى الذي يختارُ الشعبُ ممثليه.. آسفٌ جداً.. لكنّ ما يقَال عنْ أيّ إنجاز حققتهُ المرأة في مجلس الشُورى هوَ كذبة كبيرَة!

في ذلكَ الوقتِ كانت هنالكَ ممثلتانَ للمرأة في مجلسِ الشُورَى، وحينَ جرت آخرُ انتخابات مجلس الشّورى قبلَ عامٍ مفضية ً إلى خيبَة أملٍ كبيرة بخرُوج المرأة تماماً من التمثيل البرلمانيّ المتمثل في مجلس الشُورى وددتُ حينها أن ألتقي بعضو مجلس الشُورى ذلك لأقولَ لهُ.. كم كانَ قارئاً دقيقاً لوضع المرأة العُمانيّة على المستوَى الشعبيّ.. المستوَى الشعبيّ لا الحكُوميّ..

قراءَة في تجرِبَة المرأة في الانتخابات الكويتيّة

لم يكنْ أعضاء مجلس الأمّة الكويتيّ قبلَ أعوامٍ قليلة حين صدرَ مرسومٌ أميريّ بمنحِ المرأة حقوقها السياسيّة وفتح الطّريق أمامها للترشّح على علمٍ حينَ تعالت صيحات الاعترَاض على هذا المرسُوم وفتحهِ الحريّة غير المحدودة لتمثيل المرأة البرلماني أنّهم سيستقبلُونَ بعدَ فترة زمنيّة أقرب مما يتخيّلون 4 نسَاء سيدخلنَ مجلس الأمّة من بابهِ العريض..

بوادرُ هذا الانتصَار برزَ عام 2008م حينَ رشّح حزبٌ رئيسيٌ فاعلٌ في الخارطة السياسيّة الكويتيّة هوَ الحزب الديمقراطيّ المعاصر امرأةً لتمثّله.. وإن جاءتْ النتائج محبطة ً بغياب التمثيل النسويّ في المجلس إلا أنّ 4 نساءٍ بعدَ عشرِ أشهرٍ تحديداً إثرَ حلّ المجلس وإعادة فتح الانتخابات كسرنَ الاحتكَار الرّجالي على المجلس مسجّلاتٍ سبقاً تاريخياً في الحياة السياسيّة الكويتيّة.. النساءُ الأربع لم ينتمين إلى حزبٍ واحد أو مذهبٍ واحد أو إلى فكرٍ متشابه فكلّ واحدة منهنّ ناشطة في مجال مختلف غيرَ أن جولَة سريعَة جداً لاستقصاءِ خلفياتهنّ السياسيّة والاجتماعيّة يدفعنَا للإيمان باستحقاق الأربع للدخولِ للمجلس.. فالمرشّحة معصُومة مبارك -شيعيّة المذهب- الأوفر حظاً بالأصواتِ هيَ أوّل وزيرة في تاريخ الكويت التي أمسكتْ حقيبَة وزارَة حسّاسة جداً كوزارة التخطيط.. ومنّ ثم جدّدت لها الثقة على مدى ثلاثِ وزارات متعاقبة.. غيرَ أنّ معصُومة لم تمضِ أكثر من عامين في منصبها الوزاريّ قبلَ أن تقرّر الاستقالة والتي لم تعنِ خروجها من العمل السياسيّ فهي بعدَ أن كانت في موقع الاستجواب المتواصل من قبل نوّاب مجلس الأمّة عادتْ لتكونَ منهم وتمارس دورهم السّابق.. معصُومة مبارك لم تصلْ إلى ما وصلت إليهِ من فراغٍ فهي قبلَ كلّ شيءٍ حاصلَة على دكتُوراه في العلُوم السياسيّة تدرّس في جامعة الكويت وواحدة من قلائل الناشطات السياسيّات في الكويت التي يجمعُ الكويتيُون على أنها امرأة عصاميّة حفرت اسمها في الخارطَة السياسيّة بكلّ شفافيّة وشرعيّة..

البرلمانيّة الأخرى هي سلوَى الجسّار عضو جمعيّة الشفافيّة الكويتيّة ورئيس مركز تمكين المرأة، ومستشارَة للأم المتحدَة في مجال الإنمَاء..

وقبلَ أن تكونَ كلّ ذلك فهيَ حاصلَة على دكتُوراه في الفلسفَة التيْ سبقتها أربعُ شهاداتٍ في حقولٍ مختلفة فهي حاصَلة على شهادات أكاديميّة في التربيَة وأخرى في الجغرافيَا والاقتصَاد.

أمّا أسيل العوضيّ فهيَ الأخرى حاصلة على الدكتُوراه في الفلسفَة السياسيّة وقد فازتْ عنِ الحزب الديمقراطيّ المعاصر ويلاحظ أنّ أسيل العوضيّ استطاعتْ أن تحصد أصوَات أبناء قبيلتها المنغلقَة قبلياً نوعاً ما وهوَ ما يسجّل على انفتَاح الجماعاتِ القبليّة على منحِ ثقتها لنسائهَا بعدَ أن كانتْ النساء المنتميات لقبائلَ معرُوفة يعانين منْ استحوَاذ رجال القبيلة المترشّحين على أصوَات الناخبين والناخباتِ على السّواء..

وأخيراً فإنّ رولا دشتي التيْ توقّع الكثيرُونَ عدمَ فوزها فاجئت هي الأخرَى الجميع بفوزهَا الصّعب قليلاً.. فرُولا التيْ لا تعرفُ الحديث باللهجة الكويتيّة وتتحدّث باللهجة اللبنانيّة لكونها من أمّ لبنانيّة استطاعتْ أن تدخل مجلس الأمّة وهيَ ليستْ بأقلّ من الثلاث الأخريات اللاتي دخلنَ معها المجلس فهيَ أيضاً حاصلة على الدّكتوراه في الاقتصَاد صنّفت كواحدَة من أقوَى النسَاء العربيّات حيث حلّت في المركزِ السادس والثلاثين المتقدّم نسبياً وهي منذُ عودتها من الولايات المتّحدة عام 92م ظلّت رئيسَاً للمجمَع الكويتيّ الاقتصاديّ لأربع دورَاتٍ متعاقبة ً مسجّلة ً حضوراً قوياً كواحدَة من أبرز اقتصاديّات الكويت.. في الكُويت وحدها فقط ستجدُ امرأةٌ لا تتقنُ لهجَة قومها الطّريق إلى مجلس الأمّة.. كان هذا سبقاً حقيقياً..

النسَاء الكويتيات الأربع اللاتيْ تسبقُ الدَال أسماؤهنّ ويجتمعنَ في أنهنّ حصلنَ على شهاداتهنّ تلك من الولاياتِ المتّحدة كما أنّ جميعهنّ يدرّسن في جامعة الكويت قادماتٌ من خلفيّات فكريّة مختلفة فاثنتان منهنّ محجبات واثنتانِ منهنّ غير محجّبات غير أنّ هذا الاختلاف الفكريّ والمذهبيّ لم يحل دونَ اتفاقهنّ على الرغبة في تمثيل المرأة السياسيّ الحقيقيّ بلْ وكثيراً ما شوهدنَ سويّاً أثناءَ الانتخابات البرلمانيّة الكويتيّة الأخيرة..

هكذا إذن دخلتِ المرأة الكويتيّة عهداً جديداً في الحياة السياسيّة الكويتيّة وبقيَ ألا نستبقَ دخولهنّ بأحكام فضفاضَة قبلَ أن نرَى إلى أيّ مدَى سيعُود تمثيلهنّ بالنفع على المرأة الكويتيّة وإلى أيّ مدى ستكُون قضايا المرأة حاضرَة في طاولَة نقاش مجلس الأمّة الكويتيّ..

التركيبَة السّكانيّة وحقّ الانتخَاب

يبلغُ عددُ سكّان الكوَيت ثلاثة ملايين ونصف نسَمة.. يشكّل المواطنُون منها مليُون نسمَة.. وفي قراءَة للهرم السّكاني الكويتيّ حالياً فإنّ هذا المجتمع الصغير سناً لا يشكّل عددُ الذينَ يحقّ لهُم المشاركَة كناخبين ممنْ يتخطّون 21عاماً أكثر من 300ألف من أصلِ مليُون.. أي ما يعادلُ 31% من نسيج المجتمعِ الكويتيّ يحقّ لهُ التصويت.. ويبلغُ أعضاء مجلسِ الأمّة الكويتيّ 50 عضواً يترشّحونَ عن 5 دوائر انتخابيّة موزّعة جغرافياً وسكانياً ويحقّ لأعلَى 10 مترشحينَ يحصدُون أعلى نسبَة أصوَات من كلّ دائرَة أن يصبحُوا أعضاءً في مجلس الأمّة..

هذهِ التقسيمَة ساعدتْ المرأة الكويتيّة على دخُول المجلسِ نظراً لأنّ هنالك عدداً قليلاً من الدوائر مقابلَ عددٍ كبيرٍ من المرشّحين عن كلّ دائرَة فاثنتانِ فقط حجزتَا مراكز متقدّمة في دوائرهنّ بينما حلّت اثنتان في ذيل القائمَة..

الآن بالنّظر إلى نظَام الترشّح لدينا في السّلطنة فإنّ عدد سكّان السلطنة يبلغُ 1.7 مليُون نسمَة يشكّل عدد الحاصلين على حقّ التصويت قرابَة 500ألف من السّكان حيثُ يبلغ أعضاء مجلس الشّورى 84عضواً بواقع 61 ولايَة يترشّح منها عضوٌ أحياناً أو عضوان حسب تركيبتها السكانيّة وبالتالي فإنّ فرص حصُول المرأة على مقعد في مجلس الشورَى تقلّ بالنظر إلى عدد المراكز الانتخابيّة الكثيرة فأقصَى عدد من الممثلين بالمجلس عن كلّ ولايَة هوَ عضوان فقط ما يقلّص فرص فوزهَا..

27 أكتُوبر الحزين

يوم 27 أكتوبر 2007م كانَ يوماً حزيناً علَى 21 امرأة ترشّحت لشغل منصب عضُو مجلس شُورى ولنْ تنساهُ بالتأكيد أي معنيّة بدور المرأة العمانيّة في الحضُور السياسيّ.. فالنتائج جاءت صادمَة بخرُوج المرأة من مجلسِ الشورَى وغيَاب المرأة الكامل عن التمثيل في مجلس الشُورى.. وفيمَا اختصرتْ قناة BBC في خبرٍ مقتضبٍ طبيعَة الفائزين بأعلى الأصوات بهذا المقطع (وأظهرت النتائج وفقا لوكالات الانباء أن معظم الفائزين بمقاعد المجلس البالغ عددها 84 مقعدا إما إنهم يتمتعون بروابط قبلية قوية أو من رجال الأعمال المعروفين في السلطنة.

ولم تفز أي من السيدات اللواتي خضن معركة الانتخابات بأي مقعد في المجلس خلافا للانتخابات التي جرت منذ أربع سنوات والتي فازت فيها امرأتان بعضوية المجلس) وقد لخّصت القناة بذلك أزمَة كبيرَة وجدتِ المرأة نفسها مرغمة ً في أن تعلقَ بها.. فأن يفتحَ الباب منذ سنواتٍ طويلةٍ للمرأة بدخولِ المجلس ويتحقّق لها ذلك وفيما كانتِ المرأة العمانيّة تتطلّع إلى توسيع فرصها في التمثيل بمجلس الشُورى بأكثر من المقعدين اللَّذَينِ كانا في الدورَة السابقة فإنها في 27 أكتُوبر وجدت نفسَها خارج المنظومَة كاملةً.. هذه النتيجَة لم تكنْ مخيّبة للمرأة فحسب بل للحكُومة التي سعتْ منذ البدَاية إلى وضع المرأة في مناصبَ حساسّة مستبقة ً بذلك الحضُور النسائيّ في دول المجلسِ في الحكُومة وإدارتهنّ حقائبَ وزارات حسّاسة فبعدَ أن تحقّقت الوزارة والسّفارة والوكالَة للمرأة.. وجدتْ نفسها تسقطُ في أبرز اختبَار لاستجَابة الشعبِ في الإيمان بأهميّة الدور النسويّ ولذلكَ لم يكنْ غريباً التعزِيز الكَبير الذي منحهُ ذلك المرسُوم السّلطاني الذي أعقبَ إعلان انتخابات مجلسِ الشُورى بتعيينِ 9 نسَاء في مجلس الدّولة وهوَ أعلى حضُور للمرأة في تاريخ السلطنة في مجلس الدّولة.. المجلس الأكثر سلطَة ونفوذاً بعدَ مجلس الوزرَاء فيما لا يزالُ مجلسُ الشورى لا يمثّل سلطَة رسميّة رغمَ أنهُ كانَ حينها يدخلُ دورتهُ السّادسة.. غيابُ المرأة عن تمثيل مجلس الشُورى وعجزها عن الاستحوَاذ على أصوات الناخبين.. واحدَة من بين 21 امرأة لم تستطعْ أن تقنعَ الشّعب بجدارتها بدخُول المجلس كشفَ حجمَ الهوّة بين في النظرَة لدورِ المرأة بين القيادَة الحكوميّة والشّعب.. وكانَ من المحرجِ جداً للقيادَة السياسيَة في السلطنَة أنه بعد أن قطعتْ شوطاً في منحِ المرأة ثقةً حكوميّة كبيرةً أن يأتيْ الشّعب ليخبرَ العالمَ أنّ ما يفكّر بهِ بعيدٌ تماماً عمّا تفكّر بهِ الحكُومة العُمانيّة..

حولَ غيابِ المرأةِ العُمانيّة عن مجلسِ الشّورى

حينَ فازتْ معصُومة مبارك بالمرتبَة الأولى في دائرتها الانتخابيّة فإن ذلكَ لم يعنِ أنّ الرجالَ فقط من صوّتوا لها أو النّساء.. بل ذهبَ الاثنانِ وتشاركا عمليّة التصويت للدّفع بها إلى مجلسِ الأمّة الكويتيّ.. وحينَ فشلتْ 21 امرأة في الوصولِ لمجلسِ الشورى فقد عنى ذلكَ أنّهُ ليسُ الرجلُ فقط من لم يؤمِنْ بأولئكَ النسَاء لتمثيله وإنّما المرأة الناخبَة نفسها لا تثقُ بالمرأة التيْ ترشّحت.

غيابُ هذهِ الثقة كان مردّها ربّما إلى أنّ الناخبَة قرأت في تجربَة المرأة السابقة في المجلس أن شيئاً لم يتغيّر حينَ دخلت المرأةُ المجلسَ وأنّ أياً من القضايَا التي تعنيْ المرأة لم تنَاقش في مجلسِ الشُورى ففيما لا تزالُ المرأة العمانيّة تطالب بحقوق منحَتْ لنظيراتها كساعَة الرّضاعة التي وصَل صداها للبرلمان البحرينيّ الذي أقرّ بالأغلبيّة أحقيّة المرأة العاملَة البحرينيّة في الحصُول على ساعَة رضَاعة بينما لم تصلْ قضايا ذات خصُوصيّة كبيرة للمرأة العاملة إلى طاولة النقاش في مجلسِ الشُورى سواءً من خلال النساء اللاتي مثلنَ المرأة في المجلسِ لدوراتٍ سابقَة أو من خلال الأعضَاء الرجَال أنفسهُم.. آلافُ النساءِ منحنَ أصوَاتهنّ لمرشّحين ذكُور ربّما انتصاراً للقبيلة وربّما تبعيّة لزوجٍ أو أبٍ وربّما لأنها شعرتْ بعدم كفَاءة المترشّحات مقارنَةً بكفاءَة المرشّحين الذُكور.. وفيمَا اتجهتْ القبائلُ الكبرى بالسلطنَة للأخذِ بيدِ مرشّحيها الذكُور ودعمهم بأصوَات أبنَاء القبيلَة لم تستطعِ النساءُ اللاتيْ خرجنَ من تمثيلاتٍ قبليّة واسعَة أن يحصدنَ هذا الدّعم الذي رجحتْ كفّتهُ لنظيرها الرّجل، ربّما بسبب أنّ مقوّمات المترشّحين وكفاءاتهم كانتْ أعلى ممّا لدى المترشّحات رغم أنّ هذا لا ينطبق على جميعِ العشرين امرأة اللاتي غازلنَ الانتخابات وفيمَا دخلتِ المرأةُ كذلكَ في اللعبَة الإعلاميّة من خلال توزيع صورها في اللافتات الإعلانيّة "بالبنطات" العريضَة والدّعوة لانتخابها فإنّ الناخِبَ العُمانيّ لم يتأثّر كثيراً بهكذا حملَة مفضلاً الانتصَار لمرشّحهِ التقليديّ الرّجل..

ربّما لو كانتْ قضايَا متعلّقة بالمرأة، فتحَ ختمها ونوقشتْ في المجلسِ لشعرتِ المرأةُ الناخبَة أنّ المرَأة عضوَ مجلسِ الشّورى قد تحدثُ فرقاً كبيراً أو تعديلاً في حقُوق تطالبُ بها المرأةُ العمانيّة غيرَ أنّ قضايا ذات طابع نسويّ غابتْ عن المجلسِ إلا فيما ندرَ لتحلّ بدلاً عنها قضايَا ذات طابع عامٍ..

كمَا ساهمَ غيابُ المرأةِ الكبيرِ عن التّصويتِ في تعميقِ فجوَة غيَاب التمثيل النسويّ بالمجلسِ فالرسَائل والخطاباتُ والدعوَات للترشِيح والتي وجّهت لآلاف النسَاء في السّلطنة وعشرَات المدَارس الحكوميّة التيْ دعَيتِ المعلّمات خلالها للمشاركَة في التصويتِ لم تقنع الأغلبيّة بجدوَى دخُولِ المرأة في مجلسِ الشُورى أقلّها من بابِ تقدير التوجّه الحكوميّ لرفعِ الثّقة بقدرَة المرأة ونجاحها في إدارة مناصبَ أكثر حساسيّة من كونها عضواً لمجلسِ الشّورى بالنظَر إلى أنّ إدارة وزاراتٍ بأكملها أسندَتْ إليها فما بالكَ بدخولها مجلسَ الشّورى الذي وإن كانَ لهُ ثقلهُ إلا أنّه يظلّ في النهاية غيرَ ذي سلطَةٍ رسميّة كتلك التيْ نجحتِ المرأةُ في إدارتها كما فعلتْ حينَ مثّلت الدّولةَ دبلوماسياً ووزارياً..

أضفْ إلى ذلكَ أنّ نظام الأحزَاب لا يزَالُ غائباً عن السّلطنة حيثُ يدفعُ حزبٌ معينٌ بامرأةٍ لتمثيلهِ في مجلسِ الشُورى دافعاً بذلك كلّ أعضائهِ ذكوراً وإناثاً للتصويتِ لهذهِ المرأة ومساندتها بعدَ مباركَة الحزبِ لترشّحها تماماً كما حدثَ مع سلوَى الجسّار التي ترشّحت عن الحزبِ الديمقراطيّ الحرّ عام 2008م ففشلتْ في الوصولِ لمجلسِ الأمّة إلا أنها بعدَ عامٍ تحديداً استطاعتْ ممثلّةً الحزبَ نفسهُ الدخُول إلى مجلسِ الأمّة بابتسَامة عريضَة..

المرأةُ العُمانيّة.. بينَ الحكومَة والشّعب

منذُ زمنٍ استضَافتْ قناةٌ إخباريةٌ، إحدَى الناشطَات الكويتيّات في مجالِ حقُوق المرأة وتحدّثت عنْ أنّ المرأة الخليجيّة حتّى اليوم لم تستطعْ إقناعَ الشّعب بأهميّة دورها في الخارطَة السياسيّة غيرَ أنّ المذيع عقّب بأنّ سلطنَة عُمان مثالٌ على وصُولِ المرأة إلى قياداتٍ سياسيّة حساسّةٍ فما كانَ من الناشطَة تلك سوَى أن تعقّب بأنّ المرأة العمانيّة دُعِمَتْ منذ البدايَة بحكُومتها التيْ كانتْ سنداً قوياً لها والتيْ سهّلت أمامها الطريق لتدخلَ إلى أكثر المناصب حساسيّة وفي كلّ الحقول لكنّ نظرةً واحدَة إلى غيابِ المرأة عن التمثيل البرلمانيّ في مجلس الشّورى الذي يحدّد الشعبُ من يدخلهُ كشفَ أنّ المرأة مدعُومة من قبلَ حكومتها فقط وأنّ الشّعب لم يستلهمْ ما رمتْ إليهِ القيادَة الحكوميّة، ثمّ أعقبت أنّ طريقَ المرأة العمانيّة كانَ سهلاً ومدعوماً أمّا المرأة الكويتيّة فكانتْ ولا تزالُ تدافعُ ولوحدها دونَ أن يدعمها أحدٌ.

المرأة العُمانيّة.. حضُوراً تاريخياً

عام 1955 كانتْ فاطمة المعمريّ أول امرأة خليجيّة وليست عُمانيّة فحسب تحصلُ على شهادَة الدّكتوراه، عامَ 1956م كانَ هوَ العَام الذي حصلتْ فيهِ شريفَة اللمكيّ أوّل امرأة عُمانيّة على إجازة في الاقتصَاد والسيَاسة وفي عامِ 1970م كانَ صوتُ منَى المنذريّ يصدح في أثيرِ السّلطنة كأوّل مذيعةٍ عُمانيّة وعَام 1972م كانتْ وضحَى العوفي أوّل امرأة عمانيّة تلتحقُ بجهازِ الشّرطة بعدَ أن كانَ مقتصراً على الرّجل وفي نفسِ العامِ كانتْ ناشئة الخرُوصيّ تدخلُ التاريخ كونهَا أوّل مهندسَة عمانيّة وبعدهَا بثلاثِ أعوامٍ كانتْ خديجَة اللواتيّ أوّل دبلُوماسيّة عمانيّة تمثّل السلطنة في المحافلِ الدوليّة وبعدهَا بعشرِ أعوامٍ بالتّمام عيّنت هدَى الغزَاليّ لتكونَ أوّل مديرَةٍ لشؤونِ الطّفل والمرأة العمانيّة وفي عامِ 1997م كانتْ راجحَة عبدالأمير هيَ أوّل وكيلَة لوزَارة حسّاسة جداً كوزارة الاقتصاد الوطنيّ لشؤون التنميَة.. وقبلَ 13 عاماً بالتحديد من آخر دورَة انتخابيّة سمحَ للمرأة بالتصويتِ والترشّح فكانتْ طيبَة المعولَي وشكُور الغمّاري أول امرأتين تمثّلان المرأة في مجلسِ الشُورى وفي عامِ 1998م كانتْ سعاد اللمكيّ هي أول مستشارة قانونيّة وبعدها بعامٍ كانتْ خديجَة اللواتيّ أول سفيرَة عمانيّة اختيرتْ لتمثّل السلطنة في هولندَا.. وفي عامٍ 2003 كانتْ عائشَة السيابيّة هي أوّل امرأة عُمانيّة برتبةِ وزيرةٍ، وفي عام 2005م كانتْ حُنينة المغميري أول امرأة خليجيّة وعربية في طريقها إلى الولايات المتّحدة لتعمل سفيرةً فوق العادة لعُمان في واشنطن..

فإذنْ بعدَ هذا التاريخ الطّويل الذي تدرّجت فيهِ المرأةُ سياسياً وحكومياً، بدَا من الغريبِ أنّ الشّعب لم يمتصّ بعدُ فكرَ أنّ المرأةَ أصبحتِ اليومَ شريكاً فعالاً في القيادَة السياسيّة

ولذا كانَ مخيّباً جداً أنهُ بعد 37عاماً من انطلاق صوتِ المرأة ليصدحَ هازاً الأثير وبعدَ 13 عاماً من دخولِ المرأةِ المجلسَ بأن تخرجَ المرأةُ بتلكَ الصورَة المحبطَة من أيّ تمثيلٍ في مجلسِ الشّورى حتّى من أولئكَ النسَاء القادمَات من قاعدَة قبليّة واسعَة أو نفُوذ عائلَة من كبريات العوَائل الاقتصاديّة في السلطنَة كما كانَ في دوراتٍ سابقةٍ بالمجلسِ.. لم يستطعنَ مغازلَة الشّعب واستمالتهُ في صفهنّ فما بالكَ بالنساءِ العصاميّات اللاتي من بابٍ أولى خرجنَ صفرَ اليدينِ..

في الدّورة السّابعة

بقيَ عامانِ وقليل ونشهدُ دورةً انتخابيةً جديدةً ستدخلُ المرأةُ مجدداً ضمنَ خارطتها الانتخابيّة.. وسيدخلُ الشعبُ مجدداً في رهانٍ حقيقيٍ حولَ جدوى وجودِ المرأة في مجلسِ الشُورى الذي لم يستطعْ حتّى اليَوم أن يحتضنَ أكثر من مقعدين هما أقصَى ما استطاعتِ المرأةُ أن تشغلهما منذُ سمحَ لها بالترشّح عام 94. فهلْ توسّع المرأة تمثيلها الانتخابيّ؟ وهل ستجدُ المرأةُ العُمانيّة-كما وجدتِ نظيرَتُها الكويتيّة- الإيمَان الحقيقيّ من قبَلِ الشّعبِ بدورها وحقّها الفطريّ في تمثيلِ الشّعب صنوَ الرّجل؟ فقطْ لنتمنّ ألا تكرّر الدرَاما المأساويّة نفسَها مجدداً..

عائشَة السّيفي

كاتبة عُمانية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تصحيح
جابر -

أشكر الكاتبة على اهتمامها بالشأن الانتخابي الكويتي ..لكن كان ينقصها الدقة بالمعلومات أولا :لا يوجد أحزاب رسمية في الكويت و إنما تجمعات سياسية ،و ولا وجود في الكويت لشيء إسمه(الحزب الديمقراطي المعاصر) . د-أسيل العوضي ترشحت عام 2008 ضمن قائمة التحالف الوطني ثانيا:د.معصومة المبارك بالفعل كانت وزيرة للتخطيط.لكن آخر منصب وزاري لها كان وزير الصحة .و استقالت على ضوء كارثة احتراق مستشفى الجهراء والتي راح ضحيتها أثنين من المواطنين الأبرياء و عشرات الجرحى ثالثا:د سلوى الجسار حاصلة على دكتوراة بتخصص التربية فقط. رابعا:د.رولا دشتي حاصلة على شهادة دكتوراة بالاقتصاد و هي ابنة عضو مجلس أمة سابق عبدالله دشتي. و أمها اللبنانية أيضا من أسرة سياسية لبنانية.و لا يوجد شيء في الكويت إسمه (للمجمَع الكويتيّ الاقتصاديّ)وإنما الجمعية الاقتصادية الكويتية،وبالفعل رئيستها د.رولا. لكن الجمعية حديثة التأسيس ،أي لم تكن موجودة عام 1992 رابعا: د.أسيل العوضي ,,ليست من بنات القبائل .فأسرتها الكريمة تعتبر أسرة حضرية. خامسا : المرشحة المحامية ذكرى الرشيدي ،إبنة القبيلة العريقة و الكريمة ،خاضت الانتخابات في دائرة قبلية مغلقة ،ضد أبناء عمومتها ..و تحدت الضغوط القبلية الهائلة التي مورست عليها، لكنها فاجأت الجميع بحصدها أكثر من 6000 صوت ،و كانت قاب قوسين أو أدنى من دخول المجلس ،فهي خسارة بطعم الفوز شكرا ..مرة أخرى

اصطياد الاخطاء
صحفي -

بقدر ما يحمل تعقيب الاخ جابر من تصحيح مهم الا انه لم يحمل مناقشة لجملة الافكار التي قدمتها الاخت الكاتبة فقط التفاتة للاخطاء التي وقعت بهابرايي كمتابع لواقع المراة الخليجية اجد ان الاخت وقعت على مساحات حساسة مستورة من المجتمع العماني الذي لا نعرف عنه كثير وهو في النهاية نسخة من الواقع الخليجي المتشابه اجمالاهكذا نحن العرب نهتم بالقشور فقط وبالعثرات التي يقع فيها الكتاب دون الدخول في تفاصيل ما يرمي اليه هذا المقال المسهب في نبش الواقع غير المتحدث عنه في نظرة الشعب لجدوى التمثيل النسوي للشعب في اي برلمان خليجي كان او عربيمن الواضح ان الاخت استعانت بمجلة فوربس في حديثها عن رولا دشتي يحن صنفتها كاقوى النساء العربيات واشارات الى رئاستها لاربع مرات للجمعية الاقتصادية لان هذا ما تقدمه ذاكرتي المسكينة التي تعرفت على رولا دشتي لاول مرة عبر فوربس والتي لم يجد الاخ شيئا ليقف عليه الا ليشير لنا ان هنالك مجمعا اقتصاديا وليس جمعية اقتصادية فما الفرق الذي يحدثه هذا التغيير للقارئ المعني بصلب القضية وليس باختلافات تسميات النقطة الاخرى التي اود لاشارتها اننا وككويتيين وان كانت بعض قبائلنا منفتحة على افرادها فاننا حين نختار عضوا ليمثلنا في مجلس الامة فاننا لن تختار امراة من نفس الخلفية العرقية ان شاء الله كانت بدوية او حضرية والا لما خسر عبدالواحد العوضي عن الدائرة الاولى الذي اشترك في نفس الانتخابات والتي اشتركت فيها اسيل العوضي ففازت المراة وخسر الرجل وان كانا في دوائر انتخابية مختلفة لكن في النهاية هنالك عوضيون قرروا دعم ابنتهم رغم وجود اخر ينتظر دفعهم له الدكتورة القديرة سلوى الجسار كما هو مبين في موقعها وموقع الموسوعة العالمية فهي حاصلة على شهادة دكتوراه في الفلسفة وشهادة ليسانس في الجغرافيا والاقتصاد وماجستير في التربية ولذا لم يجانب الصواب الاخت الكاتبة هنالك نقطة مهمة كشفتها عائشة السيفي وهو مرحلة الوعي التي وصل اليها المجتمع الكويتي لدفعه باربع نساء لتمثيله في مجلس الامة بالاخذباعتبارات ان المجتمع الكويتي مجتمع متعلم وربما هو الاقدم من دو لالخليج في تطور العملية التعليمية بين دول المجلسوكما اشارت الاخت فان انفتاح الكويتيين بلغ مبلغ انهم رشحوا امراة لا تتحدث بلهجة ابنة البلد وحينها لا يهتم المواطن حتى ان كان اجداد تلك المرأة من عائلة الحريري ففي النهاية الدم الخالص ه