من يقف وراء فوز أحمدي نجاد؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لم تكن نتيجة الانتخابات الإيرانية مفاجئة لأحد على الإطلاق، وحتى لو فاز المرشح الإصلاحي، رئيس الوزراء الإيراني الأسبق مير حسين موسوي، فإن تحولاً جذرياً على السياسة الخارجية، ولاسيما الملف النووي، الشغل الشاغل للشرق والغرب، لن يكون ذا قيمة، أو بال، في مطلق الأحوال، فإن هذا الأمر يقع في نطاق المحظورات والاستراتيجيات المبدئية الثابتة التي قامت عليها الثورة الإسلامية الإيرانية في العام 1979، ويغذي خطابها وجود، ويدعم شرعية نظام الملالي.
وتبقى رمزية المنصب الرئاسي بروتوكولية وشكلية، في مطلق الأحوال، وهي هنا، قضية أخرى. وبرأينا المتواضع، وطبقاً لفورة الغضب العارمة هذه، التي تنطلق وتتوجه في غير مراميها المنطقية، حيث يجب أن تكون باتجاه موقع الولاية الكبرى لمرشد الثورة الإيرانية على الخامنئي الذي يقبض على مفاصل القرار، وليس موقع الرئاسة، وذلك وفقاً للهرمية الكهنوتية الملية التي تحكم إيران الخمينية والتي تضع الولاية في مكان مقدس. إذن إن فورة الغضب هذه يمكن أن تؤخذ، بأنها موجهة، وبشكل جريء غير مباشر، باتجاه ذات الموقع "المقدس"، للولي الفقيه، كونه الحامي، والراعي، والداعم لنجاد، ولكن لا يجرؤ أحد، ومن منطلقات دينية، وفقهية الاقتراب، حتى الآن، من المرجعية بأي شكل من الأشكال. غير أنه يمكن القول، بالإجمال، بأن التعبير عن الغضب، والرغبة في التغيير قد بدأت تسري في جسد الجمهورية الإسلامية بعد الوقوع في نمطية وترهلية بادية للنظام، ولاسيما على الصعد الداخلية اقتصادياً واجتماعياً، حيث التحولات العولمية الكبرى تفعل فعلها، في نظام بات، وفي تناقض صارخ، ينطوي على بعض ملامح قروسطية ظاهرة، في وقت يسعى فيه لتبوء سدة المنصة النووية في منطقة تغلي على براكين متنوعة.
لاشك، بأن الدعم الذي حظي به الرئيس نجاد من قبل المرشد الأعلى السيد خامنئي، يقف بشكل جزئي، وراء هذا الفوز الكاسح الذي بلغت نسبته حوالي الـ64%، إضافة إلى التأييد المطلق الذي يتمتع به نجاد في أوساط الطبقات الأكثر فقراً، وتديناً وإملاقاً وتواضعاً، وهم يشكلون الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب الإيراني، والتي تتسم- الأغلبية- بالطابع المحافظ وتسري في دمائها القيم الإسلامية التقليدية، ولذا يبدو من السهل، جداً، التحكم بتوجهاتها، وسوسها وفق الخطاب المعروف، "إياه"، فيما يحظى المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي بدعم النخب الليبرالية والمثقفة والتي تشكل نسبة قليلة من مجموع السكان في إيران، إضافة إلى الطبقة النخبوية المتوسطة، والأثرياء الجدد القادمين من أوساط "الفساد" الإيراني الذين تكلم عنهم نجاد في مناظرته التلفزيونية الشهيرة قبيل الانتخابات.
كما تتسبب السياسات الغربية المعادية لإيران والخطاب "الاستكباري الاستعلائي"، وفق منظومة التعبئة الملية، والموجه ضدها من دوائر غربية بعينها، في مراكمة وإذكاء وتوليد مشاعر قومية، وشوفينية لاهبة لا يمكن إنكارها، وترتبط بالمفهوم والولاء الوطني، الذي لا يغيب عن بال، وقلب معظم الإيرانيين، سواء اتفقوا أم اختلفوا مع سياسات الرئيس نجاد، ومع نظام الولي الفقيه، الذي يعتمد في شرعيته على انتظار "الإمام الغائب"، The Hidden Imam.
ويلعب، أيضاً، الخطاب الإقليمي التعبوي الموجه والحافل في مجاهرة الخصومة لإيران و"مناصبتها" العداء، جنباً إلى جنب مع عملية تنمية حالة من الاستقطاب السياسي بين اعتدال وممانعة، إضافة لاستقطاب آخر أشد خطراً وتأثيراً وهو الطائفي السني-الشيعي، غير المسبوق، وبذاك الشكل المهوّل، أيضاً، نقول يلعب دوراً في تخليق اصطفافية طائفية داخلية محتقنة ومعبأة هي الأخرى، وضمن شرائح إيرانية واسعة، ومستعدة للانضواء تحت راية القوى المحافظة والمتشددة، التي يمثلها الرئيس نجاد، والسيد الخامنئي، والمرجعيات الأخرى المحافظة التي "تدّعي الحفاظ على المذهب" من الضياع وممن "يناصبه" العداء، والتي تعتقد تلك -الشرائح- بأنها ، أي المرجعيات المقدسة والمحافظة- هي الوحيدة القادرة على حمايتها مذهبياً، والإبقاء على كينونتها سليمة من أصحاب التيارات الحداثية والإصلاحية التي تـُصوّر، وتربط عادة بمعاداة الإيمان والقيم المحافظة، ومحاولة القضاء على الأديان، وهذا أمر لا يغتفر في نظر المحافظين والأتباع. كما كان للهجوم المسبوق الذي شنه جاد ضد الفساد والمفسدين في الأرض، الذي دعموا مير حسين موسوي في زيادة شعبية هذا الرئيس المتواضع والذي يعيش حالة شبه تقشف في حياته الخاصة والعامة متمثلاً قيماً وسلوكيات يتوق لها الكثير من الإيرانيين وتلهمهم إلى حد كبير، في ظل الفساد المستشري في هذا البلد الإسلامي.
كما كان للكثير من التطورات الإقليمية الأخرى، ومن بينها التصعيد الإسرائيلي في غير مكان، والحرب في العراق، ولاسيما الأحداث المؤسفة والدموية التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية بحق المدنيين والعزل في غزة، ومناظر الموت والدماء التي حملتها وسائل الإعلام، وساهمت في تذكية مشاعر العداء لإسرائيل ومن يقف ورائها من قوى الاستكبار، وبالتالي الوقوف وراء من يعادي هذه القوى وهو نجاد والإمام الخامنئي.
إن العوامل الداخلية، والخارجية، تلك التي ساهمت، إلى حد ما، في ذلك الفوز الكاسح للرئيس نجاد، هي نفسها التي ستبقي على حالة التشدد القادمة في إيران، والتي لا تستثني أحياناً لا إصلاحيين ولا حداثيين، من أن ينضووا تحت جناحها، حتى لو لم يكونوا من مؤيديها، وهي السبب في التقدم الكاسح لنجاد، ووفقاً للقاعدة الذهبية التراثية المعروفة، ليس حباً بعلي، وإنما نكاية بمعاوية.
نضال نعيسة
التعليقات
سوريا والديمقراطية
مستر بيف السعودي -هههه شر البلية مايضحك ومتى سوف يتحرك الشعب السوري لااقامة الحرية والعدالة....والاهم الجولان...كفاية تنظيرات لااريد ان اقهقة كثير
تماماً كما في سورية
جمال -حيث نفس العوامل، التي يسردها الكاتب بنظرة تحليلية ثاقبة، ليستخلص، بنفس النظرة الأحمدي نجادية، هذه المرة، ولكن الثاقبة أيضاً، من بين سطوره... حيث نفس العوامل، إذاً، أنتجت الفوز الكاسح لا بل الأكسح بكثير (حوالي 99 وشوية بالمئة)، للسيد الرئيس، الممانع والمقاوم والمتصدي، وابن القائد الخالد، بشار الأسد. هذا برئاسة ثانية، وبانتظار الثالثة والرابعة والخامسة والإلخ... يبقى لنا أن نطالب بفتح صفحات موقع شام برس الشهير، واللامع، أمام ريشة السيد نضال نعيسة، الثاقبة، كصاحبها.
بيف السعودي
rami -حين يتحرك الشعب السعودي يتحرك الشعب السوري
سوري
sameere -مخالف لشروط النشر
تناقض واضح
متابع -استغرب هذا التناقض في موقف الكاتب من الاحداث الجارية في ايران.فهو يقف الى جانب طلب الشعب الايراني بالتغيير واصلاح النظام القديم ،وفي نفس الوقت اقراره ب(الفوز الكاسح)الذي حققه الرئيس احمدي نجاد المدعوم من قبل مرشد الثورة المقدس،مع ان هذا الفوز الكاسح المزعوم هو الذي اطلق المظاهرات التي تطالب بالغاء نتيجة الانتخابات اي الفوز الكاسح كما يسميه الكاتب وهو نتيجة عملية تزوير كبيرة،بحيث اصبح المرشح الفائز(حسين موسوي) خاسرا والمرشح الخاسر (احمدي نجاد) فائزا الذي اسرع مرشد الثورة الى تهنئته.وفي مشاركة مع برنامج عن ايران في فضائية العربية هذا المساء ذكرت المخرجة الايرانية الشهيرة سميرة مخملياف التي كانت في ايران عندما انظلقت المظاهرات باختصار ماجرى وقالت ان وزارة الداخلية باركت للرئيس حسين موسوي الذي فاز بنتيجة كاسحة الذي كان يحضر خطاب الفوز حين حضر اليه ضباط من الجيش وآخرون واخبروه بان احمدي نجاد هو الرئيس وحاصروه ومنعوا عنه الاتصالات ووسائل الاعلام.ان الكاتب يقلب الصورة تماما بقوله بان العوامل الداخلية والخارجية ساهمت في الفوز الكاسح للرئيس نجاد،فعكس هذا الكلام هو الصحيح لان احمدي نجاد خسر لتلك العوامل.
ديمقراطية منحبك
جمال -طالما أن سوريا حليف قوي لإيران لماذا لاتحذو إذا حذو إيران في إجراء إنتخابات صادقة وشفافة (يكون فيها أكثر من مرشح واحد للرئاسة حتى تسمى إنتخابات)، أم أن لسوريا دائماً خصوصيتها ولايمكن أن تجري فيها إنتخابات إلا وفق ديمقراطية "منحبك". أليس من المستغرب أن تصبح حكومة إسلامية يشاع أنها حكومة متشددة أكثر ديمقراطية من تلك الأنظمة التي تدعي أنها علمانية ومنفتحة على العالم. نرجو من الكاتب أن يتحفنا برأيه السديد حول الموضوع ويقدم لنا رأياً يعبر عن أنه كاتب حر وليس خلاف ذلك.
ديمقراطية منحبك
جمال -. الرد مكرر
تزوير كبير
م.ت -يقف وراء فوز احمدي نجاد مرشد الثورة الذي انحاز اليه مع ان مركزه الديني يفرض عليه ان يكون فوق الاتجاهات السياسية ومع جمبع الايرانيين،وكذلك يقف الجيش والعسكر مع احمدي نجاد،الذين احتلوا وزارة الداخلية التي اعلنت في البدء فوز المرشح الاصلاحي حسين موسوي بفارق كبير،لكنها سرعان ما تراجعت واعلنت فوز الرئيس الحالي الذي لم يهتم بالشعب الايراني الذي خرج الى الشوارع رافضا شرعية فوزه الكاسح المزعوم.
ما علاقة سوريا
أحمد توفيق -بعض المعلقين يتركون موضوع المقال وينتقلون إلى مواضيع ليست مذكورة في المقال ويعتقدون بأن كاتب المقال يجب أن يتحدث عن بلده فقط ... أليست هذه سخافة وعنصرية؟ السيد نضال له باع طويل في الكتابة الصحفية وكأي كاتب قدير يحق له الكتابة والإبداء برأيه حتى وإن خالفناه بالرأي فبالنهاية هي قناعات ورأي تمخض عن طريق معلومات ربما توفرت له وليس لنا وشكراً