ذيل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
في منتصف الثمانينات، حين كان طالباً في كلية الآداب بمدينة أربيل في العراق، دعاه صديق كرديّ لقضاء عطلة نهاية الأسبوع عند أهله المقيمين في قرية نائية تابعة لمدينة "ديانا" في أعالي الجبال. تجمّع أهل القرية للترحيب بزائر عربي غير تقليدي لا يرتدي بزّة عسكرية، بل طالب بزيّ جامعي وزميل لابنهم. بعد العشاء وأوان الشاي الذي شرعت أمّ زميله بتقديمه لهم صامته وترقبه بنظرات متوجّسة لا يفهمها... بعدها نطقتْ جملةً واحدة،اشترك الجميع على إثرها بصخب ضاحك ما عداه، فلم يكن يفهم اللغة الكرديّة.
نظرَ إلى زميله مستغيثاً، لكن الأخير كان شارقاً بضحكته التي لا يستطع كبحها. بعد ذلك قال له: "كاكا (أخ)، أمّي تريد أن ترى ذيلك!"، وانفجر الحضور بالضحك من جديد.
أوضح زميله إن أمّه كانت تعتقد "إنّ للآخرين ذيول"،هكذا كان أهلها يخيفونها عندما كانت صغيرة لكي لا تقترب من غريب، وحين كبرتْ ورأت ما يفعله العسكر بقرى الكرد، تيقنتْ من ذلك!
ضحكَ بدوره منكسراُ وقال: "نعم، أنا عربي لكنني لا أمتلك ذيلا". فقال زميله، مشاكساً: "قد أوضحتُ لها بأنّك تختلف عمن سمعتْ بهم، وإنك رجل طيب. ثمّ قالت الأم جملة أخرى انفرط الآخرون لها ضحكاً، وتبيّن أن الأمّ علقتْ قائلة: "نعم، يبدو مختلفا وطيّباً، لكن هذا لا يمنع من أن يمتلك ذيلاً!"، فقال مازحاً: "لم يبق إلاّ أن انزع البنطلون لتتأكدوا!"، فعمّ الضحك ثانية، حينها قالت الأم وهي تقدّم له شاياً ثانية حاسمةً الأمر، وبحنان أمّ هذه المرّة: لا داع لأن تنزع بنطلونك، أنا أصدقّكَ. أنت تختلف عن الآخرين".
وخلال أربع سنوات من دراسته الجامعية، مرَّ بقرى شتى سوّيت بالأرض...!،ورأى بأم عينه عيونَ الماء التي سكبَ فيها العسكر "كونكريتاً" لكي يُجبر أهلها على مغادرتها إلى قرى لم تكن سوى معسكرات مغلقة أقيمت لهم...
حينها تساءل: "نعم، لقد كانت محقة،إنهم يمتلكون ذيولا "،ثم أضافتْ له الأيام تكملة السؤال: أيهمُّ من أية قوميةٍ كان من فعل ويفعل هذا وما شابهه.
ضياء حميو