أصداء

أحاديث هيكل: القدرة على اختراع الأسباب

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

ليس المحزن في حلقات الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل التي يقدمها هذه الاسابيع بمناسبة هزيمة يونيو عودة ذكرى تلك الكارثة التي اطاحت بآمال أمة كاملة صدقت ماقيل لها وراهنت عليه وساهمت بما تستطيع من اجل تحقيقه، ولكن مايحزن المرء ويزيد من المرارة هو أن العقل العربي أو ماتبقى منه لازال غير قادرا على قول الحقيقة بشكل واضح ومختصر وبسيط حول الاسباب الحقيقية لما جرى، وبديلا عن ذلك يتم استعراض المهارات اللغوية والاتكاء على اساليب الحكي والتشويق والاستطرادات الطويلة التائهة في بحر الوقائع وكأن ماحدث هو ليلة جديدة من ليالي ألف ليلة وليلة وليس حدث سياسي وعسكري واجتماعي خلخل بنيان وطن بكامله وزرع في ثقافته الهزيمة والدكتاتورية والتخلف بعد أن كان مشروع أمل وتقدم.

فالاستاذ هيكل نفسه هو من صناع الاحداث في تلك الفترة الصاخبة، وساهم بشكل مباشر في خطاب الدولة المصرية التي قاد جيشها لهزيمة منكرة كما قام هو نفسه فيما بعد حسب إمكانياته المهنية الجبارة باللعب على الوعي المصري والعربي وذلك عندما اختصر تلك الكارثة في توصيف نكسة عارضة مرت بها الأمة وكأن ماحدث هو شجار في مقهى بين جنود تم عبره تبادل النيران الصديقة وانتهى بإعادة الأمور إلى نصابها المعتاد.


مثالا على ذلك سوف اذكر الحلقة التي بثت يوم 4/6/2009 على قناة الجزيرة والتي خصص الاستاذ اغلبها للحديث عن ماجرى في ليبيا الملكية أيام الهزيمة حاسما أمر اشتراك طائرات اميركية بقيادة اسرائيليين في الهجوم على مصر، مضيفا أن هذه الطائرات استأنفت طريقها بعد القاء ذخيرتها باتجاه إسرائيل لاسباب سوقية تتعلق بالتموين.

وهذه المطالعة في واقع الحال تستند على مانقل عن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في أسباب الهزيمة عندما قال أننا انتظرناهم - الإسرائيلين - من الشرق فأتوا من الغرب اي من القاعدة الاميركية التي كانت بالقرب من طرابلس في ذلك الوقت.


لا يهمنى هنا أن اثبت أو أنفى هذه الواقعة، وان كان من المهم الإشارة إلى أن مسألة انطلاق طائرات اميركية من قاعدة ويلس المذكورة لم يثبت برغم تحقيقات اجريت في هذا المقام، لكن مرافعة الاستاذ هيكل تعتمد بالاساس على شواهد غير موثقة، ابرزها أن مجموعة من الضباط الوطنيين الليبيين اتصلوا بالسفارة المصرية في ليبيا واخبروها بأن هناك تحركات غير مألوفة تتم في القاعدة، وهو زعم رغم حسن نواياه وحماسته المحمودة إلا أنه لايثبت شيئا في واقع الحال، وحتى وأن ثبت هذا الشيء فهو لايعدو كونه سبب أكثر من ثانوي في تلك الهزيمة.


كعادته ينطلق الأستاذ من هذا الفعل البسيط الذي قام به الضباط الليبيون ليستعرض مجموعة من الوثائق تدور حول محاضر لنشاطات السفارة الاميركية ومواقف مسئولين ليبيين من بينهم الملك الراحل أدريس السنوسي، لكن في الحقيقة كل ما استعرضه الاستاذ ليس له اية علاقة مباشرة ولا حتى غير مباشرة بواقعة الطائرات الأميركية التي يزعم أنها شاركت في الحرب انطلاقا من الارض الليبية، واستعمال تلك الوثائق التي هي ذات صبغة سياسية صرفة لايفيد إلا في مراكمة الغبار للتشويش عبر الإيحاء وتقنية السرد التي يبرع فيها الاستاذ هيكل كما هو معروف. فماذا يعني اجتماع السفير بالملك الذي ابدى له بعض القلق من حساسية التواجد الأميركي في تلك الظروف، أو اجتماع رئيس الوزراء الليبي مع ذات السفير كي يلح عليه بأتباع سياسة الحذر والتقليل من التحركات داخل القاعدة في ذلك الجو الحماسي الذي الهب فيه الإعلام الناصري الأجواء بداية داعيا للحرب ثم عاد لتوزيع الاتهامات كيفما اتفق متجاهلا الاسباب الحقيقية لما حدث.

الحقيقة هي أننا لم نتجاوز بعد تلك الهزيمة لأننا إلى اليوم لم نناقشها كما ينبغي، ولم نفتح جرحها الغائر وتأمله وتشريحه لإيجاد الدواء المناسب له لاننا لانملك القدرة على ذلك، ونحن لانملك القدرة لأن من ساهم في تلك الهزيمة الكارثية هو نفسه من يؤرخ لها وهو نفسه من يتجاهل اسبابها الحقيقية التي مازال الكثير منها قائما حتى اليوم.

فالمسألة بالأساس مسألة ثقافة قاصرة عن الوصول لمناطق العقل، ولاتملك الجرأة للتصدي لما حصل لأنها بذلك تدين نفسها وتلغي اسباب وجودها وتطيح ببلاغتها الخلابة التي تحاول عبرها القفز على الحقائق واللعب في المناطق الآمنة التي تلقى بالاسباب والنتائج في ملاعب الآخرين، حتى وأن كانت النيران لازالت مشتعلة في البيت بينما رب البيت مستمر في سرد حكاية ما قبل النوم.

مجاهد البوسيفي
Omaromar616@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
شكرا
تامر علوي -

لقد رددت على كل علامات الأستفهام التي قابلتنا و نحن نتوه مع حكاوي هيكل أمام التلفاز حول النكسة.

شكرا
تامر علوي -

لقد رددت على كل علامات الأستفهام التي قابلتنا و نحن نتوه مع حكاوي هيكل أمام التلفاز حول النكسة.

السلام
منيرو9 -

نعم لهيكل

السلام
منيرو9 -

نعم لهيكل

الحكواتي
الوليد -

هيكل هو "الحكواتي" السياسي , يمزج الأحداث بالخرافة والبطولات الزائفة لتشويق المستمع .

الحكواتي
الوليد -

هيكل هو "الحكواتي" السياسي , يمزج الأحداث بالخرافة والبطولات الزائفة لتشويق المستمع .

اكيد هيكل الافضل
ثيودور العدني -

للاسف يانقاد هيكل ( مع اني اؤيد النقد البناء وليس النقد لاجل النقد نفسه ) ان هيكل هو الوحيد الذي يمتلك اكبر قدر من المصادر والوثائق وهو مطلع على كثير من الارشيفات المصرية وغيرها وقابل الكثير من الملوك والرؤساء والزعماء وكان نفسه من صناع القرار وقريبا منه, مادام ايها الناقد لاتملك اي وثيقة تواجه بها السيد هيكل فالزم الصمت احسن ,

اكيد هيكل الافضل
ثيودور العدني -

للاسف يانقاد هيكل ( مع اني اؤيد النقد البناء وليس النقد لاجل النقد نفسه ) ان هيكل هو الوحيد الذي يمتلك اكبر قدر من المصادر والوثائق وهو مطلع على كثير من الارشيفات المصرية وغيرها وقابل الكثير من الملوك والرؤساء والزعماء وكان نفسه من صناع القرار وقريبا منه, مادام ايها الناقد لاتملك اي وثيقة تواجه بها السيد هيكل فالزم الصمت احسن ,

مفيش داع نتعارك
أحمد الزاغ -

المفروض اننا وبعد 42 عام من الهزيمة نكون تخطيناها لكن اشوف ان احنا مغرمين بجلد الذات , الحمد لله انتصرنا في اكتوبر 73 وما علينا غير البناء والعمل لأجيال قادمة تتباهي بانتصاراتنا.مع الاطلاع على الصحف ووكالة الأنباء للعدو الصهيوني في شهر اكتوبر تجد انه يمر بدون التركيز العميق.اللهم بارك لنا في اولادنا وامتنا العربية.أبو عمرو

مفيش داع نتعارك
أحمد الزاغ -

المفروض اننا وبعد 42 عام من الهزيمة نكون تخطيناها لكن اشوف ان احنا مغرمين بجلد الذات , الحمد لله انتصرنا في اكتوبر 73 وما علينا غير البناء والعمل لأجيال قادمة تتباهي بانتصاراتنا.مع الاطلاع على الصحف ووكالة الأنباء للعدو الصهيوني في شهر اكتوبر تجد انه يمر بدون التركيز العميق.اللهم بارك لنا في اولادنا وامتنا العربية.أبو عمرو

Tout est relatif
Ali Ben Dahmen -

Haykel est un génie qui se respecte même si sa thèse est incomplète et c''est tout à fait naturel. Le cumul des analyses et des différentes lectures vont nous rapprocher au maximum de la réalité/vérité.Il faut continuer à creuser pour mettre à nue les causes et les effets de la demi-victoire ou la demi-perte d''Octobre 73 et de la NAKBA 67.Pour conclure, je dirais qu''il n''y a pas de perte totale ou de victoire totale car tout est relatif

Tout est relatif
Ali Ben Dahmen -

Haykel est un génie qui se respecte même si sa thèse est incomplète et c''est tout à fait naturel. Le cumul des analyses et des différentes lectures vont nous rapprocher au maximum de la réalité/vérité.Il faut continuer à creuser pour mettre à nue les causes et les effets de la demi-victoire ou la demi-perte d''Octobre 73 et de la NAKBA 67.Pour conclure, je dirais qu''il n''y a pas de perte totale ou de victoire totale car tout est relatif