أصداء

التعليق العربي على كرة القدم

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

انقطع إهتمامي ومتابعتي لكرة القدم منذ سنين عديده، وغيرها من الرياضات، عدا بعضا من الألعاب الأولمبيه، حتى أعادني ابني لها خلال السنيتين الأخيرتين، وفرض علي الإشتراك في قنوات شوتايم لمتابعة الدوري الإنجليزي وخاصة فريقه المحبب، مانشستر يونايتد. والحقيقة انني بدأت استمتع بمتابعتها بشكل كبير مرة أخرى خاصة عندما يمطرني إبني، ذا التسع سنين، بمعلومات لا نهاية لها عن كل فريق وعن كل لاعب، من فاز الأسبوع الماضي ومن انهزم وتوقعاته لكل مبارة وتاريخ كل لاعب- او على الأقل المشاهير منهم- اين كان يلعب ذلك اللاعب وكم يبلغ من العمر وكم هو راتبه ومن أي بلد وماهو فريقه السابق...الخ. ولأن إبني يدرس في مدرسة إنجليزية فهو يفضل ان يشاهد المباريات مع المعلق الإنجليزي، وكذلك أنا.

السبب في تفضيلنا للتعليق الإنجليزي لا ينحصر في ان فهم إبني للعربيه أضعف قليلا من الإنجليزية، ولكن السبب الرئيسي (لإبني- ولي أكثر) يكمن في الفرق الهائل بين المعلقين الإنجليز وأقرانهم العرب. المعلق الإنجليزي يستخدم لغة راقية أثناء تعليقه، وتكون إنفعالاته منسجمة مع إيقاع المباراه، فلا صراخ أقرب لصياح المجانين، ولا القاب وعبارات لا رأس لها ولا ذيل. تجد المعلق الإنجليزي، بإختصار، يشكل إضافة جمالية للمباراه من خلال وصفه الدقيق لما يحدث، وتقديمه لمعلومات إضافية تزيد من متعة المشاهده.

المعلقون العرب، في الجانب الآخر، وبلا إستثناء (على الأقل اولئك الذين فرضت الظروف علي الإستماع لهم- وأخبرني العارفون أنهم أفضل من في السوق) يبعثون على الإشمئزاز. فبالإضافة الى صراخ متواصل يجعلك تتخيل رئتي المسكين تكاد ان تنفجر او تطفح من فمه، يقرفك أيضا الجهل المطبق بأبجديات أستخدام اللغه، ومحدودية معرفة المعلق العربي بأي موضوع يتطرق له أثناء التعليق. يبدو لي ان أحد متطلبات التأهيل للتعليق في التلفزيونات العربيه أن يكون المعلق مهرجا في المقام الأول، وأن لا تتعدى المفردات اللغويه التي يعرفها الخمسين كلمه، بل أنني أراهن ان بعض المعلقين يردد ما يقل عن هذا العدد، حيث يقضي معظم الوقت يصرخ "الكرة بتنلعب" أو "الكوره ملعوبه" (حسب اللهجه) مئات المرات، بينما يعرف كل مشاهد ان ما نراه هو لعبا في لعب ولسنا في حاجه لتأكيد من عبقرية معلقنا الهمام، ومعلق آخر سمعته يردد كلمة "حذار" بعد كل كلمتين من حوالي عشرين مفرده لغوية هي كل ما ردد في كل المباراه. وآخر يملأ الفراغات الصراخية بتأوهات مثل "إييييييييه" وعبارات سخيفة مثل "إيه ده إللي بتعمله يا ولد" او " اللاعب الكبير، الإمبراطور، العملاق".


أضف لكل هذا قمة السخف عندما يجيَر إنتصار منتخب أو فريق عربي إلى أنه إنتصار للأمه العربيه، وأحيانا تضاف لها الإسلاميه، أو ان ذاك اللاعب او الفريق قد شرف الأمتين العربيه والإسلاميه. أضف الى كل هذه الإضافات ذكر إسم "الله" مع كل شاردة ووارده، مع ان الحكايه في النهايه هي لعب كوره ليس إلا. ولعل لاعبي كرة القدم تأثروا انفسهم في السنوات الأخيره بهذا الزخم الديني اللاشعوري ليبتكروا السجود بعد تسجيل كل هدف وكأن المسأله ممارسة شعيرة دينية ستضيف لهم بعض الحسنات.

آخر السخافات شيء من ما يقال في إستديو التعليق وبالتحديد حكاية "الكابتن" تلك (لم أفهمها ولا ادري لماذا تقرفني خاصة عندما يوجًه الكابتن فلان سؤاله للكابتن علان فيرد له "والله ياكابتن زي ما تعرف مثل ما قال الكابتن lsquo;إكسrsquo; قبل قليل بأن الكابتن lsquo;إفrsquo; بأنه لولا إصابة الكابتن lsquo;إخrsquo; لما اتيحت الفرصه للكابتن lsquo;فشrsquo;"...الخ).

أخيرا وبالرغم من محدودية ما أشاهده من مباريات كرة القدم، إلا انني اعتبر نفسي محظوظا لأن فرص الحياة اتاحت لي ان اكون قادرا على فهم المعلقين الإنجليز وهو ما أحرص عليه عند مشاهدتي لمباراة دولية، حتي لو كان المنتخب السعودي طرفا فيها، لأنه لا يوجد معلق عربي حسب معرفتي يرتقي الى مستوى معلقي اللغة الإنجليزية.


شكرا لعصر النقل الفضائي الذي اتاح لنا هذا الخيار وأراحنا من محنة الإستماع للمعلقين العرب والذين يبدون وكأنهم قد تخرجوا من نفس المدرسه، حيث لم يشذ ولو معلق واحد عبر كل هذه السنين وكل هذه القنوات التلفزيونيه، ومنذ أيام المرحوم اكرم صالح منذ أكثر من عشرين عاما، لينفرد بثقافة عاليه ومعها القدره على التعليق بلغة سليمة وراقية تحترم عقلية المشاهد وتضفي مزيدا من متعة مشاهدة مباراة كرة قدم.

محمد العضاضي
كاتب سعودي
alodadi@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
أؤيد كل كلمة مما قلت
أحسنت!! -

يا عزيزي الكاتب... لقد أثلجت صدري بمقالك هذا الذي يعبر عن معاناتي اليومية مع المعلقين العرب (للأسف لا يتوفر خيار المعلق الإنجليزي في جميع القنوات أو المباريات)... لا أدري ما الذي جرى لمعلقينا في السنوات الأخيرة!! صراخ وصياح وعويل ولا أدري متى يتنفسون فهم لا يتوقفون عن الكلام بمناسبة أو بدون مناسبة... كلام لا علاقة له بمجرى الأحداث في الملعب... أخص بالذكر معظم المعلقين من أشقائنا في المغرب العربي ومصر ومؤخرا الخليج...الإستثناء الوحيد هو السيد أيمن جادة ومن قبله الأستاذ مؤيد البدري....

في الجول
...... -

بالفعل كلام في الجول.. معلقين محدودين جدا في الامكانيات..بالإضافة للزعيق هناك اللت والعجن والفتي.. وبالإضافة لذلك مأساة التحليل الفني بعد المباراة.. هم لا يفهموا في كرة القدم فالتحليلات سطحية والكلام معاد ومحفوظ والابتكار منعدم ومع ذلك يستمر البرنامج ربما ساعتين او 3 بعد المباراة!! مأساة

صح 100%
سامي حمامدة -

موافق على مقالك 100% واتمنى ان يكون التعليق العربي على كل انواع المباريات الرياضية محترما ويحترم عقل البشر.

تعليق
هه هه -

كلام سخيف جدا.ارجوا ان توفق في المره القادمه عندما تختار موضوع يهمنا جميعا.

بالعكس
nAz -

بالعكس - المعلقين الانجليز باردين (و كرة القدم حماسية) ايش الفايدة تسمع معلق كانه يقرأ نشرة الاخبار... التعليق فن و عندك كثير فنانين (الشوالي و فارس عوض و علي سعيد الكعبي)

ذكاء خارق
أحمد -

حديثك عن ذكاء المعلقين العرب الخارق للعادة ذكرني بالمعلق العبقري (لن أذكر اسمه فهو يعرف نفسه) الذي كان يعلق على مباراة لريال مدريد وعندما سجل أحد اللاعبين هدفا انفجر بالصراخ وكأن أصله من مدينة مدريد وعندها قام المخرج بإعادة لقطة الهدف فما كان من معلقنا الغارق في نشوة الفرح إلا أن صرخ قائلا: اللللهههه هدف ثاني من نفس اللاعب وبنفس الأسلوب اللللهههه يا سلااااااام

بالعكس
uday -

بالعكس التعليق العربي حماسي وليس بالبارد فهي مباره مثل الحرب تحتاج الى الحماسه اما السجده التي صدعت بالك ووجدانك فهي من علامات المسلم عند تقديم الشكر لله وللعلم معظم اللاعبين المسيحيين الانكليز او غيرهم يصلون بالطريقه الثالوثيه المسيحيه عند تسجيل هدف فماذا يضيرك ان شكرنا الله على الطريقه الاسلاميه على كل حال محاوله نقد جريئه منك وعيبها الوحيد انها غير موفقه شكرا

مدارس
راااكان -

التعليق على مباريات كرة القدم يشبه يتوافق مع اللعبة من حيث مدارسها هناك النهج البرازيلي المحبوب لدى الأغلبية بالمهارات الفنية العالية والتمريرات الأرضية السلسه بعكس اللعب الاوربي اللذي يعتمد على اللعب القوي والتمرير الطويل . كذلك التعليق هناك نهج اوربي وهناك نهج برازيلي حماسي وهذا ما يتبعه كثير من المعلقين العرب خاصة في منطقة الخليج

يا اخي
عراقي -

بدلا من ان تتهجم على اللغة العربية للمعلقين العرب فلا بد لك ان تهتم بابنك الذي لا يتقن العربية و انت تتفاخر بانكم تتفرجون سويه التعليق الانكليزي. و حتى اذا كان التعليق بالعاميه اليس من الجميل ان يتعلم ابنك اللهجات الشعبية للبلدان العربيةو خصوصا ان المعلقين لا يقولون شئ خارج عن الادب.dont get me wromg i know perfect english and i agree that its the most important international language especially in schools all over the world, but we have to keep in touch with our beatiful arabic language ,both proper and street language. good luck to your son, i wish you will be a better father.

مقال رائع!
أبوناصر-الامارات -

بالفعل لم أعد أطيق التعليق العربي...فالصراخ والمبالغات الغبية تصيبني بالغضب ..كمثال فقط،أتذكر مبارة برشلونة و مانشستر يوناتدالأخيرة وكيف يعلق ذلك المعلق المغاربي بشكل مقرف ومعتوه فكل لمسة من أي لاعب هي "سحر" و"أسطورة" و"الحلم " ...ثم ذلك التحذلق في الكلام بما يشبة الشعر! وعدم ترك فرصة للمشاهد للتنفس..شئ غير معقول ولايمكن أن يحدث الا في بلدان تقدس الجهل والخرافة!.

صح
مازن عباس -

أحسنت .. مقالة صحيح 100%،يتوحد الوطن فقط عندما نلعب فى بطولة اقليمية أو دولية، وتصبح مصر الأهم فقط فى كرة القدم.. انها سخرية من العقل العربى

Moayad AlBadri
Abu_Laith -

you will change your mind if you have listened to the Iraqi football expert and commentator Mr. Moayad AlBadri.