العراقيون والمتدخلون في شؤونهم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
كثر المتدخلون بشئون العراقيين ومصائرهم، ربما لا يوجد بلد في العالم يضاهي العراق في عدد الأيدي التي تلعب بشأنه، وتجد الجرأة والطمأنينة لتصوغ وضعه وهيأته ومساره. وطبعاً ليس وفق هوى أهله ومصالحهم دائماً، بل وفق هواها ومصالحها، أو وفق مصالح ومقتضيات القوانين والأعراف الدولية في أفضل الأحوال!
منذ فترة طويلة وربما حتى اليوم، بدا العراقيون للعالم فاقدي الأهلية، دون سن الرشد، بحاجة لمن يتولى أمرهم ويسوسهم ويحدد مآلهم،بل اعتقد البعض أنهم لم يعودوا محسوبين على قيد الوجود الإنساني المتحضر،وغير جديرين ببلادهم وحياتهم ومستقبلهم!
لا بد من الإقرار أن العراق في الحقبة التاريخية السابقة قاده رجل واحد مستبد، وطغمة خانعة كانوا في طيشهم ووحشيتهم ونزعتهم العدوانية الموجهة إلى الداخل والخارج معاً أقرب للجنون والانفلات من كل قانون أو عرف أو خلق، فجروا العراق والمنطقة كلها إلى حروب وخراب ودمار اقتضت تدخل المجتمع الدولي لردعهم وحصر شرورهم أو إزالتها، ولكن كل ذلك أو معظمه تم وفق قرارات من مجلس الأمن وتوصيات الأمم المتحدة!
كان الأمريكان أكبر المتدخلين في الشأن العراقي،ورغم أن حربهم في العراق لم تتم بقرار صريح من مجلس الأمن إلا أنها جاءت ضمن تسلسل قرارات دولية سابقة وموافقة لمصالح الشعب العراقي في الخلاص من هذا الحاكم وطغمته العاتية المتجبرة والتي لم يكن من الممكن إسقاطها دون تدخل خارجي. ومهما اختلف العراقيون بشأن هذا التدخل فإنه أقر فيما بعد بقرارت دولية،ونظم باتفاقية أقرها مجلس النواب العراقي، وصار له متن قانوني وصفة شرعية واضحة حددت أفقه وطبيعته وعمقه الأساسي!
والعراق اليوم نهباً لتدخلات عديدة! لكن ليس هناك ما هو أخطر من التدخل سوى موقف العراقيين من هذا التدخل وبالذات القوى الفاعلة فيه،خاصة تلك التي تمسك بزمام السلطة!
فإذا كان هناك ثمة تدخل إيجابي بمعنى التقاء المصالح بشكل متكافئ إلى حد ما، وقام العراقيون بالتفريط به أو إفراغه من محتواه فبهذا يكونون قد قلبوه إلى وبال وأضاعوا فرصة تاريخية عظيمة يصعب أن تتكرر،وإذا كان هناك تدخل ضار ومدمر وسكتوا عنه أو مالئوه لسبب طائفي أو قومي فهم يكونون قد زادوا في شروره ومهالكه على شعبهم ووطنهم!
لقد صار واضحاً اليوم أن موقف قادة الأحزاب أو المعارضة من التدخل الأمريكي قد اتسم بالتذبذب والانتهازية والوصولية ولم يأخذ شكل التحالف المبدئي! لذلك لم يتعاملوا معه بثقة ووضوح. والمعارضون له، خاصة الفصائل المسلحة رفضوه وتصدوا له لأنه أفقدهم سلطتهم الظالمة القديمة ومصالحهم المغتصبة،وحديثهم عن الوطنية محض هراء وسخف، وأخيراً صار المتعاملون معه لا يتورعون عن مجاراة رافضيه الدمويين للحصول على مواقع حكم تدعمها الطائفة وامتدادها الإقليمي وبذلك يضيعون بأنانيتهم على الوطن فرصة الاستفادة منه!وفي النهاية التقى مؤيدو هذا التدخل مع رافضيه في احتفالات يوم ابتدعوه للنصر،ولكن من المعروف أن حقائق التاريخ لا تقل عن الألغام تدميراً حين تنفجر!
كما انقسم هؤلاء من التدخل الإيراني بشكل سافر، فبينما يتحدث كثير منهم ( تدعم أقوالهم الإدارة الأميركية ) عن تدخل إيراني واسع النطاق في العراق بالتنسيق مع سوريا ومراكز حزب الله في لبنان يتسبب في قتل العراقيين كل يوم وانعدام أمن الناس وفي شلل وضعه الحكومي وعدم قدرته على مواجهة الفساد والمضي في عملية البناء، ينكر آخرون هذا التدخل أو يقللون من حجمه كثيراً، بل يتحدثون عن دعم إيراني بناء للعراق، وعن تدخل تدميري: سعودي وكويتي وأردني وإماراتي وغيره ويوردون تفاصل ومعلومات من دعم مالي للإرهابيين أو بفتاوى شيوخ الإسلام في تلك البلدان أو في تسلل الإرهابيين من مجتمعاتهم أو أراضيهم! وهذا ما ينكره أو يقلل من شأنه المتهمون لإيران وسوريا وحزب الله!
وبذلك نلحظ غياب الموضوعية وتحكيم الضمير، ومفاهيم الوطنية الصحيحة لا العاطفية الكاذبة في الموقف من هذه التدخلات، حتى اليوم لا نرى مرجعية إعلامية شعبية أو طليعية سياسية تتحدث عن هذه التدخلات بكافة عناصرها ومكوناتها وصورتها الكاملة وأبعادها وأهدافها وأساليبها التي فاقت بعضها في قذارتها أساليب المافيات وعصابات المال والدعارة!
وبالطبع لا توجد أية مرجعية قوية رادعة للوقوف بوجهها وردها إلى نحور المتورطين بها!
يجد المراقب لهجة تدليس والتواء على ألسنة كبار المسؤولين في حديثهم عنها فيتردد دائماً تعبير( تدخل من دولة إقليمية أو مجاورة )، ترى إذا هم لم يتجرأوا على تسميتها فكيف تتوفر لديهم الجرأة على مواجهتاها أو محاسبتها وفق القوانين الدولية؟
قبل أيام شن المالكي هجوماً كلامياً علىدولة خليجيةوهذا من حقه، شرط أن يدعمه بأدلة دامغة تليق بكلام رئاسي، وأن يكون متوازناً ولا يسكت فيه عن التدخلات الإيرانية السافرة في العراق، ويشجبها، ولو بكلمة واحدة!
مرة أخرى لا بد من القول أن التدخلات الإقليمية والدولية أمر متوقع ومفهوم ولكن ما هو أخطر وما يصعب على الفهم هو كيف يتعامل العراقيون مع الذين يتدخلون في شؤونهم سواء خيراً أو شراً! ودون أي اعتبار سوى لمصلحة الوطن والشعب!
إبراهيم أحمد
التعليقات
شكرا لله؟
سعد موزان -العراق اكثر بلد في العالم توجد فيه مشاكل وقتل وظلم وفقر واضطهاد وعنصريه وتخلف في كل شي..لكن في نفس الوقت هناك اناس في العراق طيبون ويحبون الحياه وتصور اخي القارئ لو كان هناك فقط بلد واحد في العالم اسمه العراق ماذا يكون مصير هؤلاء الناس الطيبون لذلك عزيزي القارئ اشكر الله باستمرار انه توجد بلدان كثيره في الكره الارضيه غير العراق يلجا لها الناس الطيبون شكرا لله .
مقالك شعر
ليلى سعيد -كلما قرأت لك يا إبراهيم أحس بنفحة الشعر الجميل،هناك أفكار تقارب الغناء والبوح الشعري أنت من الكتاب الذين يعبرون بوضوح عن أفكارهم أما عن تدخلات الآخرين في شؤون العراقيين فلا بد من يوم ترتد فيه سهامهم إلى نحورهم كما قلت فقط أن يعي أصحاب المسؤولية أن كثيرين من المحيطين بالعراق وخاصة إيران لا يروق لها أن يكون العراق مزدهراً وسعيداً أحقادهم على العراق كبيرة ،منذ ايام كسرى أنوشروان ،ولو أدرك من يسمون أنفسهم بقادة المقاومة والبعثيين السابقين حجم الخطر الإيراني على العراق والمنطقة لتحالفوا مع الأمريكان لطرد الإيرانيين وعملائهم من العراق ولو عرف أهل تكريت والموصل وديالي هذه الحقيقة لتحالفوا بقوة مع شيعة العراق العرب الأصيلين الشرفاء ضد عملاء إيران إيران بنفس خطر إسرائل بل أكثر على المنطقة وهي خيبة بوش كانت إيران واحدة واليوم النظام في العراق أضاف لها إيران أخرى فصارت أيرانين، لتنبري الأقلام الشريفة ةتفضح هذا التدخل الخطر على المنطقة كلها وسلمت يد إيلاف والقائمون عليها فهم يقفون بوجه إطماع إيران كالطود الشامخ رعاكم الله جميعاً يا أنصار الشعب العرقي المظلوم ولتحيا وحدة العراقيين شيعة وسنة .
تحية للكاتب
رعد الحافظ -آراء مرتبة و متناسقة في هذا المقال تقرب من الحكمة والكمال والحقيقة المطلقة ,( مع إقراري بعدم وجودها)..هذا ليس نفاق للكاتب الكبير فقد تعودنا منه تلك الحكمة والحيادية في وصفه للاشياء وتسميتها بأسمها الصريح , وليس كما يفعل ساستنا الجدد وحتى القدامى منهم.سأختار عبارة واحدة لأضيف تعليقي عليها وهي :{لا بد من الإقرار أن العراق في الحقبة التاريخية السابقة قاده رجل واحد مستبد، وطغمة خانعة ....}وتعليقي هو :لقد حكم العراق منذ عام 58 أي بعد إسقاط الملكية ونظامها القريب جدا من الديمقراطيات المتقدمة , عسكر من أصول ريفية , فجلبوا معهم الى بغداد العاصمة الناهضة كل أنواع التخلف والتشدد والنفاق والظلم والهمجية وأحيانا التدين الظاهري ..المهم أنهم إلتقوا في حب السيطرة وكسب المال والجاه المفقود لديهم أصلا نظرا لأصولهم المتواضعة ,وربما شذ عنهم عبدالكريم بنظافة يدهلكن لاينكر أنه أول من إخترع أو (أًخترِعَت)بأسمهِ الدكتاتورية و مصطلحات الزعامة والتمجيد الشخصي .المجتمع العراقي طغى عليه المد الريفي والبدوي أيضا بعد ثورة تموز فتراجعت الحضارة والحياة عموما وتقدمت قوى العسكر والطغيان والتخلف ومنافقيهم حتى من الادباء والمثقفين المنتفعين.كل الذي يحصل اليوم هو من تداعيات تلك الفوضى التي بدأت عام 58 , وأشعر بتواجد الكثير منهم لحد الآن وتأثيرهم واضح للعيان حتى لو لبسوا لبوسا مختلفا بأسم الدين أو الطائفة لكنهم يحملون نفس الفايروس ..التسلط والتفرد بالحكم..شكرا جزيلا سيدي الكاتب وتحية خاصة للمعلقين سعد موزان وليلى سعيد لرقي تعليقاتهم
أتمنى
ناقد بن كاتب -أتمنى أن يقرأ رأي الكاتب الكريم كل من يهمه الأمر و لينظر من خارج الصندوق (كما يقال). نحن نعيش في منطقة يفتقد مسئوليها للحكمة و لرؤية مصلحة الشعوب و مع الأسف يسودها حب الإستبداد و الأطماع و المصالح الشخصية. فعلا يحتاج العراق لتكاتف الأيدي لمصلحة الوطن و الشعب و ذلك بجعل العراق حصن مغلق لا يتأثر بالخارج.
التدخل السعودي
احمد الفراتي -في الاسبوع الفائت استشهد مشات العراقيين الابرياء جراء تفجيرات اجراميه تستهدفهم لسبب انتماءهم الطائفي لانهم شيعه ولازالت الفتاوى تتوالد كل يوم تدعو لقتل الشيعه ناهيك عن الانتحاريين العرب
العراق اولا
احمد العراقي -آه على العراق كم ينزف من دمائه ابناءه ولا نعرف الى متى نعيش في غربة الخارج واذا نرجع نعيش غربة الداخل لا نعرف لماذا ؟هل كتب على العراق ارض الغنى وشعب الفقر ابناءهومثقفيه الى متى ؟الله يرحم بحال العراق
أين تعليقى يا ايلاف
عبد القادر جنيد -أرسلته ولم ينشر؟؟
قرصنة في بحر العراق.
الحكيم البابلي . -مقال أقل ما يقال فيه أنه ينبع من روح وطنية غيورة ، وهذه بالضبط مشكلة كل حكام العراق ، فقدان الغيرة الوطنية على الوطن !. تقول الحكمة بأن البَحار يخدم السفينة ، والمسافر يستخدمها ، ولكن حكام العراق وبحارته كسروا عنق الحكمة ، وبدلاً من أن يخدموا سفينة العراق ، فهم إستخدموها وبأقبح الصور !!. في العراق لم يعد هناك إنتماء للوطن العراقي ، كل ما موجود اليوم هو قبائل شريرة دينية وطائفية وسياسية تتناحر فيما بينها وتتكايد على بعضها من أجل مصالح دنيوية قد تودي بهم في النهاية الى نفس المزبلة التأريخية الأزلية الوجود . نحنُ سيدي الكاتب بحاجة ماسة الى زعماء يحملون العراق في قلوبهم ، ويدافعون عنه بأضافرهم وأسنانهم إذا إقتضت الحاجة . بحاجة الى زعماء يحملون الهوية الوطنية الحقيقية ، قبل أن يحملوا الهوية الدينية والعنصرية والطائفية والحزبية والسياسية ، والأمَر ْ من كل ذلك الهوية العشائرية ، بحاجة الى بَحارَة مع بوصلة فكرية ، لا إلى قراصنة بعين عوراء وسيوف مفلولة المضارب . تحياتي .
الغرور
الكمكي /دهوك -لا لماذا يصاب العراقيين بالغرور بعد ايام من تسلمهم الحكم سابقا صدام تحدى العالم واصبح يسبح في بحر من الاوهام والغرور وحتى اواخر حياته كان يصدق انه انتصر على الامريكان في ام المعارك ..والان المالكي قبل سنوات كان في خبر كان ولم يكن الامريكان مهتميين به وما ان اصبح الرئيس حتى اصابه الغرور هذا الداء الغريب الذي يصاب به ملايين العرب والاكراد اكثر من اصابات انفلونزا الخنازير واصبح يطلب من الامريكان عدم التدخل في شوؤنهم وعليهم ان يتركوا العراق والا..!!!! ويطلب من الاكراد الذين لهم الفضل في اتيانه للحكم عدم التدخل في شوؤن الشعب الكردي واين رد الجميل للامريكان
خيبة امل
altaboki -كلام جميل ورائع وشكرا للكاتب على هذا المقال الرفيع. ولكن تبقى المشكلة لان الشعب العراقي قد دمر والطبقة المثقفة قد انسحقت او تجدها في المنافي او قد ماتت في اوكارها او في المهجر ولم تعد طبفة مثقفة. مااسهل الهدم ولكن مااصعب بناء الانسان! لو كان شعبا مثقفا حقيقيا لما اسنطاعت اي جهة ان تتدخل وتخترقه. لا اجد فسحة امل لكل مايجري، وعلى اقل تقدير فالامر يحتاج عشرات السنين ان لم يكن مئات او ان يكون الامل مفقودا. الفساد قد انتشر والطائفية والعنصرية والمحسوبية...الخ قد نخرت جسم الوطن. فغاب العقل وحل ماهو العن من قانون الغاب.