أصداء

مضاعفات منهكة وشاملة للانتخابات الرئاسية في إيران

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

في أعياد يناير 1978، كان جيمي كارتر الرئيس الأمريكي آنذاك ضيفاً على شاهنشاه إيران و قال في مأدبة عشاء اقيمت على شرفه: أن "إيران جزيرة الاستقرار" ولكن بعد عام و16 يوماً، اضطر الشاه على الهروب من إيران إلى الأبد. وكان النظام الملكي قد سقط بعد عام وشهر و11 يومًا بشكل كامل.


هل الحالة في إيران اليوم تشابه تلك الايام؟ برأينا أن الموقف في إيران حاليًا أكثر تأزماً بالمقارنة مع ما كان عليه في يناير 1978.
وقبل اجراء الانتخابات الرئاسية في إيران بيومين كتبنا مقالاً نشره موقع "إيلاف" بعنوان "الانتخابات في إيران، منعطف جديد في تنامي الصراعات الداخلية" اشرنا فيه إلى مناظرة المرشحين لانتخابات النظام الرئاسية والتي كشفوا فيها عن أسرار النظام الداخلية اعتبرناها منعطفًا جديدzwnj;ًا في الصراعات الداخلية لنظام "ولاية الفقيه" وضربة قاضية على النظام برمته وقلنا أن كل من يتم إخراجه من الصناديق باعتباره رئيس الجمهورية فهو محكوم بجرّ ذيول ما يترتب على ذلك من مضاعفات وتداعيات منهكة وشاملة. كما أكدنا أنه ومن الواضح أن المرشد الاعلى خامنئي يريد اعادة تعيين "نجاد" لمنصب الرئاسة بأي ثمن كان.


فالآن هي نفس التداعيات والمضاعفات المنهكة والشاملة التي ادهشت العالم. أما نتائج الانتفاضة الشعبية العارمة للشعب الإيراني ضد الدكتاتورية الفاشية الدينية في إيران فهي فاجأت العالم ونسفت الحسابات السياسية لكثير من الدول حول إيران.


إن هذه الانتفاضة تأتي نتيجة لحالة متفجّرة جدًا في المجتمع وهدفها إسقاط النظام برمته وتحقيق الديمقراطية في إيران. والمجتمع الإيراني عانى منذ 30 عامًا من الدكتاتورية والقمع والفساد والجريمة. وهذه الحالة المتفجّرة جاءت نتيجة الاستفادة من التصدع الذي ظهر في قمة النظام أثناء الانتخابات الزائفة. وفي الحقيقة ليس للانتفاضة علاقة بالفئات الداخلية للنظام أو الانتخابات بنفسها. وإنّ القضية الرئيسية هي الحالة المتفجّرة للمجتمع وسخط المواطنين واسع النطاق، التي برزت باغتنام فرصة من صراعات النظام الداخلية.


وحشد نظام الحاكم في إيران كلّ قواته القمعية في محاولة لإطفاء نيران الانتفاضة.. وخلال هذه الفترة وحسب التقارير المختلفة أن أكثر من 200 من المتظاهرين قتلوا أثناء الاضطرابات وأصيب واعتقل آلاف الآخرين. وفي المدن الرئيسية وخاصة العاصمة طهران فرض حكم عرفي غير معلن. وفي يوم 20 يونيو، وبعد خطاب خامنئي المتسم بالتهديد والتوعد قتل أكثر من 100 شخص. وتقول تقارير نقلاً عن شهود عيان قولهم إن 4،500 شخص اعتقلوا في طهران وخضعوا لأبشع أساليب التعذيب. ولكن مع ذلك فإن التجمعات الاحتجاجية والمواجهات وحالات الكر والفر تستمرّ في طهران وفي العديد من المدن الرئيسية الأخرى.


والآن نرجع إلى الشعار الرئيسي لهذه الانتفاضة. أن العامل الأكثر أهمية في هذه الانتفاضة هي شعاراتها، والشعار الرئيسي فيها هو "الموت للدكتاتور". وأصبح هذا الشعار أقوى على مر الزمن وفي العديد من الحالات تطوّر إلى شعارات اكثر تطرفًا، فمن الواضح أن هدف المتظاهرين هو إسقاط النظام وليس إلا. وإضافة إلى ذلك كلما تقدّمت الانتفاضة كلما تقلص تدريجيًا استخدام الإشارات والرموز المتعلقة بمير حسين موسوي. ولم تعد ترى هناك ملابس أو أوشحة خضراء طويلة في الاحتجاجات والتظاهرات أو أصبحت نادرة جدًا.


النقطة المهمة جدًا هي أنه عمومًا لم يكن النشطاء والمعتقلون في الانتفاضة قد شاركوا في الانتخابات. وعلى سبيل المثال، قالوا أقرباء نداء الشابّة التي استشهدت في 20 يونيو/حزيران بعد أن فتحت قوات النظام النار عليها، قالوا إنها لم تصوت في الإنتخابات. وأكد مسؤولو النظام أيضًا أنّ 60 بالمائة من المعتقلين في طهران و90 بالمائة من المعتقلين في إصفهان لم يشاركوا في الانتخابات. وهذه الحقيقة تم تأكيدها وتكرارها في مناسبات عديدة من قبل مسؤولي النظام. ففي خطبة صلاة الجمعة يوم 19 يونيو، صرح آية الله خامنئي بأنّ كلاً من المرشحين الأربعة للرئاسة جزء من النظام ومن أفراده ومن الموالين لولاية الفقيه وأن الذين خرجوا إلى الشوارع هم معارضو النظام برمته.


إننا لا نبحث هنا ما إذا كانت منظمة مجاهدي خلق قد شاركت بشكل تنظيمي في الانتفاضات الأخيرة في إيران أم لا؟ ولاكنه وبصرف النظر عن أداء الدور التنظيمي لهذه المنظمة، فهناك أكثر من 120 ألفاً من أعضاء منظمة مجاهدي خلق الايرانية والمتعاطفين معها اعدموا أو قتلوا فأقاربهم وأصدقاؤهم وذوو هؤلاء الأفراد يشكّلون نسبة كبيرة من المواطنين الإيرانيين. وقلما يوجد زقاق في ايران دون أن يسجل فيه مقتول باسم منظمة مجاهدي خلق الايرانية. وبمنأى عن تنظيم مجاهدي خلق، فان عوائل قتلى المنظمة تشكل القوة الأكبر والدينامية لمعارضة نظام الملالي في المجتمع الايراني الحالي، وإن لم تجد هذه المعارضة فرصة للظهور العلني بسبب عمليات القمع الوحشية، كما يجب إضافة أفراد عوائل سكّان أشرف و أقاربهم وعوائل المتعاطفين مع المنظمة في الخارج أيضا إلى ذلك. كلّ هذا يشكّل طاقة كامنة ضخمة وجدت فرصة اليوم للوجود النشط والملموس والبارز في انتفاضة الشعب الايراني اليوم.

الواقع أن منظمة مجاهدي خلق الايرانية لها غاية واحدة أصبحت ولا تزال قضيتها المثالية وهي تتمثل في تحقيق الديمقراطية في إيران. والآن وأثناء الإحتجاجات، يهتف المواطنون بنفس الشعارات التي كانت تهتف بها مجاهدي خلق وأخذت هذه الانتفاضة تردد شعارات مجاهدي خلق ومنها "الموت للدكتاتور" و"الموت لخامنئي" وجعلتها تردد على مستوى وطني وشعبي.
إن المستقبل القريب في إيران حبلى بالكثير من المفاجآت. فطوبى للشعوب والحكومات التي تتكيف من الآن مع المستقبل الإيراني.


محمد علي يوسف
باحث وكاتب
mayousof2005@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
نهايت نظام الملالي
محمد فاضل الشاوي -

قدوضعت النقاط علي الحروف يا استاذ. و هذه ما صرحت به السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الايرانية في مقابلة خاصة أجرتها معها صحيفة فرانس سوار الفرنسية: ;التغيير في ايران يلوح في الافق وأن الموقف في إيران لن يعود إلى سابق عهده، اللهم قد تكون لهـا توقفات ولكنها ستنتهي الى نهاية ديكتاتورية الملاليأن بداية نهاية نظام الملالي انطلقت بوضوح. ان المقاومة تتميز بالتنظيمات بما فيه الكفاية حتى تتسلم السلطة دون خطر حرب أهلي. الوضع في ايران متقلب جداً. انني متفائلة جداً. التغيير يلوح في الافق. الشعب الايراني عرض في التظاهرات الاخيرة هذا التطلع بأفصح تعبير. ان مهزلة انتخابات النظام والتطورات التي أعقبتها تشكل بداية نهاية نظام ولاية الفقيه.. الموقف في إيران لن يعود إلى سابق عهده، اللهم قد تكون لهـا توقفات ولكنها ستنتهي الى نهاية ديكتاتورية الملالي.

مع المستقبل الإيراني
محمد فاضل الشاوي -

قد صدق الكاتب الكريم إن المستقبل القريب في إيران حبلى بالكثير من المفاجآت.. أهم نقطة قوة للمعارضة هي وجود مقاومة منظمة لها بديل ديمقراطي يتبلور في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية وهو ائتلاف له برامجه وقراراته المعينة لادارة البلاد بعد سقوط الديكتاتورية الدينية.. ائتلاف أثبت وأظهر قدرته في الكثير من المجالات.. ويعمل المجلس الوطني للمقاومة الايرانية بمثابة برلمان في المنفى.. كما ولهذا المجلس 25 لجنة بمثابة وزارات في حكومة الظل وهي مستعدة لاستلام شؤون البلاد.. وتمثل منظمة مجاهدي خلق الايرانية القوة المحورية لهذه المقاومة وهي تؤمن باسلام متسامح ديمقراطي وهي استطاعت أن تكشف أمام المجتمع الايراني عن أعمال دجل النظام الذي يمارس جرائمه تحت يافطة الاسلام وتحولت المنظمة اليوم الى نقيض للتطرف والتشدد الديني.. ولكن ضعف المعارضين ومعاناتهم الرئيسية ناجمة مع الأسف عن سياسة الاسترضاء الغربية تجاه النظام منذ عقدين من الزمن مما أدى الى تقييد أبرز معارضة للنظام.. ومثال بارز على هذه السياسة هو تسمية مجاهدي خلق القوة الرئيسة للمقاومة بالارهابية حيث اضطر الاتحاد الاوربي الى إلغائها في 26 كانون الثاني 2009 اثر قرار محكمة العدل الاوربية.. ونقلت الكثير من وسائل الاعلام الغربية مرات عديدة عن دبلوماسيين غربيين حقيقة أن قمع مجاهدي خلق يتصدر مطالب النظام الايراني في مفاوضاته مع الدول الغربية حول الملف النووي أو ملفات أخرى. وقالت السيدة رجوي في ختام حديثها: ;نحن نناضل من أجل الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الانسان والمساواة بين المرأة والرجل وأخيراً فصل الدين عن الدولة.. اننا نؤمن بهذه القضية وهذه المبادئ ايماناً راسخًا ومستعدون لأي تضحية من أجل تحقيقها.. اننا لا نريد شيئاً لانفسنا في المستقبل.. اننا نريد تحقيق هذه المبادئ في ايران المستقبل فقط.. وبعد ذلك كل شيء يعتمد على قرار وخيار الشعب.. إن ما يهمنا في الاساس هو اقامة نظام ديمقراطي في ايران فقط وليس الا.. وهذا هو أكبر انتصار لنا...;.نعم إن المستقبل القريب في إيران حبلى بالكثير من المفاجآت. فطوبى للشعوب والحكومات التي تتكيف من الآن مع المستقبل الإيراني.

طوبى لأهل أشرف
عارف من سوريا -

الاستاذ محمد علي .. سعدت بقراءة مقالك السياسي المحترف والسلس والمنطقي في الطرح والترتيب، والذي يعكس مدى ثقافتك السياسية وقدراتك الكتابية. ونحن أيضًا عانينا ما عانينا من هذا النظام الجائر وسيكون يوم ازالة هذا النظام من المنطقة عيدًا لكل الشعوب في المنطقة وخاصة البلد العراقي الشقيق وهنا ابلغ تحياتي لأهل أشرف، مدينة زرتها قبل عام وشاهدت بام عيون المدينة الفاضلة. فطوبى لشعب يحضى بقوة كالقوة الكامنة في أشرف.

شعب جريح
فريد محمدي – طهران -

اقدم شكري و تقديري للاستاذ محمد علي يوسف لجهوده الكادحة والمخلصة والشريفة في التضامن مع شعبنا الجريح , كما اشكر من السيد رئيس التحرير لموقع ايلاف لنشر هذا المقال .

شكرًا يا يوسف
وحيد - بغداد -

اشكر من موقع ايلاف, لدرج تحليل الجميل والدقيق لظروف الراهنة في بلدنا, في الحقيقه والواقع احتجاجاتنا ضد نظام الولي الوقيح بذريعة الانتخابات يسدل ستار علي حقبة غدر وخيانة ومقال يقول غابرت سياسة المساومة والمساومة مع النظام واشكر السيد يوسف الذي احسه على جانبنا ونحن نهتف الموت لولي الفقيه