أطراف الصراع في إيران.. هل من عودة الى الماضي؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
في التصبر على البلاء والشدائد يقال " كل ما طالت قرب الفرج "، غير ان في الأزمة الإيرانية يظهر عكس ذلك تماما " فكل ما طالت اشتدت تأزما " ، وذلك استنادا الى التصريحات والمواقف التي تصدر كل يوم من قبل أطراف الأزمة. فالرئيس الإيراني احمدي نجاد وخلال كلمة ألقاها قبل خطبة صلاة الجمعة الأخيرة في جامعة طهران ، طالب باعتقال و مواجهة من اسماهم " رؤوس أعمال الشغب " التي أعقبت الانتخابات الرئاسية. هذا على الرغم من ان السلطات الإيرانية قد سبق لها الإعلان عن تمكنها من اعتقال جميع العناصر التي تسببت في وقوع الاحتجاجات الدامية، وعرضت اعترافات العديد منهم عبر وسائل الإعلام ، و من بين المعتقلين وزراء ومسؤولون سابقون كبار بالإضافة الى مثقفين وصحفيون وغيرهم، جرت إحالتهم جميعا على المحاكم بتهم بلغ بعضها التخطيط لتنفيذ ما سمي " الثورة المخملية " ، وهؤلاء المعتقلون طبعا من قادة ما يعرف بالجناح الإصلاحي.
ولكن طالما ان كل هؤلاء المتهمون قد أصبحوا في السجن، فمن هم الذين يقصدهم الرئيس احمدي نجاد ويطالب بمواجهتهم؟.
طبعا لايوجد في خارج السجن حاليا سوى الذين أصبحوا قادة ما بات يعرف بحركة " طريق الأمل الأخضر " وهم رئيس الجمهورية السابق محمد خاتمي ورئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي و رئيس البرلمان الأسبق مهدي كروبي بالإضافة الى رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام الشيخ علي اكبر هاشمي رفسنجاني.علما ان هناك اختلاف بالأفكار و تفاوت بالآراء بين كل من رفسنجاني و مير حسن موسوي ومهدي كروبي ، ولكل منهم رأي وهدف معين غير ان بعض المراقبين يرى ان مصير كل هؤلاء أصبح مرتبط ببعضه البعض ولا يمكن لهم التغريد كل بمفرده.
وتعليقا على هذا الأمر يرى " الدكتور اكبر كرمي" المتخصص في الشؤون الإيرانية ، ان الطلبة الجامعيين الذين استقبلهم مرشد الثورة ( آية الله ) علي خامنئي الأربعاء الماضي ، والذي تمنوا على المرشد الأمر باعتقال كل من ، مير حسين موسوي ، محمد خاتمي ، مهدي كروبي ، عبدالله جاسبي ( رئيس الجامعة الحرة ) و مهدي رفسنجاني نجل الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني الذي لمح الطلبة أيضا الى ضرورة اعتقاله هو الآخر دون التصريح باسمه ، بوصف هؤلاء جميعا مسئولين عن أعمال الشغب و أنهم على صلة بأطراف خارجية ، فهذا الطلب يدل على ان هناك تيارا في النظام يسعى الى أخراج رفسنجاني وعائلة وجميع المقربين منه من الساحة السياسية. وهذا على ما يبدو أمرا لابد منه ، فما جاء على لسان الرئيس احمدي نجاد في مصلى جامعة طهران الجمعة الماضي يدعم هذا التوجه. فما حدث من خلافات بين أجنحة النظام عقب الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 حزيران الماضي، والتي تخللها تبادل الاتهامات بمحاولة انقلابية وأخرى اتهامات بالتزوير والقتل و ارتكاب جرائم ضد الإنسانية ،من بينها التعذيب والاغتصاب الجنسي للمعتقلين ، هذه التهم والوقائع لا يمكن تخطيها بسهولة، وعليه يعتقد المتابع ان هذه الأحداث قد فرضت على السلطة خياران لا ثلاثة لهما ، الاول إما ان تقوم السلطة بالتحقيق في هذه التهم والجرائم وتقدم للشارع الإيراني نتائج مقنعة ، وإما ان تستمر بسياسة القمع و الهروب الى الأمام للتغطية على هذه الاتهامات والجرائم. وفي كل الحالتين فان هذه الخيارات بحد ذاتها قد تتسبب ،أو أنها قد تسببت بالفعل ، في نشوب خلافات بين جناح المحافظين وأقطاب السلطة. فمرشد الثورة خامنئي وفي معرض رده على كلام الطلبة الجامعيين الذين طالبوا بالتصدي لقادة الإصلاحيين قال " انه قد سمع شائعات عن ارتباط قادة الإصلاحيين بجهات أجنبية ولكن صحة هذا الارتباط لم يثبت عنده بعد " ، وهذا بالطبع خلاف ما تروجه العناصر المتشددة من المحافظين ومنهم رئيس الجمهورية والتي تصر على التورط الأجنبي في الأزمة الإيرانية.
غير ان هناك من يعتقد انه لايوجد خلاف في الأمر بين المرشد والتيار المتشدد من المحافظين فما جاء من اعترافات على لسان المعتقلين من الجناح الإصلاحي ضد أنفسهم يكاد يكون متطابق بالكامل مع ما كان قد نشر سابقا على صفحات وسائل الإعلام وصحيفة " كيهان " أثناء الحملات الانتخابية ،فمثل هذا السيناريو لم يوضع لكي يتم تجاوزه بهذه السهولة ، فهو سوف يستمر وجماعة الضغط تسعى للوصول الى تطبيق آخر فصول هذا السيناريو ، وهو فصل تجري فيه تصفيات دامية لطرف الخصم ، و لا يعتقد ان المرشد يملك من القدرة و الإرادة التي تمكنه من الوقوف بوجه قوى القمع أو ترويضها.
أما الجناحي الإصلاحي الذي يرى في نفسه انه الفائز في الانتخابات، فهو الآخر قد سلك طريقا لا رجعة فيه وهو مجبر على مواصلة المشوار. وإذا كان من السؤال بهذا الشأن فهو، بعد كل هذا الذي حصل هل إمكانية التراجع متاحة لإصلاحيين، والى أي مدى؟
البعض يرى ان فرصة التراجع غير متوفرة أمامهم أبدا ،فالعودة الى الماضي بالنسبة لهم أصبحت مستحيلة ، حيث ان الجناح المنافس في صدد محاكمتهم بتهم من ابرز عناوينها إثارة الاضطرابات و الإخلال بالأمن القومي والارتباط بقوة خارجية ، و تحميلهم مسؤولية حوادث القتل التي حصلت أثناء الاضطرابات ، وهذا الأمر بحد ذاته يسد الطريق أمام احتمالية حصول أي رجعة الى الماضي.
ويبقى كل من الجناحين يغني " ألا هل لماضٍ من الزمان رجوعُ"؟.
كاتب احوازي
rlm;29rlm;/08rlm;/2009
التعليقات
الدمقراطية الايرانية
عبدالعزيز آل حسين -اطلبوا الديمقراطية ولو من ايران , انظروا الى هذا الحراك السياسي و الشعبي في ايران وتمعنوا فيها , أليست هي نموذج لديمقراطية اسلامية يجب دراستها و أخذ ايجابياتها ومعالجة سلبياتها بدل لعنها و التشفي منها شكرا ايلاف