أصداء

المؤسسة العسكرية في تركيا وعقدة العيش في الماضي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

افرز النقاش الدائر على الساحة السياسية والاعلامية التركية حول سبل حل القضية الكردية رأيين متناقضين. الرأي الاول كان للحكومة التركية التي اعلنت مضيها في انتهاج الحل السلمي لهذه القضية وتبنيها عملياً لمجموعة من الخطوات الرمزية مثل السماح المحدود باستخدام اللغة الكردية في الاعلام والانفتاح على حزب التجمع الديمقراطي الذي يمثل المكون الكردي في البرلمان التركي. ويساند هذا الرأي غالبية الشعب التركي حسب آخر الاستطلاعات وهذا ما ادهش المتابعين للشأن التركي. والرأي الثاني جاء مناقضا لما سبق وقد تبنته المؤسسة العسكرية التي اعلنت ممانعتها وعرقلتها لمساعي الحكومة. حيث اعلنت هذه المؤسسة عن تمسكها بمبادئ الاتاتوركية القائمة على وحدة القومية واللغة في تركيا. وعلى هذا الاساس افصح العسكر في تركيا عن استحالة قبولهم الاعتراف بالحقوق القومية والثقافية للشعب الكردي في تركيا ويساندهم في هذا الرأي اقلية من اتباع حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية.

الدافع وراء موقف المؤسسة العسكرية في تركيا هو ليس الحرص على وحدة تركيا كما تدعي بل هوالخوف من ان يؤدي الحل السلمي للقضية الكردية الى تقويض أو اضعاف سلطة هذه المؤسسة وامتيازاتها فالاعتراف بالشعب الكردي ولغته في تركيا يعني عمليا تقويض الاتاتوركية وافراغها من مضمونها وهذا يعني بدوره انتفاء مبرر تدخل العسكر في الشؤون السياسية بحجة الوصاية على مبادئ الاتاتوركية. كما ان الحل السملي للقضية الكردية في تركيا يعني اعترافا بالهزيمة للمؤسسة العسكرية التي دأبت طوال ربع قرن على الادعاء بقدرتها على الحل العسكري ولن يكون فشل الاجتياح العسكري الاخير لكردستان العراق في ربيع ٢٠٠٨لمطاردة مقاتلي حزب العمال الكردستاني، بعيدا عن الاذهان رغم ماتلقته تركيا من دعم امريكي و اسرائيلي.

مالايعيه العسكر في تركيا حقا هو ان الاتاتوركية قد ولّى زمانها فهي اليوم بلا معنى. فالتجانس القومي و الاجتماعي الذي تدعيه الاتاتوركية لايمكن ان يصمد امام الشعور القومي المتقد لدى الكورد.ولن تستطيع الآلة الحربية والبوليسية التركية ان تخمد هذا الشعور كما كانت تفعل ايام الحرب الباردة فالدور التركي في حراسة حدود الناتو مع الاتحاد السوفيتي قد انتهى الى غير رجعة وتركيا الآن بحاجة ماسة الى دخول الاتحاد الاوروبي وهوما يقتضي امتثالها للمقاييس الاوروبية في مجال حقوق الانسان وحرية التعبير واستخدام اللغة القومية. ولاننسى ان الاتاتوركية سبق لها وان تلقت ضربة موجعة لاحد اركانها الاخرى وهي العلمانية. فقد وصل الاسلاميون الى سدة الحكم رغم كره العسكروقد اثبت الاسلاميون انهم اكثر نزاهة من القوميين العلمانيين الذين اتسمت فترات حكمهم بالفساد والفشل على كل الصعد. ما سيتبقى من حطام الاتاتوركية هو مبدأ وحدة الاراضي التركية وهو ما تجازف به المؤسسة العسكرية من خلال عرقلتها للحل السلمي لهذا القضية وتجاهلها للحقوق المشروعة للكورد في تركيا. فما يرضي الكورد في تركيا اليوم قد لايرضيهم في المستقبل. والمتتبع للقضية الكوردية في العراق يعلم ان مطلب الكورد كان الحكم الذاتي وعلى اساسه تم ابرام اتفاق آذار عام ١٩٧٠ ولكن تنصل الحكومة العراقية من الاتفاقية وقمعها للكورد في السنوات اللاحقة حدى بالقيادات الكوردية الى استغلال الشعور القومي الناتج عن هذا القمع والاستفادة من الاخطاء التي ارتكبها نظام صدام حسين،الى رفع سقف المطالب باتجاه الفيدرالية.

ان الحل السلمي للقضية الكوردية في تركيا سيزيد من قوة تركيا ويحسن فرصتها في الانضمام الى الاتحاد الاوروبي. مطالب الاتحاد الاوروبي لتركيا متعددة ولكن اهمها واكثرها الحاحاً هو حل القضية الكردية في هذا البلد. ان الاستناد الى الاخوة الكردية -التركية وروابط الدين والوطن والتاريخ المشترك كفيلة بضمان وحدة تركيا في ظل اطار ديمقراطي دستوري يكفل للأقلية الكوردية حقوقها القومية واللغوية والثقافية. اما اساليب القمع والتجاهل وسياسات الصهر و القهر للكورد لن تثمر سوى عن مزيد من الاحتقان لديهم وهو ما سيدفعهم حتما الى البحث عن اية فرصة سانحة للانفكاك من هذا الظلم والحيف ولو كان ذلك خارج الاطار التركي الوطني.


ssarhat@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لن نتنازل
الكوردستاني -

لن نتنازل عن شبر من اراضي كوردستان سوف نكون شوكة في عنقهم فاليبلعونا ان استطاعوا ليس لدينا ما نخسر انما تركيا تبكي للعالم وتريد من العالم باسره ان يشاركوها في الحرب على فئة اشتكت امرها الى الله وسوف لن يصمدوا امام عزم الرجال والله مولانا والله لايحب المعتدين

تركيا تحلم حلم البعي
البامرني -

لاتدخلون في الاتحاد الاوربي الا في يوم القيامة سوف تحشرون معهم انشاء الله هؤلاء الفئة الظالة يقتلون اطفالنا ويحرقون قرانا ويقطعون السنتنا ونحن ارهابيين ،اللهم دمر الظالمين وانصرنا عليهم هولاء المنافقين الذين يتكلمون بأسم الاسلام

تركيا تحلم حلم البعي
البامرني -

لاتدخلون في الاتحاد الاوربي الا في يوم القيامة سوف تحشرون معهم انشاء الله هؤلاء الفئة الظالة يقتلون اطفالنا ويحرقون قرانا ويقطعون السنتنا ونحن ارهابيين ،اللهم دمر الظالمين وانصرنا عليهم هولاء المنافقين الذين يتكلمون بأسم الاسلام

الدهر يومان
ناظم -

لكل حدث عوامله والنظر اليه من زوايا مختلفة تبدو متباينة وكل واحد ينطق مايراه ويعتبره صحيحا.اما قضية اي شعب فالنظر اليه من زاوية واحدة فقط وهو حق تقرير المصير بكل معنى الكلمة,وما يدور في الاونة الاخيرة في تركيا بحل القضية الكوردية بالشكل السلمي,هذا هو المطلوب عدا ذلك فهو ذر الرماد في العيون ولن يجدي نفعا.الجماهير الكوردستانية استوعبت الفكرة وحقوقها, واصبحت قوة مادية صلبة لايكمن التحيد عنها,وسوف ينهض ويستمر في النهوض حتى تحقيق مطالبها الشرعية بكل الوسائل المتاحة.فاليوم افضل من الغد ولصالح الجميع,ان كان تركا او عربا او فرسا,والعيش معا باخاء ومحبة ووئام.

الدهر يومان
ناظم -

لكل حدث عوامله والنظر اليه من زوايا مختلفة تبدو متباينة وكل واحد ينطق مايراه ويعتبره صحيحا.اما قضية اي شعب فالنظر اليه من زاوية واحدة فقط وهو حق تقرير المصير بكل معنى الكلمة,وما يدور في الاونة الاخيرة في تركيا بحل القضية الكوردية بالشكل السلمي,هذا هو المطلوب عدا ذلك فهو ذر الرماد في العيون ولن يجدي نفعا.الجماهير الكوردستانية استوعبت الفكرة وحقوقها, واصبحت قوة مادية صلبة لايكمن التحيد عنها,وسوف ينهض ويستمر في النهوض حتى تحقيق مطالبها الشرعية بكل الوسائل المتاحة.فاليوم افضل من الغد ولصالح الجميع,ان كان تركا او عربا او فرسا,والعيش معا باخاء ومحبة ووئام.