أصداء

مدرسة كوينزي: سنين المراهقة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لم يكن الوصول إلى مدرسة كوينزي سهلا فقد بدأت في الشك في جهاز الإرشاد GPS الذي كنت أعتمد عليه إلى أن اكتشفت أن العديد من الشوارع هناك أحادية الإتجاه، مما فسر لماذا كان يطلب مني الجهاز الدوران حول نواصي بعض الشوارع. ومما زاد في شكي هو أنني كنت في قلب الحي الصيني للمدينة "تشاينا تاون" ldquo;China Townrdquo;، ناهيك عن الشبكة الكبيرة للطرق السريعة التي تحيط بالمنطقة من كل جانب.

على طرف الحي وقبل أن يردني الحائط الإسمنتي للخط السريع وجهني جهاز الإرشاد للدوران يمينا على شارع ضيق باسم ldquo;Marginal Roadrdquo; والذي يمكن ترجمته إلى "الشارع الهامشي"! وفي أول تقاطع أدركت أن الشارع الموازي له هو شارع تايلور Tyler Street الذي أقصده. لقد أزيلت المباني المواجهة لشارع تايلور الذي تقع عليه المدرسة ولكن الحظ كان حليفي ببقاء المعالم الأهم لمدرسة كوينزي ومنزل جبران وحتى متجر البقالة التي كان يديره أخوه بطرس.

تعرفت على مبنى المدرسة فور وقوع ناظري عليه فقد كان مطابقا للصور القديمة لإبتدائية كوينزي. أخذت نفسا عميقا وأنا أخطو على العتبات التي أخذتني إلى المدخل فقد خطى جبران حيث أمشي. لم تتغير الأرضية،، ولم تنزع الجدران،، ولم تستبدل الأسقف،، فقد حافظ كل وريث لذلك المبنى على الأحشاء التي أعطت المبنى روحه. حتى ألواح الكتابة السوداء (لوح الطبشور/الطباشير) تم الإبقاء عليها وترميم البعض المتآكل منها. لم أترك حجرة واحدة إلا ودخلتها فقد كنت أرغب في أكون في حضرة جبران حتى وإن كنت سأشاركه في المكان دون الزمان. ولكني ارتحت حين دخلت حجرة ناظر المدرسة فلا أعتقد أن أي طالب يستطيع تفاديها حتى وإن كان ملاكا.

رئيس الجمعية الخيرية الصينية التي تتخذ من المبنى مقرا لها "جلبارت هو" كان مضيافا فرحب بي وانشرحت أساريره وأنا أحكي له عن هذا المشروع الذي أقتفي من خلاله أثار جبران. في الجولة الطويلة التي وفرها لي وفي إحدى الغرف كدت أن أُصبح ضيفا ثقيلا عندما ساورتني نفسي لأن أطلب منه قطعة من لوح الكتابة الأسود المتكسر. فقد صادف وجود بعض أخصائي الترميم يعملون في تلك الحجرة على الجدار. ولكني عدلت عن ذلك وأنا أشاهد مدى الدقة التي كانوا يعملون بها وكأن الجدار جزء من آثار تاريخية لا يفترض أن يمسها غير المختصين.

غادرت المبنى بعد عدة ساعات، مضت في غمضة عين فهي العادة أن الوقت يسْبِقُكَ إن كانت السعادة قد لحقت بك. بالرغم من أني كنت فرحا بوجودي على شارع تايلور إلا أني تمنيت لو أن مبنى Denison House كان موجودا ولكنه مع الأسف قد سوي بالأرض وانتصبت مكانه مدرسة جديدة. لعل شعور الإحباط مناسبا، فقد كانت السنين الثلاث التي قضاها في بوسطن بين عام 1895 و 1898 صعبة على جبران. (الجزء التالي يتبع في الأسبوع القادم).

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف