الجامعات الإيرانية.. مراكز علمية أم مقابر جماعية؟

الحديث عن الجامعات الإيرانية حديث ذو شجون وذلك بعد ان تحولت اليوم lsquo; و بسبب سياسة نظام ولاية الفقيه الكهنوتي lsquo; فارغة من المضامين العلمية ناهيك عن فقدانها للكثير من القيم والمعايير الأخلاقية lsquo;حيث يكفي الإشارة هنا الى حادثة اغتصاب نائب رئيس جامعة " زنجان" العام الماضي لأحد الطالبات وإلقاء القبض عليه من قبل الطلاب lsquo; و قيام احد أساتذة جامعة "غلستان "هذا العام بصفع طالبة أمام زميلاتها كانت تحاوره بشأن عدم قناعتها بموضوع " المتعة " أو ما يسمى بالزواج المنقطع حسب الفقه الشيعي. هذا الى جانب عدم وجود اسم لجامعة إيرانية واحدة في قائمة أفضل200 جامعة في العالم.علما ان الجامعات الإيرانية في عهد النظام البهلوي كانت تحضا باحترام وكان لها مكانتها المرموقة بين الجامعات و المؤسسات العلمية الدولية.

لقد كانت الجامعات الإيرانية على الدوام مركزا للحراك السياسي في مواجهة الأنظمة الدكتاتورية lsquo; فما من انتفاضة أو ثورة حصلت في إيران إلا وكانت شرارتها قد قدحت من الجامعة و كان الطلبة الجامعيون هم أول ضحايا القمع بمختلف أنواعه. و إذا ما تابعنا الانتفاضات التي واجهت نظام الملالي خلال العقود الثلاثة الماضية lsquo; نرى ان اغلبها اندلع من الجامعات وكان ومازال الطلبة هم رأس الحربة في مواجهة هذا النظام الاستبدادي الذي سعى الى عسكرة الجامعات وحول ساحاتها ( وعلى الأخص جامعتي طهران وأمير كبير) الى مقابر لبقايا جثث الجنود المجهولين من قوات الحرس الثوري و الباسيج ممن قتلوا في حرب إيران على العراق. كما ان الاعتداءات المتكررة من قبل قوات أمن النظام على الحرم الجامعي lsquo; والتي أسفرت عن مقتل وجرح العشرات من الطلبة lsquo; أصبح أمرا مألوفا حيث لم تعد هناك حصانة أو حرمة للجامعات الإيرانية.

هذا ناهيك عن مساعي النظام الى تحويل الجامعات الى مواخير لممارسة أنواع الفواحش ومراكز للإدمان ونشر المخدرات لإلهاء الطلبة وإبعادهم عن المعترك السياسي التي أصبحوا اليوم هم حاملي الشعلة في هذا المعترك.

ففي احدث تقرير أعد من قبل فريق جامعي متخصصlsquo; قامت بعض مواقع وكالات الأنباء والصحف الإيرانية بنشره مؤخرا lsquo; تناول حالات الإدمان والإجهاض بين الطلبة في الجامعات الإيرانية lsquo; مؤكدا بشكل تفصيلي تصاعد نسبة المدمنات على المخدرات بين صفوف الطالبات.

ونقلت وكالة أنباء " جهان " عن رئيس هذا الفريق lsquo;ان التحاليل المخبرية التي أجريت لـ 40 طالبا في جامعتين رئيسيتين في البلاد أكدت وجود تساوي نسبة المدمنين بين الجنسين من الطلبة lsquo; مؤكدا في الوقت نفسه أيضا على تصاعد نسبة الطالبات المدخنات والمتعاطيات للخمور. وقد أعرب التقرير عن تخوفه من خطورة تصاعد نسبة حالات الإدمان بين الطلبة من الإناث في ظل التسيب الإداري وعدم وجود الرقابة الصحية والاجتماعية في الجامعات lsquo; ومنتقدا تغافل وزارة العلوم ( التعليم العالي ) لعدم اهتمامها بهذا الأمر lsquo; مؤكدا ان الوزارة ومنذ ثلاثة أعوام لم تقدم أي برنامج لمكافحة انتشار المخدرات و معالجة حالات الإدمان بين الطلبة الجامعيين.

و في تقرير آخر ذي صلة نشر عبر المواقع الإيرانية lsquo;تناول موضوع الإجهاض بين الطالبات lsquo; حيث أكد التقرير ارتفاع حالات الإجهاض سبعة أضعاف ما كان عليه.
وقد جاء في التقرير المذكور ( بحسب ما نقله موقع شفاف ) lsquo;" انه وفي غمرة انشغال مسؤولي الدولة بالشأن السياسي lsquo; فان أخبارا سيئة تحكي عن التدهور الوضع الاجتماعي lsquo; ومن غير المعلوم من هي المؤسسات المعنية بهذا الشأن lsquo; وبماذا هي مشغولة حتى أصبحت غائبة عما يجري؟ lsquo; فقد أصبحت حالات الإجهاض بين الطالبات والعثور على الأجنة في الشارع و بحافة المجاري ظاهرة آخذة بالتزايدlsquo; حيث ان النسبة قد ارتفعت خلال عام واحد فقط lsquo;الى 7 بالمئة lsquo; وذلك استنادا الى مركز الرعاية الاجتماعية ".

و أكد التقرير lsquo;ان واحدة من طرق معرفة نسبة عمليات الإجهاض الغير قانونية lsquo; والتي اغلبها حاصلة عبر ممارسات جنسية غير مشروعة lsquo; تجري من خلال الإقبال على تجارة وشراء الأدوية و الحقن المتعلقة بهذا الأمر والتي يقع مركز بيعها في شارع "ناصر خسرو" في طهران lsquo; حيث لوحظ في الأشهر الأخيرة ارتفاع أسعار هذه الأدوية.

وقد نقل التقرير عن رئيس دائرة الأمن الجنائي في طهران lsquo; ان المعلومات المتوفرة تؤكد بان سعر عملية الإجهاض الواحدة تتراوح ما بين نصف الى مليون ونصف تومان إيراني ( مابين 500 الى 1500 دولار أمريكي )lsquo; و يختلف سعر العملية حسب الوضع المادي للمجهضة lsquo; وان اغلب الذين يجرون هذه العمليات هم من غير ذوي الاختصاص وكثيرا ما تؤدي عملياتهم الى وفاة المجهضة.

ويختم التقرير المذكور بالقول lsquo;" على الرغم ان انتشار مثل هذه الأخبار قد تستغل من بعض الجهات المعادية ولكنها في الوقت نفسه قد تكون جرس إنذار للمسؤولين للفت انتباههم لهذه الضرر الاجتماعي الذي يشبه المرض الذي يسري تحت الجلد ".

علما ان أوضاع الجامعات في إيران هي ليست حالة استثنائية بل هي نموذجا مصغرا لحالة أوسع واشمل تعيشها مختلف فئات المجتمع الإيراني. وهذا كله طبعاً يجري في ظل نظام يزعم انه النظام الوحيد المطبق للشريعة الإلهي على الكرة الأرضيةlsquo; و يدار كل هذا الفساد والإفساد والظلم الاجتماعي والاضطهاد السياسي lsquo; من قبل حكومة يرعاها ويشرف على عملها " إمام العصر والزمان المهدي المنتظر " حسب قول الرئيس الايراني احمدي نجاد.
ولا ندري ماذا كان من الممكن ان يكون عليه حال الشعوب الإيرانية لو لم يكن المهدي المنتظر راعيا لنظام حكمهم؟.

كاتب احوازي