أصداء

إذاعة (سوا) وقواعد المهنة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

ما تعلمناه عن الفن الإذاعي لا يتغير بتغير الظروف. فقواعد اللعبة الإعلامية ثابتة إلى حد كبير. وما أضافته وتضيفه التكنولوجيا المتسارعة إلى وسائل البث المرئي والمقروء والمسموع لا يمس جوهر اللعبة. فأي جهاز إعلامي يجاهد من أجل الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من البشر، والغرض واحد، هو تمرير فكرة أو عقيدة أو إعلان عن بضاعة أو عن خدمة أو أي شيء آخر. ومن أجل هذا الهدف يعمد المخطط الاستراتيجي في الجهاز إلى اعتماد وسائل وأدوات تساعده على تحقيق الهدف. وأول تلك الوسائل وأهمها ما نسميه (الجسور المساعدة)، وهي عناصر إغرائية توضع في الهيكل العام لاصطياد المتلقي وتحضيره لتلقي المادة المخبوءة وراء تلك الجسور. وتتنوع هذه الجسور وتتعدد باختلاف طبيعة الجهاز الإعلامي، وتبعا لمهارة قائد الجهاز الإعلامي كذلك. ففي الإذاعة المسموعة - مثلا- قد تكون تلك الجسور أغنيات أو معزوفات موسيقية تعجب أوسع الشرائح البشرية المستهدفة، ومن جميع الأعمار، أو قد تكون تمثيليات كوميدية أو ميلودرامية مشوقة، أو حوارات مثيرة مع شخصيات عامة يتشوق الناس إلى معرفة اهتماماتها أو آرائها أو خبايا حياتها العامة والخاصة.

ونفس الشيء نجده في محطات التلفزيون، مع ما توفره لها الصورة والألوان والإضاءة والفنون التشكيلية من وسائل تشويق وإغراء، بالإضافة إلى الفقرات المغرية الأخرى كالأغنية والرقصة والنكتة والقفشة التشكيلية وبرامج المسابقات والمناقشات المباشرة المنقولة على الهواء، والأبراج، والمطابخ، إلى غير ذلك، وهو كثير. والجريدة تعمد لنفس الوسائل الجاذبة لاهتمام القاريء، كالخبر الطريف النادر والصورة المثيرة والمعلومة المسلية لتحقق أوسع ما يمكن من انتشار بهدف إيصال رسالتها الثقافية أو السياسية أو الاقتصادية أو العقائدية أو أي شيء آخر، حسب طبيعة أهداف مالكيها ومحرريها.

ولابد من مراعاة التوازن الدقيق بين تلك الجسور وبين المواد المطلوب تمريرها، فلا يطغى هذا على ذاك.

إن الذي دفعني إلى هذا الكلام هو ما تفعله إذاعة (سوا) الأمريكية من أمور غريبة غير مقبولة وفق مقاييس المهنة المتعارف عليها في الإعلام.

فلا قواعد عمل واضحة في تخطيط برامج هذه الإذاعة، ولا أهداف محددة ملموسة وبينة. وأقرب ما يمكن إطلاقه من صفات على ما يفعله القيمون عليها هو الطيش المطلق وانعدام الهوية. فهي لا تقدم سوى نوع واحد من الأغاني القصيرة الخفيفة غير الطربية، مع مواجيز أخبارية قصيرة جدا ومختصرة إلى أبعد الحدود.

فلو اعتبرنا الأغاني العربية والغربية التي تذيعها إذاعة سوا جسورا مساعدة فإن (أخبارها) لا تستحق أية جسور. فبعد رصد رقابي طويل ومحايد لتلك المواجيز الإخبارية لم نجد ما يدخلها في خانة الإذاعات الموجهة سياسيا، من نوع تلك التي تندرج، ضمن نظرية المؤامرة، فتخلط السم بالدسم. فليس في إذاعة سوا سم، وليس فيها دسم، كذلك. فأخبارها مبرأة من شبهة التوجيه الملغوم الهادف إلى إشاعة نوع معين من الأخبار الموجهة، وتوظيفه لخدمة أهداف سياسية معينة.

وبهذا لا تصبح سوا إذاعة خبرية. بالمقابل لا تجعلها الإغاني التي تذيعها إذاعة غنائية ترفيهية متخصصة. فهي لا تقدم ألوانا متنوعة من الغناء تستهدف إرضاء أذواق شرائح واسعة من المستمعين العرب، من مختلف المستويات العمرية والثقافية والبيئية والمناطقية. بل هي فقط تذيع قلة من الإغاني القصيرة، والكررة يوميا تقريبا، لمطربين ومطربات لا يتجاوز عددهم اًصابع اليد الواحدة. وهي لا تعلن عن أسماء مغنيها ولا كتاب كلماتها ولا ملحنيها. وهي بذلك تغبن حقوق مسمعيها وحقوق المطربين والشعراء والملحنين. كما أنها لا تقدم أية دراسات وبرامج وثائقية عن قضايا موسيقية أو غنائية، ولا تثير نقاشات حول مسائل غنائية أو موسيقية، ولا تستضيف شخصيات معروفة بعلاقتها الأكاديمية في الغناء أو الموسيقى. باختصار، هي إذاعة خالية من لون أو هوية، وخالية من أي هدف نافع في أي مجال.

وغير مفهوم ولا مبرر، مهنيا على الأقل، تكرارها أغاني القلة القليلة جدا من المطربات والمطربين الجدد، مرات عديدة في اليوم الواحد، ولأشهر عديدة.

وفي هذه القلة من الأغاني نجدها مصرة على إذاعة أغاني بلد واحد هو لبنان. وحتى لو اعتبرناها إذاعة غنائية لبنانية، أساسا، فهي لا تختار للمستمعين أغاني نجوم كبار من مطربين ومطربات، أمثال فيروز ووديع الصافي وصباح وعشرات غيرهم، من لبنان نفسه تربت على أغانيهم وموسيقاهم أجيال من العرب واللبنانيين. كما أن بعض أغاني الشباب اللبنانيين الجدد التي تصر إذاعة سوا على إذاعتها كل يوم جميلة، ليس في ذلك شك، ولكن تكرارها أكثر من المعقول والمقبول يجعل المستمعين الشباب يملون سماعها ويكرهون أصحابها.

أين أغاني مطربين ومطربات مهمين وناجحين لا يقلون أهمية عن المطربين اللبنانيين، من مصر والعراق والأردن وسوريا وتونس والمغرب والكويت وأبو ظبي والسعودية؟ ألا يستحقون بعضا من احترام منسق أغاني إذاعة أمريكا العربية؟

والأقرب إلى الظن أن الدافع الوحيد لتكرار أغاني محددة لبضعة أسماء محددة من المغنين والمغنيات هو الذوق الشخصي لمنسق الأغاني، أو بدافع الشللية أو الصداقة مع أصحاب تلك الأغاني، أو مع بعض مستمعيها. فلا يمكن تفسير بث أغنية واحدة لهيفاء وهبي أو أليسا أو نجوى كرم - مثلا- عدة المرات يوميا، وعلى مدى شهور عديدة، في الوقت الذي تفرض المهنة على من يجلس في مقعد قيادة الجهاز الإعلامي أن يجاهد كثيرا من أجل اعتماد أذواق الآخرين في عمله، وإبعاد ذوقه وثقافته ورأيه وعلاقاته الشخصية إلى أقصى الحدود الممكنة.

ملاحظة أخرى. لا أرى أن منسق الإغاني في إذاعة سوا مثقف موسيقيا ولا لغويا ولا مهنيا. فهو يختار أغاني فيها خلل لغوي أو موضوعي أو ذوقي أو أخلاقي، ويظل يلح بتكرارها على الآخرين. فليس معقولا أن تذيع إذاعة الكونغرس الأمريكي أغنية لنوال الزغبي تقول:

واللي يفكر يجرحك

باخلص منه، بقتله.

أو أغنية نجوى كرم:

إلك من قلبي ثلاث ارباعه

والربع الباقي ممنوع

طبعا مع ملاحظة أن منسق الأغاني في تلك الإذاعة معجب جدا بمغنين أصواتهم مريضة ومصابة بالحشرة أوالعجز أوبالعيوب الصوتية الأخرى، ولا حاجة لذكر الأسماء.

ولو كانت (سوا) إذاعة محلية في مدينة عربية ومحدودة الانتشار لما شغلت نفسي وأنفقت وقتي وشغلت إيلاف وقراءها بالكتابة عنها وعن مساوئها وأخطائها وعبثها بالذوق العربي العام. لكنها، وبفعل الضغوط الأمريكية التي أجبرت دولا عربية عديدة على السماح لها بإقامة مرسلات FM في أجوائها، أصبحت إذاعة عربية شاملة تبث في مدن عديدة من مدن العراق ولبنان والأردن والمغرب ودول الخليج، الأمر الذي جعل منها قضية عربية عامة، مهنيا على الأقل.

السؤال المشروع الذي يطرح نفسه، هل الكونغرس الأمريكي مدرك لخطورة ما يرتكبه نفر من الموظفين العرب، باسمه وتحت غطائه، من عبث وتخريب وحرق الأموال الطائلة دون جدوى ودون هدف معقول؟

وهل يعلم أن هذا النفر من الموظفين يفتقر إلى الخبرة الإذاعية، وإلى الأصول المهنية وقوانين الإعلام؟ أم إنه متقصد، عن سابق إصرار وتصميم، تسميمَ الذوق العربي العام وتسطيحَ الشباب وتلويثَ سمعة أمريكا.

د. آمال ابراهيم

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
silly article
Muna -

عزيزتي الدكتورة ...الاذاعة التي تقصدينها رائعة وتضفي على يومنا الكثير من البهجة , شخصيا اسمعها عبر الانترنت وبشكل دائم , ليس فيها سم او دسم سوى بمخيلتك , فاتركينا نستمتع

غريب
me -

إذا كنت يا دكتورة تعتبيرين ان صوت نجوى كرم مريض ومصاب بالحشرة أوالعجز أو بالعيوب الصوتية الأخرى،فعذراً للقول بأن كتباباتك مصابة االنقد الموسيقي المتعصب.وطبعاً الاغاني اللبنانية انجح اغاني وعلى الرغم اللي بيغار...

نجوى الاولى
نجوى وبس -

الست نجوى كرم اكيد صوتها اقوى و اكبر و هي اخير عنقود العمالقة تقولي عليها صوت مريض بس قبل ما تقولي هيك تاكدي من صوتها

أحلى سوا
فاضل الطينة -

رائعة هي سوا,وهي الواحة الخضراء في هذي الصحراء,ولكن للدكتورة حق ,فهي لاتقدم سما بل عسلا خالصاوهذا لايكفي كما انها تكرر نفس الاغاني وهذا صحيح أيضاوتغيب عنها البرامج الحوارية التي يمكن ان تختص بالمواضيع الاجتماعيةلا السياسية مثلا

سوء الظن
هارون الرشيد -

ان من يظن ان العسل ياتي مع قنوات الاحتلال هو كمن يظن ان الدبابير هي التي تصنع العسل

??
محمد من الأردن -

الصراحة كل الموضوع فاضي واللي كاتبته فاضية اشغال..بغض النظر عن اساءتك لأهم اصوات لبنان الغنائية.. اللي (عما اظن) الهدف منها فقط اثارة البلبلة واشهار اسم صاحبة المقال..

قراء خامس ابتدائي
انا -

مقال عظيم وتعليقات قراء دون الخامسة ابتدائي ؟!

نقد سطحى لأذاعه سوا
وسام محمد -

الأولى نقد بعض القنوات الأخباريه العربيه والتى تدعى الحياد والموضوعيه وهى أبعد ما يكون عن الحياد والموضوعيه واحترام عقل المشاهد وهذا لا يمنع نقد اذاعه سوا فهى لها عيوب ولكن تتمتع بانتشار واسع وتحظى باحترام الكثيرين ونتمنى أن يرتقى النقد الى الجديه بدلا من هذا المقال السطحى والضعيف !

نقص الخبرة
سمير -

مقال عميق الدلائل ويدل على خبرة واسعة في مجال الموسيقى والإعلام. إذاعة سوا أصبحت لبنانية منذ تسلم الإدارة لبناني لا خبرة له بالعمل الإذاعي ولا يجيد العربية بل العامية اللبنانية فقط وقد جاء بأقاربه والمتملقين له وعينهم إذاعيين وصحفيين وفنيين وما إلى ذلك. الأمريكان لا يفهمون شيئا عما يجري ويصدقون بالقصص التي يسوقها لهم و تنطلي على البسطاء الأغبياء وعديمي الخبرة فقط. شكرا للدكتورة آمال على تعرية هذه الإذاعة التافهة.

مذيع سابق في سوا
المصلاوي -

اصبتي من الحقيقة كبدا يادكتورة... شخصنا كل الذي تفضلتي به لادارة الاذاعة لكنهم مجموعة من الغوغاء.

إذاعة أمية للأميين
سعد سلمان - نيو يورك -

فعلا إذاعة غبية وأمية بلا هوية ولا رسالة . إذاعة أغاني تافهة موحهة للجهلة والأميين من الشباب اللبنانيين دون الخامس ابتدائي لا يقرؤون حتى جريجة. د. آمال وضعت النقاط على الحروف. شكرا يا آمال وشكرا يا إيلاف

إذاعة تسيءإلى لبنان
نازك المعلوف - بيروت -

والله كلامك صحيح مية في المية. إذاعة سوا إذاعة عبث . ...... والله هذه تسيء ألى اللبنانيين. تشرفنا أن تقولوا إذاعة لبنانية,

مقدمة طويله
ASSAF -

المقدمه طويلهو المضمون ضعيف اتمنى من ايلاف رفع مستوى المقالات المدرجة في الصفحة الرئيسية

البديل
وليد الحسناوي -

رغم أني أتفق معك الى حد كبير في تقويم هذه الإذاعة ولكن ماالبديل للشباب العربي أن يسمع حوارات مملة وطغيان المحلي والتجارة على الأثير. أنا شخصيا رغم إنزعاجي من تكرار وتفاهة الأغاني التي تبثها هذه الإذاعة لكني أحيانا أجد نفسي مجبرا على سماعها نتيجة مايبث على الأثير من رطانة وسخافات ومواد تجارية في القنوات الأخرى. لو حاولنا مقارنة سوا بـ ال بي بي سي لوجدنا أن الأخير أصبحت ذات طابع معين ومتحدوثها 90% من جنسية واحدة فهل يعقل هذا. سآتيكم بمثال جميل جداً. أيام مشكلة الأوغور في الصين كان هناك برنامج نقطة حوار لشرح وإطلاع المستمع العربي عن هذه الأقلية والأحداث آنئذٍ فكانت مقدمة البرنامج وضيفها في الأستوديو والمتحدث آخر من بكين ومتحدث من عاصمة عربية معينة ومتحدث من الولايات المتحدة كلهم من جنسية واحدة. هل هذ هو البديل يا د. آمال أم إذاعات السلطة وبرامجها الجافة؟ إختاري. قبل أن نقبل على إنتقاد ظاهرة ما يجب أن ننظر حولنا لنرى سبب إختيار الناس لها وتقاطرهم عليها.

you are right
akram -

thank you very much for this critic,you are absolutly right, this radio dose not any critic deserve even ten second to wright .It is nill, absolutely nill.

الى صاخبة المقال
عاطف محمد -

... مع احترامي لك ,بالرغم من ان الاذاعة اميريكية فهي تخظى بنسبة استماع عالية في العالم العربي ونحن في المغرب نحبها كثيرا.

ههههههههههه
koko -

الفاضي يعمل قاضي ... لو ما كانو يحطو اغاني نجوى كرم او غيرها ما كانت حظيك بهالعدد الهائل من المستمعين .. اذا ما عجبتك هيدي الاذاعه فيه مليون اذاعه غيرها اكيد رح تعجبك.. كمان اذا كان صوت نجوى كرم مريض .. قولك مين صاحب الصوت الحقيقي .. .. زمن العجب..اسم نجوى كرم واغانيها دسم كتيير ..وكتير بيساعدكن لحتى تروجو لمواضيعكن.. hard luck

ههههههههههه
koko -

الفاضي يعمل قاضي ... لو ما كانو يحطو اغاني نجوى كرم او غيرها ما كانت حظيك بهالعدد الهائل من المستمعين .. اذا ما عجبتك هيدي الاذاعه فيه مليون اذاعه غيرها اكيد رح تعجبك.. كمان اذا كان صوت نجوى كرم مريض .. قولك مين صاحب الصوت الحقيقي .. .. زمن العجب..اسم نجوى كرم واغانيها دسم كتيير ..وكتير بيساعدكن لحتى تروجو لمواضيعكن.. hard luck