أصداء

'ابن الأنفوشي' والثقافة المفرومة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

مدير قصر الثقافة بمنطقة الانفوشي، احد المناطق الساحلية على شاطئي مدينة الاسكندرية، القريبة من قصر رأس التين احد قصور الملك فاروق، هو الفنان التشكيلي فاروق حسني، (ابن بحري كما يقولون في مصر)، ووزير ثقافة مصر المرشح بقوة لمنصب مدير اليونسكو..وقيل ان اليهود اسقطوه....!!!
بالمناسية التاثير اليهودي ليس بالقليل على المستوى القارى و مبروك عليهم و يستحقوه. و لا يوجد تاثير عربي مماث

عموما، فأن قصر رأس التين هو احد الابينة العالمية و التى تتفوق على قصر فيرساي الفرنسي و كانت مقرا هاما في تاريخ الحكم الملكي.
من تلك البقعة الساحلية، المدينة التى تخلد الاسكندر الاكبر، و التى كانت بداية انطلاق اسمه عالميا خرج فاروق حسني، و منذ ان تولى ادارة قصر الثقافة في عهد ناصري 1967 و ما حمله هذا العام من نكسة مرورا بموقعه مديرا لمكتب وزير الثقافة المصري في عهد الرئيس السادات الى ان اتى به رئيس الوزراء.

خسارة الوزير المصري، هي خسارة عالمية، لان مصر بتاريخها و حضارتها و اهميتها منذ الاف السنين هي الأجدر و الاقدر ضمن مساهمة مشتركة لصقل الثقافة العالمية من العديد من دول اخرى، و لا مانع بتاتا.

و البعض يرى ان العامود الفقري للثقافة منذ الازل هو ما قدمه الفراعنه و لغتهم الهيروغليفية التى تحمل الكثير من الاسرار و الكنوز، و لا تزال اهرامات مصر و متاحفها و ووثائقها الهيروغليفية منبعا للدراسات في مراكز الابحاث التاريخية و الجامعات الاجنبية العريقة. ليس ذلك فقط و لكن الافلام العالمية و الوثائق و الكتابات عن مصر لا تزال حتى يومنا هذا هي الاكثر رواجا و الاكثر تشويقا و الاكثر اهمية.

فاروق حسني، ليس ابن مصر فقط، و لكنه جبل بما تحمله مدينة الاسكندرية و ما لها من بريق حضاري، سواء من مسارحها و دور عروضها السينمائية و مهرجاناتها التشكيلية، على سبيل المثال "بينالي الاسكندرية، و مركزها على البحر المتوسط عروسا له، و الجاليات الاجنبية اليونانية و الايطالية و اللبنانية و اليهودية و السورية والارمينية و غيرها التى عاشت في الاسكندرية و لها نواديها و مدارسها و جالياتها و اعمالها، كما و ان تواجد اهم و اعرق مدرسة بريطانية بها و هي فيكتوريا كولدج في وقت لم يكن هناك تعليم في الدول العربية و لم تكن نصف الدول العربية على الخارطه بعد و دولا بحجم امريكا لم تكن متواجده قبل مائتي عام، كل هذا و غيره جعل من قاطني الاسكندرية شعبا ذو تميز ثقافي و حضاري عن غيره من المدن. كل هذا حمله فاروق حسني في فكره و ثقافته و شخصه، و اضيف له ما نهله من القاهرة و اسوان و الاقصر و شرم الشيخ و كل المحافظات المصرية عندما تسلم منصب وزير ثقافة مصر،و تميز به عن وزراء ثقافة عرب و اجانب و اضاف له من خبرات تواجده في فرنسا و ايطاليا.

و لعل اهم ما يذكره العالم لليونسكو هو الحمله لانقاذ معابد فيله و ابو سمبل و اللذين اغرقهما فيضان نهر النيل وارتفاع منسوبه في جنوب مصر، و التي قامت مصر بوضع صور المعابد مع شعار اليونسكو على طوابعها البريدية مما اعطى اليونسكو صدى عالمي و شهره لا يمكن ان تتحقق لها لولا "مصر".
"معبد ابو سنبل و فيله " هو الذي اشهر اليونسكو و اعلن ولادتها الثقافية.

كل هذا تم القفز عليه، ضمن مسلسل تعاون عليه بعض من العرب قبل الغرب و قبل اليهود لاجل اسقاط مصر و ابعادها عن الدور العالمي، متناسين ان وجود مصر في المنظمة او خارجها لا يقلل من مصرو لا يضيف لمصر شيئا، و انما غياب مصر يقلل من دور المنظمة نفسها.

و اقصد ان ما تحمله الجعبة المصرية من ثقافة و تاريخ جعلها دوما مطمعا للفرنسيين و الانجليز في حملاتهم، و ما مر عليها في عصور فاطمية و اسلامية و مملوكية و عباسية، و ما توارثته اجيالها من الخليط الايطالي و اليوناني و الاغريقي و ما يوجد بها من اثارات و معابد تمثل طوائف منذ الاف السنيين لا يوجد الا في مصر. و بالتالي فأن شاء الغرب او ابى هي دولة حضارية قبل ان تنشاء اغلب الدول الحالية، و التى تفتقر الى تاريخ و ثقافة متواصلة حيه. كله هذا كان سيحمله الوزير معه الى مقعد اليونسكو مضيفا لتلك المنظمة بعدا حضاريا بارث تاريخي و فكرا مستقبليا.

و لعل احتفالية "الحملة الفرنسية " التى اقامها الوزير فاروق حسني، و تجديد و حماية المعابد اليهودية، وحماية و ترميم ابو الهول، ومهرجانات السينما و معارض الكتب، وحملة الترويج للاثار المصرية بالخارج،و نقل تمثال رمسيس من موقع لاخر في عمل هندسي رائع،و ادخال روبوت الى داخل الهرم لدراسة علمية الكترونية، وترميم المتاحف و اقامة مشاريع متاحف جديدة مثل متحف التماسيح و متحف الحضارة ومعارض الكتب و مهرجانات السينما و غيرها تقع ضمن انجازات ثقافية و عطاءات متميزة يتابعها العالم و لا توجد الا في "مصر".

"اليهود " ازعجهم قوله "انه سيحرق كتبهم، تماما كما ازعجني و ازعج كل مثقف حر، و لكن تلك المقولة كانت في ظرف برلماني ردا على حديث لنائب من تيار الاخون المسلميين، واعتذر عنها الوزير.

ونتفق جميعا انه لا يحق لاحد ان يحرق او يمنع اي كتاب، وان اي فكر مانع او مصادر للاراء هو مرفوض جملة و تفصيلا.
و لكن القضية اكبر من فاروق حسني، و اكبر من دويلات عربية،انها قضية الحضارات و تفاعلها و تناقل الثقافات، و قضية الحقد على مصر و تفوقها التاريخي بكل ما تحمله من زخم حضاري.

"اليهود " اقوياء و منظمون و لديهم ادواتهم السياسية و الاقتصادية التى يحترمها العالم، و يتفاعل معها و تؤثر في قراراته، و هذا يحسب لهم، و على العرب ان يتعلموا من تلك التجارب و هذا التفاعل و يقلدوه، لا ان يقفوا دوما في خندق الانكسار و التشدق بما هو غير متواجد لديهم.
لماذا لم يكن هناك تاثيرا عربيا جماعيا على الموقف الفرنسي و الايطالي و الامريكي و الياباني لاجل انجاح المرشح العربي المصري، سؤالا اهم من كيف نجح اليهود في انجاح المرشحة الاخري البلغارية؟.

و لعل من النكت المتداولة ان بلغاريا اشتهرت باللحم البلغاري اكثر من شهرتها الثقافية عبر التاريخ، فلماذا تهتم بمقعد ثقافي و ما يمكن ان تضيفه غير "ثقافة مفرومة ". في المقابل هناك راي يقول ان الحريات في مصر مفرومة فلماذا الاهتمام بالثقافة العالمية،و كلا هما راي ومحور اختلاف و جدال في ساحات السياسة و الحريات.
للاسف اقول، تعلموا من اسرائيل الديمقراطية، و التأثير و التنظيم و وحده الهدف و رجولة المواقف، و الاهم حرية الصحافة.

سقط العرب في اختبار "اليونسكو " و نجحت مصر في توجيه العالم الى ما تقدمه اليونسكو و ما دورها القادم، و لولا ان ترشح الوزير فاروق حسني، لما سمع احد عن الانتخابات و لا عن دورها و لا اهتم بها احد، بل ربما تجاهلها العالم.

فاروق حسني، اعاد اليونسكو الى الواجهه الاممية وعليها ان تشكره لانه عندما ترشح فقد اضاف لها بريقا غاب عنها، و غدا هناك حديث و دور مغاير لها بسبب "مصر".
الفنانون و المثقفون دوما كانت انطلاقتهم و شهرتهم من مصر و لعنة الفراعنة كانت دوما تلاحق كل من حاول النيل منها.
لذا على اليونسكو ان تعيد حساباتها و موازين لحمتها على المستوى الدولي قبل اشتعال لعنه الفراعنه.

aftoukan@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الراجل عمل اللى عليه
صاحب نظره -

خساره فاروق خسنى خساره للبراليين فى العالم والمثاليين على الأخص وسوف يندم المثاليين على عدم الوقوف بجانب حسنى ضد الصهاينه رغم مواقفه المشرفه معهم

الراجل عمل اللى عليه
صاحب نظره -

خساره فاروق خسنى خساره للبراليين فى العالم والمثاليين على الأخص وسوف يندم المثاليين على عدم الوقوف بجانب حسنى ضد الصهاينه رغم مواقفه المشرفه معهم

ابن الانفوشي
د محمود الدراويش -

ان اشارك الدكتور عبد الفتاح غرامه بمصر وهيامه بها وعشقه لها وهذا واضح في مقاله المغرم والمادح , فمصر هي امنا وحضننا الدافئ وملاذنا واملنا عندما تغلق كل الدروب في وجوهنا وعنما تتكالب علينا المحن والمصائب ومصر هي الهدف الاول لاعداء الامة والتآمر عليها ما انقطع ومنذ الحملات الصليبية وحتى يومنا هذا ,,,لم تكن اخي الدكتور عبد الفتاح مقنعا عندما تحدثت عن اسباب فشل الدكتور فاروق حسني فقد جانبك الصواب والصقت الامر كله بالصهاينة, انا تفق معك بان اي منصب دولي مهما بكن تافها لا يروق للصهاينة ان يتولاه عربي فهم اعدؤنا وقتلة ابنائنا ومشردي شعبنا وبيننا وبينهم بحر من الدماء , ومع ذللك لم تشر الى اسباب اكثر جوهرية , لقد كان الغرب موحدا خلف مرشحة بلغاريا الانسانية والمثقفة والمبدعة وينحاز بهذا الاتجاه لحلفاءه و شركائه واصدقائه , ان الغرب لا يمزح او يلهو او يهذر سيدي, فهناك وحدةاوروبية واجماع اوروبي وتقليد ديمقرطي ورقابة ومحاسبة,, وانت تعرف تشرذمنا وتخلفنا وصراعاتنا وصبيانيتنا التي لا مثيل لها ,,,لقد وقفت مدافعا عن الكتاب والكتب ورفعت صوتك عاليا منددا لكنك بحق لست من هؤلاء الذين يدافعون عن حرية الكلمة وتراث الشعوب وثقافتها , والا ما سمحت لنفسك وانت ابن عائلة كريمة صاحبة ثقافة ومجد, ان تتلفظ بخفة تنقصها الموضوعية وفهم دقيق لمعنى الثقافة ومدلولها ومضامينها الانسانية , وان تنتقص من ثقافة الشعب البلغاري صاحب التاريخ النقي والتي لاتشويه شائية وصاحب فكر وثقافة انسانية رائعة لا مكان فيها للعنصرية والتمييز ورفض الآخر, ثقافة تقبل وتحتضن وتمجد كل الشعوب والديانات والاعراق ,, ثقافة صديقة تخلو من التعصب والعدوان ولغة الحرب وتدعو للاخوة والتعاون , انا حزين لان كاتب هذا المقال لو نظر يمنة او يسرى في مدينته لوجد اعدادا من خريجي جامعات بلغاريا ومعاهدها يحملون ثقافتها ومخبة وحنينا واحتراما لها ولتراثها وثقافتها... عجبا يا ابن بيت الادب والشعر و الثقافة, كيف تدافع عن الثقافة الانسانية وتسخر بثقافة الاخرين ظلما ودون وجه حق, وانك سيدي بمقالك هذا تسئ للدكتور فاروق حسني ,واود ان الفت نظرك ان لبلغاريا الدولة الصغيرة الكبيرة باهلها وقادتها تاريخا رائعا ومجدا تليدا وثقافة انسانية خالدة وعلماء وشعراء وادباء ورجال دين وساسة وابطال وطنيون افذاذا خالدون