تعديل مبادرة السلام العربية، الأسباب والفرضيات الممكنة
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
ظروف إقليميةويرى بعض المحللين بأن ما دفع الأمريكيين بالأساس إلى التحرك في هذا التوقيت باتجاه القضية الفلسطينية، أو ترتيب الأوضاع لضمان أمن إسرائيل واندماجها في محيطها الإقليمي بالمنظور الأمريكي، هو توفر الأرضية الملائمة عربيا لتقديم المزيد من التنازلات. فالأنظمة الجديدة في المنطقة والتي التفت من خلالها واشنطن على الثورات فيما يعرف بـ"بلدان الربيع العربي"، هي صنيعة أمريكية بامتياز دعمها المال القطري خلال الإستحقاقات الإنتخابية وساهم في إيصالها إلى سدة الحكم، ولا يبدو أن واشنطن تهتم لالتفافها على المطالب الشعبية ومحاولاتها استهداف الحريات في بلدانها مادامت خاضعة خانعة للإملاءات الغربية تستجيب لما يطلب منها ومن ذلك التنازل فيما يتعلق بمبادرة السلام العربية.كما ساهم ما يحصل في سوريا، بحسب البعض، في بحث الأمريكيين ومعهم القطريون عن التهدئة في الملف الفلسطيني ولو لبعض الوقت للحسم في المسألة السورية التي باتت أولوية في منطقة الشرق الأوسط. فما عرف عن الأمريكان في مجال السياسة الخارجية تفضيلهم تركيز الجهد على جبهة واحدة والإنصراف إلى غيرها بمجرد التفرغ منها، وتجنب إشعال أكثر من بؤرة توتر في ذات الوقت خشية من انفلات الأمور بسبب تشتيت الجهود. فحرب الخليج الأولى سنة 1991 سبقتها وعود أمريكية للجانب العربي بمؤتمر دولي للسلام تم لاحقا في مدريد، والأمثلة عديدة في هذا المجال مع سياسة خارجية تحكمها "عقلية التاجر" القائمة على "المقايضة" وإبرام "الصفقات المربحة". جوانب ذاتيةويرى بعض المحللين بأن ما يقوم به كيري كان متوقعا منذ الإعلان عن تسميته على رأس الخارجية الأمريكية. فالسيناتور السابق جد متحمس للفعل في "الصراع العربي الإسرائيلي" لتحقيق مصالح الصهاينة الذين لا يخفي "ميله إليهم" باعتبار جذوره اليهودية (مع الإحترام الكامل لليهود غير الصهاينة) من جهة، وباعتبار صداقاته في صفوف الطبقة السياسية الإسرائيلية. حتى أن كيري تأسف وهو يقوم بجولة مع طيار إسرائيلي، قبل أن يترشح عن الحزب الديمقراطي لرئاسة الولايات المتحدة، لصغر حجم مساحة "إسرائيل" وعدم تمددها إلى سيناء، التي تحسر على خسارتها وهي تبدو أمام ناظريه من الجو.لذلك من المتوقع أن تصب الديبلوماسية الأمريكية مع جون كيري اهتمامها على القضية الفلسطينية وتوليها مزيدا من الإهتمام لتحقيق هيمنة إسرائيلية دائمة ونهائية على دول المنطقة التي بدأت تتوضح معالمها للعقود القادمة من خلال هيمنة الحركات الإخوانية مستغلة الخطاب الديني الشعبوي للنفاذ إلى عقول "البسطاء والعامة" من المصوتين "لمن يخاف الله". وبخلاف هيلاري كلينتون التي ركزت اهتمامها على تأمين هذه الهيمنة الإخوانية، فإن كيري من المتوقع أن يتحرك أكثر على الساحة الفلسطينية وهو المتأكد من أن الإخوان المسلمين والرئيس مرسي هم خير ضامن لمصالح أمريكا وإسرائيل، في استجواب له من إحدى لجان الكنغرس بمناسبة ترشيحه لتولي حقيبة الخارجية. الضفة مقابل صحراء النقبولعل السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح ذلك الذي يتعلق بالأراضي التي سيتم مبادلتها والتي ستعود إلى الجانب الفلسطيني في حال "تكرمت" إسرائيل وقبلت بمبادرة العرب؟ فمن المتوقع أن تضم إسرائيل البؤر الإستيطانية غير الشرعية في الضفة الغربية وهي من أخصب أراضي الضفة. فهل ستعوض الفلسطينيين عنها بأراض قاحلة واقعة في صحراء النقب التي يقطنها بدو تطلق عليهم تسمية عرب، وتضرب من خلال هذه الصفقة عصفورين بحجر واحد، أي مبادلة أراض خصبة بأخرى قاحلة والتخلص من البدو وما يسمى "القنبلة الديمغرافية العربية" التي تصيب إسرائيل بالرعب، حيث تشير الإحصائيات بأن عرب1948 سيتكاثرون ليتحولوا إلى أغلبية داخل الخط الأخضر خلال بضعة عقود، وذلك بالنظر ارتفاع نسبة الخصوبة لديهم مقارنة باليهود؟تبدو هذه الفرضية هي الأقرب باعتبار استحالة "تنازل" إسرائيل عن أراض في الشمال أو بمنطقة الجليل. فهذه الأراضي استراتيجية نظرا لخصوبتها وتوفرها على كميات هائلة من المياه ومن ذلك بحيرة طبرية، في وقت تشهد فيه المنطقة شحا في الموارد المائية، ونظرا أيضا لأهميتها في تحقيق أمن إسرائيل فيما يعرف بـ"القطاع الشمالي، فهي قريبة من الأراضي اللبنانية ومن الجولان السوري المحتل ومنح بعض الفتات منها للفلسطينيين سيجعل المستوطنين في تلك المناطق بين فكي كماشة التنظيمات الفلسطينية جنوبا وحزب الله شمالا، وسيزداد الوضع سوء لو حكم دمشق نظام "غير صديق" لإسرائيل وانتشرت على الأراضي السورية تنظيمات جهادية غير منضبطة تصعب السيطرة عليها. كما يستحيل أن تتنازل إسرائيل عن أراض على الساحل الفلسطيني حيث المدن الكبرى والسياحة والأعمال والخدمات والمصانع، كما أن محيط قطاع غزة ضروري لإسرائيل لمراقبة حماس والجهاد والحدود المصرية. فهل سيقبل الفلسطينيون بخيار أراضي النقب مقابل الضفة الغربية باعتبار أن جميعها أرض فلسطينية ولا يجب التفريق بينها وإنشاء دولة مقطعة الأوصال على قطع ثلاثة أو أكثر بعد أن كان الأمر يتعلق بالضفة والقطاع فحسب؟ أم سيرفضون، مواصلة لسياسة اللاحرب واللاسلم فيما تقضم إسرائيل أراضي الضفة بالمستوطنات؟
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف