أصداء

على ماذا يلتقي السوريين؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أبن صار موقع الحرية والكرامة في ثورة السوريين، بعد عامين ونصف من الصراع الدامي على تحقيقها، وهل ثمة م ايزال يؤكد إمكانية تحقيق مثل هذه الشعارات، أم أن الامور تطورت إلى مكان أخر وصارت هذه القضية من المنسيات؟

الجواب الطبيعي، هو ان الأمور في سورية انحرفت إلى اتجاهات أخرى وسياقات لم تكن تخطر ببال، بعيداً عن تحليلاتنا المواربة ورؤيتنا الرومنسية، المجتمع السوري كرس اصطفافه نهائيا ولا يمكن العودة عن هذه الإصطفافات، لم يعد ينفع معها استمرار الدوران في الحلقة المفرغة.دع عنك ما يشيعه بعض السياسيين وما يحلم به المثقفون، كي لا يقال أنهم طائفيون ، فالكتل الأساسية من البيئات الحاضنة للطرفين باتت في اتجاهات متباعدة ولم يعد ممكناً اللقاء، وكذا توجهات السياسيين، في سورية يمكن القول أن كل البيئات انغلقت على نفسها وهي تعيش حالة استنفار دائم، همها الوحيد كيف تؤمن المدد للجيوش المدافعة وكيف تصد الخطر عنها وتبعد شبحه.بالأصل لم نكن نجتمع على كثير من الذكريات والمشتركات، لم تكن الوطنية كافية لكي نتحصن خلفها وهي لن تصلح للعودة إلى إجتماعنا الوطني ظلت هذه العصبيات عصية على الاختلاط، ساهم النظام السياسي في تكريس هذه الظاهرة وكان يعمل على إنجازها حيث وضعها ضمن حساباته في المهارة السياسية والقدرة على الحكم والتحكم، كان اللعب داخل الأنسجة الإجتماعية الوطنية وتمزيقها يشكل خط الدفاع الأول لنظام حكم ديكتانوري يهمه إستمرار حكمه أكثر من أي سيئ أخر. وكان يعتبر ان إجتماع السوريين على قضية جامعة من شأنه تهديد إستقراره في الحكم.مقابل ذلك، لم تبذل المكونات السورية ما يكفي من جهد لتحقيق الوحدة الوطنية، تمترس الجميع خلف معتقداتهم وعاداتهم وقيمهم، ولم يطوروا أي مشتركات تجمعهم، كل ما فعلوه في المرحلة السابقة تمثل بتطوير الصور السلبية عن الأخر وإعتماد هذه النمطية في التعاطي، لم يكلف احد نفسه الخروج من هذه الأقفاص، وحتى التكوينات السياسية ذات الطابع المتجاوز للطائفية والعرقية لم تكن سوى تجمعات غير فاعلة ذات تأثير سطحي. بماذا تختلف سورية عن يوغسلافيا، أو عن الإتحاد السوفياتي السابق. هذه نماذج لتجمعات شعوب لم تستطع ان توجد فضاءً مشتركا تعيش فيه، الجغرافيا وحدها غير كافية لخلق وطنيات وإنجاز عمليات إندماج وطنية، خلونا من هذه الرومانسية المصطنعة، نحن لم يعد بيننا من ذكريات غير الدم، وجودنا امام بعض لوحده مستفز.صار الكثير من السوريين يكرهون العلم الذي يمثلهم، فبعد كل عملية ذبح يغرس على جثثهم، وصاروا يكرهون سلاح بلدهم الذي لا يكون صوته عالي إلا في قمعهم، باتوا يكرهون الوطن الذي قذفهم لذل مخيمات اللجوء، قائمة حزمة مكروهات السوريين باتت طويلة بطول أيام عذاباتهم .باتوا يكرهون الوطن الذي ترتجف قلوبهم رعبا على حواجزه الكثيرة وينشف الدم في عروق أبناؤهم، كل الأماكن صارت سيئة، هنا قتل صديق وهناك رفيق وعند المنعطف شقيق، هنا تم ضرب فلان ، وأعتقل الأخر، صار الوطن كابوساً يأتيهم حتى في الليل.لماذا كل ذلك.......لأنهم إعترضوا على فساد يعرفه الأخرون، وظلم يشهدون له، وقهر لا ينكره أحد فيهم، لأني صبرهم نفذ منهم بعد أن قتل أولادهم، جعلوهم متأمرين وصهاينة وعملاء وتكفيريين وحاقدين، إستحلوا قتلهم وإنتهاكهم وإغتصابهم واستباحتهم بكل الطرق. جلبوا كل آفاقي الأرض للمساعدة في قتلهم، حتى كوريا الشمالية كان لها حصة في المشاركة.، على ماذا وأين يلتقي السوريين بعد عامين ونصف على مسلسل الذبح الدائر في بلادهم، على الحرابة والغلبة، إن كان ذلك هو الأمر فلتكن الحرابة على التخوم، ما عاد سقف الوطن يحتمل أن تجري كل هذه الموبقات تحت سقفه.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف