ضياع الهوية وتسييس الجوائز في دمشق السينمائي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
نعمة خالد من دمشق:ما بين الأول والعاشر من تشرين الثاني، استمرت فعاليات مهرجان دمشق السينمائي، في دورته الخامسة عشر، وجاء المهرجان تحت شعار:"بعيون السينما نرى".وقد ضم المهرجان إضافة إلى أفلام المسابقة الرسمية، ومسابقة الأفلام القصيرة، العديد من تظاهرات الأفلام منها: تظاهرة ذاكرة السينما، وتظاهرة النجمة الألمانية مارلين ديتريش، تظاهرة المخرج السويدي إنغمار بيرغمان، والمخرج الإيطالي مايكل أنجلو أنطونيوني، كما كان من فعاليات المهرجان تظاهرة السينما المصرية، والسينما الجزائرية، وتظاهرة المخرج السوري الراحل مصطفى العقاد، وأفلام بريسلي بالإضافة إلى تظاهرة الفيلم السوري.
ولعل المتابع لمهرجان دمشق السينمائي في دورته هذه، سيلحظ عزوف الجمهور عن متابعة أفلام المسابقة، وتظاهرات السينما المرافقة، فقد خلت مقاعد صالة الشام الأولى والثانية، وصالة دار الأوبرا، والكندي والحمرا من الحضور خاصة من الأفلام القديمة التي سبق وأن عرضت في مهرجانات سابقة، ما خلا فيلم عطر، الذي أخذ سمعته من الرواية التي تمت ترجمتها ونالت شعبية كبيرة آنذاك، وفيلم سكر بنات اللبناني، الذي سبقته الضجة الإعلامية في الصحافة اللبنانية قبل المهرجان، ولا أخفي سراً إن قلت أن الجمهور كان محقاً في إقباله على هذين الفيلمين، لأنهما شكلا علامة فارقة في الأفلام التي شاركت في المهرجان، إضافة إلى الفيلم الفرنسي (أعطيني يدك)، والفرنسي ( نشوة السلطة).
كما يلاحظ في هذا المهرجان غياب الفنانين السوريين عن فعاليات المهرجان، ما خلا أولئك الذين لهم مشاركات في الأفلام المشاركة في المسابقة مثل: قيس الشيخ نجيب، وسلمى المصري، وفدوى سلمان وعبد الرحمن أبو القاسم، كما غاب العديد من المخرجين السوريين عن متابعة فعاليات المهرجان، واقتصر حضور بعضهم على الولائم التي قدمها، أو دعي عليها من قبل الرسميين.
أما حضور النقاد فقد اقتصر على دعوة بعض المداحين، ما خلا الناقد الكويتي نادر القنة الذي كان وحده الصوت الموضوعي والعلمي في مناقشته للافلام.
ندوات تستجدي الحضور:
في الندوات العلمية التي تلي عروض الأفلام بيوم، كانت قاعة الأمويين في فندق الشام تستجدي الحضور، وقد اقتصرت بعض هذه الندوات على حضور أقل من عشرة، في الوقت الذي بلغ فيه عدد المدعوين الإعلاميين للمهرجان من العرب ما يزيد عن الخمسين إعلامياً. هذا بالإضافة إلى غياب النقاش العلمي والموضوعي للأفلام، فقد كان غالبية الحضور يناقشون قصة الفيلم بعيداً عن الوقوف أمام اللغة السينمائية للفيلم، والرؤية الإخراجية وتكنيك الصورة.
ففي مناقشة فيلم الهوية السوري للمخرج غسان شميط، اقتصر النقاش على دروس في التربية القومية، ولم يتطرق أحد لضياع المخرج، وهروب خيوط الفيلم من بين يديه، درامياً، وسينمائياً، ولم يكن الحال بأفضل منه في مناقشة الفيلم المغربي أو المصري، أو فيلم خارج التغطية للمخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد. وبمناسبة ذكر الفيلمين السوريين يمكننا القول أن المشاركة السورية لم تكن بقدر طموح الجمهور السوري، فقد كانت تعليقات الحضور بعد فيلم خارج التغطية لبعض الحضور إذا ما سألتهم عن الفيلم (أنا خارج التغطية ). في حين كان نصيب فيلم الهوية انسحاب الحضور من القاعة بعد أن غصت قبل عرض الفيلم.
سبق وأن أشرت أن عدد الإعلاميين المدعوين لتغطية المهرجان من العرب قد ناف عن الخمسين، بالإضافة إلى الإعلاميين السوريين، وفي كواليس المهرجان تسمع الحابل والنابل على المهرجان، بدءاً من سوية الأفلام السورية، مروراً باختيارات اللجنة للأفلام المشاركة، وليس انتهاء بالندوات التي تعقب الأفلام _ والتي طبعاً كان جلهم يغيب عنها_ ليفاجأ من سمع هذه الكواليس في اليوم التالي بالمدائح تكال للعروض، فمن وصف عبد اللطيف عبد الحميد بنزار قباني السينما السورية، إلى وصف غسان شميط بمهموم الهوية القومية، إلى المديح بتنظيم المهرجان والتصفيق للأفلام، كل هذا في النشرة الدورية للمهرجان، وفي الصحف التي يراسلها بعضهم. وإذا ما سألت أحدهم: لماذا؟ سوف يجيبك ببساطة: عايز أكون ضيف المهرجان القادم.وفي متابعة بسيطة للصحافة السورية، فإننا لن نجد مقالاً نقدياً واحداً يشير إلى المثالب سواء في الأفلام، أو في المهرجان عامة. ما خلا جريدة الوطن السورية التي أوردت مقالاً أشارت فيه إلى بعض سلبيات المهرجان من خلال تحقيق أجرته مع بعض المتابعين.
مهرجان بلا هوية:
لعل إطلالة على الأفلام المشاركة في المهرجان، سيجد خلطة عجيبة، وأنا لست ضد التنوع، بل أرى أن التنوع ضرورة تقتضيها الثقافة، لكن هذا لتنوع يجب أن يكون مدروساً، بحيث يعطي للمهرجان طابعا وهوية يجب أن يتسم به، ولعل الشعار الذي أطلق على هذه الدورة (بعيون السينما أرى) يناسب كثيراً غياب الهوية عنه .وما يلفت النظر في هذه الدورة، والدورة الرابعة عشرة للمهرجان، غياب السينما الفلسطينية عن فعاليات المهرجان، على الرغم من أن السينما الفلسطينية قد وصلت إلى العالمية، هل يكفي أن أذكر هنا فيلم الطريق إلى الجنة او فيلم الجنة الان؟
أما إذا ما توقفنا أمام الجوائز للأفلام الطويلة، والأفلام القصيرة، فإن أول ما يلفت انتباهنا هو تسييس هذه الجوائز، ففيلم إنه الشتاء الإيراني الذي نال ذهبية الأفلام الطويلة، هو أضعف من السينما الإيرانية التي اعتدنا عليها، ولعل فيلم سكر بنات اللبناني، سواء في طروحاته، أو في لغته السينمائية، يشكل حالة أرقى بكثير من الفيلم الإيراني، والفيلم الفنزويلي فوق الحافة وبمعايير النقد السينمائي، يشكل حالة أكثر تطوراً من الفيلم الإيراني والتركي الذي فاز بفضية المهرجان، وأيضاً الفيلم الهندي تشابه أسماء والفيلم الإيطالي مخرج حفل زفاف، إذاً ليس من آلية أخرى لقراءة الجوائزإلا القراءة السياسية، كذلك هو الحال بالنسبة لذهبية المهرجان للفيلم القصير الفرنسي (ارفع سماعة الهاتف).
إذاً أية معايير تلك التي استند إليها أعضاء لجنة التحكيم، خاصة وأن من بين أعضاء هذه اللجنة من ليس له علاقة بالسينما أو النقد السينمائي، وهل يكفي أن يكون أحدهم إعلامياً - لم يعمل يوماً في النقد السينمائي- أو مخرجاً سينمائياً ربما هو بحاجة لمن يقدم له النصح في شغله حتى يكون قيماً على جوائز المهرجان؟
فقط ضيوف:
مايلفت النظر في المهرجان هو بعض وجوه الضيوف الدائمين على المهرجان، دون أن يكون لهم أي دور أوحضور في فعالياته، وصار المتابع لمهرجان دمشق السينمائي يحس أن هؤلاء لازمة المهرجان، فمثلاً الفنان محمود حميدة لا نعرف حتى نهاية المهرجان لماذا دعي، وماذا قدم في المهرجان، فليس من فيلم له في التظاهرة، كذلك يتكرر السؤال حول ما أضافه العديد من الفنانين المصريين المدعوين للمهرجان الذين لم يكن لهم من شاغل سوى الجلوس في بهو فندق الشام، أو التسوق، وعلى الرغم من ذلك فقد راح بعض الفنانين السوريين يتسابقون لكسب ودهم، هل يكفي أن أذكر هنا ما كان من الفنان جمال سليمان والفنانة جمانة مراد حول السباق المحموم لدعوتهم على العشاء، والذي تزامن في الوقت عينه، طبعاً ستكون الغلبة للمال، ولن نفاجأ في موسم رمضان الدرامي القادم إذا كانت جمانة مراد هي منتجة وبطلة أحد المسلسلات المصرية.
وختامها شام:
قبل أن أتحدث عن حفل الاختتام، أحب أن أتوقف عند جائزة ربما تأخرت، لكن أن تكون خير من غيابها، وهي إعلان المهرجان عن جائزة المخرج العالمي الراحل مصطفى العقاد والتي نالها لهذه الدورة الفيلم التونسي كحلوشة، لكن ما ينغص القلب هو تأخر تكريم مبدعينا إلى ما بعد موتهم، وكأن حال العرب دوماً أن يكونوا خارج الزمن، أو أن يكون مبدعوه في العالم الآخر حتى يتم الاحتفاء بهم.أما حفل الاختتام والذي اقتصر على بعض الرقصات والأغنيات الشامية، والتي لم تأت بجديد يبرز إضافة لمخرج حفل الافتتاح والاختتام الفنان ماهر صليبي، فيمكننا القول أن اللوحات جعلت من الدورة الخامسة عشرة شامية، وكأن مهرجان دمشق السينمائي ليس تظاهرة سورية ثقافية.
التعليقات
كالعادة مصر المشكلة
محمد -كالعادة. كل شيء جميل و رائع الا عندما يذكر الفن المصري او الفنانين المصريين. عارفة يا اخت نعمة: الفنانين المصريين هم اللى غلطانيين عشان حضروا المهرجان. احنا اسفين مش ها نعمل كده تاني.
فن البعث
حسيب -و هل تنتظرون شكل وطعم اخر للمهرجان ما دام ال اسد اوصياء على سوريا و فنها و شعبها و سمائها (السماء الذي تحلق فيه الطيران الاسرائيلي بدون اي خجل), فما دام البعث و ال اسد امام باب الدار, فأن داخل الدار يكون على هذة الشاكلة
أين
هادي -أين أسماء المخرجين السوريين اللامعين من أمثال المخرج الرائد هيثم حقي و سمير ذكرى وأسامه محمد - حتى الحضور تم تصنيفهم؟
ok
السيد الرئيس بشار -يا عرب يا جرب
اين الموضوعية
asef -رد على السيد حسيب إذ أقول له عليك أن تكون موضوعيا في النقد وأن لا تحشر السيد الرئيس بشار في كل صغيرة وكبيرة وعليك أن تنقد القائمين على المهرجان هل ترى كيف أنك سيست الموضوع مباشرة الذي يريد ان ينقد عليه أن يكون حياديا والله عيب
نقد جميل
متابع سينمائي -اخي الكريم نعمة لك جزيل الشكر على هذه التغطية النقدية الرائعة لفعاليات مهرجان دمشق السينمائي و الذي اصبح للاسف مهرجانا دوليا .في الحقيقة لا اعرف ماذا اقول لانك تحدثت كل ماكان يخطر في بالي حول المهرجان و لا استطيع القول سوى اننا بعيون السينما العربية نعمى.و لك جزيل الشكر