حياة مستشرقة فرنسية في فيلم جزائري
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
هدى ابراهيم من تاغيت الجزائر: يتابع المخرج الجزائري المقيم في باريس علي عقيقة تصوير فيلمه الذي يتناول حياة المستشرقة ايزابيل ايبيرهارت (1877-1904) التي عاشت في الجزائر واعتنقت الاسلام وتزوجت بجزائري قبل وفاتها في السابعة والعشرين من العمر بعد ان جرفتها السيول في الصحراء الجزائرية. وجاء المخرج الى الجنوب الجزائري ليصور فيلمه وسط كثبان الرمل التي عاشت بينها ايبيرهارت. يقول لفرانس برس "احببت ان ارى الرمل والحجر في الصحراء وطريقة عيش ناس الصحراء لان ايزابيل ايبيرهارت عاشت بنفس الطريقة مع الجمال وتحت الخيمة (...) اردت اعادة تشكيل تلك المشاهد والتقاط الديكور الطبيعي للمكان".
ويقول المخرج انه انهى مرحلة التصوير في الواد حيث تعرضت ايبيرهارت لمحاولة اغتيال قبل ان يطردها الفرنسيون الى فرنسا بتهمة الاخلال بالنظام.
وفي مرسيليا تزوجت بشاب جزائري في دار البلدية قبل ان تحصل على الجنسية الفرنسية وتعود واياه للعيش في الجزائر.
واستند المخرج الى عدة مراجع لانجاز فيلمه اولها كتابات ايزابيل ايبيرهارت نفسها التي وصفت فيها نظم عيش الجزائريين وعاداتهم وتقاليدهم، كما اعتمد على البيوغرافيا الهامة التي وضعتها الفرنسية ادموند شارل رو رئيسة اكاديمية غونكور التي اكتشفت في الارشيف الروسي ان اب ايبيرهارت كان جنرالا في عهد القياصرة الروس.
واستفاد المخرج ايضا من المعلومات الواردة في كتاب وضعه كل من جان رينيه اوليه وماري اوديل دي لاكور اللذين عادا الى ارشيف الاستعمار الفرنسي للجزائر المحفوظ في مدينة ايكس اون بروفانس الفرنسية ونقلوا كل ما له علاقة بتلك المستشرقة ونشروه.
ويقول المخرج ان المصدر الثالث الذي غذى عمله هو العودة الى المكان الذي عاشت فيه ايبيرهارت وحيث لا زالت الجمعيات الادبية التي انتمت اليها في الواد تنشط لحفظ ذكراها.
ويتابع المخرج "في الواد اطلعت على اماكن باتت مهدمة الآن وكانت تضم غرفة نومها وايضا المكان الذي كانت تصلي فيه والقهوة حيث كانت تدخن حشيشة الكيف".
وعن الشيء الابرز الذي مسه في شخصية ايبيرهارت يقول المخرج "اكثر ما مسني قدرتها على التحمل والمقاومة فهي كانت تعيش حياة تقشف في الصحراء مع قليل من الاشياء وقاومت الجوع والمرض ولم تكن تشتكي".
واهتم المخرج بابراز التاريخ الحقيقي لتلك المراة وايضا حضورها في الذاكرة الجماعية والحكاية التي تختلف عن الواقع، ففي نظر سكان الواد هي لم تكن مسلمة وانما جاءت لنشر المسيحية بينهم لهذا عمد احدهم من الزاوية التيجانية الى محاولة قتلها.
يقول المخرج انها اتهمت بالتجسس نظرا للعلاقة التي ربطت بينها وبين المارشال ليوتيه الذي كان يحضر للحرب في الصحراء "الناس هنا قالوا انه وظفها كجاسوسة لكن علاقتهما ليست دليلا وبحسب تفسيري فان ليوتيه كان يحب الكتاب فضلا عن ان ايبيرهارت كتبت عن الجزائر والزوايا وطبيعة حياة الناس، هو كان يريد ان يعرف كل ذلك نظرا لرتبته العسكرية وما يحضر له".
وعملت ايبيرهارت مراسلة حربية لصحيفة الاخبار التي كانت تصدر آنذاك في الجزائر وربما كان تقربها من الماريشال للحصول منه على معلومات عن الحرب لصحيفتها.
وعند وفاتها تكفل الماريشال بدفنها في مقبرة اسلامية بناء على وصيتها كما انقذ كتاباتها التي جرفتها السيول وارسلها الى مدينة الجزائر لانه كان يعرف اهميتها كونها الوحيدة التي كتبت عن المجتمع الصحراوي الجزائري والاستعمار في تلك الفترة. يقول المخرج الجزائري ان التحدي الاكبر بالنسبة اليه في هذا الفيلم "يتمثل في كوني استخدم الصورة التي هي لغة حديثة واعمل على معالجة اشكالية جعل الصورة وفية للادب وجمالياته (...) احاول التصدي لهذا التحدي واريد ان تكون الصورة في خدمة الادب". ويطرح الفيلم اشكالية واسباب استمرار حكاية ايزابيل ايبيرهارت حية في الاذهان الى اليوم كما يبين اهمية العالم الروحي لهذه المراة التي توفيت باكرا جدا والتي كونت رؤية صوفية وذكية للاسلام بعيدة عن الرجعية.
ويختم المخرج قائلا "ايزابيل ايبيرهارت كانت في نظري مسلمة حقيقية معجبة بالزوايا والتصوف وتحب الاسلام لكنها تخلت عن كل ما هو رجعي فيه، كانت مع الاسلام الحديث وفصلت بين التقاليد والعادات وبين ما هو في صلب الاسلام. كان لديها مفهوم مختلف عن الدين الاسلامي".
ويتم انجاز هذا الفيلم بانتاج فرنسي، لكن المخرج يريد من خلاله تقديم "صورة ايجابية للعالم العربي واظهار ان الاسلام كما عاشته ايبيرهارت روحي وليس دينا رجعيا".واعرب المخرج عن الامل بان يتم عرض هذا الفيلم لاحقا في البلدان العربية "كي يتم التعرف على هذه المراة التي جاءت من الغرب واحبت بلادهم واعطت قيمة لثقافتهم". واخرج علي عقيقة في السابق عددا من الافلام الوثائقية اولها فيلم "الزيتون" ومحوره فلسطين (1973) وفيلم عن ناميبيا ومكافحتها للعنصرية وفيلم عن ايران عند عودة الامام الخميني اليها. اما آخر فيلم وثائقي له فانجزه عن الشاعر الجزائري "جان سينيك".