السينما

الهوية الفلسطينية تخوض حرباً في فلم وثائقي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف من رام الله : أنجز الزميل خلف خلف فلماً وثائقياً بعنوان "حرب الهوية"، وشارك الفلم في مهرجان الجزيرة الدولي الثالث للأفلام الوثائقية مؤخراً، وسيعرض خلال الأسابيع المقبلة في عدة مدن فلسطينية وعربية وأوروبية، وحسب العديد من النقاد فأن نجاح يرجع لحداثة فكرته وطريقة معالجتها وطرحها، حيث تفضح الشهادات المنقولة على لسان أبطال الفلم المحاولات الإسرائيلية المبذولة من أجل محو وطمس الهوية الفلسطينية.

ويتحدث في الفلم الذي يقع في 22 دقيقة العديد من المواطنين الفلسطينيين البسطاء الذين ينفعلون مع ذكراهم وهو يعرفون هويتهم الفلسطينية وقيمتها، ويظهرون وكأنهم محللون سياسيون يدققون في ابسط التفاصيل التي تمر على الكثيرين من الناس مرور الكرام دون التوقف لوهلة عندها والتدقيق في معانيها.

ملصق الفلم ويبدأ الفلم لقطاته الأولى، بصور لجندي إسرائيلي يطلب الهوية من المواطنين الفلسطينيين، حيث يصيح بهم "هوية هوية.." ومن ثم تنتقل اللقطات إلى مشاهد، من أراضى الزيتون، والأراضي المحروثة، والمزروعة. هنا تأتي شخصية رئيسة في الفلم، وهو رجل كبير، يقلم شجرة زيتون، وينظر إليها، متألما لما ضاع من فلسطين، حيث يقول: "وين كنا، ووين صرنا.. سبحان الذي يغير ولا يتغير"

ومن ثم يعرف عن نفسه إلى شخص آخر يكون بجانبه في الأرض، ويبدأ هذا الشخص بسرد قصته، ووصف مدى تعلقه بأرضه التي يصفها بأنها هويته، التي ضاعت، منذ عام 1948. وجزم الحاج بان الهوية الفلسطينية ستعود لصاحب الأرض. في إشارة إلى الفلسطينيين. كما يعبر هذا الحاج، المعانات والعذاب على حد تعبيره، الذي يتعذبه الفلسطينيون في تشبثهم، وصمودهم، ولا من مجيب.وتبرز الشخصية الأخرى في الفلم، وهي شخصية "احمد هارون" الذي يعمل في محل للألمنيوم، حيث يتحدث أشياء بسيطة، رآها المخرج في منتهى القوة، فعندما سئل عن مفهومه للهوية الفلسطينية، قال: "هويتي الفلسطينية، تعني لي؛ الأرض، ارض فلسطين، والتاريخ، تاريخ فلسطين المسروق، والشهداء، والأسرى، والجرحى"؛ ونوه هارون إلى أن هويته "أي بطاقته التي يحملها في جيبه، لا تعني له، شيئا، وانما هي وثيقة، تكسبه المتاعب إذا، عرضها على حاجز، لان جنود الاحتلال سيقومون، بضربه لأنه فلسطيني على حد تعبيره.

وتطرق هارون، في حديثه، في الفلم عن المعانات التي يعانيها الفلسطينيون على الحواجز العسكرية الإسرائيلية، وكان يتحدث بنبرة الناقمين على العرب، لانهم برأيه، هم من يستطيعوا أن يساعدو الشعب الفلسطيني للتخلص من ما هو فيه من محن. كما أشار احمد هارون، إلى أطفال فلسطين الذين لم يستطيعوا أن يروا مدينة الفلسطينيين، والعرب، والمسلمين المقدسة، على ارض الواقع. أوضح أن ابنه البالغ من العمر عشر سنوات لم يرى مدينة القدس إلا في الصورة. وترك الحديث متسائلا، "ماذا سأقول لابني غدا عندما يسألني عن القدس".

ومن بعض ما قاله هارون، عن علاقته بالهوية الفلسطينية، فقد قال: "الهوية الفلسطينية حرب، حرب لأننا نحارب من اجل هويتنا المفقودة، ولا أحد يرضى بان يعطينا هويتنا" في هذه العبارة ينقل هارون مشاهد الفلم إلى مشهد، يظهر فيه أحد المسعفين، في أحد المخيمات الفلسطينية، مصابا برصاصتين. وتحاول نساء من المخيم إسعافه، وينتهي المطاف، بمغامرة لإحدى الفتيات، حيث تسير بسرعة من بين الجيبات العسكرية الإسرائيلية، والكاميرا مرافقة لها، من بين الحجارة التي يرميها، المواطنون باتجاه الجيش، وبين رصاص الاحتلال الذي لا يتوقف. للوصول إلى سيارة الإسعاف، لجلب نقالة المصابين. ويتخلل حديث هارون، وأبو محمود حرب الرجل، الشخصية الأولى في الفلم، لقطات مشاهد، مؤلمة للأوضاع التي يعيشها الفلسطينيون، فمنهم من يذلون على الحواجز العسكرية الإسرائيلية، ومنهم من يضربه الجنود، بسبب معارضته بناء الجدار الفاصل، وأحداث أخرى لاجتياح المخيمات.

من الفلم في هذا الفلم الذي عانى كثيرا معدوه، قبل أن يتم إنجازه، ربيع دويكات، أحد المعدين للفلم، قد تم احتجازه لعدة ساعات، على حاجز حواره، وبيت ايبا، ومضايقات في التصوير، في قرية بلعين، بعد أن اخذ الموافقة بالتصوير على الحاجز، اكثر من مرة، بالإضافة إلى قلة الإمكانات، المادية، واللوجستية التي بحوزتهم. ومع ذلك فقد تم عمله، بطريقة وصفها الكثيرون بأنها ممتعة، حسب ما قال الكثيرين من النقاد السينمائيين العرب، ممن شاهدو أحداث الفلم. وطريقة الربط، والتسلسل، التي حبكها، معدو الفلم. ومنهم من أعجبه الكثير من المشاهد الحية و"القوية" التي ساعدت على نجاح الفلم.

وعن سبب نجاح الفلم، وتحقيقه لصدى عربي وعالمي، يقول مخرج الفلم خلف خلف، أن ذلك يعود للفكرة التي تناولها الفلم، بحيث أنها قضية غير ملموسة بل يمكننا القول بأنها تلامس الروح، فالهوية الفلسطينية تعرضت وتتعرض لمحاولات طمس ومحو من قبل الإسرائيليين، وفي تعقيب للمخرج عمن أثار أن الفلم يحتوي حيز كبير من المقابلات، قال: "أن النوع الجديد من الأفلام الصامتة، التي لا يكون فيها مقابلات، أن تلك الأفلام، نستطيع عملها، عندما نعالج قضايا، عادية، ولكننا في فلمنا نعالج قضية معقدة وهي الهوية الفلسطينية، وحربها مع الإسرائيليين".

وما بين أحداث الفلم، والتنقل ما بين فكرة وأخرى، كان هناك عبارات مبهمة، تحتاج إلى التفكر بها قبل إدراكها. بالإضافة إلى الرسالة التي كتبت في بدية الفلم، وهي من عائشة إحدى المواطنات الفلسطينيات التي لم تهاجر إلى الخارج، منذ النكبة، وقد بعثت برسالتها إلى ابن عمها الموجود منذ 59 عاما في روما، تبين له مدى تمسكها في الأرض، والتجذر بها.

القدس كان نصيبها جيدا في فلم "حرب الهوية" حيث وصفها معدوه بأنها، "محراب الهوية الفلسطينية" وأنها جزء كبير، من قضية الفلم، لذلك ظهرت هناك مقابلات، تحكي قصة الدخول إلى القدس، والمعانات، والمنع، والإذلال، لمن يلقى القبض عليه داخل القدس، من غير تصريح، حتى وان كان دخوله فقط للصلاة. ويجري مخرج الفلم خلف خلف، آخر مقابلة في الفلم، في الهواء الطلق، على قمة جبل عيبال في نابلس، مع الدكتور عبد الستار قاسم الذي شرح فيها مدى انتماء الفلسطينيين، لهويتهم العربية والفلسطينية، وبعض الثغرات التي تحاول إسرائيل أن تستخدمها من اجل محو هذا الانتماء. وشرح كثيرا عن تاريخ الأطماع اليهودية في فلسطين.

أما عمران زكارنة الذي عمل على منتاج الفلم، وهو الشخص الأخير ممن أعدو الفلم، فيشير إلى أن آخر المشاهد في الفلم التي أوضحت الصراع الدائر بين الفلسطينيين، والإسرائيليين، تجلت في المشهد الأخير، حيث ظهر شخص من بلعين، متشاجرا مع أحد الجنود، متهما إياه بسرقة الأرض الفلسطينية.

وكشف المخرج خلف خلف أن يستعد وفريق العمل للبدء في تصوير فلم جديد، سيكون لفكرته صدى كبير على الساحة الفلسطينية والعربية، ولكنه رفض الإفصاح عن مضمون الفلم أو أماكن التصوير، مكتفياً بالقول أنها فكرة جريئة ولم تطرح سابقاً لا من قريب أو من بعيد.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف